فراس حج محمد

موقع يختص بمنشورات صاحبه: مقالات، قصائد، أخبار

يتناول تجارب أربعة من الشعراء العرب:

"من غزة إلى الشتات... 'نقش فلسطيني' يجمع أطياف الشعر"

تقرير: فراس حج محمد

صدر مؤخراً عن دار الرعاة للدراسات والنشر في رام الله للناقد الفلسطيني رائد الحواري كتاب جديد بعنوان "نقش فلسطيني"، يدرس المؤلف فيه أدب أربعة من الشعراء، وهم مأمون حسن (الأردن)، وجواد العقاد (غزة)، وصلاح أبو لاوي (الأردن)، وسامي عوض الله البيتجالي (الولايات المتحدة الأمريكية)، ويقع الكتاب في (251) صفحة.

إن عملية جمع هذه الأطياف المتنوعة من الشعراء تحت عنوان واحد هو عمل يتجاوز مجرد التحليل الأدبي. فالعنوان "نقش فلسطيني" يمثّل استعارة ذات دلالة فنية وتاريخية لعملية تثبيت وتوثيق الوعي والهوية في وجه محاولات الطمس والتشرذم. عندما يقوم الناقد بربط تجربة شاعر شاب من غزة، التي تعيش ويلات الحرب، بشاعرين من الأردن وآخر من الشتات، فإنه يؤكد أن الهوية الفلسطينية هي نسيج واحد يمتد عبر الزمان والمكان.

استمد المؤلف عنوان كتابه من إحدى قصائد الشاعر صلاح أبو لاوي، ويقول في مقدمته عن ذلك: "اخترت عنوان إحدى قصائد الشاعر صلاح أبو لاوي، ورأيت أنها تمثل ما يحتويه الكتاب من التفات إلى شعر وتجارب تأخذ حضورها عبر فلسطين والقضية والوعي لتنقش على صفحة الإبداع موقفا والتزاما ورؤية ميزت الشعراء موضوع هذا الكتاب".

يخصص الكتاب فصله الأول لقراءة مجموعة من نصوص الشاعر مأمون حسن (1953)، المولود في مدينة الزرقاء الأردنية، ويقف عند اثني عشر نصا شعريا ونثرياً موزعة ما بين القصيدة والومضة والقصة، في حين اشمل الفصل الثاني على ستة عشر قراءة لأدب الشاعر جواد العقاد (1998) ابن قطاع غزة الذي بقي فيه رغما عن الحرب المستعرة منذ أكتوبر 2023، فتناول ديوانين من دواوين الشاعر، وكتاب تأملات في الصوفية الجمالية، وثلاثة عشر نصا آخر موزعة ما بين القصة والقصيدة.

أما الشاعر صلاح أبو لاوي (1963) المولود في الأردن، فيخصص له الحواري الفصل الثالث بواقع عشر وقفات تحليلية تتناول ديوانين من دواوين الشاعر ومجموعة من قصائده الثورية المقاومة، ليختتم الكتاب بالفصل الرابع المشتمل على ثماني قراءات في شعر سامي عوض البيتجالي (1955) المولود في مدينة بيت جالا الفلسطينية، وتناول المؤلف فيه ديوانا من دواوين الشاعر وسبع قصائد أخرى له.

تتنوع التجارب الأدبية للشعراء في قراءات هذا الكتاب، فجمع ما بين قراءة أدب الجيل الجديد الشاب المتمثل في الشاعر والكاتب جواد العقاد، وما بين أدب جيل السبعينيات والثمانينيات الشعري، إضافة إلى التنوع الجغرافي، ما بين الأردن وغزة، والشتات؛ حيث يقيم الشاعر البيتجالي. هذان المحددان: الزمني والمكاني يمنحان الكتاب تنوعا في رصد التجربة الشعرية وحساسياتها الفنية إضافة إلى تنوع النصوص ما بين النثر والشعر وما بين الديوان والنص المنفرد، وما بين الومضة والقصة القصيرة.

إن هذا الاختيار يثبت أن الشعر الفلسطيني مرآة تعكس تجربة الإنسان الفلسطيني بكل تعقيداتها وتشعباتها. إذ لا يقتصر هذا العمل النقدي على التحليل الفني للنصوص، بل هو أداة لحفظ وتوثيق الذاكرة والتجربة الوطنية. إن "النقش" على "صفحة الإبداع" كما يصفه الحواري في مقدمته، هو بمثابة تخليد للتجربة الفلسطينية في مواجهة محاولات طمسها، مما يمنح الكتاب بعدًا أعمق من كونه عملا نقديا تحليلياً.

ويمتاز أسلوب الناقد الحواري في هذا الكتاب بالتحليل النصي والكشف عن جماليات النصوص الأدبية وما تختزنه من طاقة شعرية وفنية، مهتماً بدلالة الألفاظ في سياقاتها وتعبيرها عن المضمون، عدا أن الناقد نوّع في اختياراته للنصوص والكتب المدروسة ما بين النص الوطني والوجداني، هذا التنوع يؤكد أن الشعر الفلسطيني ليس أحادي الوظيفة، بل يتعدد في مجالات الصراع من أجل البقاء والنضال، ومن أجل الحرية، ومناقشة المشاعر الإنسانية الداخلية والتأملات الجمالية.

إن قوة الشعر الفلسطيني تكمن في قدرته على الجمع بين الأبعاد الوطنية والفنية، وهو ما سعى الناقد إلى إبرازه. إن الشعر هنا يعمل كوثيقة تاريخية وفنية في آن واحد، فهو يروي التاريخ من خلال تجارب الأفراد، ويخلد هذه التجارب في قالب فني رفيع.

ومن جانب آخر، يُعدّ كتاب "نقش فلسطيني" بحد ذاته مشروعًا نقديًا مهمًا يجمع بين الأدب والمقاومة والتوثيق، ويعزز فكرة الهوية الفلسطينية الموحدة عبر تنوعها الجغرافي والأجيالي. إن هذا العمل النقدي يسهم في تخليد الوعي الفلسطيني عبر الإبداع، مما يجعله إضافة حقيقية إلى المكتبة النقدية العربية والفلسطينية، لما له من دور في سد الفجوة النقدية في تناول هذه الأصوات الشعرية من خلال تقديمه مقاربات تحليلية جديدة، وكونه أول عمل نقدي يجمع تجارب هؤلاء الشعراء في عمل واحد ما يتيح المقارنة بين هذه الأصوات في الشكل الفني والموضوع المطروح، فقد حرص الناقد أن يوفر النصوص المدروسة لتكون بين يدي القراء والنقاد أيضاً، فيقدم الكتاب مع النظرة التحليلية النقدية النصوص نفسها، ليتيح للآخرين إبداء رأيهم في تلك النصوص، ولتشكل معا، ما يشبه الأنطولوجيا المصغرة لأدب الشعراء المستهدفين بالدراسة، وعزز هذين الأمرين بسيرة إبداعية مختصرة لكل شاعر منهم. وبذلك يكون الكتاب قد وضع خطوطا عامة حول أدبهم، تساعد الباحثين في دراساتهم المنهجية لأدب هؤلاء الشعراء.

التقرير في صحيفة العرب اللندنية

صحيفة القدس| فلسطين

المصدر: فراس حج محمد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 194 مشاهدة
نشرت فى 24 أغسطس 2025 بواسطة ferasomar

فراس عمر حج محمد

ferasomar
الموقع الخاص بــ "فراس حج محمد" »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

965,775

فراس حج محمد

نتيجة بحث الصور عن فراس حج محمد كنانة أون لاين

من مواليد مدينة نابلس في فــلسطين عــام 1973م، حاصل على درجة الماجستير في الأدب الفلسطيني الحديث من جامعة النجاح الوطنية. عمل معلما ومشرفا تربويا ومحاضرا غير متفرغ في جامعة القدس المفتوحة. 

عمل محررا لغويا في مجلتي الزيزفونة للأطفال/ رام الله، وشارك في إعداد مواد تدريبية في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، وكان عضوا في هيئة تحرير مجلة القانون الدولي الإنساني/ الإصدار الثاني الصادرة عن وزارة التربية والتعليم في فلسطين.

نشر العديد من المـقالات والقـصائد في مـجالات النشر المختلفة الإلـكترونية والصحف والمجلات في فلسطين والوطن العربي وبريطانيا وأمريكا وكندا والمكسيك. وشارك في ندوات وأمسيات شعرية ومؤتمرات في فلسطين.

الكتب المطبوعة: 

رسائــل إلى شهرزاد، ومــن طقوس القهوة المرة، صادران عن دار غُراب للنشر والتوزيع في القاهرة/ 2013، ومجموعة أناشيد وقصائد/ 2013، وكتاب ديوان أميرة الوجد/ 2014، الصادران عن جمعية الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل/ رام الله، وكتاب "دوائر العطش" عن دار غراب للنشر والتوزيع. وديوان "مزاج غزة العاصف، 2014، وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في القصة القصيرة جدا- دار موزييك/ الأردن وديوان "وأنت وحدك أغنية" عن دار ليبرتي/ القدس وبالتعاون مع بيت الشعر في فلسطين، وكتاب "يوميات كاتب يدعى X"، وكتاب "كأنها نصف الحقيقية" /الرقمية/ فلسطين، وكتاب "في ذكرى محمود درويش"، الزيزفونة 2016، وكتاب "شهرزاد ما زالت تروي- مقالات في المرأة والإبداع النسائي"، الرقمية، 2017، وديوان "الحب أن"، دار الأمل، الأردن، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في الرواية"، مكتبة كل شي، حيفا، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في متنوع السرد"، مؤسسة أنصار الضاد، أم الفحم، 2018، وديوان "ما يشبه الرثاء"، دار طباق للنشر والتوزيع، رام الله، 2019، وكتاب "بلاغة الصنعة الشعرية"، دار روافد للنشر والتوزيع، القاهرة، 2020. وكتاب "نِسوة في المدينة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2020. وكتاب "الإصحاح الأوّل لحرف الفاء- أسعدتِ صباحاً يا سيدتي"، دار الفاروق للنشر والتوزيع، نابلس، 2021. وكتاب "استعادة غسان كنفاني"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2021، وكتيّب "من قتل مدرّس التاريخ؟"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2021. وديوان "وشيء من سردٍ قليل"، وزارة الثقافة الفلسطينية، رام الله، 2021. وديوان "على حافّة الشعر: ثمّة عشق وثمّة موت"، دار البدوي، ألمانيا، 2022. وكتاب "الكتابة في الوجه والمواجهة"، الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمان، 2023. وكتاب "متلازمة ديسمبر"، دار بدوي، ألمانيا، 2023. وكتاب "في رحاب اللغة العربية"، دار بدوي، ألمانيا، 2023، وكتاب "سرّ الجملة الاسميّة"، دار الرقمية، فلسطين، 2023. وكتاب "تصدّع الجدران- عن دور الأدب في مقاومة العتمة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمّان، 2023، وديوان "في أعالي المعركة"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2023، وكتاب "مساحة شخصية- من يوميات الحروب على فلسطين"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "الثرثرات المحببة- الرسائل"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "فتنة الحاسة السادسة- تأملات حول الصور"، دار الفاروق للثقافة، نابلس، 2025، وكتاب "الصوت الندي- تأملات في الأداء والأغاني"، دار الرعاة وجسور الثقافية، رام الله وعمّان، 2025، وكتاب "الإنقاص البلاغي- المفهوم والتطبيق"، مكتبة كل شيء، حيفا، 2025. الإصدارات الإلكترونية: كتاب "في ذكرى محمود درويش"، الطبعة الثانية المنقحة، إصدار شخصي، 2025، وكتاب "صدى النص- رحلة القصيدة من الكتابة حتى التحليل الإلكتروني"، إصدار شخصي، 2025، وكتاب "في النقد والنقد المضاد- على هامش كتاب "المشهد الروائي الفلسطيني"، إصدار شخصي، 2025، و كتاب " Translations About Firas Haj Muhammad"، ناشرون فلسطينيون، 2025، وكتاب "السخرية في الشعر الفلسطيني المقاوم بين عامي 1948- 1993"، ناشرون فلسطينيون، 2025.

حررت العديد من الكتب، بالإضافة إلى مجموعة من الكتب والدواوين المخطوطة. 

كتب عن هذه التجربة الإبداعية العديد من الكتاب الفلسطينيين والعرب، وأجريت معي عدة حوارات ولقاءات تلفزيونية.