في تأمّل تجربة الكتابة
رام الله تستحق أن تعود مدينة عادية
فراس حج محمد| فلسطين
الكاتب خليل ناصيف، صديق هادئ، وملاحظ جيد، يعرف أكثر مما ينبغي أن يعرف المثقف في هذا الزمن، ذكرني بمنشور له حول مدينة رام الله، بوصفها مدينة ديستوبيا. نشر رأيه يوم الأربعاء 8/5/2024 على الفيسبوك، واطلعت عليه، بعد يوم واحد، ولم يحز المنشور إلا على أربعة وثلاثين تفاعلاً، واثني عشر تعليقاً، حتى لحظة هذه الكتابة، ولا أريد أن أفسر الأسباب المحتملة لضعف التفاعل والتعليق، لكن من يعرف مجتمع الكتّاب سيكون مدركا جيدا لماذا هذا الصمت. يقول المنشور:
بحاجة إلى دراسة (صورة رام الله في الرواية الفلسطينية).
من الملاحظ وجود كراهية وتحامل على المدينة بشكل واضح. مع أنها احتضنت التنوع الثقافي والسكاني والتجاري بصورة لا نجدها في بقية المدن الفلسطينية. هل القصد هو انتقاد السلطة وأوسلو؟ إذا كان كذلك، فلماذا لا يكتبون بصورة مباشرة بدلا من تصوير رام الله على أنها مدينة الشيطان؟ (انتهى منشور خليل ناصيف)
ذكرني رأي ناصيف بمقال كتبته منذ أعوام، ونُشر في صحيفة العرب اللندنية (الاثنين: 26/9/2016)، أشرت فيه إلى شيطنة المدينة من كتاب كثيرين إلا أنهم مع ذلك يرتمون بحضنها، ما يدل على موقف غير متوازن وغير مبدئي، فأحلت المقال للصديق خليل، فأجابني بهذه الرسالة مع تقديمه الشكر في نهاية الرسالة، وتقييمه للمقال بقوله: مقالك مهم وجميل وقدم لي إضاءة جيدة.
كتب خليل ناصيف في رسالته، يقول:
صباح الخير،
الحقيقة يا صاحبي لدي أسئلة لهم جميعا: هل رام الله مدينة اسمنتية أكثر من نابلس والخليل؟ هل تعج بالاسمنت بينما نابلس مثلا ملونة بالأخضر؟ هل أبناء رام الله يشتغلون في الوظيفة الحكومية والمخابرات وحرس الرئيس أكثر من أهل جنين؟
رام الله مدينة تقبّلت الجميع منذ عام 1948، واحتضنت التنوع الفكري والثقافي دون عنصرية مقيتة قد نجدها في بقية المدن.
هل مشكلتهم مع السلطة؟ (يقصد من يشيطن المدينة من الكتّاب) لماذا لا ينتقدون السلطة؟ لماذا لا ينتقدون فتح التي ينتمي قسم كبير منهم لها؟ البعض ينتقد كراهية لرام الله، والبعض كراهية في السلطة، والبعض مجرد يركب التيار.
أما جبعيتي وعباد يحيى فلم يعرفوا من رام الله سوى سكنات العمال والموظفين، أنا لداوي لاجئ من اللد، وأعرف أن رام الله والبيرة عاملتنا بحب دون عنصرية. رام الله ليست مدينة الفضيلة، لكنها لا تدعيها، وكل ما أتمناه وجود نظرة موضوعية لهذه المدينة الصغيرة التي لا تختلف كثيرا عن غيرها.
أما موضوع التنظير في الروايات وحشو الخطابات في أفواه الشخصيات، فهو من أسباب الملل وعلامات ضعف الرواية العربية. الرواية في النهاية قصة يقتنيها من يبحث عن قصة لا من يبحث عن خطابات وتنظيرات.
لقد قرأت رواية خندقجي الأخيرة (يقصد رواية قناع بلون السماء)، ولولا كوننا نعيش في مجتمع متعصب، ولولا أنني لا أريد الخوض في معارك جانبية لكتبت فيها نقدا قاسيا جدا. الرواية مستواها سيء، وشخصياتها روبوتات تنظّر وتنظّر، هذا غير المشاهد الجنسية المقحمة إقحاما فيها بطريقة مريضة. وعتبي ليس على خندقجي، بل على محرر دار الآداب. هذا إذا قاموا بتحريرها أصلا. وخندقجي أيضا ناقم على رام الله لدرجة تقترب من الشتيمة.