فراس حج محمد

موقع يختص بمنشورات صاحبه: مقالات، قصائد، أخبار

authentication required

_______________________________________________

 

هل الكتابة وهم آخر يا شهرزاد؟

فراس حج محمد

يا لشقاء النفس ويأسها ويا لبؤس حالها! إن كلمات الرثاء المفجعة الموجعة لن تستطيع أن تحمل ما في النفس من بلاء، كيف للكلمات الواهية أن تحمل المعاني الكبيرة، تضيق عن استيعابها فيبقى المعنى في اللاوعي جارحا، لا يخرج كما يريد صاحبه فيظل تعبا وقلقا، فلم يكن بمقدور الكتابة أن تحمل أوزاره وأدواءه.

سؤال أطرحه على نفسي في اليوم عشرات المرات، ما نفع الكتابة يا شهرزاد؟ ما نفع كل الحروف النابضات التي حملتها أشجاني حتى ذابت حنينا وصارت ترجو أن تبتعد عني لتتخلص من أوهامي؟ ما نفع الرسائل المباشرة وغير المباشرة التي تزجيها الروح حارة كل ليلة ولم تلق الاستجابة المنتظرة؟

يا شهرزاد لقد حولتني الكتابة شخصا مصلوبا في الوهم منتظرا قادما لعله لن يكون حلما مرسوما ذات غفوة شهية في منام كريم تسعدني طيوفك وعطورك الأنثوية فيه. ومع ذلك لا أستطيع أن أتراجع، فالكتابة هي وحدها من أناجي روحك فيها غائبة وحاضرة بعيدة وقريبة واصلة وهاجرة، ففي كل أحوالك كانت الكتابة رفيقتي وعدتي وعتادي وكل ما أملك! فلست على استعداد أن أخسر آخر حصون أوهامي التي تجعلك شبحا يتراءى لي كل ثانية في حروف اللغة الثماني والعشرين، فكلها صارت تشبه حروفك، حروفك هي وحدها سيدة المعاني والمباني والبقية جوقة تعزف ألحان السنا لتقدمها فداءً لكل حرف سكن في مبنى اسمك الشفاف وزنا ومعنى، يا لك من سيدة في الروح غيابا وحضورا!!

تزداد النفس وجعا مع كل حرف تخطه الأنامل المرتعشة عندما تمررين رهيف نسائمك المنسابة من بين أسطرها، تبدين كنجمة متلألئة يغمر نورها نواحي الأوراق المستكينة، تتبلجين وتخطرين في سماءات الجنون كأنك بعض رؤيا، لم أعد أرى شيئا يا شهرزاد جاء النور وفاض عن حد الاحتمال، وتحولت الكتابة إلى ظل باهت، فما نفعها إذن إن كنت أكبر من حروف المعجم ومن معاني الأفكار!!

أعلن هنا أنك الفاتنة والمفتونة في آن، جرعتني حتى الثمالة خمرة الأماني فربت العواطف عن حد اشتعالها وترنمت تهذي بحبك كل ثانية تقول: ما أروع الروح التي تغفو بسلم بين جنبيك الحريريين المهفهفين المسبلين على أبنوسات من مرايا الصفاء اللؤلي الشفيف كأنه قطعة من ماس، يا لوجع النفس أن تكوني هكذا وتفرين من بين أصابعي سرابا ووهما.

فتنت الروح يا سيدة الروح، فهل لي أن أتخذ الكتابة تعويضا نفسيا قاهرا عن تلك الخسارة في بعد يفتت الأمل إلى ذرات من مجامر اللهيب ليشعل الجوى شوقا غير منتهٍ؟! إنها حالة من وهم لا تبرح تعذب النفس بكرة وأصيلا!!

إن الكتابة يا شهرزاد هي مجمرة أخرى من مجامر الوهم، ولكنني لن أتوقف عن خوض غمار الوهم حتى النهاية المحتومة، فإما الحب وإما الموت حبا لا بديل، ولا خيار، ولا تبديل لخيار القلب، وإن أشقته الأحلام، وتخايلت له أوهاما جائعة لبعض ماء من سراب الحقيقة!! 

 

 

المصدر: خاص بالكاتب فراس حج محمد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 170 مشاهدة
نشرت فى 23 نوفمبر 2012 بواسطة ferasomar

فراس عمر حج محمد

ferasomar
الموقع الخاص بــ "فراس حج محمد" »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

723,488

فراس حج محمد

نتيجة بحث الصور عن فراس حج محمد كنانة أون لاين

من مواليد مدينة نابلس في فــلسطين عــام 1973م، حاصل على درجة الماجستير في الأدب الفلسطيني الحديث من جامعة النجاح الوطنية. عمل معلما ومشرفا تربويا ومحاضرا غير متفرغ في جامعة القدس المفتوحة. 

عمل محررا لغويا في مجلتي الزيزفونة للأطفال/ رام الله، وشارك في إعداد مواد تدريبية في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، وكان عضوا في هيئة تحرير مجلة القانون الدولي الإنساني/ الإصدار الثاني الصادرة عن وزارة التربية والتعليم في فلسطين.

نشر العديد من المـقالات والقـصائد في مـجالات النشر المختلفة الإلـكترونية والصحف والمجلات في فلسطين والوطن العربي وبريطانيا وأمريكا وكندا والمكسيك. وشارك في ندوات وأمسيات شعرية ومؤتمرات في فلسطين.

الكتب المطبوعة: 

رسائــل إلى شهرزاد، ومــن طقوس القهوة المرة، صادران عن دار غُراب للنشر والتوزيع في القاهرة/ 2013، ومجموعة أناشيد وقصائد/ 2013، وكتاب ديوان أميرة الوجد/ 2014، الصادران عن جمعية الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل/ رام الله، وكتاب "دوائر العطش" عن دار غراب للنشر والتوزيع. وديوان "مزاج غزة العاصف، 2014، وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في القصة القصيرة جدا- دار موزييك/ الأردن وديوان "وأنت وحدك أغنية" عن دار ليبرتي/ القدس وبالتعاون مع بيت الشعر في فلسطين، وكتاب "يوميات كاتب يدعى X"، وكتاب "كأنها نصف الحقيقية" /الرقمية/ فلسطين، وكتاب "في ذكرى محمود درويش"، الزيزفونة 2016، وكتاب "شهرزاد ما زالت تروي- مقالات في المرأة والإبداع النسائي"، الرقمية، 2017، وديوان "الحب أن"، دار الأمل، الأردن، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في الرواية"، مكتبة كل شي، حيفا، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في متنوع السرد"، مؤسسة أنصار الضاد، أم الفحم، 2018، وديوان "ما يشبه الرثاء"، دار طباق للنشر والتوزيع، رام الله، 2019، وكتاب "بلاغة الصنعة الشعرية"، دار روافد للنشر والتوزيع، القاهرة، 2020. وكتاب "نِسوة في المدينة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2020. وكتاب "الإصحاح الأوّل لحرف الفاء- أسعدتِ صباحاً يا سيدتي"، دار الفاروق للنشر والتوزيع، نابلس، 2021. وكتاب "استعادة غسان كنفاني"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2021، وكتيّب "من قتل مدرّس التاريخ؟"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2021. وديوان "وشيء من سردٍ قليل"، وزارة الثقافة الفلسطينية، رام الله، 2021. وديوان "على حافّة الشعر: ثمّة عشق وثمّة موت"، دار البدوي، ألمانيا، 2022. وكتاب "الكتابة في الوجه والمواجهة"، الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمان، 2023. وكتاب "متلازمة ديسمبر"، دار بدوي، ألمانيا، 2023. وكتاب "في رحاب اللغة العربية"، دار بدوي، ألمانيا، 2023، وكتاب "سرّ الجملة الاسميّة"، دار الرقمية، فلسطين، 2023. وكتاب "تصدّع الجدران- عن دور الأدب في مقاومة العتمة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمّان، 2023، وديوان "في أعالي المعركة"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2023، وكتاب "مساحة شخصية- من يوميات الحروب على فلسطين"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "الثرثرات المحببة- الرسائل"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "فتنة الحاسة السادسة- تأملات حول الصور"، دار الفاروق للثقافة، نابلس، 2025. 

حررت العديد من الكتب، بالإضافة إلى مجموعة من الكتب والدواوين المخطوطة. 

كتب عن هذه التجربة الإبداعية العديد من الكتاب الفلسطينيين والعرب، وأجريت معي عدة حوارات ولقاءات تلفزيونية.