دكتور / حسن بخيت

بوابة العرب للثروات الطبيعية

البحث العلمى والثروة المعدنية

دكتور / حسن بخيت

رئيس رابطة المساحة الجيولوجية المصرية 

01228224563

[email protected]

كلنا نلهث وراء الجديد فى عالم التقنيات والتكنولوجيات الحديثة التى تتسارع خطاها يوما بعد يوم  فأصبحث أجهزة المحمول التى كنا نحتفى بها  بالامس القريب جثة هامدة فى أغلب منازلنا لاستبدالها بنسخة أحدث وأكثر ذكاءا. وتداهمنا الموديلات الجديدة من السيارات والتليفزيونات والطائرات والسفن ومعدات المصانع  والالات المزارع ومصادر الطاقة المتنوعة حتى  ادوات االمطبخ  والديكور والاثاث الى اخر القائمة التى لا تقف عند حد بل تتنوع وتنشطر انشطارا مستمرا .

وهنا نقف وقفة مع أنفسنا ونتساءل أين نحن من هذا كله ؟  هل نساهم كغيرنا فى صنع هذه الحضارة العظيمة  ؟ هل نحن نعطى كما نأخذ ؟ ولن أستطرد حتى لا أطيل عليكم فالكل يعرف أننا شعوب أستهلاكية بالدرجة الاولى وان معظم ما ما فى أيدينا ماهو الا صناعة أجنبية يابنية او كورية او المانية او ايطالية او  صينية ...والقليل القليل ربما يكون ماليزى أو  تركى ومن المحزن حتى الصناعات التى لا تحتاج الى تكنولوجيات معقدة للاسف نستوردها ...اذن هناك خلل يجب أن نضع أيدينا عليه لخروج من هذا المأزق الذى  يكلفنا الكثير من مواردنا للاستيراد ويحرمنا من عوائد التصدير  وقبل هذا وبعده سمعتنا وكياننا كوننا دول مستهلكة  نظل عالة على غيرنا .

ولكى نصل الى حالة تشخيص  لمشاكل البحث العلمى والبحث عن الحلول ويمكننا تحديد اهم عناصر منظومة البحث العلمى وهى :

1- القناعة والرؤية والاستراتجية وما يتبعها من برامج وخطط ثم تحديد اليات التنفيذ.

2- وضع الميزانيات المناسبة .

3- التشريعات الحكمة  والهياكل الملائمة  والادارة السليمة والارداة السياسية 

4- الكوادر المؤهلة  والتدريب المستمر والاحتكاك العالمى طبقا لمعايير الجودة والاكواد العالمية

5- المعامل والوحدات التحربية المؤهلة.   

 6-قواعد المعلومات  الشاملة والصحيحة.

7-التعليم         

 8-البعد الاجتماعى

9-  الانفتاح على المحيط العربى  والاقليمى والافريقى  والدولى .

 وعندما نتحدث عن تجارب  الدول التى سبقتنا فى المجالات الاخرى  لابد ان يكون من المعلوم ان هذه التجربة جزء من منظومة كبيرة تتفاعل وتتكامل فيها جميع الجوانب العلمية والتعليمية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية   وفقا لخطط قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد يتم مراجعتها من آن لأخر طبقا للمتغيرات المحيطة التي تتسارع خطاها يوما بعد يوم  فقد نجحت هذه الدول   في اكتشاف كميات كبيرة من الموارد المعدنية وإنشاء منظومة تموين متكاملة نسبيا للمنتجات المعدنية, مما قدم ضمانة أكيدة للنمو المتواصل والمتسارع ها  كما قامت  بالاستغلال الشامل من "النفايات وتشجع على استعادة واستغلال المعادن المهملة والموارد المدورة كما ألغت القوانين واللوائح الإدارية والأنظمة المعنية المتناقضة مع قواعد منظمة التجارة  وعدلت الحكومة الصينية لائحة إدارة المعلومات الجيولوجية, ووسعت نطاق المعلومات الجيولوجية ذات المنافع العامة, وأقامت نظاما مفتوحا لخدمة المعلومات.

 ولاشك ان هذه المنظومة لها معالمها  وملامحها التى  تميزها  ويقف البحث  العلمي على قمتها  فهو المحرك الأكبر للمنافسة والوقود الذي يساعد سفينة التقدم على الإبحار فى محيط الحياة المتلاطم الأمواج   وعندما نتكلم عن البحث العلمي فهناك العديد من المفاهيم التى يجب ان تستوقفنا ونتمعن فيها لنصل الى رؤية سليمة يمكن أن نسترشد بها فى عالمنا العربى.

 فالبحث العلمي ليس ترفا او كماليات أو تقارير  تتزين بها هذه  وتملئ به أرفف ودواليب هيئاتها العلمية   بل هو شريان الحياة الذي يمد  مصانع الدول  بالابتكارات والجديد في كل المجالات وهو سلاحها للإبقاء  على منافستها فى السوق العالمية.

 البحث العلمي ليس مختبرات ومعامل مغلقة الأبواب ومكتوب عليها ممنوع الاقتراب بل أشبه بنهر متعدد الروافد يمده بكل احتياجاته فهناك رافد مع معاهد البحوث العالمية للوقوف على  الجديد ورافد أخر مع احتياجات السوق المتجددة حتى يستطيعوا تطوير الموجود واختراع الجديد ورافد ثالث مع المؤسسات التعليمية لتطوير المناهج الدراسة لمواكبة المستجدات  مما ينعكس ذلك على الخريجين  وبالتالي سرعة وسهولة تأهيلهم   للعمل بخطوط الإنتاج وهكذا...

 نعم  نفقات البحث العلمي بالعالم العربي قليلة بالمقارنة  بمثيلاتها بالدول المتقدمة  ولكن أليس من الظلم ان نتكلم عن نفقات بدون منظومة متكاملة كما أسلفنا ؟! وبدون رؤية استراتجية طويلة الامد لها برامجها وخططها المتعددة واليات تنفيذها....... فزيادة نفقات البحث العلمى ان لم تواكبه ربط البحث بخطوط الإنتاج وبالسوق العالمي والمنافسة الحرة والمناهج الدراسية وغيرها من الركائز الاقتصادية والسياسية والاجتماعية  الأخرى  تصبح كلمة حق يراد بها خسارة وبمثابة من  يملئ قربة مقطوعة بالماء.

 هناك مقترحات مشاريع بحثية يتم تقديمها وتقاريرها معدة سلفا لا لشىء الا لحصول على دعم مالى يتم صرفه على مكافات للفريق البحثى ...ولا رقيب ولا حسيب.....ومن هذه الظاهرة نستخلص معوقان يقفان حائلا امام التخلص من هذه الظاهرة واولهما  المستوى المادى الضعيف او المتوسط الذى يحياه الباحث مما يدفعها للتحايل للحصول على عائد مادى يعينه على ان يعيش حياه كريمة ...وثانيها عدم وجد الرقابة والمعايير  العلمية الفعالة  التى تستطيع التعرف على هذه المشاريع ومدى الاحتياج اليها وهل سبق ان قدمت من قبل من عدمه وهذا يقودنا الى افتقادنا الى قواعد معلومات علمية متخصصة كل فى مجالى لتصبح بمثابة ترمومتر لقياس الجديد من الابحاث فى كافة الجهات العلمية المتخصصة والدرجة التى يحملها هذا البحث من حيث الجودة ومدى المامه بموضوع ابحث والادوات والتحاليل  المستخدمة  وافراد الفريق البحثى والمناطق والنطاقات والقطاعات  المشمولة  بهذا البحث  والفريق المحكم لها وغيرها من المعلومات الكفيلة لتنظيم العمل فى هذه المشاريع ومنع التكرار وما يتبعه من استنزاف الموارد والطاقات والاوقات .

اولويات البحث العلمى

وهنا ونظرا لظروفنا الاقتصادية  يجب الا يكون البحث العلمى مطلقا ولكن لابد ان تكون هناك اولاويات تعتمد على الميزة النسبية لكل قطر عربى من حيث مواره الطبيعية وموقعه الجغرافى  والثروة البشرية  وطبيعة مناخه  واحتياج السوق من حوله.

ولنا فى قطاع المناجم والمحاجر والثروة المعدنية أمثلة كثيرة  فمثلا  على الصعيد المصرى :

الحجر الجيرى الصلب ( أشباه الرخام )

يحتل الرخام المصرى او ما يعرف بالحجر الجيرى الصلب شهرة عالمية حيث يتمتع بميزة نسبية تتمثل فى لونه ( الون البيجى ) وهناك شراهة لاستيراده مما دفع الصين الهجوم على هذه الصناعة والسيطرة عليها  من خلال المحاجر أو المصانع  ....فالخامة  مصرية  ولكن صنع فى الصين  وبنظره فاحصة يشترك فيها كل من البحث العلمى والتجارة الخارجية والتشريعات يمكننا ان نعطى لهذه الخامة المصرية الاهتمام الكفيل  بان تكون احد دعائم الاقتصاد القومى  فالتشريعات الخاصة بمنح الرخص قاصرة وغير محفزة من حيث المساحات والفترات الزمنية والاتاوات والرقابة الفنية والامكانيات  اما البحث العلمى فدوره فى دراسات الجدوى الاقتصادية وحل مشلكل الاستكشاف والتقيم والاستخراج والمعالجة اما التجارة الخارجية واتى يجب تطعيمها بكوادر متخصصة  فدورها فى ايجاد منظومة التسويق ذات النطاق العالمى الذى يستوعب انتاجية المشاريع الكبيرة لهذا الصنف من الاحجار.

 وقد قمت بأعداد تقرير ميدانى من خلال دراسة  مشتركة مع بعثة أيطالية وغرفة مواد البناء باتحاد الصناعات المصرية لمنطقة خشم الرقبة والتى تعتبر من أكبر المناطق التى تحتوى على  هذه الخامة والتى  تقع فى منتصف طريق راس غارب الشيخ فضل والذى كان من أهم نقاطه رصد عمليات أهدار  وصلت ألى ما يزيد عن 75 % فقد وجد أنه من كل  5 بلوكات من هذه الاحجار يتم استغلال بلوك واحد وأهدار أربع بلوكات اى اننا لا نستغل اكثر من 25% من هذه الخامات .

   أذن هناك مشكلة مع ابحث العلمى  لعدم وجود دراسات علمية لهذه المحاجر  لتحديد طبيعبة هذه الخامات فوق السطح وتحت السطح وانسب طرق للاستخراج لتقليل الهالك الذى يتسبب فى أعاقة ممرات نقل الخام والتى أصبحت كحوارى ضيقة تتراكم على جانبيها تلال من النفايات مما يهدر الكثير من الطاقات والوقت والوقود والاطارات والمعدات بالاضافة الى أن  هذه النفايات يتم تكديسها فوق اراضى  تحتها خامات من الرخام والذى يصعب استخراجه اقتصاديا لهذه التراكمات المهولة ومن الغريب  أن التحاليل الكميائية  لهذه النفايات تصل نسبة الكالسيوم كربونات فيه فى بعض المناطق الى ما يزيد عن 99 % وتعتبر من الخامات فائقة النقاوة .

2- العناصر الارضية النادرة 

       العناصر النادرة  موجوده ولكن تحتاج الى برامج بحثية استكشافية  لرصدها  وأجراء تقييم مبدئى لها .

3-التنقيب العشوائى عن الذهب

      التنقيب  العشوائى للذهب  والذى اصبح ظاهرة مقلقة ونستطيع بالعلم والبحث العلمى أن نرشده ونقننه  ليصبح ظاهرة ايجابية وليس سلبية وقد تم أعداد مشروع ارشادى للمناجم الذهب الصغيرة  اثناء فترة المهندس أسامة كمال وزير البترول والثروة المعدنية السابق  وقد قدمته بصفتى وكيلا للوزارة للثروة المعدنية وقتها وقد اعتمد هذا المشروع على فكرة المقاطعات التعدينية المحددة  واضعا فى الاعتبار تحديد المساحات والنطاقات والاعماق والاحتياطيات البيئة والاشراف الفنى المتلازم وكسارات وطواحين عموميةوأعتبار  بالاضافة الى أعتبار هذه التعدين نوعا من الاستكشاف والاستغلال التمهيدى قبل طرح هذه المناطق للاستغلال الاكبر والتى تطرح من خلال المزايدات للشركات الكبيرة .  

4- نفايات الفوسفات 

    ملايين الاطنان من نفايات الفوسفات المهملة  بشرق النيل بالقرب من قنا فى حاجة ماسة للبحث العلمى لرفع جودته  وايجاد انسب الطرق لاستغلاله .

 

5-مكامن الطاقة الحرارية 

 

  مكامن الطاقة الحرارية  بصحراء سيناء بعيون موسى وبالصحراء الغربية تحتاج الى خطة بحثية لوضعها على خريطة الاستثمار  والتى تعتبر من الطاقات النظيفة  والتى يمكن ان تساعد فى حل مشاكل الطاقة .

 

6- الظواهرالجيولوجية النادرة 

عشرات الظواهر الجيولوجية النادرة مثل كهف سنور ببنى يوبف  والعديد من الكهوف بالصحراء الغربية  تحتاج الى خطط بحثية لوضعها على خريطة السياحة العلمية العالمية .

7-الفجوة بين المستكشف والمستغل

  1.  مقارنة بين المستغل من الثروات  والمستكشف منها نجد انها لا تتعدى 40% اى ان هناك 60 % من المستكشف لم يستغل بعد وهذا يحتاج لمزيد من الدراسات  والابحاث التفصيلية لعرضه للاستثمار  واذكر على سبيل المثال خام النحاس الذى تم اكتشافه فى عشرات المواقع  ولم يتم اسغلاله بعد على الرغم من استيراد نحاس بقيمة اجمالية تساوى 800 مليون دولار مما يعتبر عبء استيرادى كبير   .

8- الفجوة بين المستكشف والذى لم يستكشف 

  ومقارنة أخرى بين المستكشف بمصر  وبين المستكشف بالدول الاخرى نجد انها لا تمثل اكثر من 25 % اى اننا فى احتياج للمزيد من البرامج الاستكشافية العلمية لزيادة حصيلة مصر من الخامات المستكشفة  واضرب على سبيل المثال العناصر الارضية النادرة والتى تشير الدراسات الى امتلاك مصر البيئات الجيولوجية التى يمكن ان تكمن فيها هذه العناصر.

9- الطفلة الزيتية 

·        فى اننا بدأ استيراد الفحم لسد العجز فى الطاقة الكهربية فان الصخر الزيتى  ينتظر الابحاث الجيولوجية  لامكانية استغلاله  بل ان بعض الابحاث اشارات الى امكانية اجراء حرق مباشر لبعض هذه المكامن  لانتاج طاقة كهربية خاصة بمنطقة زوج البهار بالقرب من القصير.

10- أستكشاف مكامن البحار والبحيرات

·        فى الوقت الذى نتحدث فيه الان فان هناك سفينة أبحاث مشتركة سودانية سعودية بخبرة أوربية لاستكشاف كنوز قاع البحر الاحمر  فاين نحن من هذه الابحاث  ؟

كما أن هناك أابحاث من جامعة الازهر  تشير الى وجود الذهب بطمى بحيرة السد  ولم تستكمل الى الان لعدم وجود الميزانيات والبرامج تطلعنا الاخبار ان السودان بالفعل اعطى امتياز لاحد الشركات لاستغلال الذهب باحد الجزر النيلية .

الخلاصة : هناك ضرورة ملحة لاعادة النظر لمنظومة البحث العلمى على كافة المستويات يسبقها القناعة باهمية العلم وأبحاثه وتشمل اعداد الخطط والبرامج والاولويات واليات التنفيذ مع رصد الميزانيات المناسبة .

hasan

hassan

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 751 مشاهدة
نشرت فى 24 إبريل 2017 بواسطة hasan

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,228,163