أكثر ما يدمر حياة البعض هو تعبير الاخرين له انه انسان غير مرغوب فيه. او مرغوب فيه بشروط . بشرط أي شرط هذا الشرط هو ما يجعله يتخبط في دوامة من الاحباط و التوتر و الرغبة في اثبات الذات بأي شكل من الاشكال .فيسعى سعيا ليكون شخص مرغوب.فنجده يفعل ذلك اما عن طريق اظهار القوة في فن من الفنون او انجاز من الانجازات لشد انتباه الناس و الحصول على رضاهم و هذه حيلة من حيل الدفاع النفسي الايجابية. او عن طريق اظهار الضعف كالشكوى و الدراما و التدمر او الادمان او المرض او التسول لاستجلاب رحمة الاخر و انتباهه .

التقدير الذاتي اصيل في الانسان

. امر الثقة بالنفس و الاعتراف بالذات و تقديرها دونما تحقيق اي شيء ومع استشعار الاستحقاق لأي هو الاصل و ليس شد انتباه الاخرين او البحث عن رضاهم بشكل من الاشكال. جهل هذا الانسان انه مخلوق مكرم و مخلوق له مكانه عالية في هذا الوجود و لو لم يفعل شيئا و لو لم يعجب بأي احد .المهم انه كائن في هذه الحياة لأن فيه يتجلى الكون بأجمله. وأن كل ما يود الحصول عليه هو اصلا يكمن بداخله . إنها تلك النفخة الربانية و هي وحدها تكفي. فلا حدود للروح كما لا حدود لله تعالى فلا حدود للانسان مهما كان جسده محدودا و ملموسا و محسوسا.

الاستحقاق هو الاصل لدى أبينا آدم

ان تلك النفخة من روح الله هي التكريم الذي حظي به آدم دون غيره من المخلوقات .ذلك التكريم الذي دفع الشيطان ليعرض عن السجود للأب العظيم آدم. و الغيرة التي تتجلى في كونه لم يذكر روح الله كعنصر يدخل في تركيبة المخلوق الجديد و ذكر فقط التراب ليحط من قدر آدم عليه السلام فقال لخالقه " خلقته من طين". لكن آدم عليه السلام كان مشبعا بالحب مشاعر الخلق الأول الذي لا تعرف الروح سواه و كل مشاعر دونه ليست من الروح في شيء .و كل مشاعر دونه انما هي رد فعل على سلوك الشيطان مع البشر و الذي اصبح مع تراكم الزمن هو الاصل لدى بعض النفوس. و رغم ان الشيطان ابى ان يسجد فإن آدم لم يبال برد فعله و لا لكيده من بعد باغوائه للاكل من شجرة الخلد . لأنه كان على سجيته مشبع بالحب و الاستحقاق .فلم يفرح بسجود الملائكة و لم يجزع بغيرة الشيطان . لا برمجة ولا خلفية تذكر و لم تتكون لديه رغم انه ابى السجود لانه لم يكن لديه اي مشاعر سوى الحب و السلام .و هي مشاعر الجنة .فكان رغم ما قاله الشيطان امام رب الكون على ادم لم يستشعر لا النقصان و لا الكيد و لا الغرور و لا الافتخار و لا الاحتقار و لا العجب كان مستعدا ليتلقى سجود الملائكة و سجود الجن بكل استحقاق و باقصى استحقاق .

النسيان سبب نزولنا الى الارض

و رغم ان الشيطان رفض السجود له لم تتكون لدى آدم خلفية سيئة عنه لأنه يرى الحب في كل شيء و ذلك ما جعله يستجيب لامره بالاكل من الشجرة بحيث استغل الشيطان نقطة ضعف الانسان و هي النسيان. و هو بذلك اول حدث نسيان يحدث للبشرية نسيان امر الله بعدم اتيان ما حرم و لكن الله لا يعاتب عن النسيان و يعاتب عما يتعمد إتيانه. كانت روح الله تحركه و كان يعتقد ان كل الكون خير و كل من بحوله خير و كل شيء خير لذلك تاب الله على آدم بعد ان شرح الله له بكلمات تلقاها منه . و لأن ادم لم يسبق له ان رأى مثل هذا السلوك الشيطاني و لم يع سبب كيده له و غيرته من فوزه بتكريم من الله بحيث نفخ فيه من روحه. قدر الله ان ينزلهما الى الارض ليعيشا معا ليتأكد آدم مما قاله الله له ان الشيطان يكيد له و انه يتمنى له الزوال و يتمنى له الابادة . فهنا في الارض نشأت بهبوطهما طريقين طريق الذي انعم الله عليه و طريق المغضوب عليه و الضال . فكل يعمل على شاكلته .و لكن لانه يكتوي و يحترق بنار الغيرة فهو في تخطيط مستمر و كيد لا ينتهي و الرسالة لديه مسطرة و الرؤية واضحة . يعمل ليل نهار لتحقيق قسمه و الإيقاع بهذا المخلوق الذي يحتقره و يعتبره كومة من تراب . يكيد و يكيد و لا تفتر عزيمته ابدا.بينما ادم كان على سجيته و ابناؤه ايضا .فلم يفكر في تحذير ابنائه من كيد الشيطان لانه لم يكن ليعرف طبيعة مشاعره و ما بلغ به من الغيرة و التي دفعته ليوسوس للاخ ليقتل اخاه. فكان اول من استجاب لذلك الكيد ابنه قابيل و من هنا بدأ كيد الشيطان فوق الارض و اصبح قتل الانسان لأخيه الانسان شيء ممكن و كانت اولا حروب البشرية و اول شعار يرفع لعودة السلام الى الارض .

هل نتمنى للآخرين النجاح ام زوال النعم

ومن هنا كانت كل المشاعر التي تبعد الانسان عن اخيه الانسان و التي لها علاقة بتحييد الآخر و عدم الاعتراف به و السخرية به او الرغبة في الاطاحة به هي من اكاييد الشيطان . و اي فعل ينحو ذلك المنحى دون الحب و السلام و اي حل ينحو منحى آخر بعيدا عن الحلول السلمية و الحب و السلام فهو اقرب منه الى الشيطان منه الى انسانية الانسان.أي فعل طريق يسلكه المرء ليظهر من خلاله قدرته على النجاح على حساب سعادة الاخرين و على انقاضهم فهو استجابة لغيرة الشيطان . و الرغبة في كسب التحدي و اظهار القوة هي بالصراحة كانت في اول بدايات من بداية كيد الشيطان للانسان و استمرت فوق الارض. في حين كان الانسان الاول دائما يتسم بالهدوء و السكينة و الشعور بالحب و عدم التفوق و لا التميز رغم انه نفخة ربانية .

رغم حبه لخلقه اخضعهم لقوانين لعلمه بهم

و لكي تتضح الصورة جليا انزل الله التشريعات ليوضح للانسان انه يسمح له بردود فعل مماثلة لما تطاله و لو كانت تلك الردود بعيدة عن مشاعر الجنة حتى لا يطغى طرف على طرف و حتى يأخذ كل ذي حق حقه و لهذا انزل الله الأحكام. و كل شيء لا يحقق الارتياح و ينشر السلام ويشيع الحب فهو بعيد كل البعد عن شرع الله و قريب من كيد الشيطان. و حتى لا يشعر الانسان بالظلم ان أوجد الله معه الشيطان فوق هذه الارض طمأنه بأن كيد الشيطان ضعيف و ان قوة الانسان لا تفوقها اية قوة فوق هذه الارض . فكل ما نراه من انجازات و اعمار و صعود في السماء و طيران و ارتقاء في البنيان و غوص في البحار و تسلق للجبال و و تواصل مع الاخر و لو كان يبعد عنك بملايين الكيلوميترات و و مشاهدتهم انما أدلة يريد بها الله ان يقول للانسان ايها الكائن مهما كاد لك الشيطان و كان سبب لك في النزول من الجنة الى الأرض, فأنت دائما الأقوى و الأذكى و الأروع على الاطلاق في الحياة الدنيا و الآخرة.

الله يطمئن آدم و ذريته و يظهر حبه الابدي

تحدى الله الشيطان حين تحدى آدم بالغواية. تحداه الله بالتوبة و المغفرة و تيسير العودة اليه. و بشره انه مستعد لقبوله في ايه لحظة بل هو من ييسر له سبل العودة. من تقرب اليه ذراعا تقرب اليه باعا ومن اتاه يمشي اتاه الله هرولة . من اسلم بعد كفره مسح الله الماضي. و من تاب عوض سيئاته حسنات . حتى يعلم كل من الانسان و ا لشيطان ان الروح لا تدنسها افعال و لا ينقص منها شيء بالذنوب و المعاصي .الروح تبقى روحا متشبعة بالحب و السلام. مستعدة لهما كلما قرر الانسان العودة اليهما. ان الشيطان لا يستطيع ان ينال من روح الانسان مهما نال من بدنه و نفسه .فهو ضعيف و كيده اضعف و صنعه اهون من ان يكون له شـأن يذكر. ان صنع الله الذي اتقن كل شيء خلقه هو الأرفع على الاطلاق. الانسان روح قبل ان يهبط الى هذا الوجود و سبب اي شعور بعدم الاستحقاق هو نابع من الشعور بعدم رغبة الاخر فيك و هو اصل اصيل من اصول كيد الشيطان للبشرية هو اول من أبدى عدم رغبته في آدم لكن آدم لم يشعر بنقص ليست لديه اية فكرة على الاطلاق عن هذا النقص الذي يشعره ابليس و لم يتصور ان يكون في الوجود مخلوق بهذا الضعف. لدى امرا بالنزول ليثبت الله لآدم ضعف الشيطان و ليثبت للشيطان قوة آدم و حبه له و لذريته.

الحب شرط من شروط دخول الجنة و مفتاحها

مادام الانسان في مشاعر الحب للبشرية و للناس على اختلافهم فقد وافق مشاعر الجنة و التي كان يتسم بها أبونا آدم عليه السلام . لدى كان لزاما على كل انسان تمنى دخول الجنة ان يستشعرها هذه المشاعر و يعيشها في الدنيا اولا كي يوافق المشاعر التي تميز الجنة و التي تربط المخلوقات فيها.فقد اقسم الرسول الكريم محمد صلى الله عليه و سلم و اكد للبشرية جمعاء و لكل من يدعي انه يؤمن بالله و الرسل ويأتي اركان الاسلام انه هناك ركن من اركان المشاعر و هو شرط من شروط دخول الجنة يقول صلى الله عليه و سلم : و الذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا و لا تؤمنوا حتى تحابوا. يعني لا معنى و لا اصل للايمان دون الحب و اذا غاب الحب بين افراد البشرية و القبائل و الشعوب و التيارات الدينية و حل محلها الحقد و الكراهية و الكيد فهذا بعيد كل البعد عن الايمان. الله لم يحرم الاختلاف لكن حرم المشاعر التي تصاحب الاختلاف اذا كانت ايجابية فهو مرغوب و اذا كانت سلبية فهو محرم لان غياب الحب سيؤدي بالمختلفين الى القتال و الكيد لذلك يقول الرسول صلى الله عليه و سلم لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما حبه لنفسه . و لا اعتقد ان الذي يحب اخاه سيفكر في قتله و لا اعتقد ان الذي يحب اخاه سيسخر منه و لا اعتقد ان الذي يحب اخاه سيسعى لفضحه و لا اعتقد ان الذي يحب اخاه سيسعى للاطاحة به و لا اعتقد ان الذي يحب اخاه سيسمح لنفسه بالحديث عنه بالسوء او ان يسمع احدا يتحدث عنه بسوء . اذا فشرط دخول الجنة الايمان و شرط الايمان الحب و سبيل الحب السلام و يقول الرسول الكريم الا ادلكم على شيء اذا فعلتموه تحاببتم : افشوا السلام بينكم . افشاء السلام نشر السلام .افشاء السلام أفعال و ليس فقط كلام او تحية كما يفهمها جل الناس يفشون السلام بافواههم و قلوبهم تحمل اطنانا من الكيد و الحقد و الكراهية . كيف يستطيع من يحمل مثل هذا القلب ان يدخل الجنة و هو لم يذق طعمها و لم يعرف معناها. الجنة مشاعر و ليس فقط حركات و افعال نرجو من وراءها اجرا. العبادات جاءت لتجعل من الجوارح استجابة لما بالداخل و ليس العكس.

تيارات اختارت الحب فتجنبت اتيان العبادات كحركات

"من لم تنهه صلاته عن الفحشاء و المنكر فلا صلاة له" هذا الحديث يختزل كثير من المعاني و الفوائد و الاهداف المرجوة من الحركات التي يقوم بها الفرد يوميا او اسبوعيا او سنويا اومرة في العمر.

و استمرارها مع غياب آثارها على مشاعر الفرد و سلوكاته هو ما جعل بعض التيارات الروحية المرتبطة بخالقها ان تتخلى عن الافعال و التركيز على المشاعر و الغوص في اعماق الروح و الاتصال بعالم اللامادي و الاعتقاد بعدم جدوائية الشعائر الدينية من صلاة و صيام و حج و استغنائهم عنها .و لم يستطيعوا ادراك ان الجوارح و افعالها من صلاة و صيام و نسك انما هي استجابة لمشاعر الحب الالهي و السلام الداخلي و الرغبة في دخول الجنة و الرغبة في العودة الى الاصل الذي انبثقت منه الارواح . إن غياب مشاعر الحب هو الذي يجعل من الشعائر التعبدية ثقيلة على العباد. يجعل من القيام سهر و من الصيام جوع و من الصلاة حركات و من الوضوء لعب بالماء. يفرغ كل شيء من محتواه محتوى الانسان روحه و محتوى الروح الحب و سبيلها السلام.

 

و أخيرا ان كان الناس كلهم لا يرغبون في و يتمنون موتي و يكيدون لي فيكفي ان الله اوجدني و يرغب في وجودي في هذا الكون رغما عن انفهم جميعا.و هذا عمق التقدير الذاتي و لا علاقة للثقة بالنفس في الانجازات اوالمستويات العلمية او المادية .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 127 مشاهدة
نشرت فى 1 إبريل 2016 بواسطة fatihasibt

عدد زيارات الموقع

13,041