فراس حج محمد

موقع يختص بمنشورات صاحبه: مقالات، قصائد، أخبار

لماذا تسرق الحـربُ شعر الحب؟

فراس حج محمد| فلسطين

ما الذي يشغل المحرر الثقافيّ عن الانشغال بالحب ونشر قصائد الغزل المشبع بالشهوة العارمة؟ إنها الحرب الطازجة القوية. هكذا قال لي معتذراً؛ فشهوة الحرب نشوة لا تقاوم أو تضاهى.

أوكرانيا دولة سيئة، وكذلك روسيا، لماذا أهتم بالحرب بينهما؟ عندنا ما يتخمنا من مرض الحرب والاحتلال، الجنود المدججون بالحقد لم يتركوا لي مساحة إضافية للحديث عن الحرب.

جرّبت اللغات فينا كل شيء، ولدتنا الحروب، ومنحتنا الموت والتشريد وجيشا كبيرا من الأسرى، وهدم المنازل والاستيلاء عليها، وقلع الأشجار، وإغلاق المدارس، واصطيادنا كالعصافير على فوهات البنادق.

لم تضف الحرب إلى قاموسنا أي لفظ جديد، هذه الحرب- كأية حرب- عقيمة بلا شك، في السرد لا شيء فيها مدهش أو ضروري، المشاهد كلها نعرفها منذ سبعين سنة أو أكثر قليلاً؛ اللاجئون والأطفال، ومراكز الإيواء، والإعانات، وحواجز الجنود، والتدقيق الدقيق في الأوراق، والوقت المسروق على الطرقات، كلها نعرفها أكثر من أوكرانيا.

هذه الحرب خدعة، لعبة النظام العالمي، صراع وثني بين آلهة تعبر التاريخ على جثث الأنبياء وتريد احتلال الأولمب لتكون زيوس العالم النووي. لا شيء لديّ هنا في فلسطين ما يدعوني لأقلق أو أهتمّ بالأخبار.

إذا اتفق الفريقان وعاد اللاجئون إلى ديارهم والدول الكبرى أعادت بناء أوكرانيا وتبادلوا الأسرى سيظل وطني تحت الاحتلال وأسرى الجنون الصهيوني لن تغادر منفاها في صحراء النقب، وغزة محاصرة ومهدّمة، والعصابات القاتلة ستظل تستولي على عمري، لتنهيه في أية لحظة في أبسط سبب يدعو الجنود الحاقدين للدفاع عن أنفسهم خوفا من فراشة عبرت دون إذن جنودهم المسيطرين على الهواء. وأشد من ذلك ستبقى روسيا تدعم الاحتلال في القدس وفي دمشق وتتقاسم مع أمريكا نفط العالم. وسيظل النظام الأوكراني منحازا إلى قاتلينا بكل وقاحة.

لا شيء يربطني إذاً بأخبار الحرب، اعتدت أن أنفيها من لغتي، ومن كتبي، لا أريدها أن تشاركني تاريخي الشخصي في الكتب أكثر مما كتبتُ، أقاومها بالحديث عن الحب؛ عن شهوتي لامرأة تركتني عن عمدٍ وأخرى أجبرتها الظروف على فعل ذلك، وأن أكتب عن امرأة تنصب أشراكها حولي وترنو إليّ لتنام معي، لا لتنسى الحرب بل لتُشبع مني شهوتها المحتدمة، هذه بالفعل قضيتي لأنسى الحرب وأهزمها لكي لا تدمر ما تبقى من خيالي المخصّب بالخيال.

لأجل ذلك كله كان من الأولى لشاعر يعمل محررا أن يهتم بالحب، وبشعر الحب، لعله يساهم بزحزحة الحرب قليلا عن مشهد القراء في موقعه الإلكتروني الضخم ويسوّق للحب كي لا تصغر فينا شهوة الحياة القادمة.

الحب أولى من الحرب في كل شيء حتى في اللغة.

آذار 2022

 

المصدر: فراس حج محمد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 215 مشاهدة
نشرت فى 5 مارس 2022 بواسطة ferasomar

فراس عمر حج محمد

ferasomar
الموقع الخاص بــ "فراس حج محمد" »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

721,161

فراس حج محمد

نتيجة بحث الصور عن فراس حج محمد كنانة أون لاين

من مواليد مدينة نابلس في فــلسطين عــام 1973م، حاصل على درجة الماجستير في الأدب الفلسطيني الحديث من جامعة النجاح الوطنية. عمل معلما ومشرفا تربويا ومحاضرا غير متفرغ في جامعة القدس المفتوحة. 

عمل محررا لغويا في مجلتي الزيزفونة للأطفال/ رام الله، وشارك في إعداد مواد تدريبية في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، وكان عضوا في هيئة تحرير مجلة القانون الدولي الإنساني/ الإصدار الثاني الصادرة عن وزارة التربية والتعليم في فلسطين.

نشر العديد من المـقالات والقـصائد في مـجالات النشر المختلفة الإلـكترونية والصحف والمجلات في فلسطين والوطن العربي وبريطانيا وأمريكا وكندا والمكسيك. وشارك في ندوات وأمسيات شعرية ومؤتمرات في فلسطين.

الكتب المطبوعة: 

رسائــل إلى شهرزاد، ومــن طقوس القهوة المرة، صادران عن دار غُراب للنشر والتوزيع في القاهرة/ 2013، ومجموعة أناشيد وقصائد/ 2013، وكتاب ديوان أميرة الوجد/ 2014، الصادران عن جمعية الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل/ رام الله، وكتاب "دوائر العطش" عن دار غراب للنشر والتوزيع. وديوان "مزاج غزة العاصف، 2014، وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في القصة القصيرة جدا- دار موزييك/ الأردن وديوان "وأنت وحدك أغنية" عن دار ليبرتي/ القدس وبالتعاون مع بيت الشعر في فلسطين، وكتاب "يوميات كاتب يدعى X"، وكتاب "كأنها نصف الحقيقية" /الرقمية/ فلسطين، وكتاب "في ذكرى محمود درويش"، الزيزفونة 2016، وكتاب "شهرزاد ما زالت تروي- مقالات في المرأة والإبداع النسائي"، الرقمية، 2017، وديوان "الحب أن"، دار الأمل، الأردن، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في الرواية"، مكتبة كل شي، حيفا، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في متنوع السرد"، مؤسسة أنصار الضاد، أم الفحم، 2018، وديوان "ما يشبه الرثاء"، دار طباق للنشر والتوزيع، رام الله، 2019، وكتاب "بلاغة الصنعة الشعرية"، دار روافد للنشر والتوزيع، القاهرة، 2020. وكتاب "نِسوة في المدينة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2020. وكتاب "الإصحاح الأوّل لحرف الفاء- أسعدتِ صباحاً يا سيدتي"، دار الفاروق للنشر والتوزيع، نابلس، 2021. وكتاب "استعادة غسان كنفاني"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2021، وكتيّب "من قتل مدرّس التاريخ؟"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2021. وديوان "وشيء من سردٍ قليل"، وزارة الثقافة الفلسطينية، رام الله، 2021. وديوان "على حافّة الشعر: ثمّة عشق وثمّة موت"، دار البدوي، ألمانيا، 2022. وكتاب "الكتابة في الوجه والمواجهة"، الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمان، 2023. وكتاب "متلازمة ديسمبر"، دار بدوي، ألمانيا، 2023. وكتاب "في رحاب اللغة العربية"، دار بدوي، ألمانيا، 2023، وكتاب "سرّ الجملة الاسميّة"، دار الرقمية، فلسطين، 2023. وكتاب "تصدّع الجدران- عن دور الأدب في مقاومة العتمة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمّان، 2023، وديوان "في أعالي المعركة"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2023، وكتاب "مساحة شخصية- من يوميات الحروب على فلسطين"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "الثرثرات المحببة- الرسائل"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "فتنة الحاسة السادسة- تأملات حول الصور"، دار الفاروق للثقافة، نابلس، 2025. 

حررت العديد من الكتب، بالإضافة إلى مجموعة من الكتب والدواوين المخطوطة. 

كتب عن هذه التجربة الإبداعية العديد من الكتاب الفلسطينيين والعرب، وأجريت معي عدة حوارات ولقاءات تلفزيونية.