كتاب يحكي تفاصيل "من طقوس القهوة المُرّة"
ناشرون فلسطينيون/ حزيران- 2013
عن دار غراب للطباعة والنشر صدر مؤخرا كتاب "من طقوس القهوة المرة" للكاتب الفلسطيني فراس حج محمد، ويقع الكتاب في (244) صفحة من القطع المتوسط. وقد تصدر الكتاب بإهداء إلى تلك المحبوبة التي يتخيلها في متن الكتاب وقد شاركته شرب فنجان من القهوة الصباحية على أنغام فيروز، فجاء الإهداء جامعا لكل تلك الطقوس التي يريدها الكاتب.
وقدم الكاتب نفسه للكتاب بمقال عن "دلالات القهوة الاجتماعية والثقافية"، جاء فيه "ولعل أجمل أوقات احتسائها يكون صباحا قبل التوجه للعمل، فشعور لا يوصف وأنت تحتسي فنجانا من القهوة معدا بهدوء وإحساس عال، وخاصة إذا احتسيت هذا الفنجان على أنغام موسيقى فيروزية صباحية يشاركك فيها من تحب وتهوى، ...، وكأن كل رشفة من ذلك الفنجان رشفة من رضاب أنثوي تحبه ويحبك، ويبادلك مشاعر الحبّ والوفاء".
وقبل الدخول إلى عوالم الكتاب والبدء بتلك الطقوس تأتي "العتبة الشعرية"، التي يقرن فيها الكاتب بين القهوة والنبيذ، ليصل إلى اكتمال الحقيقية بوصال المحبوب مع محبوبته، وتسلمنا هذه العتبة إلى أول فصول الكتاب، والذي جاء تحت عنوان: "هي وقهوتها"، فيتحدث عبر سلسلة من النصوص النثرية عن تلك الطقوس التي تخيلها مع امرأة يريد أن يشرب معها فنجانا واحدا، "ففنجان واحد من القهوة يكفي"، لتصل أخيرا لمشهد يحمل من الألم ما يحمل، معلنا آخر ما قالته صاحبة الطقوس وصانعتها، وقد ودعته قائلة:
{أتمنى أن تجد نكهة قهوتك كما تحلم، في عالمك أنت وحدك، فقد رغبتُ بالابتعاد كوني لن أسعدك، ولن تجد سعادتك معي، أنت تحب شهرزادك كما أردتها، وبيني وبينها مساحة واسعة، هي بعد السماء عن الأرض، لا أريد لك الألم ولا الحزن، أتذكر حين قلت لك إن الموت ممكن أن يخطفني منك هذا ما يسيطر علي الآن، لا أتمنى أن تحزن وستعرف ذلك يوما ما، وستسامحني.}
ولكنها لم ترحل، وبقيت منها بعض الظلال و"المشاهد القصصية"، وذلك في الفصل الثاني من الكتاب، ليرصد الكاتب في هذه المشاهد ظلالها المترائية كالطيف، بنصوص قاربت فن القصة القصيرة، وذلك في (18) نصا متنوعا بين السرد والوصف والحوار.
وفي الفصل الأخير بعنوان "أصداء"، تتشرذم اللغة، وتضيق العبارة، ليكتب من تلك الأصداء (150) نصا قصيرا، قال عنها الكاتب إنها "محاولة في الكتابة الشذرية"، لخص فيها حالات شعورية مرّ بها، على وقع صاحبة الظلال، التي تركته، ورحلت ولم يبق منها سوى الظل، والوجع الحزين، فتأتي القصيدة الأخيرة أليمة في أوجاعها، وما تفيض به من حزن، وقد حقّ للكاتب أن يعنونها بـ (أبجدية الحزن)، وبهذا يقدم الكاتب مشهدا متكاملا عن تلك الطقوس، التي تمناها مع امرأة الطقوس، فكانت تلك التفاصيل تؤلف ما يشبه الرواية في كتاب "من طقوس القهوة المرة"، ولكنها ليست رواية بالمفهوم الفني للرواية، ولكنها رواية لفصل آخر من فصول علاقته بتلك المرأة التي بدأها بـ "رسائل إلى شهرزاد"، وربما لن تنتهي بطقوس القهوة المرة.