فراس حج محمد

موقع يختص بمنشورات صاحبه: مقالات، قصائد، أخبار

في الثقافة والمثقفين ليست أوجاعا فقط وإنما أوهام كذلك!!

فراس حج محمد

لا أدري كم يلزم الضميرُ الحيّ من زهر أو حجارة كي يصحو؟  ولا أدري كم ينتظر هذا الضمير تفشي العفن في أنحائه من وقت لكي يستعيد عافيته وتألقه؟ وكم يلزم من حبر وشك ويقين كي نقول الكلمة الأخيرة لنصل إلى بر الأمان؟ أم أنه لا برّ أمان في هذا الخواء المُعَبِّئ أجواء الروح المقتولة؟؟

آهة تلو أخرى، تظل تحرق زافرها كل مرة وهو يرى كل تلك المرارة في أروقة الثقافة والمثقفين، تفاجئك الحياة الثقافية "بكل ما لا تستطيع احتماله" فتحرق دماءك كلمات شاعر فقد البوصلة وأضاع النفس في الترهات وهو يظن أنه يحسن صنعا، تراه يكتب في التابوهات المحرمة منتهكا حرمات ومعتقدات، متلفعا بأوهام مدعاة للفاتنة المفتونة المدعوّة "حرية التعبير"، مستغلا ربما الجهل والسمعة والصيت والشهرة، ليكتب أوهاما تبعده عن مرفأ الفن الجميل ومرساة السعد الجليل.

هذا ما فاضت به المياه الآسنة في بحيرة "سعدي يوسف" الملطخة بحجارة من التاريخ في قراءة شعرية غير شاعرية وهو يكتب "عيشة بنت الباشا"، متناولا زواج السيدة عائشة رضى الله عنها أم المؤمنين من النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ليقول في النبي الكريم ما لم تتوقعه شياطين الإنس والجن وهم يوحون إلى بعضهم زخرف القول غرورا في الربط بين الصلاة والجنس والنظر للسيدة عائشة المطهرة الكريمة، ولن أسترسل في الشرح والتوضيح، يكفي ما قاله المنصفون في حق الرسول الكريم وفي حق زوجاته، ولكن يكفيني هنا أن أنوه لأمر مهم جدا ربما يتغاضى عنه السعدي يوسف وهو وجود قادة بعمر (15) سنة هجرية في التاريخ الإسلامي، وهم بعرف القانون الدولي اليوم أطفال، فهل سيعدّ السعدي يوسف قصيدة في الدفاع عنهم وقد زجهم الرسول الكريم للحرب والقتال، ولم يستمتعوا بطفولتهم التي قد يتباكى عليها هو أو غيره من الكتاب الموهومين!!

وما يعمق الإحساس بالألم هو أن هذا الشاعر قد فاز بجائزة نجيب محفوظ مؤخرا، وهو ليس بذلك الشاعر الذي لا يشقّ له غبار، بل إن له نصوصا قد يستغرب المرء كيف يعترف بها شاعر له هذه القامة، وقد وقفت قبل سنوات على شيء من منشوره، فأبديت الأسف؛ إذ كيف يكون هذا شعرا؟ أم أنه كما تقول جدتي رحمها الله (إن طِلِع صيتك حُط راسك ونام)، وهذا يجعل المرء يقف حائرا أمام تلك الجوائز التي تنثر أمام هؤلاء هنا وهناك وتذهب لغير من يستحقها، فقط تعطى لمن يعاند أكثر أو يشاكس أو يهذي، هذا ما أصبحت مقتنعا به للأسف، ويتعمق كل يوم مع إعلان الفائزين بجوائز العار الثقافية.

ولم تخرج القصيدة محل هذا المقال "عيشة بنت الباشا" عن تلك القصائد التي أسال حبرها السعدي يوسف في أوراقه الحداثية، وأعيد هنا ما قاله عنها أستاذ الأدب والنقد بكلية آداب عين شمس الدكتور إبراهيم عوض إنها «بلا قيمة من الناحية الفنية، ويخلط فيها الكلام السوقي الذي تردده العامة في الشارع، مع مقاطع ألفها بنفسه ليس فيها فن ولا ذوق ولا خيال محلق». (نقلا عن صحيفة الدستور الأردنية، 21/12/2013).

هذا جانب معتم من جوانب حياتنا الثقافية، فهل من رادع أو مصحح أو من يتقي الضمير الحيّ بعيدا عن عرض العضلات في الاعتقاد والتكفير والإرهاب؟ لماذا لا يكون لكلٍّ ما يعتقده بعيدا عن إثارة مشاعر الآخرين أم أن وهم الكبار يجعلهم فوق المنطق والقانون؟ اتقوا أنفسكم فإنها خدّاعة!!   

المصدر: فراس حج محمد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 127 مشاهدة
نشرت فى 21 ديسمبر 2013 بواسطة ferasomar

فراس عمر حج محمد

ferasomar
الموقع الخاص بــ "فراس حج محمد" »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

569,285

فراس حج محمد

نتيجة بحث الصور عن فراس حج محمد كنانة أون لاين

من مواليد مدينة نابلس في فــلسطين عــام 1973م، حاصل على درجة الماجستير في الأدب الفلسطيني الحديث من جامعة النجاح الوطنية. عمل معلما ومشرفا تربويا ومحاضرا غير متفرغ في جامعة القدس المفتوحة. 

عمل محررا لغويا في مجلتي الزيزفونة للأطفال/ رام الله، وشارك في إعداد مواد تدريبية في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، وكان عضوا في هيئة تحرير مجلة القانون الدولي الإنساني/ الإصدار الثاني الصادرة عن وزارة التربية والتعليم في فلسطين.

نشر العديد من المـقالات والقـصائد في مـجالات النشر المختلفة الإلـكترونية والصحف والمجلات في فلسطين والوطن العربي وبريطانيا وأمريكا وكندا والمكسيك. وشارك في ندوات وأمسيات شعرية ومؤتمرات في فلسطين.

الكتب المطبوعة: 

رسائــل إلى شهرزاد، ومــن طقوس القهوة المرة، صادران عن دار غُراب للنشر والتوزيع في القاهرة/ 2013، ومجموعة أناشيد وقصائد/ 2013، وكتاب ديوان أميرة الوجد/ 2014، الصادران عن جمعية الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل/ رام الله، وكتاب "دوائر العطش" عن دار غراب للنشر والتوزيع. وديوان "مزاج غزة العاصف، 2014، وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في القصة القصيرة جدا- دار موزييك/ الأردن وديوان "وأنت وحدك أغنية" عن دار ليبرتي/ القدس وبالتعاون مع بيت الشعر في فلسطين، وكتاب "يوميات كاتب يدعى X"، وكتاب "كأنها نصف الحقيقية" /الرقمية/ فلسطين، وكتاب "في ذكرى محمود درويش"، الزيزفونة 2016، وكتاب "شهرزاد ما زالت تروي- مقالات في المرأة والإبداع النسائي"، الرقمية، 2017، وديوان "الحب أن"، دار الأمل، الأردن، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في الرواية"، مكتبة كل شي، حيفا، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في متنوع السرد"، مؤسسة أنصار الضاد، أم الفحم، 2018، وديوان "ما يشبه الرثاء"، دار طباق للنشر والتوزيع، رام الله، 2019، وكتاب "بلاغة الصنعة الشعرية"، دار روافد للنشر والتوزيع، القاهرة، 2020. وكتاب "نِسوة في المدينة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2020. وكتاب "الإصحاح الأوّل لحرف الفاء- أسعدتِ صباحاً يا سيدتي"، دار الفاروق للنشر والتوزيع، نابلس، 2021. وكتاب "استعادة غسان كنفاني"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2021، وكتيّب "من قتل مدرّس التاريخ؟"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2021. وديوان "وشيء من سردٍ قليل"، وزارة الثقافة الفلسطينية، رام الله، 2021. وديوان "على حافّة الشعر: ثمّة عشق وثمّة موت"، دار البدوي، ألمانيا، 2022. وكتاب "الكتابة في الوجه والمواجهة"، الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمان، 2023. وكتاب "متلازمة ديسمبر"، دار بدوي، ألمانيا، 2023. وكتاب "في رحاب اللغة العربية"، دار بدوي، ألمانيا، 2023، وكتاب "سرّ الجملة الاسميّة"، دار الرقمية، فلسطين، 2023. وكتاب "تصدّع الجدران- عن دور الأدب في مقاومة العتمة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمّان، 2023، وديوان "في أعالي المعركة"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2023، وكتاب "مساحة شخصية- من يوميات الحروب على فلسطين"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "الثرثرات المحببة- الرسائل"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024.

حررت العديد من الكتب، بالإضافة إلى مجموعة من الكتب والدواوين المخطوطة. 

كتب عن هذه التجربة الإبداعية العديد من الكتاب الفلسطينيين والعرب، وأجريت معي عدة حوارات ولقاءات تلفزيونية.