أساتذة الخط السبعة

 

في تاريخ الخط العربي سبعة خطاطين وجدوا في زمن واحد في (بغداد) وعرفوا بأساتذة الخط السبعة، وهم ياقوت المستعصمي (ت 698هـ) وتلاميذه: مباركشاه سلطاني وأرغون بن عبد الله الكاملي، وأحمد السهروردي وعبد الله بن محمود الصيرفي ويحيى الصوفي ومحمود بن حيدر الحسيني.

 

وقد أعدت الأعمال المختلفة لهؤلاء الخطاطين داخل مجموع للخط من أجل خزانة كتب (باي سُنْقُر بهادر خان) ملك هراة، و(حفيد تيمور لنك) الذي حكم من سنة (823هـ 1420م حتى 837هـ 1433م) وكانت العناية بالفنانين قد بدأت بعد استيلاء جده تيمورلنك على بغداد عام (775هـ 1393م) وقد وصلتنا هذه المجموعة التي رفعت إلى خزانة (باي سنقر) ويمكن الرجوع إلى نماذج منها في كتاب (فن الخط ) الذي صدر بإشراف أكمل الدين إحسان أوغلي. انظر فيه (ص 182) مقارنة بقسم اللوحات، وهذا الكتاب من نفائس الكتب التي صدرت عن الخط العربي، ويقع في (235) صفحة، لكنها صفحات بحجم صفحات الجريدة. وربما عدت لاحقا لترجمة أساتذة الخط السبعة المذكورين، واكتفي اليوم بكلمة موجزة عن أحمد السهروردي

 

أحمد بن السُهْرَوَرْدي

هو أحمد بن يحيى بن محمد بن عمر بن محمد السهروردي: كتب ثلاثة وثلاثين مصحفا وعددا من خطوط الجلي على بعض العمائر في بغداد لم يصلنا منها شيء، ولم يتمكن مؤلفو الكتاب من تحديد تاريخ وفاته، وأشاروا إلى أن آخر أعماله مؤرخ عام (728هـ 1329م) ومن نماذج خطه اللوحة (29 - 30) وهي جزء من مصحف بخط جلي المحقق، كتب هذا الجزء في رمضان (702هـ) وكتب الجزء (28) سنة (707هـ)  في بغداد. والمصحف مكتوب لخزانة للسلطان غازان محمود إيلخان (670هـ 703هـ) وقام بتذهيب المصحف محمد بن أيبك بن عبد الله، والذي وصلنا من هذا المصحف ثلاثة أجزاء فقط. وغازان هذا هو الذي جرى ما جرى بينه وبين ابن تيمية لما خرج إليه في معسكره في مدينة (النبك) شمال دمشق، كما سبق وذكرنا في قصيدة (دمشقي):

وما نسيت ثلوج النبك شيخا  تلا  صكَّ الأمان على حمار

 

مبارك بن قطب شاه

مبارك بن قطب شاه: أحد الأساتذة السبعة، مولده في بغداد، كان خطه أشبه الخطوط بخط شيخه ياقوت المستعصمي، إلى درجة يعسر معها التمييز بينهما، وتحدد بعض المصادر وفاته عام (711هـ) من غير دليل يذكر، وربما عمدتهم في ذلك وجود هذا التاريخ على بعض لوحاته الباقية، وهذا استنتاج باطل، لأن بعض لوحاته التي وصلتنا مؤرخة في محرم 723هـ وهي صحيفة مكتوبة بالريحاني والتوقيع والرقاع والنسخ،

 

ونصها (بسم الله الرحمن الرحيم. قال بعض الحكماء: ثلاثة تضر بأربابها: الإفراط في الأكل اتكالا على الصحة، والتفريط في العمل اتكالا على القدرة ) وتتمة الحكمة مكتوبة بالنسخ الممال ونصها (وتكلف ما لا يطاق اتكالا على القوة .)  انظر الصورة في زاوية الصور لرؤيتها بصورة واضحة عن طريق التكبير.

 

عبد الله بن محمود الصيرفي

هو ابن صراف تبريزي يدعى محمود، ولهذا عُرف بذلك الاسم. أخذ الخط عن تلميذ ياقوت: سيد حيدر كُنْدَه نُويس (ت 726هـ) ومع ذلك فهو معدود في الأساتذة السبعة وكأنه أخذ عن ياقوت نفسه. وبرع بالخط الجلي، وألف في الخط رسالة بالفارسية، وصلتنا نسخة منها، ولكن ليست بخطه وإنما كتبت في استانبول عام (877هـ) وتحتفظ بها مكتبة مانيسا تحت رقم (6436) وتقع في (32) ورقة.

 

وله على بعض العمائر في تبريز كتابات زخرفية بالجلي. ولم تذكر المصادر شيئا عن تاريخ وفاته. إلا أن آخر أعماله يحمل تاريخ (745هـ).

ويروى أنه كتب ستة وثلاثين مصحفا، ذكرت المصادر خمسة منها (انظر دائرة المعارف الإسلامية التركية، نشر وقف الديانة: ج1 ص 132) وعدا ذلك فقد عثر أخيرا على مصحف سادس بخطه كتبه عام (722هـ) وتحتفظ بهذا المصحف مكتبة بايزيد العامة باستنبول تحت رقم (31)

 

أرغون بن عبد الله الكاملي

أحد الأساتذة السبعة، مولده في بغداد من أب عربي وأم تركية، ولهذا عُرف باسم أرغون، وهو تلميذ ياقوت المستعصمي. وقد كتب (29) مصحفا، وله في بغداد (والكلام قبل حرب 2003م) كتابات بالجلي على مدرستين هناك وتوفي عام (744هـ 1343م) من آثاره صحيفة بالمحقق والنسخ كتبت في بغداد عام (735هـ) وتوجد ضمن مجموع الأساتذة السبعة المقدم لمكتبة (بايسنقر) كما هو مذكور في مقدمة الموضوع.

ومن آثاره صحيفة بالمحقق وفي أسفلها أربعة سطور مائلة بالنسخ تحتفظ بها كتبة (سراي طوب قابي) ونصها: (بسم اللهم الرحمن

 

الرحيم أللهم الحُكم حُكمك

 

والتقدير تقديرك والمشيَّة

 

إليك ولا شريك لك ولا ند

 

لك أعوذ بك من شر الشياطين

 

ومن شر السلطان وقضاء

 

السوء وفتنة الأحياء والأموات

 

تمت أدعيةُ

 

الأيام السبعة

 

كتبها أَرْغُونُ حامداً لله تعالى ومصليا على نبيه

 

(ثم بالنسخ المائل)

محمد وآله الطيبين الطاهرين وسلامه

وذلك في سنة خمس وثلاثين وسبع مائة

 

يحيى الصوفي

هو يحيى بن ناصر الجمالي الصوفي، لا يعرف عن حياته إلا النذر اليسير، ويرى البعض أنه ربما كان تلميذا لمباركشاه بن قطب، خدم أميري شيراز: الأمير جوبان صولدوز (ت 727هـ 1327م) والأمير أبا إسحاق جمال الدين (ت 758هـ) وإليه نسبته. وقد خلطت بعض المصادر بينه وبين (يحيى الصوفي الأدرنوي) المتوفى سنة (882هـ) وله عدا مصاحفه كتابات في النجف وشيراز، وأجمل آثاره مصحف بخط النسخ، يقع في (255) ورقة، كتبه عام (739هـ) ويحتفظ به متحف الآثار التركية الإسلامية برقم (430) (ورق 1/ أ) وطريقته في كتابة هذا المصحف هي طريقة ياقوت المستعصمي، وهي أنه يجعل الصفحة (13) سطرا، يكون الأول والأخير بالمحقق وما بينهما بالنسخ، وأما رؤوس السور فقد كتبت بالتوقيع بمداد الذهب، في حين كتبت أسماء السور وعدد آياتها بالكوفي

 

محمود بن حيدر الحسيني

ليس في الكتاب الذي أستخلص منه هذه التراجم أي أثر أو ذكر لهذا الخطاط سوى ما هو مذكور في مقدمة الموضوع، ولكنني أثناء البحث في الكتاب رأيت المؤلفين يقولون: وقد يذكر بين هؤلاء الستة يوسف بن يحيى المشهدي والسيد حيدر كُنده نُويس.

وعسى أن أعود لاحقا لتعديل هذه البطاقة، لأنني أريد أن أصل إلى ياقوت وأنهي هديتي للشيخ أبي البركات منصور مهران بمناسبة رمضان

 

ياقوت المستعصمي

ترجمة ياقوت المستعصمي ساطعة في كتب التراجم كالشمس في رابعة النهار، ولكنني أريد هنا أن أصف بعض أعماله الموجودة في كتاب (فن الخط) الذي أستخلص منه هذه البطاقات. ولا بأس بنقل هذه الكلمة من الكتاب:

(ياقوت المستعصمي): هو أبو المجد جمال الدين ياقوت بن عبد الله المستعصمي (ت 698هـ 1298م) يعتبر في تاريخ الخط بمثابة الموضع الذي تلاقت عنده الأنهر المنهمرة من جهات متعددة لتهدأ وتصفو ثم تنفصل مرة ثانية إلى روافد مختلفة. وكان لطريقته في تغيير شكل القط في القلم الذي كان جاريا حتى ذلك الزمان تأثير واضح على أنواع الخطوط الستة، فقد زاد من تحريفه وجعل شحمه غير مرهف كثيرا. وبرزت هذه الخدمة في تجويد المحقق والريحاني بصورة خاصة، اما الثلث والنسخ فقد انتظرا ظهور المدرسة العثمانية ليبلغا نفس المرحلة من التطور) (فن الخط ص 24) أما آثاره فأغلب الأعمال التي بقيت منها هي (المصاحف).

 

وعدد المصاحف التامة والأجزاء التي تضم سورا أو عدة سور في مختلف المكتبات والمتاحف مرتفع إلى حد يجعلنا نقبل القناعة الرائجة حول أنه لم يظهر رجل ثان يكتب عددا من المصاحف يفوق ما كتبه ياقوت. أما النصوص التي فضل كتابتها بعد القرآن المجيد فهي مجاميع الحديث الصغيرة ودواوين الشعر ومجاميعها القصيرة، وأعماله التي ألفها في شكل رسائل منظومة ومنثورة ، وغير ذلك. وقسم من الأعمال المحفوظة اليوم في المكتبات حاملة توقيعة ليست بخطه شخصيا بل هي نقول ومحاكاة لخطه، ولسوف يكون من الممكن حصر هذه الأعمال ورصدها بعد دراسة جادة طويلة.

 

بعد سقوط بغداد عام (656هـ) لم يغادر ياقوت بغداد، وكانت أكثر الأعوام عطاء في فنه وتجلي أستاذيته هي المرحلة الثانية هذه.

 

ومن آثار ياقوت المشار إليها في الكتاب تحت رقم (25 ، 26) مصحف كتبه بالريحاني، على خمسة عشر سطرا لكل صحيفة، وكتب رؤوس السور بخط التوقيع الدقيق بمداد أبيض على أرضية مذهبة، وقد شُعّرت أطراف الحروف بالمداد الأسود، ووضعت علامات التخميس بعيدا عن حيز الكتابة بدوائر وردية محلاة، ونجد في سورة الناس أنه خرج بحرف السين الأخيرة من كلمة (الوسواس) خارج السطر لتتوسط الإطار !! بطريقة كأنها (توقيع وإمضاء)

 

ومن آثاره صحيفة بخط الثلث وجليل المحقق، تحمل في الكتاب رقم (24)  والمكتوب في منها بالثلث الدعاء: (الله ولي الإجابة) والآية (وما توفيقي إلا بالله) والمكتوب بجليل المحقق البيت:

بشرى لنا معشر الإسلام إن لنا  مـن  العناية ركنا غير منهدم

 

والبيت من بردة البوصيري وهو معاصر لياقوت، ووفاته عام (696هـ) ونجد قطعة ثانية في اللوحة (27) تحت عنوان شعر عربي، وهي أربعة أبيات متتالية من (لامية العرب) للشنفرى، تبدأ بالبيت (58) من اللامية، وهو قوله:

فَـأَيَّمتُ  نِسواناً وَأَيتَمتُ إلدةً  وَعُدتُ كَما أَبدَأتُ وَاللَيلُ أَليَلُ

أضيفت في 01/06/2006/  خاص القصة السورية

المصدر: منتدى القصة السورية --الخط العربى
  • Currently 328/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
107 تصويتات / 1239 مشاهدة
نشرت فى 18 يناير 2010 بواسطة gamalelkhatelarabie

ساحة النقاش

Rehab Abdulluh

gamalelkhatelarabie
رحاب عبدالله »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

812,954