فراس حج محمد

موقع يختص بمنشورات صاحبه: مقالات، قصائد، أخبار

في تأمل تجــربة الكتابة:

مجلة الليبي وعزيمة الاستمرار والتطوّر

فراس حج محمد| فلسطين

بعد هذا العدد، العدد ستين، تكون مجلة الليبي قد أكملت خمس سنوات، حملت فيها المجلة هموم الكتاب والقراء والمجتمع العربي والعالم بين دفتيها، فكانت حاضنة للألم والأمل، في بعديه؛ الذاتي والجماعي، وبهذا تحقق المجلة أهم شرط من شروط وجودها منبرا أدبياً وثقافيا واجتماعيا دائم التجدد.

لقد ارتفعت الليبي لتناضل من أجل قضايا الإنسان الكبرى، فكان لافتاً حضور مأساة درنة، ومأساة زلزال المغرب، ومأساة غزة في هذه السنة (2023)، ولم تغب عن جائحة كورونا وطرح قلقها الإنساني الآنيّ والمستقبلي في حينه. لتنضم الليبي إلى هذا المحور من الاهتمام الواجب في مناقشة القضايا الراهنة الملحة ذات الأخطار العالية التي تمسّ دائرة الوجود الإنساني، وتحقق أهم شرط لهذا الوجود، ألا وهو المحافظة على الحياة أولا، بوصفه حقا مقدسا في الشرائع والقوانين.

بطبيعة الحال، لا أكتب هذه المادة من أجل تقويم عمل المجلة أو تقييمها، إنما من أجل لفت النظر إلى ما هو مهم في الحالة الثقافية العربية، وأنا أشاهد وأتابع تقليص المساحة التي تشرق فيها المجلات العربية فتنطفئ واحدة تلو الأخرى، والليبي تصر على الصدور يصاحبها تحدي الراهن وضغطه، وانفلاش الهمة عند الكثيرين لأتابع شهوة العمل على المجلة وحبها والانتماء إليها عملا نهضويا بالغ القيمة، جسده فريق العمل كاملاً، من رئيس التحرير الدكتور الصديق بدوارة المغربي ومديرة التحرير أ. سارة الشريف إلى المراسلين والكتاب، لتلاحظ أنه مع كل عدد يصدر من المجلة ثمة فرحة كاملة قد تحققت لديهم جميعاً وهما يزهوان بالعدد الجديد من المجلة، وقد اكتمل وخرج إلى نور الحياة ليستقرّ بين يدي القرّاء.

هذا أهم ما يجب أن يكون لتظل المجلة مستمرة، وأظن أن هذا الشغف لن يخفت لديهما (رئيس التحرير ومديرة التحرير)، فما زالا يتمتعان بقدرة هائلة على العطاء والاستمرار فيه، ليحافظا على المجلة بحلتها الخارجية والداخلية المميزة، وبموضوعاتها المختارة، وأهدافها المصاحبة. كل هذا أعطى مجلة الليبي طابعها المميز لتكون مختلفة عن غيرها، ولا بد أن تكون مختلفة عن غيرها، لا تكرر تجارب الآخرين، ولا تعيد استنساخ المجلات الأخرى. فالمجلة- أي مجلة- تنبع أهميتها في هذه الفرادة الشكلية والمضمونية، لتنضم إلى المشهد الكلي ليتكامل باختلافه، ليكون جديرا بالتنوع والتكامل.

ومع ذلك، ومع أنني أرى أن الليبي في شكلها الحالي؛ الخارجي والداخلي، والموضوعات المنشورة، وأمزجة الكتاب وهمومهم، ومعهم القراء قد اتخذت طابعا خاصا بين أخواتها من المجلات العربية إلا أن هذا لا يمنع من فتح آفاق التطور الذي يسعى إليه رئيس التحرير لتظل المجلة في تتطور ولتؤكد حضورها وفاعليتها الثقافية العربية، المحلية والإقليمية والعالمية، فالمجلة الثقافية بطبيعتها تنظر إلى الواقع بعين فاحصة من أجل غدٍ أفضل، فبعض حقول الثقافة ليست مطلوبة في حد ذاتها وإنما بما تحققه من أهداف في تطور الذات، والمجتمع، على الصعد كافة، وأهمها على الإطلاق البعد الاجتماعي، فالثقافة أداة من أدوات التطوير، مع أنها هي نفسها أداة يجب أن تظل في تتطور، وتعمل على تطوير أدواتها لتواكب الحاضر، ولتدخل في أعماق المستقبل وهي تعرفه قبل أن يغمرها بمشكلاته وتحدياته، فالثقافة- إذاً والحالة هذه- أصبحت هدفاً ووسيلة في آنٍ واحد.

ليس لديّ الكثير من الاقتراحات الساعية إلى التطوير التي أسديها للمجلة سوى أن تظل مستمرة في الصدور وتناضل من أجل هذا الهدف النبيل جداً، فالفرحة التي تصيبني عند الصدور، تعادل فرحتي لصدور كتاب لي، لأن صدورها متجددة كل شهر، معناه أنها منحتنا أفكارا جديدة، وحثّت عقولنا على أن نفكر بما يجب علينا أن نفعله، وإنه لفعل عظيم بحد ذاته صدورها هذا، بهذه الكيفية، وبهذا الإصرار على الفعل الثقافي الممنهج الذي يمنحها هويتها الليبية العربية الإنسانية في عالم موّار ومتغير باستمرار.

ومن أجل تحقيق هذا الهدف وتركيزه، فليسمح لي رئيس التحرير بعرض هذا المقترح:

لقد شهدت الساحة العربية صدور العديد من الكتب، بشتى العلوم والفروع، ولعله من الضروري أن يتم توثيق هذا الصدور- قدر المستطاع- باختصار شديد، وأن تخصص المجلة صفحتين لأجل ذلك، يعرض فيهما مجموعة من الكتب الحديثة على نحو مختصر جدا، يظهر فيه الكتاب بصورة غلافه واسم مؤلفه، وموضوعه الأساسي، لأن ذلك الفعل يوفر على الباحثين كثيرا من الجهد في البحث عن مصادر المعرفة، وأن تختار المجلة كتاباً واحدا تراه مهما لاعتبارات موضوعية علمية لتسلط عليه الضوء قليلا، وأن يشمل ذلك الكتب العربية والأجنبية والمترجمة، مع العلم أن المجلة لم تهمل هذا الجانب عبر مسيرتها في ما مضى من أعداد.

أتمنى للمجلة ولفريقها التوفيق والسداد، وكل عام وكل عدد و"الليبي" بخير وتألق واستمرار، ولعلها تشهد معنا في قادم السنوات حلم الحرية والتحرر والانتصار على قوى الظلم والتجبر، ليسعد الإنسان في العالم والوطن العربي بحريته واستقلاله، ويتابع مسيرة البشرية في حسن "خلافته" على هذه الأرض ليعمرها بالعلم والمعرفة والتطور بعيدا عن الحروب وآلامها، وآفات الطبيعة وتدميراتها.

 

المصدر: فراس حج محمد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 242 مشاهدة
نشرت فى 29 ديسمبر 2023 بواسطة ferasomar

فراس عمر حج محمد

ferasomar
الموقع الخاص بــ "فراس حج محمد" »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

722,276

فراس حج محمد

نتيجة بحث الصور عن فراس حج محمد كنانة أون لاين

من مواليد مدينة نابلس في فــلسطين عــام 1973م، حاصل على درجة الماجستير في الأدب الفلسطيني الحديث من جامعة النجاح الوطنية. عمل معلما ومشرفا تربويا ومحاضرا غير متفرغ في جامعة القدس المفتوحة. 

عمل محررا لغويا في مجلتي الزيزفونة للأطفال/ رام الله، وشارك في إعداد مواد تدريبية في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، وكان عضوا في هيئة تحرير مجلة القانون الدولي الإنساني/ الإصدار الثاني الصادرة عن وزارة التربية والتعليم في فلسطين.

نشر العديد من المـقالات والقـصائد في مـجالات النشر المختلفة الإلـكترونية والصحف والمجلات في فلسطين والوطن العربي وبريطانيا وأمريكا وكندا والمكسيك. وشارك في ندوات وأمسيات شعرية ومؤتمرات في فلسطين.

الكتب المطبوعة: 

رسائــل إلى شهرزاد، ومــن طقوس القهوة المرة، صادران عن دار غُراب للنشر والتوزيع في القاهرة/ 2013، ومجموعة أناشيد وقصائد/ 2013، وكتاب ديوان أميرة الوجد/ 2014، الصادران عن جمعية الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل/ رام الله، وكتاب "دوائر العطش" عن دار غراب للنشر والتوزيع. وديوان "مزاج غزة العاصف، 2014، وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في القصة القصيرة جدا- دار موزييك/ الأردن وديوان "وأنت وحدك أغنية" عن دار ليبرتي/ القدس وبالتعاون مع بيت الشعر في فلسطين، وكتاب "يوميات كاتب يدعى X"، وكتاب "كأنها نصف الحقيقية" /الرقمية/ فلسطين، وكتاب "في ذكرى محمود درويش"، الزيزفونة 2016، وكتاب "شهرزاد ما زالت تروي- مقالات في المرأة والإبداع النسائي"، الرقمية، 2017، وديوان "الحب أن"، دار الأمل، الأردن، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في الرواية"، مكتبة كل شي، حيفا، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في متنوع السرد"، مؤسسة أنصار الضاد، أم الفحم، 2018، وديوان "ما يشبه الرثاء"، دار طباق للنشر والتوزيع، رام الله، 2019، وكتاب "بلاغة الصنعة الشعرية"، دار روافد للنشر والتوزيع، القاهرة، 2020. وكتاب "نِسوة في المدينة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2020. وكتاب "الإصحاح الأوّل لحرف الفاء- أسعدتِ صباحاً يا سيدتي"، دار الفاروق للنشر والتوزيع، نابلس، 2021. وكتاب "استعادة غسان كنفاني"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2021، وكتيّب "من قتل مدرّس التاريخ؟"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2021. وديوان "وشيء من سردٍ قليل"، وزارة الثقافة الفلسطينية، رام الله، 2021. وديوان "على حافّة الشعر: ثمّة عشق وثمّة موت"، دار البدوي، ألمانيا، 2022. وكتاب "الكتابة في الوجه والمواجهة"، الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمان، 2023. وكتاب "متلازمة ديسمبر"، دار بدوي، ألمانيا، 2023. وكتاب "في رحاب اللغة العربية"، دار بدوي، ألمانيا، 2023، وكتاب "سرّ الجملة الاسميّة"، دار الرقمية، فلسطين، 2023. وكتاب "تصدّع الجدران- عن دور الأدب في مقاومة العتمة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمّان، 2023، وديوان "في أعالي المعركة"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2023، وكتاب "مساحة شخصية- من يوميات الحروب على فلسطين"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "الثرثرات المحببة- الرسائل"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "فتنة الحاسة السادسة- تأملات حول الصور"، دار الفاروق للثقافة، نابلس، 2025. 

حررت العديد من الكتب، بالإضافة إلى مجموعة من الكتب والدواوين المخطوطة. 

كتب عن هذه التجربة الإبداعية العديد من الكتاب الفلسطينيين والعرب، وأجريت معي عدة حوارات ولقاءات تلفزيونية.