جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
إن التحولات والتغييرات الكبيرة فى حياة الشعوب أو المرحلة الانتقالية ما بين فترة سياسية حاكمة وأخرى إنها لأصعب المنعطفات الخطيرة والعصيبة، التى يمر بها أى شعب فى العالم، فهى عملية احتضار صعبة لفترة سابقة شاخت سياسياً مترنحة فكرياً فى انحدار اقتصادياً فى سفسطة جدلية ثقافيا، متخبطة اجتماعياً وأخلاقياً، وعملية مخاض عصيبة إلى ميلاد عهد جديد وتطلع ونمو وتطور وبناء.
فهناك الكثير ممن يضحى بدمه وعمره فى سبيل التغيير مؤمناً بهدفه سعياً إلى رؤية فكر جديد متطور لحياة يسودها الرخاء والعدل، وهناك من طعنتهم وقتلتهم التحولات الكبيرة نتيجة اعتقادهم القديم والمضاد للتغيير.
وهناك الكثير ممن رضخ للتحولات لا رغبة فى التغيير ولا منعاً للتطور والتقدم أو وضع العراقيل، وإنما مسايرة للتغيير، وتوجيه الدفة مع الموجة السائدة، وبخبرته ودهائه ومكره السياسى يستطيع التحكم فى مجرى الأحداث، والتطلع إلى المستقبل، بل والتنبؤ باحتمالات الغد القريبة والبعيدة المدى.
وهناك الغالبية الحائرة المتخبطة داخلياً والتى لا تدرك معنى التغيير والتى ترضى بالقليل، وفى نفس الوقت قد تميل كفة الميزان تجاهها، لأنها تسير فى اتجاه واحد، وقد تقلب الدنيا رأساً على عقب فى حالة اختيار من يمثلهم كرئيس.
وهناك الأفاعى.. تتحرك فى الخفاء.. تبخ سمومها كلما حانت لها الفرصة.. وكلما تقدمت الدولة واستقر الحال بها خطوة للأمام ترجع بك إلى الخلف عشرات الخطوات.
من منا فى حياة الشعوب يكون له القدرة على قراءة ورصد ما سوف تهب به رياح التغيير، ويرصد اتجاهاتها ويتنبأ بما تجتاحه الرياح فى طريقها من تحولات جذرية فى جميع المجالات لكيان الشعوب؟
إنها لعبة الصراعات المستمرة ما بين المصالح الفردية والانشقاقات والمعارك الحزبية والانحرافات والخيانات، لعبة الشك والريبة والخلافات والفجيعة، إنها لعبة الحياة والموت، ففى تلك الفترة الحالكة تجد الشعوب نفسها سفينة بلا ربان، تئن فيها من الرياح العاتية، إننا كأفراد نتعجل الخلاص خوفاً من الانزلاق إلى قاع البحر والموت غرقاً، ولكن أى تغيير لابد أن يقابله الأعاصير والزوابع، ولابد للسفينة فى النهاية أن تستقر على مرفأ لها ضد قوى، هو القهر، ومع التقدم ضد القوى الرجعية ومع الإنسان ضد ما هو معاد للبشرية
ساحة النقاش