***********
لبس نظارته ذات العدسات المكبرة، ووقف فى الشباك يسترق النظر هنا وهناك . ينظر إلى الساعه كل دقيقة ، ثم يعاود النظر الى الشارع .
أخيرا ها هما هناك ، تتعانق الأيدي برفق وحنان ، يشد كل منهما على يد الآخر وكأنهما يخشيان أن تنفرط الأيدي فلا تعود إلى تشابكها .
يسيران بمحاذاة سور الكورنيش ، هى تنظر إلى المياه بعمق وكأنها تناجيها، وترسل إليها برسائل تعقبها تنهدات صدر متقد . تعاود النظر إليه، فتراه مشغولا بالمركبات المسرعه وبعض الجميلات اللواتي يسرن فى دلال ! تلتفت إلى النهر ومياهه الرقراقه ،وتحسده على صفائه وانسياب مياهه.يصلان إلى مكان جلوسهما، ينزع كفه من بين أصابعها الرقيقه،ويطيل النظر الى الماء. وتسترق هي النظر إلى عينيه اللتين يخفيهما بدهاء . يطول السكوت وينقضي الوقت ثقيلا ، ينظرإلى ساعته ثم ينطلقان كل فى طريق .
مازال متكأ بذراعه على الشباك ، يطلق لذاكرته العنان ، يراها قادمه من بعيد، فيهرول على السلم وينطلق إلى الشارع. يقطع المركبات إلى الجهة الأخرى، تتلاقى العيون، تتشابك الأيدي، تنطلق الضحكات ،تنفرج شفتاه ويعاود الضحكه،يعتريه حزن دفين،كيف فرقتهما الأيام.
يغلق الشباك فى انتظار يوم جديد ليرى قصتهما من جديد.
اليوم أتت وحدها تسير على أستحياء، تحمل فى يدها ورقه، واليد الأخرى تبحث عن رفيق ضل الطريق . تصل إلى نفس المكان ،لا ترى غير سور الكورنيش ومياه النهر الصافي! تضع قبله على ورقتها وترميها إلى النهر ،وتنسحب بهدوء .
أراد أن يهرول، أن ينطلق إليها ،أن يمسك يدها ،أن يعانقها ، ولكن هيهات:لا يملك سوى نظارة بعدسه مكبرة ،وعكازين، وجدار شباك يتكىء عليه .
ساحة النقاش