الابداع الثقافى

يضم الثقافة فى شتى مجالاتها

شاهدت بضع أفلام حازت على جائزة افضل اخراج في مهرجان كان ,, القاسم المشترك فيما بينها أن جميعها كانت افلام استثنائية ,, أفلام مثل المختبئ لمايكل هانكة وثلاثة قرود لنوري جيلان والكره لماثيو كازوفيتز ,, وبالطبع هذا الفلم للمبدع بول توماس اندرسون ,, صاحب الأعمال الهامة " سيكون هناك دماء – ماغنوليا " ,,

ورغم ان ذلك العام حظي بالعديد من الافلام والاسماء المهمة التي شاركت في مهرجان كان كرومان بولانسكي وعباس كيروستامي والاخوين البلجيكيين داردين وايليا سليمان , ألا ان ديفيد لانش والذي كان رئيس لجنة التحكيم وقتها فضل اعطاء لقب افضل مخرج للمخرج الاميركي الشاب " بول توماس اندرسون " ,, ونظرا للعمل الذي قام به ,, فأراه يستحق مثل هذه الجائزة , التي سُلمت له بيد مخرج كبير مثل لانش ,, ربما اعترافا بقيمة واهمية توماسون ,, اخراجيا ,,

الفلم يتناول حياة شاب مضطرب ,, لا سبب واضح لاضطرابه ,, سوى انه يملئ وقته بأمور لا تهمه ,, أو يدعي انها تهمه ,, أو يجعلها من اولوياته ,, لديه سبعة شقيقات ,, ورغم وجوده في واقع اسري نسائي ,, ألا انهم يشعرونه بشذوذه ,, هذا الامر يسبب هيجانه ,, وعندها تأتي قصة المطرقة ,, وتزيد من غليانه ,, رغم أنه ينفي هذه القصة ,, ومع ذلك كلما ذُكرت أمامه يقوم بتكسير الاثاث ,,

الرجل يعاني من الكثير من العقد النفسية جراء وجوده في محيط معين ,, ونشأته ضمن مناخ معين ,, ففقد الاحساس بالاولويات ,, وارغم نفسه على العيش في واقع مضطرب ,,

ومع ذلك قوة الفلم لا تكمن في هذه التفاصيل ,, لانها قد تبدو مكررة تناولتها الكثير من الافلام ,, اقرب مثال يخطر على بالي هو فلم شون بين " اغتيال ريتشارد نيكسون " ,, الاهم من كل هذا هو طريقة اخراج توماسون لحياة هذا الشاب ,, فقد حصره في زوايا كثيرة وقدمه بنمط وكاريكتر معين ,, جعلت الكثير من المشاهد المضطربة توصل لنا احساس هذا الشخص بالتشتت (( وخصوصا عن طريق توظيف الموسيقا وحركة الكاميرا في ارجاء غرفة عمله )) ,, ارتدءه الدائم للباس الرسمي الازرق ,, اتصاله بقنوات دردشة جنسية بحثا عن أحد يتواصل معه قبل ان تبتزه ,, قصة حلوى البودينغ والبيانو التي وجد لهم مكان متقدم من أولوياته ,

ومع كل ذلك ,, الفلم يتكلم عن الحب ,, عن ضربة الحب الثملة التي تعيد حياة هذا الشاب المضطرب لتوازنها ,, هذه العلاقة التي أتت بشكل ثانوي جدا جدا في حياته ,, رتبت له أوراقه ,, واخرجته من زوايا ضيقة ,, لفضاء رحب ,, هل تذكرون مشاهد الحب العظيمة في افلام المريض الانكليزي وكازابلانكا ,, حينما يلتقي العاشقان بعد انتظار ,, وحيث يتفنن المخرجين في توظيف الاضاءة والموسيقى والتصوير وزوايا الكاميرا ,, حسنا ,, بول توماس اندرسون هنا صنع واحدا من أهم مشاهد الحب التي سبق ان شاهدتها ولا أبالغ ابدا في وضعها ضمن تلك المشاهد التي تُحفظ في الذاكرة السينمائية كأكثر مشاهد الحب شغفا ,, مع استخدامه لاغنية he needs me .. كان هناك روح ديفيد لانش في هذا المشهد ,, والذي اختاره توماس اندرسون ليكون بوسترا لفلمه هذا ,,

الفلم من بطولة آدم ساندلر , اعتقد ان توماسون يستحق جائزة افضل اخراج فقط لتمكنه من استخراج شيء جميل من هذا الممثل الهابط ,, ورغم اعتقادي ان اختياره لهذا الدور هو مغامرة بحد ذاتها ,, ألا ان آدم ساندلر قدم تلك النوعية من الاداءات التي لا تستطيع الفصل فيها ما بين الممثل والشخصية ,, اقتباس مدهش من آدم ساندلر لهذه الشخصية ,, امر ذكرني بجيسي ايزنبرغ وما قدمه في فلم ديفيد فينشرالاخير .. وهذا يدل على دقة هؤلاء المخرجين في الاختيار وثقتهم باختياراتهم ,, وقيادتهم الممتازة للعمل ولتصوراتهم له ما بعد انجازه ,,



9\10


--------------------------------------------------------------------------------

In The Mood For Love 2000


المقطوعات الموسيقية التي وظفها وونغ كار واي في هذا الفلم ربما هي من أكثر المقطوعات الموسيقية عذوبة ,, موسيقا من النوع التي تغمض معها عينيك وتسرح وتحلق ,, موسيقا من النوع التي تضعك في مزاج الحب ,, احببت أن أبدأ حديثي عن هذا الفلم بموسيقاه ,, لاني لا اذكر صراحة عدد المرات التي اقشعر بها بدني وانا استمع لها ,, ولأني أكتب هذه السطور ,, وأنا ما زلت استمتع لها ,, منذ نحو العشر دقائق ,, ولا ارغب في ان تنتهي ,,

لا اعرف ,, هل المخرج القادم من هونغ كونغ هذا ,, يصنع السينما التي أحب واعشق ,, أم اني احب عمل هذا الرجل فأشاهد افلامه بحماس شديد وبطريقة مشاهدة مختلفة عن باقي الاعمال ,,

مع هذا النوع من السينما ,, تصبح أوصاف مثل سحر السينما ,, الشعر ,, الاحساس ,, والخيال ,, امور مُستهلكة لو ذُكرت ,, فالفلم هنا يصنع حالة ابداعية ,, لا يمكن ترجمتها ,, ألا عند المشاهدة ,,

في أحدى المرات طلبت من احد اقربائي مشاهدة فلم ايراني ,, فقال لي أنه لا يرغب بذلك ,, لانه لايحب مشاهدة فلم ايحائي ,, يريد امور ملموسة تعبر عن الحب ,, فجلست حينها اشرح له ان السينما الايرانية لا تناقش هذا النوع من القضايا ,, لا اعرف صراحة كيف سيكون موقفه بعد مشاهدة هذا الفلم ,, والتي اشعل فيها توني لينغ وماغي تشانغ نار الحب في علاقتهما لدرجة الغليان ,, دون ان يكون هناك مشهد قبلة واحد ,,

كار واي تفنن في خلق مزاج للحب ما بينهما ,, بأداءهما الممتاز ,, بل استطيع أن أضع اداء ماغي تشانغ في لائحتي الخاصة لافضل الاداءات النسائية على الاطلاق الى جنب بينيلوبي كروز في فولفير وماريون كاتيار في الحياة الوردية ,, ونيكول كيدمان في دوغفيل ,, وجولييت بينوش في ازرق ,,

في فلم كار واي هذا ,, القصة غير مهمة ,, المهم هو مزاج الفلم ,, أو المزاج الذي يضعك فيه الفلم ,, وهو بالمناسبة مزاج عالي ,, وساحر ,, لا اكاد اتخيل سوى ريشة خفيفة تتهادى ,, ولا يمكنني ألا أن اعلق ,, عن واحد من المشاهد التي هزتني في الصميم ,, والتي ربما اعدتها بعد انتهاء الفلم ,, لاكثر من 10 مرات ,, وهو المشهد الذي يودع فيه الحبيبان بعضهما ,, يلمس يدها ,, تنظر أليه ويفترقان ,, ومن ثم يعود أليها باكية ,, ويقول لها لا تبكي ,, هذا مجرد تدريب لا أكثر ,, يا له من مشهد عظيم ,, معبر عن مدى التوق والشوق التي تغلف علاقتهما ,, وكم هي طاهرة هذه المشاعر التي تجمعهما ,, وكم هو شاعر هذا الكار واي ,,

تجري احداث القصة في هونغ كونغ عام 1961 ,, الفترة التي كانت فيها هونغ كونغ محكومة بقيود اجتماعية كبيرة ,, أي بالمختصر مجتمع محافظ ,, وكيف يمكن لهذه النوعية من العلاقات العاطفية ان تنشأ في هكذا محيط ,, وكيف من الممكن ان يتصرف ابطالها ,, ذوو الطابع الستيني الهادئ الراقي ,, الغير مفتعل ,, وكم هي جميلة تلك الايام ,, التي كان للحب فيها معنى اخر ,, تلك القيود الاجتماعية خلقت من علاقة الحب هذه مغامرة حقيقية ,,

استخدام اغنية perhaps في الفلم ,, كانت شيئا اخر ,, لم يصنع فقط قصة تدور احداثها في فترة سينمائية كلاسيكية ,, بل صنع فلما كلاسيكيا ,, لحظات الصمت وتوظيف الموسيقا تنتظرها ,, لا تملها ,,

كثير من الافلام المهمة ,, تحتوي مشاهد ذروة ,, واحد أو اثنان أو أكثر ,, ولكن هذا الفلم وصل للذروة وأكمل بها ,, واحد من تلك الافلام التي تشاهدها مرتين في نفس الليلة ,, وواحد من تلك الافلام التي تخلق حالة مشاهدة مشابهة لافلام مثل " ضائع في الترجمة " لصوفيا كوبولا ,, وازرق لكيسلوفيسكي ,,


10\10



__________________________________________________ ___________


Au Revoir I Es Enfants \ Goodbye Children 1987


قرأت منذ فترة مقال عن السينما التي صورت حالة الانقسام الديني التي عاشتها اوروبا منتصف الثلاثينيات ومطلع الاربعينيات ,, والاضطهاد الذي عانى منه اليهود في تلك الفترة ,, والتي اصبحت فيما بعد واحدة من الاحداث التاريخية التي تمتلك كل عناصر القوة السينمائية ,, التي تسابق لاقتباس احداثها كثير من المخرجين ,, ولكن تلك الفترة التاريخية افرزت مخرجين تعاملوا معها بأسلوب ناضج ,, وخلقوا منها حالة سينمائية انسانية اشبعت – ان صح التعبير - شغفهم السينمائي ونظرتهم للسينما بشكل عام , فأظهروا عبر هذه الاقتباسات كل مهاراتهم السينمائية ,, اهمهم اندريه فايدا المخرج البولندي ,, ولويس مال المخرج الفرنسي الذين استغلوا الميراث المتراكم في تاريخ بلادهم المليء بالانقسامات المذهبية والدينية والسياسية ,, ليخلقوا ذهبا من رماد ,, ربما هي نعمة السينما الاهم ,, وهو أن مآسي التاريخ ,, تتفتح وتندمل عبر عدسات أولائك الموهوبين ,, فأعادة تدوير وخلق التاريخ كانت ولا زالت وظيفة سينمائية ,, الاهم ,, ان البعض احسن استغلالها ,,

تدور احداث القصة في مدرسة معمدانية مسيحية ,, وهنا بيت القصيد ,, حيث وضح الفلم بشكل أو بأخر موقف الدين المسيحي من احداث اربعينيات القرن الماضي ,, لويس مال اراد ان يبرئ مسيحيي تلك الفترة من النزعة النازية التي حكمت اوروبا والدم الذي لوث ايديهم ,, عندما استقبل في تلك المعمدانية طالبا يهوديا في الخفاء ,,

كثير من المخرجين اتقنوا نثر السحر السينمائي عند تصويرهم للعلاقات الانسانية ,, كروبير التمان مثلا في ماك كاب والانسة ميلر ,, أو ستيفن دالدري في القارئ ,, أو سام منديز في الجمال الاميركي ,, أو بيدرو المودوفار في لحم حي ,, أو جين كامبين في البيانو .. هذه النوعية من العلاقات التي تحرص على متابعة أدق تفاصيلها ,, وتطوراتها ,, تلك العلاقات المبنية بدقة عالية وحنكة كبيرة ,, وغموض جميل .. لويس مال خلق واحدة من تلك العلاقات التي تتبع ردات فعل شخصيتها ,, نظراتهم ,, محاولتهم اكتشاف بعضهم البعض ,, خلق لويس مال واحدة من انضج العلاقات التي ربطت بين طفلين في مدرسة معمدانية ,, علاقة خلقت جرعة من العاطفة المبطنة لا تشعر بها ألا مع مشاهد الفلم الختامية ,, لم يلجأ لخلق تلك العاطفة الجياشة في هذه النوعية من القصص التي اعتدنا عليها كثيرا في افلام مشابهة كأووبا اوروبا أو قائمة تشاندلر ,, التي تـُملي على المشاهد كيف يشعر ومتى يتعاطف ومع من ؟

الفلم لم يلجأ لنبرة بكائية ,, بل اراد ان يقدم من خلاله العبرة ,, لطفل وجد نفسه بين مجموعة من الاطفال المسيحيين الميسوري الحال ,, بل بعضهم فاحش الثراء ,, ومع ذلك هم يفتقدون في تربيتهم لادنى تعاليم القيم الدينية ,, تلك النوعية من القيم المشتركة بين جميع الاديان ,, " لا تكذب – لا تسرق – لا تغش – " كان حرمانه من ادنى مقومات يسر الحال ,, سببا في التزامه الديني ,, حتى وان كان التزاما لدين مختلف عما يعتنقه ,, أن الخوف كان وما زال دافعا من دوافع اعتناق الدين ,, هذا الشعور الداخلي الذي يولد نزعة لا ارادية نحو تطبيق القوانين دون شعور بالغربة أو بالغرابة او بعدم التأقلم ,,

في نفس الوقت ,, الذي صور فيه لويس مال ,, نزعة المسيحيين نحو خرق هذه القوانين ,, كون لا واعز ديني يهابونه ,, بل افتقادهم لهذا الشعور الداخلي بالخوف ,, كان سببا رئيسيا في كثير من الاخطاء المرتكبة ,, كما وضح الفلم بشخصية العامل الذي افشى سر اليهود المختبئين في الدير المسيحي ,, كخطوة انتقامية على طرده ,, بعد اكتشاف سرقته ,, اراد ان يقول ان جرائم القرن الماضي نتجت عن هشاشة الالتزام الديني في تلك الفترة ..


برأيي هذه المعالجة المرتفعة المستوى ,, قدمت واحدا من اهم الافلام التي ناقشت هذه القضية التي تم استغلالها بما فيه الكفاية في السينما ,, من مخرجين عدة ,, برؤوس ,, ومن دون رؤوس .. وافتقدت اغلبها لهدف ,, سوى تصوير تاريخ يهود اوروبا المضطهدون ,,

الفلم الذي اكتسح مهرجان فينيسيا في الـ 87 ,, والذي استعمل فيه مال كل فنياته الفوتوغرافية ,, فبدا اللونان الرمادي والاخضر حاضرين بقوة ,, اعطت للفلم لمسة الفترة الثمانينية ,, عدا عن اجواء الفلم الرائعة ,,

وبدا لي تبادل الرويات ما بين الطفلين في نهاية الفلم ,, اشارة لمستقبل تلك الفترة التاريخية من فرنسا بمسيحييها ويهودها.. حينما قدم جوليان الطفل الفرنسي المسيحي ,, لبوني الطفل اليهودي كتاب ألف ليلة وليلة ,, الكتاب الذي ارسى صورة معنية للعرب في الغرب منذ امد طويل ,, " اذهب ليس لك مكان في اوروبا بعد اليوم " ,, مكانك بين أبطال هذا الكتاب ,, فعاقبهم على فجورهم ,, كما يريد ان يقول

10\10


__________________________________________________ ___________



Anatomy Of A Murder 1959

اثناء مشاهدتي لهذا الفلم شعرت أنه يصلح لأن يـُقدم لطلاب الحقوق كدرس من الدروس العملية ,, قاعة المحكمة من الممكن ان تحتضن افلاما عظيمة كهذا الفلم تماما ,, ورغم ان مدته قد تصل للثلاث ساعات ,, ألا ان طريقة سرده وبساطتها ومباشرتها وسلاستها جعلت هذه المدة الطويلة تمر بسرعة ,,

جيمس ستيورات ( بيغلز ) محامي ريفي يتصدى لقضية قتل قام بها ملازم في الجيش لشخص قام باغتصاب زوجته ,, يصور الفلم كل الاجراءات والتحقيقات والاحداث التي تخص هذه القضية ,, ولم يكتفي بهذا الامر ,, فرغم ان ذلك كافي لجعل الفلم من اهم افلام المحاكم بدقة تعامله مع التفاصيل والخبرة القضائية والحقوقية التي اكتسبها النص ,, ألا ان الفلم لم يتوقف عند تقديمها فحسب , بل جعل للعلاقات ما بين شخصيات الفلم اهمية خاصة ,, المتهم والمقتول ,, محامي الدفاع ومحامي الادعاء ,, والمنافسة المهنية القوية ما بين اثنان من أكثر ممثلي الخمسينات كاريزما وحضور وموهبة ( جيمس ستيوارت وجورج سي سكوت ) ,, دون نسيان المعالجة النفسية القوية التي قدمها لاغلب الشخصيات المحورية ,,

الفلم يناقش واحدة من الحالات الشائكة التي من الممكن ان تتصدى لها المحاكم ,, وهو القتل بدافع الاغتصاب , هل من الممكن ان يكون الاغتصاب مبررا للقتل في مجتمع كالمجتمع الاميركي ,, ومتى يُعتبر مبررا ,, وهل المبرر كافي أم أنه يحتاج لعذر قضائي ,, كل هذا ستجاوب عنه المحكمة المعقودة ,, والتي تعامل معها المخرج أوتو بريمنجر بشكل جدا احترافي وقدمها بأسلوب أكاديمي حافظ فيه على كل ادبيات وسلوكيات النظام القضائي داخل المحكمة ,, بنفس لوقت الذي عقد فيها حلبة صراع فكرية واستنتاجية وذهنية عالية جدا ما بين المحاميين ,, الامر الذي حوّل المحكمة لمناظرة فكرية ,, تتشوق لمعرفة من الفائز ومن الخاسر فيها ,, ولم تخلو من كوميديا الواقع التي لم يسبق ان شاهدتها في افلام المحاكم الدرامية من قبل ..

شاهدت لجيمس ستيورات بضعة افلام " السيد سميث يذهب لواشنطن – النافذة الخلفية – الدوار " واعجبني اداءه فيها جميعها ,, هو ممثل وسيم ذو حضور جذاب وانفعاله يسرق المشهد ,, ولكنه في هذا الفلم الذي قدمه في الـ 59 ,, كان في قمة اداءه وتألقه ,, برأيي تفوق على نفسه حتى في الفلم الذي سبق ان اعتبرته قمة اداءاته " السيد سميث يذهب لواشنطن " ,, ستيورات حمل جزءا كبيرا من جاذبية الفلم ,,

10\10

__________________________________________________ ________


Down By Law 1986


الفلم من اخراج جيم جارموش المخرج الاميركي الذي يلجأ عادة للتجريب في صنع أفلامه ,, وفلمه هذا يُعتبر من أهم افلامه التي تعطي تعريفا عن اسلوبه ,, ذو الرتم البطيء ,, هذا الاسلوب الذي استخدمه عدد من أبرز مخرجي جيله ,, بعضهم كتجارب اخراجية وبعضهم كأسلوب اخراجي ,, كعباس كيروستامي وبيلا تار وغاز فان سانت ,, وتعود جذور هذا النوع من السينما لمخرج ياباني يدعى ياسجيرو اوزو ,, شريك كيروساوا في ستينات وخمسينات القرن الماضي ,, بالسينما اليابانية

يتحدث فلم " موقوف باسم القانون " ,, عن ثلاثة رجال ,, تم القاء القبض عليهم ,, ومن ثم وضعهم في السجن ,, ومن ثم كباقي افلام السجون ,, الهرب ,, هذه هي حصيلة الفلم ,, باختصار شديد ,, ليس هذا فحسب ,, بل اثنتان من هذه الشخصيات لا تريد ان تتبادل الاحاديث مع بعضها ,, والشخصية الثالثة ايطالية لا تجيد الانكليزية ,,


بمعنى ,, انك ستـُجبر على ان تكون سجينا معهم في هذا السجن ,, قبل أن يهربوا من سجن صغير ,, الى سجن أكبر ,, وهي غابات واسعة ,, لا فيها ملجأ ولا مخبأ ,, لا طعام ,, ولا شراب ,, ولا راحة , هذا هو فلم جارموش ,, شاهد واستمتع : )

في الحقيقة ,, مع هذا الشرح المختصر ,, فإني شاهدت واحد من امتع الافلام التي شاهدتها هذه الفترة ,, المتعة في هذا الجو الكوميدي الموجود في غرفة تضم ثلاثة اشخاص ,, تم اعتقالهم بشكل مضحك لاسباب لايد لهم فيها ,, أحدهم قواد ,, ربما لديه سوابق ,, ويستحق ان يُسجن لكثير من الامور التي ارتكبها ,, ولكن لمحاسن الصدف ,, تم اعتقاله لامر لم يقم به ,, أما الثاني فهو مذيع عاطل عن العمل ,, وأول عمل يقوم به ,, يكون غير شرعيا دون أن يدري ويُلقى القبض عليه ,, أما الثالث وهو الاكثر كوميدية ,, فقد قتل أحدهم عن طريق الخطأ ,,

ومع هذه الشخصيات الغريبة ,, أمتلئت دقائق هذا الفلم بكوميديا تخطف الضحكة منك اختطافا ,, لسخريتها وطريقة تقديمها ,, في هذا الجو السوداوي ,

روبيرتو بينيني كان فاكهة الفلم ,, لا اذكر نفسي ألا وأنا اضحك في المشاهد التي قدمها ,, بهذه السحنة الغبية بدا كشارلي شابلن في ايام عزه ,,


اسلوب جميل جدا قام جيم جارموش بأخراج الفلم عن طريقه ,, باللونين الابيض والاسود كأغلب افلامه ,, وخصوصا انه ممن يتقنون التعامل الفني مع هذين اللونين المغريين للتصوير ,, وموسيقا قريبة من موسيقا الغرب الاميركي ,, وثلاث ممثلين لكل منهم طريقة خاصة في تقديم شخصيته ,,

في النهاية ,, فلم رائع ممتع ,, فيه كل ما تتمنى ان تشاهده في فلم ,,

9\10

__________________________________________________ ___________
Ulysses' Gaze 1995

لنفرض “جدلا” أنك تريد قراءة رواية ما ,, يُفضل ان تكون رواية تتحدث عن تاريخ الفن وعن شخصيات فنية معاصرة أو غير معاصرة ,, رواية من النوع الادبي الثقيل ,, وقررت جدلا أن تقرأها على ضوء الشموع ,, ومن ثم قررت أن تقرأها وأنت تستمع لموسيقا تضعك في اجواء هذه الرواية ,, موسيقى فيفالدي او شتراوس أو أي سمفونية وجدتها بالصدفة في مكتبتك من الفن اليوناني , موسيقى من النوع الفاخر , وباشرت بالقراءة ,,

لاداعي لذلك كله ,, فأفلام ثودودر انجوبولوس ,, تمنحك نفس الشعور وذات الاجواء وذات القيمة الفنية الثقيلة للرواية الادبية وذات الموسيقا الهائمة ,, الفرق الوحيد ,, أن من يرويها لك هذه المرة ,, هو انجوبولوس ,, بكاميرته التي سيخترق بها عمق مخيلتك ,, وترسم لك ذات الصور التي ستكررها في عقلك الباطن اثناء قراءتك للرواية ,,

عندما تشاهد انجوبولوس يتحدث عن بلاده بهذ الشكل ,, تتمنى لو كان هناك من يتحدث عن بلدك بذات الاسلوب .

لكي تستوعب جوهر الفلم عليك أن تعرف لماذا تم اختيار هذا العنوان له " تحديقة أوليسيس " , انجوبولوس قام باستعارته بشكل مباشر هذه المرة من خلال العنوان

اوليسيس هو أحد شخصيات الملحمة اليونانية الاغريقية هوميروس ,, وهو شخص قادر على تلبّس عدة شخصيات وفي عدة ازمنة وان يعيش حالتها ,, ولكنه محكوم بالمكان ,, أوليسيس قادر على ربط الماضي بالحاضر وتكسير الحواجز فيما بينها ,,

أما التحديقة فيقصد بها اللقطة الاولى ,, أو النظرة الاولى للقطة الاولى من أول فلم تم تصويره في اقليم البلقان الذي يضم اليونان وسواها من دول اوروبا الشرقية عام 1905 ,, على يدي الاخوة مناكيس أول مخرجان يونانيان

يبدو واضحا على هذا المخرج اليوناني انه يحب تصوير تاريخ الشعوب عن طريق رصد سيرة ذاتية لشخصية فنية موسيقية او سينمائية ,, كما فلمه الذي قدمه في الـ 75 العازفون المتجولون , وايضا فلمه في الـ 2004 (( المرج الباكي )) والذي رصد فيه سيرة ذاتية لشاب عازف على الاوكورديون .. كما فلمه هذا الذي رصد حياة مخرج يوناني عمل في اميريكا لمدة 30 عاما ,, وقرر العودة لليوناني لاخراج اخر اعماله ,, وهو فلم وثائقي يتحدث عن المخرجين اليونانيين الاخوان مناكيس


في الفلم الكثير من الافكار التي نالت اعجابي بشكل كبير ,, منها تصويره لدور السينما في تاريخ الشعوب ,, انجوبولوس يتعامل معها وكأنها مادة مؤرشفة لهذا التاريخ الحي ,, ويتعامل معها بشغف رهيب ,, تتمنى ان تـُصنع السينما بذات الشغف وذات الحب الذي يوليه انجوبولوس للسينما ,, من جهة اخرى هو يرصد تاريخ شعوب البلقان التي ضاقت الامرين من سلطة السياسة ,, انجوبولوس لم يرد ان يصور التاريخ السياسي لانه امر لا يهم في صناعة الافلام ,, بل يريد ان يصور العنصر الاهم من تاريخ الشعوب ,, وهي الشعوب ذات نفسها ,,



الفلم من بطولة الممثل الاميركي الرائع هارفي كيتل الذي قدم تحت يدي انجوبولوس أهم ادواره لاشك في ذلك ,, بعدما شجعه سكورسيزي على الاشتراك في مشروع انجوبولوس ,, اداء رائع وصادق وشغوف لشخصية مخرج يبحث عن النسخة الاولى من تاريخ السينما اليونانية في اليونان ودول البلقان تحت القصف والانقلابات السياسية والعسكرية ,, في رحلة محفوفة بالمخاطر , في الرحلة التي اكتشف فيها نفسه ,, قبل ان يكتشف تاريخ تلك الدول وشعوبها ,,


الفلم من كتابة السيناريست الايطالي المشهور تونينو غويرا الذي شارك أهم مخرجي التاريخ في أهم أفلامهم مثل فيليني وانتونيوني وتاركوفيسكي ,, وفلمه هذا ليس التعاون الوحيد ما بينه وبين انجوبولوس


مشاهد رائعة كالعادة تحويها افلام انجوبولوس ,, كمشهد تمثال الزعيم لينين المهشم والمفكك الاوصال ,, المشهد الذي صوّر فيه تاريخ رومانيا في أحد صالونات العائلية ,, مشهد هدم فيه كل القيم السينمائية الزمنية ,, فقد قدّم خلال 5 دقائق ,, تصويرا لست سنين من تاريخ رومانيا الشائك ,, والمشهد الختامي الذي استعمل فيه هارفي كيتل كل ادواته التمثيلية وخبرته ليخرج المشهد بهذا الإتقان وهذه الشاعرية الرهيبة ,,

مشكلتي مع الفلم ,, مدته الطويلة ,, ليست مشكلتي في مدته ,, لاني استمتعت بأغلب فترات الفلم ولم اشعر بمدتها ,, ولكنني شعرت أن هناك بعض التفاصيل المُقحمة التي لا تفيد فكرة الفلم بشكل عام ,, أو تلك التفاصيل التي يجب ان تكون يونانيا حتى تستوعبها وتعرف مغزها ,, ولكن مع ذلك ,, انجوبولوس يمنح مشاهديه تجربة سينمائية فريدة ,, لا تُصنع كل يوم ,, صحيح أنه ليس بجودة فلمه الذي قدمه في الـ 2004 " ثلاثية المرح الباكي وقوته البصرية " ,, ولكنه ينتمي لسينما هذا المخرج ,, الذي قال عنه الناقد أمين الصالح ذات مرة ,, افلام هذا المخرج تستدعي التأمل والتفكر , لا تستدعي الفرجة الكسولة ,,


9\10

__________________________________________________ ________

Carmen 1983

يـُعتبر هذا الفلم واحد من كلاسيكيات السينما الاسبانية من جهة ,, اضافة لانه يمثل الوجه الثقافي الحضاري لاسبانيا بشكل عام ,, عدا عن كونه واحد من الافلام التي مزجت عدة فروع فنية تحت راية السينما ,, فضلا عن اهميته التاريخية كونه باختصار معلم سياحي وسينمائي اسباني ,,

كل هذا لا يُلغي الشحن الدرامي العظيم الذي بثه كارلوس ساورا في فلمه هذا ,, ليقدم قصة حميمة عن الشغف ,, هذا النوع السينمائي الذي يفتح المجال للكثير من العوالم كي تتداخل وتصنع فسيفساء سينمائي ,, وبوجود كارلوس ساورا خلف الكاميرا ,, والساحرة العظيمة (( ولا أقل من لك )) لاورا ديل سول أمامها ,, سيكون الفلم بمثابة كلاسيكية عالمية في ارشيف لسينما

يتحدث الفلم عن مخرج مسرحي في أحد المعاهد المسرحية الراقصة والذي يبحث عن بطلة لمسرحيته المشهورة " كارمن " الامر الذي جعله يبحث عن انثى بصفات خاصة ,, الفتاة الفاتنة التي تمثل الغدر والحب ,, الجمال والعهر .. ليجد نفسه يعيش دور اونتونيو في مسرحيته ,, العمل الذي قام به كارلوس ساورا لكسر الفراغ ما بين المسرحية والواقع ,, كان السبب في ايصال الغاية الرئيسة من الفلم ,, والتي تمثل مساحة التماس الكبيرة ما بين المسرح والواقع ,, ما بين الممثل والكاريكتر ,, وما بين الواقع في الحياة والواقع على خشبة المسرح ,,

لا يمكن المرور على هذا الفلم دون ذكر العمل الخلاب الذي قام به ساورا عبر الكاميرا ,, شيء بهلواني فني رائع فتناغمت حركة الكاميرا مع الموسيقا الغجرية والتانغو الاسباني

9\10

__________________________________________________ __________

Katyn 2007

الفلم الذي نال عنه المخرج البولندي الكبير اندريه فايدا ترشيحه الاخير للاوسكار ,, عن فئة افضل فلم غير ناطق بالانكليزية ,, والذي تدور احداثه في بولندا فترة الحرب العالمية الثانية ,, ليُناقش عبره الجدل الاخلاقي الكبير الذي خلفته مجزرة بلدة كاتين البولندية والتي شهدت اعدام 20 الف ضابط بولندي بدم بارد ,, على يد الجيش السوفييتي

منذ فترة قرأت في احدى المراجعات التي تحدثت عن فلم ستيفن دالدري " القارئ " عن الرغبة في تصوير احداث الحرب العالمية الثانية بعيدا عن ما تعرض له اليهود في تلك الفترة ,, مشيرة الى ان الحرب الكونية خلفت ملايين الضحايا ,, والحاجة التي استغلال احداث عظيمة اخرى سينمائيا بخلاف الهولوكوست ,, فالمجازر تلك الفترة لم تطال اليهود فحسب ,,

اندريه فايدا قدم تغطية توثيقية مختلفة لبلده بولندا في فترة زمنية امتدت على مدى 6 سنوات من عام 1939 الى عام 1945 ,, حينما تمزقت بولندا ( البلد الذي اطلق شرارة الحرب العالمية ) ما بين الطوفان الشيوعي من الشرق والهمجية النازية من الغرب ,, واعتقد ان المشهد الافتتاحي العظيم للفلم يعبر بشكل كبير عن مدى الضغط الذي عانا منه البولنديين ما بين سندان ستالين ومطرقة هتلر عندما صور سكان احدى المدن البولندية على جسر والالمان من خلفهم ,, والروس من امامهم ,

معالجة جدية قاسية باسلوب وثائقي لجأ له فايدا في اخراج هذا الفلم ,, عن طريق تصوير مجموعة من العائلات البولندية اثناء وبعد انتهاء الحرب ,, وتقاسم المعسكرين الرأسمالي والشوعيي أوروبا وبناء جدار برلين كحد فاصل ما بين النظامين السياسيين الاكثر شراسة في تلك الفترة جعلت بولندا تقع تحت سيطرة السوفييت مما جعل الاعتراف بهذه الجرائم التي ارتبكها السوفييت - التي الصقت بالالمان بعد جلاءهم عن بولندا - خيانة عظمى يعاقب عليها القانون الشيوعي ,,

هنا يرينا فايدا ما معنى المتاجرة بالدم ,, وما معنى ان يشوه التاريخ ,, والجدل الاخلاقي الذي عانى منه ذوي الضحايا ما بين رغبتهم في القصاص من السوفييت وخوفهم من عقوبة الخيانة العظمى باعترافهم بهذه الجرائم

فايدا له اسلوب خاص على صعيد اللغة التعبيرية ,, فقد استخدم الرموز الدينية في هذا الفلم بشكل متقن ومعبر جدا ,, وخصوصا ان ضحايا هذه المجزرة كانوا من المسيحيين ,, هذا عدا عن الصورة الشاحبة التي رافقت احداث الفلم والتي تعطي انطباعا بالكره والرغبة في الانتقام والخوف بآن معا ,, والموسيقا المزلزلة التي قدمت الاحداث بوحشية همجية ,, اشعرتني شخصيا بالقلق والرهبة اثناء مشاهدة الفلم ,,

الدم في هذا الفلم كانت مشاهدته صاعقة ومؤثرة جدا ,, بالطريقة التي استخدمه فيها فايدا , ستشعر بأن قطرات الدماء ترتطم بوجهك من شدة قسوة المشاهد الختامية للفلم ,,

9\10

__________________________________________________ ____________
Billy Elliot 2000

الكثير من النقاد يلجأؤون عند مدح بعض الافلام لـ عبارات مختصرة , مثل رائع عظيم ممتاز مضحك مسلي ,, وقياسا على تلك الاوصاف ,, واختصارا للكثير من الكلام ,, ارى ان هذا الفلم ,, منعش لذيذ ,, مضحك مبكي ,, ومشاهدته امر واجب على كل عاشق للسينما ,,

ستيفن دالدري في كل مرة يفتح فيها قلب المشاهد ,, لساعات في الساعات ,, في القارئ ,, وفي غرفة نوم وقاعة تدريب ومنزل بيلي ايليوت هذا الصغير الذي لم يجد نفسه ملاكما ,, ولا مصارعا ولا لاعب كرة قدم ,, ولا في أي هواية ذكورية في تلك الفترة التي كان الذكور كلهم يمارسون أحدى الالعاب الذكورية ,, بينما تمارس الفتيات البالية في تلك القرية الانكليزية الكلاسيكية العادات والتقاليد ,,

ربما لو كانت هذه القصة تحت يدي مخرج اخر لكانت عادية ,, وأقل من عادية ,, ولكن دالدري هنا يصنع ما لا يستطيع سواه صنعه ,, وهو أن يجعل من شخصيته الرئيسية حالة فردية في مناخ عادي روتيني ,, ومع مرور احداث الفلم سنشهد تلك التغيرات التي تطرأ على هذا الروتين لتواكب فرادة شخصيته الرئيسية ,, بيلي اليوت فيه من الرجولة ما لا يصلح لراقص باليه ,, ولكنه اراد ان يكون نفسه ,, واراد ان يستغل شغفه في المكان الذي اراد ,, فالبالية بالنسبة له كالكهرباء ,, شيء غريزي ,, لا سبب لها سوى انها تجتاح جسد بيلي وتجعله يرقص بجنون ,,

احتوى الفلم على كل شيء ,, حتى وان كانت القصة مكررة في أكثر من مناسبة ,, ولكنه احتوى على مشاهد مجنونة (( كمشهد الرقص النقري الجنوني في حارات الحي )) ومشاهد جدا مؤثرة ومشاهد كوميدية ومشاهد تمثيلة قوية ,, وقصة محبوكة وشخصيات تتعاطف مع رغبتها في تحقيق طموحها ,, واب فيه من القسوة ما فيه من حنان ,, شخصية الاب كانت اكثر ما اعجبني في الفلم ,, والذي اداها بعاطفة شديدة وجدية شديدة جاري لويس الممثل الانكليزي المعروف ,, والذي غيّر قناعاته ومبادئه وتقاليد قريته ,, عندما وجد أن ابنه من الممكن أن يكون شيئا ,, ومن الممكن ان يصنع لنفسه خصوصية بعيدا عن عائلته القروية ,,

فلم يُنعش الروح ,, لا تشعر معه بالوقت ,, موسيقا راااااااائعة ,,, توازي الاحداث وتساويها تطورا ,, اخراج جعل لقصة الفلم معنى ,, وللمشاهدة معنى ,, وشخصيات لها مساحتها الكافية لرسم معالم الفلم كاملا ,, لتبقى بذاكرتك بعد مشاهدة الفلم ,, فعندما تتذكر الفلم تتذكره بكل شخصياته ,, فهو ليس عن بيلي اليوت بل عن حياة طفل صغير يريد ان يحقق نفسه في مجتمع توجيهي نقليدي .. وفي ختام الحديث عن الفلم (( خاتمة ولا اروع ))

9\10

__________________________________________________ __________

La Notte 1961

سبق لي أن قرأت في إحدى المقالات التي تتحدث عن المخرج الاسباني لويس بونويل أنه يقوم بهدم العالم الذي يعيش فيه ليبني عوضا عنه عالمه الافتراضي ويُنشيء عليه فلمه وهواجسه

برأيي أن هذه المقولة تنطبق أيضا على المخرج الايطالي مايكل نجلو انتونيوني الذي يهدم أساسيات العالم الواقعي وبنبي عالمه السينمائي الخاص بقوانينه الخاصة

فتتحول كاميرا انتونيوني من عنصر مراقب أو ناقل للصورة إلى مجموعة من الاشارات الدلالية الموضحة لطبيعة هذا العالم الجديد برموزه وطبقاته وجماليته ,, عن طريق متابعة شخصيات عادية تعيش حياتها بأعتيادية في عالمها الواقعي ,, قبل أن تدخل فجأة عالم انتونيوني وتنتظم تحت قوانينه وخصوصيته

لدى انتونيوني هاجس اسمه الماضي ,, الماضي بخلاف الحاضر والمستقبل شيء لا يد لنا في صنعه ولكنه يبني جزء كبير من شخصياتنا ,, الزمن عامل مهم في عالم انتونيوني السينمائي ,, وكما المخرجين العظماء ,, الزمن وتأثيراته يتحول الى عنصر سينمائي يساهم في بناء فكرة الفلم وشخصياته ,,

شخصيات انتونيوني تعيش غربة كبيرة عن ماضيها ,, وخوف واضح من المستقبل ,, ورغم ذلك فأن انتونيوني يركز على خاصية " اللحظة الحاضرة " ويظهر من خلالها عوامل زمنية كالماضي والمستقبل دون ان يستخدم تقنيات الفلاش باك أو أي تصورات اخرى ,,

يمكنك أن تعيش ماضي شخصيات انتونيوني وخوفها المشروع من المستقبل في اللحظة الحاضرة التي تشاهد وتراقب فيها هذه الشخصيات

الليل ,, ثاني ثلاثية انتونيوني الشهيرة التي قدمها مطلع الستينات وأثارت جدلا واسعا بين الاوساط السينمائية آنذاك ,, البعض اعتبرها كلاسيكية سينمائية ,, والبعض ثار عليها بجحة أن انتونيوني كسر من خلالها العديد من القواعد السينمائية المتعارف عليها ,, ومع ذلك فأن " الليل " نال جائزة الدب الذهبي " في برلين,, , ربما هذا يدل على قيمة هذا الفلم ,, لحظة ولادته ,,


يتحدث الفلم عن مفهوم الغنى أو بالاحرى الفقر ,, ليس الفقر بمعناه المادي ,, ولا حتى بالخلفية الاجتماعية والمادية التي أتت منها شخصيات الفلم الرئيسية ,, بل بأثر هذا الماضي في اسلوب حياة هذه الشخصيات ومدى الوفاء الذي تكنه لماضيها ,, يتحدث الفلم عن اثر الزمن في تغير طباع وطبائع الشخصية ما بين واقعه الحالي وماضيه ,, والأثر الذي تخلفه الذكريات في اساليب الحياة الاجتماعية

الفلم من بطولة الايقونة الايطالية مارسيلو ماستريوني اذي يلعب دور كاتب مشهور أتى من خلفية فقيرة ماديا ,, يعيش الان أيام مجده الادبي برفقة زوجته الحسناء ذات الاصول الارستقراطية ,, يعيشان حياة اجتماعية صاخبة ,, يجتمعان بظروف متشابهة توضـّح مدى غربتهما عن ماضيهما ,, وعن اثر الزمن في علاقتهما ,, وفي مستقبلها ,,




المصدر: from بوابة السينما by See You
  • Currently 20/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
6 تصويتات / 321 مشاهدة
نشرت فى 4 مايو 2011 بواسطة foxrever

ساحة النقاش

عبدالوهاب اسماعيل

foxrever
»

ابحث

عدد زيارات الموقع

813,106

تسجيل الدخول