دعونا نلتقي من أجل أن نرتقي
د/ حسن بخيت
نائب رئيس اتحاد الجيلوجين العرب
إن المتتبع للجهات المعنية بشئون الثروة المعدنية سواء أكانت منظمات أو هيئات أو جامعات أو مراكز أو معاهد أو شركات أو أى قطاعات أخرى نجدها كأنها جزر مبعثرة ، وأن جسور الوصال بينها تكاد تكون مقطوعة داخل القطر الواحد ، أو معدومة بين أقطار الوطن العربي بعضها البعض ، فدرجات التنسيق ضعيفة ، وقد انعكس ذلك انعكاسا كبيرا على الواقع الذى نحياه فانعدم التوازن ، فأصبحنا نرى المؤتمرات العلمية تتكرر مضمونها ، والمقررات الدراسية تتباعد توجهاتها عن واقع المنجم أو المحجر .... لا متابعة و لا مواقعة للجديد فى عالم الاستكشاف والتنقيب والاستخراج ، حتى معاملنا لم تسلم ، فالأجهزة العلمية قد يتكرر شراؤها من أكثر من جهة ، وتتكدس ولاتعمل بكامل طاقتها ، فى حين تجد عجزا فى وجود أجهزة أخرى ، حتى المشاريع البحثية وا لأبحاث العلمية تتكرر كذلك ، وتبقى منعزلة لا تجد من يأخذ بيدها الى مصنع أو الى موقع تعديني لتطويره أو لحل بعض مشاكله أو ازالة بعض معوقاته .
إن الارتقاء بقطاع الثروة المعدنية لن يتأتى إلا بربط جزر هذا القطاع بعضه ببعض على المستوى المحلي والإقليمي ، وألا يكون هذا الرباط يعتمد على المبادرات الشخصية أو لقاءات هامشية ، بل لابد أن يكون ضمن منظومة ونهج مؤسسي له آلياته ومؤثراته في واقع الحياة.
إن ما ننادي به ليس دعوة بروتوكولية ، وإنما ضرورة ملحة تفرضها وقائع مأساوية ، وقعت نتيجة هذه القطيعة بين الجهات ذات العلاقة بالثروة المعدنية ، أدت الى إهدار ثروات ، ومازالت تهدر المزيد.
ففى غياب التنسيق وتحت وطأة القطيعة تم استغلال الرمال السوداء الغنية بالمعادن والتى تدخل فى صناعات تكنولوجية عالية الجودة كمواد بناء ، وخامات الفلدسبار الوديانية التى تدخل فى صناعة السيراميك قد أستخدمت كتراب ردم لأحد مشاريع الصرف الصحي وخامات أكاسيد الحديد التى تهدرأثناءعمليات استخراج خام الطفلة ، ومن العجيب أن الخامتين متطابقتان فوق بعضهما البعض ، ولكن لكل خامة رخصة من جهة مختلفة وكذلك جرانيت أسوان ذو الشهرة العالمية والتاريخية ، والذى أقيمت فوقه مدن سكنية ؛ مما أدى الى إهدار ثروات ضخمة وأخشى ما أخشاه أن تكون الرمال المستخرجة من بعض المحاجر بجنوب مصر محملة بالذهب وخاصة بعد ما سمعناه عن هوس استخراج الذهب من الرواسب الوديانية بشمال السودان ، والذى أدى الى استخراج عشرات الأطنان من الذهب ، والأمثلة عديدة ، ولا يسع المقام استعراضها كلها ولكن لابد من وقفة.
لن نظل نبكى على اللبن المسكوب وانما ندعو كل المعنيين الى وقف النزيف ولن يتاتى ذلك الا بخطة سريعة تعتمد على محورين اولهما بالدعوة الى مائدة مستديرة ....دعوة من اجل أن نلتقى كى نرتقى تجمع كل الكيانات ذات العلاقة بشئون الثروة المعدنية وخاصة تلك التى تصدر التراخيص سواء اكانت للمحاجر أوللمناجم أو للاسكان أو لاى أغراض اخرى صناعية أو زراعية وهيئات التنمية الصناعية والاثار ومراكز التخطييط لاستخدمات الاراضى والمراكز البحثية وتشكيل لجنة ذات صلاحيات ملزمة من اجل التشاور فى هذا الشان.
أما المحور الثانى هو سرعة اصدار تشريع متوازن لتوحيد جهة الاشراف على هذا القطاع الهام وايجاد صياغة لترسيخ قاعدة التنسيق والتكامل
ساحة النقاش