إن التفكير كما أوضحنا من قبل في المقال السابق (التفكير العلمي خصائصه وسماته) هو إعمال العقل في أمر ما أي هو في المقام الأول عمل يقوم به العقل وهو كأي عمل هناك دائماً ما قد يعيقه أو يكون عقبة في طريقه.
ونقوم في هذا المقال بتحديد وشرح أهم العقبات التي قد تواجه التفكير العلمي والتي لعبت دوراً مهما قي السابق و مازالت إلي الآن لها دور في تأخر حركة العلم وتقدم البشرية.
أولاً : الأسطورة والخرافة
كانت هي الفكر المسيطر ولفترة طويلة من التاريخ البشرى ، وكان أكبر ما يميزها ويجعلها منتشرة انتشارا سريعاً إنها كانت تفسر الظواهر الطبيعية ببساطه مما يجعل هذا التفسير تفسيراً يتلاءم مع عقليات الشعوب ومن الصعب التفريق بين الأسطورة والخرافة وإن كانت الأسطورة تميز عصر ما قبل العلم ، كما أنها كانت تقوم بالتفسير تفسيراً كاملاً.
أما الخرافة فهي ظهرت في عصر العلم محاولة رفض العلم وتفسيراته وهى تختص بتفسير جزئي وليس كامل وكانت الأسطورة ترتكز على مبدأ حيوية التفسير أو ما يعرف Animation أي ما يعرف بصبغ الظواهر الطبيعية الغير حية بصبغه حياة .
ومن أهم نتائج الأساطير وتأثيرها على العلم ما كان يظن بتأنيث وتذكير المعادن والحلم بجعل التراب ذهب ونظرية التوالد الذاتي لها ومن أهم المؤثرات للفكر الأسطوري على الفكر العلمي هو التفسير الغائي للأشياء كوجود الشمس للتدفئة والنجوم للاستدلال بها .
ومن المهم للعالم التخلص من الفكر الأسطوري وعدم سيطرة هذا الفكر عليه إذ يجب عليه التجريد تماماً بفكرة خارج أي منظور تقليدي ، ولكن المهم أن نوضح إن الخطر الحقيقي على العلم الآن هو الخرافة وما يحاوله البعض من إثارته في مجتمعنا الشرقي في اللفظ وخلط الأوراق والتشدق بمخالفة الدين للعلم .
ثانياً : الخضوع للسلطة :-
دائماً ما كانت السلطة هي الرآى الذي لا يناقش ولابد أن يخضع له كل الآراء وكان أسلوب الخضوع للسلطة مريح في حل كل المشاكل ولكنة أسلوب كان يجحد دور العلم والعلماء ويقيد حركتهم ويوقف تماماً ا روح المبادرة و الابتكار وكانت هي العائق الأول للتقدم في العصور الوسطي في أوربا (عصر ما قبل النهضة الأوربية) وذلك لاعتناق الكنيسة في تلك العصور لفكر أرسطو وفرضه وجعله هو الفكر المسيطر الذي لا يعلو علية أي فكر وظل هذا ، وكان من يحاول نقد أرسطو أو الخروج على فكره يوصف بالزندقة والشيطانية ويعدم ويحرق وكان من أهم الدعامات التي ترتكز عليها السلطة هي :-
ثالثاً : إنكار قدرة العقل :-
نقصد هنا أن يعول المرء على قوى آخري غير قوى العقل في تفسير الظواهر فمثلاً نجد أن الفنان يعتمد على ما يسميه بالخيال أو الحدس الحسي و هذا الأخير ما نقصده هنا وهو له أنواع :-
1- حدس حسي : هو الإحساس بحاسة من الحواس الخمسة المتعارف عليها .
2- حدس عقلي : وهو ما يحدث مع بعض الناس ذات الخبرات المعينة التي تقودهم إلى استنباط الحل دون أن يلجؤا إلى أي معطيات أو براهين .
3- حدس عاطفي : وهو ما نسميه بالانطباع الأول لدى أي إنسان تجاه إنسان آخر أو مكان وإلى ذلك مما يجعله يحبه أو يبغضه .
4- حدس صوتي : وهو ما ينسبونه الصوتيين لأنفسهم من معرفتهم لذات الله .
5- حدس فني : وهو ما يطلق علية الفنانون بالإلهام أو الهوس الفني
ونجد أنها في كلها تتشابه في كونها :
- أحساس مباشر يستقبله الإنسان بناء على خبرات معينة .
- أنها تنقل الإنسان إلى لب الموضوع مباشرة دون اللجوء إلى معطيات أو براهين .
- أنها فردية أي يختص بها بعض الأشخاص دون البعض .
ونجد أن الحدس في أحيان يخدم العلماء المدربين دون الخبرة ويوفر لهم كثيراً من الاستدراج والتدرج في الاستنباط ولكن يكون خطر جداً ومعوق رئيسي للتفكير مع من يظن أنه وحده القادر على توصيله إلى النتائج ناكرا بذلك قدرة العلم وقدرة العقل على الوصول إلى حلول بالاستنباط من المعطيات و المشاهدات.
رابعاً : التعصب
وهى التحيز لرأى بعينه واعتناقه بتحمس يمنع صاحبة من سماع أي رأى آخر و رؤية أي حقيقة آخري وهذا التعصب قد يكون لشخصه ذاته أو فكر أو رأى أشخاص آخري .
وهذا كله من العقبات الشديدة أمام التفكير العلمي إذ يضيق حيز التفكير في مجال رأى محدد ويجعل الحقيقة ذاتية أي خاصة بشخص معين دون غيره حيث أن كل شخص يكون مقتنع بفكرته هو دون النظر لموضوعيه هذه الفكرة ومواجهة آراء الآخرين .كما أنها تجعل شغله الشاغل انتقاد أفكار الآخر ليؤكد أنة هو الصواب دون أن يعمد إلى دراسة أفكاره ومحاولة نضجها .
خامساً : الإعلام المضلل
إن الإعلام هو نشر المعلومة ونقلها وتوصيلها وكان دائماً مصدر خطورة على التفكير العلمي خاصة في عالمنا المعاصر وما فيه من وسائل مرئية وسمعيه ونقصد هنا الإعلام الغير هادف الفاسد الذي لا بهمه سوي الجذب والكسب المشروع والغير مشروعا.
وخطورة الإعلام علي التفكير :-
1- أن يكون موجه لخدمه سلعه معينة وأشخاص بعينهم دون غيرهم.
2- أن يكون خاضع للسلطة ومتحيزاً لفكرها.
3- أنه شديد التأثير على العقول البشرية لعامه الناس مما يؤدى إلى قيادتهم وتوجيهم إلى اتجاه تفكيري معين .
وهذا كله يؤثر بالسلبية على التفكير العلمي الذي من أهم سماته الشمولية والتجريد وعدم التحيز لرأى بعينة بل النظر بموضوعيه للظواهر المختلفة.
ساحة النقاش