إحساسات فادحة
أُمْنِيَةُ القتيل
فراس حج محمد/فلسطين
وصلتْ نهايتها القلوبُ المنكِرةْ،
وتدحرجتْ فيها مهاوي المستحيلْ
وتبدلت أثوابها
ثوباً توشحه سماءات العليلْ
***
وصلت لغرفة موتها كلُّ الرسائل
في تجليها القتيلْ
وتسربلت بغثاء رؤيا وردة تاهت
تفتش في دمي
سكنت بقايا الروح في أشلائها البلهاءِ،
تستجدي الدليلْ
****
وصلت إلى لَحْدِ الجنونِ
فأشعلت أوراقها معْ هبة الريح
التي صدعتْ بأنات الجريحِ
مولّها بالسهدِ في ليل طويلْ
وصلتْ إلى كمدي الحرونْ
حرّى يصيح بها العبثْ
وتعيد رسم تولُّهي حرفا شقيا
ماجن الأحلامِ
ظمآنا على وتر الصهيلْ
****
وصلت لرفعِ ملامحي شبحاً
على درج التلظي المستكينْ
كتبت بآخر جملة:
"أنت الشقيّ الكاتب الذكرى على لوح الجليد"!!
"ارحل وخلِّ الموت يعصفُ بالأنا"
"ما عدتَ لي حُلُماً تنام بأضلعي"
"وغيابك القسريُّ أشهى ما تجود به الطوالعُ والقدرْ"
"ما عدتَ لي"!!
"ما عدتَ لي"!!
فتحللت من وعدها المرقوم أوهاما
على درب السفرْ
***
وصلت لتنكر كل إحساسٍ جميلْ
وصلت لتقتل بوح أنفاسي،
وتشعلني عيونا في تصاوير القمرْ
وصلت ليكتبنا الهوى زبدا
تتطايرَ في متاهات الظنونْ
وصلت لترحلَ من جديدْ
وصلت لتسكن في البعيدْ
وصلت لتسبح في فضاء غائمٍ
صادٍ، تَوجُّعُهُ مديدْ
وصلت إلى ما بعد خطِّ المستحيلْ
***
يا ليتها بقيت جمالا سابحا في الأخيلةْ
ما عذّبتني في جحيم الأسئلة!!
ما كنتُ مضطراً إلى رصد الهوى
رقماً تدلى في غبار الأمثلة!!
يا ليتني أبقيتُ نفسي في توجسها البصيرْ!!
ما كنتُ مرمياً نحيلا شاحبا عاري الرحيلْ
يا ليتها ظلت تنام بخاطري شبه الملاكِ،
الطاهر المجبولِ من ورد ونورْ
يا ليتني ما كنتُ فاتح أمنياتي بالتناقض
والنفورْ
يا ليتها انكفأت صباباتي على أحلام آمال
يدفئها الترجي
صامتا راضٍ حسيرْ
يا ليتها بقيت هناك بسر نفسي
لا أحدث عن تماهيّ المثيرْ
لأرحت نفسي من لظى أشقى الزمانَ
بعقدة ربطت على قلبي الكسيرْ
ما نفع ليت وألف ليتٍ ميّتٍ
من بعد ليلٍ قمطيرٍ سابح في سيل
لأولاءٍ تسيلْ!!
***
وصلت نهايتها
نهايةُ كل أمر مستحيلْ
ذكرى، وشوقٌ، واشتعال في الصورْ
هِيَ لا تموتْ/ هِيَ لا تموتْ/ هِيَ لا تموتْ
هي كلُّ أحلامي القتيلةْ
هِيَ كلُّ أُمْنِيَةُ الْقَتِيْلْ!!