جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
ما حدث فى شارع محمد محمود كان لابد ان يكون كافيا لنا جميعا لكى ندرك ثلاثة أمور،
أولها أن فئة كبيره من الشعب المصرى لم تعد قنابل الغاز ترهبها أو عصيان الجنود تمنعها عن مواصلة تظاهرها واعتصامها، وأن العقل وحده ودراسة المطالب والرد عليها بالمنطق هو الطريق الوحيد للتفاهم مع المعتصمين،
أما الأمر الثانى فيخص الأجهزة الأمنية وصناع القرار فى مصر والذى يتضح من تكرار ارتكاب نفس الخطأ بنفس الطريقة أن قدرتها على الاستيعاب والتعلم، قدرة ضعيفة أو معدومة ، كنا نعتقد أن ما حدث منذ 25 يناير وحتى الأن أمر كافيا لأن يتعلم منه السادة المسئولون أن استخدام القوة المفرطة فى التعامل مع المواطنين، سواء كانوا معتصمين أو متظاهرين أو سائرين فى الشوارع يولد رد فعل أعنف وأكثر تصميما على الرد من الفعل الأمنى نفسه.
أما الأمر الثالث، وهو الأهم، فهو ما يتعلق بالمعتصمين أنفسهم، بل بفكرة الاعتصام فى حد ذاتها، الذين يعتصمون ويتظاهرون ويهتفون دون أن يقدموا مبررات واضحة وكافية للناس حول هذا الاعتصام حتى لا يفقدوا تضامن الشارع وعدم تقديم إجابات أوضح على أسئلة من نوع هل التوقيت مناسب، ونحن نجرى انتخابات تشريعية تتعلق بها آمال وطموحات الشعب نحو سرعة انتهاء المرحلة الانتقالية والاستقرار وما هى إستراتيجية هذا الاعتصام، ومن المسؤول عنه، ومن المفوض بالدخول فى مفاوضات مع الدولة باسمه، وهل كل الموجودين أمام مجلس الوزراء على نفس القدر من المسؤولية التى تجنب الاعتصام تحمل أخطاء المتهورين أو المندسين أو المأجورين أو المتحمسين مثلما حدث أمام مقر مجلس الوزراء وتم تحميل الاعتصام مسؤولية بداية الاشتباكات مع قوات الأمن لأسباب غير مفهومة.
الأخطاء هنا مشتركة ولكن يبقى خطأ الدولة أكبر، ليس لأن أجهزتها الأمنية لم تتعلم من أخطاء الماضى، ولكن لأنها طبقا للقانون والعرف هى المسئولة تماما عن تأمين المواطن المصرى أيا كان مكانه وأيا كان وضعه وموضعه، ولأن الدكتور كمال الجنزورى «فتح صدره» ووعد بحماس ألا يتعرض أى متظاهر أو معتصم للعنف ولم يمر أسبوع واحد على وعده إلا وعادت الدماء من جديد وهذه المرة أمام مقر حكومته.فى أول اختبار حقيقى لها، وللمسئولين عن إدارة شؤون هذه الدولة الذين لم يسعفهم إدراكهم فى ابتكار طرق محترمة ومختلفة للتعامل مع الاعتصامات والمظاهرات، والبعد عن المبررات التى لم تعد تنطلى على احد مثل قصة اللهو الخفى والايادى الخفية وللمعتصمين أمام مجلس الوزراء الذين هدموا فكرتهم النبيلة بعدم التخطيط والسماح للأصوات العالية بأن تتصدر المشهد.
ساحة النقاش