وخزة ضمير
تحبون جلد الذات!!
فراس حج محمد
دائما يفاجئني الفيس بوك بما شذ وعاب، وبكل مصاب، مفتوح على أفق أسود من مراجل العذاب، يعود الكثيرون إلى تسويق مقولة سئمت أنا شخصيا من سماعها، نقلت عن أحد الناس عندما ذهب إلى الغرب في مطلع ما عرف بالنهضة، وبداية مساءلة التخلف العربي الشامل، أنه رأى هناك في الغرب إسلاما بدون مسلمين، وفي بلادنا مسلمون بدون إسلام، أخذنا هذه المقولة الشنعاء، فظهر صداها في كتاباتنا وقناعاتنا؛ فصرنا نرى الغرب هم النموذج للتقدم والازدهار والحضارة، وأصبحنا نحقر الذات، ونستهين بقدرتنا، فعم اليأس، وساهم ذلك في بُعْدِ الأجيال عن معالي الهمة، فإذا كانت هذه هي حال الأمة فلماذا العمل؟ ساهمنا بتدمير أنفسنا، فنجحوا وفشلنا، ووصلوا وتأخرنا، هذا هو لسان حالنا ومقالنا، وبقينا نندب حظنا، واكتفينا بالصراخ والعويل الكاذب، ولم نعمل شيئا لمصلحة هذا الطريح المسمى "أمة"، فأشرعنا سكاكيننا المسمومة لتنهش الجسد والروح، وغفلنا عن دورنا!
لسنا بهذا السوء الذي يعتقده البعض، كما أننا لسنا ملائكة أطهارا منزهين، ولكن لا يحق لأحد أن يحقر الأمة وأن يفعل ما يفعله، ومن شاء أن يجلد الذات فعليه أن يسائل نفسه قبلا ماذا قدم لهذه الجريحة؟؟
فلماذا نعيب أنفسنا أننا مستهلكون غير منتجين، ولا نستخدم إلا ما هو تافه وعقيم من أفلام إباحية وسماع الأغاني ومشاهدة البرامج المقيتة، ونقضي الوقت في الشجار، ونبتعد عن القراءة، حتى غدونا مقتنعين بأن أمة "اقرأ لا تقرأ"؟ هذه هي الكارثة!!
رويدكم قليلا، وتنبهوا، فمن يصنع تلك الأفلام الإباحية ويروج لها؟ أليسوا هم؟ من يقضي الأوقات والساعات الطويلات في تصميم الأزياء للفتيات؟ أليسوا هم؟ ومن يبرمج الجوال للأغاني والفيديوهات؟ أليسوا هم؟ هل يعقل أنهم فعلوا كل ذلك ولا ينفقون وقتا لاستخدامه؟ إنهم مهووسون بكل ما هو استهلاكي، فانظروا إلى الحياة في الغرب كيف هيَ، وستعرفون الحقيقة، لماذا تقتطعون وتمنتجون وتسوقونهم أنهم أفضل منا؟
إنها هي حالة المأزوم والمهزوم ، انهزم من داخله، فأصبح يعيش التخبط والتردي والانحطاط، لم يفرق ما بين غث وسمين، انخرط في أوهام أحاطت به من كل جانب، ونهشت لحم أفكاره، فجردت لحم الفكر، وهشمت عظام الرؤى، لنصبح كائنات هلامية بلا ملامح ولا شخصية إلا ما انعكس على المرايا من وجوه الآخرين، غدونا خليطا عفنا لكل فكرة شوهاء عوجاء سقيمة مرذولة دخيلة، لندعي بعدها أننا مثقفون!!
جريمة أخرى تضاف إلى جرائمهم أننا صدقناهم ورأيناهم بأبهى صورة، واقتنعنا أننا أسوأ شعوب الأرض، فاتقوا الله!! وتذكروا (من قال هلك الناس فهو أهلكهم) فبشروا ولا تنفروا، ولا تدخلوا وراءهم جحور الضب، وتدخلونا المتاهات والدهاليز، كفى قتلا للروح المعنوية للأمة، ورحم الله امرأ قال خيرا فغنم، أو سكت فسلم!