نعيش اليوم في عصر المعلومات، وسيُفوت العرب هذا العصر إذا لم يقوموا بتحديث وسائل التعليم ونُظُمه. إن تحسين التعليم والبحث عن المعرفة وزيادتها ونشرها والاستعانة بالمخترعين والمفكرين هي وسائل لازمة للنمو الاقتصادي. ولقد قدمت الدول الآسيوية (مثل اليابان والصين وماليزيا وكوريا والهند) مثالاً ناجحاً أدى فيه التركيز على التعليم إلى تطور اقتصادي.
يرتكز التعليم المدرسي الحالي غالباً على طريقة الصم (الاستظهار من غير فهم) مما أدى إلى القضاء على التفكير الذاتي والإبداعي.. وساهمت عقود الإهمال وعدم اتخاذ الخطوات الصحيحة الى إنتاج جيل من الشباب بلا هدف أو طموح، لينضم إلى قطاع كبير من القوى العاملة غير المنتجة والسلبية في الدول العربية.
لقد لعبت مصر دورا قياديا في العالم العربي خلال أواسط القرن الماضي، حيث قامت بتوفير الثقافة والعلم، وتخرج منها القادة والمعلمون والمستشارون. ولكن الخسارة الكبرى التي تعرضت لها مصر عام 1967 أدت إلى ضعضعة ثقتها بنفسها، مما انعكس سلباً على محاور عديدة.
الحاجة إلى التغيير والاصلاح ولقد قدمت الدول الآسيوية (مثل اليابان والصين وماليزيا وكوريا والهند) مثالاً ناجحاً أدى فيه التركيز على التعليم إلى تطور اقتصادي. لهذه الأسباب, تتعالى الأصوات المطالبة بالتغيير من داخل الوطن العربي وخارجه. ولتحقيق ذلك، لا بُد من ممارسة الحرية السياسية والديمقراطية، وخصخصة التجارة، وتحسين أوضاع المرأة.
دور التعليم رغم أن الدول العربية غنية بالبترول، إلا أن كل المؤشرات تدل إلى فقرها بالمعلومات. تظهر هذه الحقيقة جليا في تقرير التطور الإنساني للعرب، والذي نشر عام 2003 من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. والمؤشر على ذلك هو قِلة الترجمة. ففي تقرير الأمم المتحدة الإنمائي 2003، كان عدد الكتب التي تمت ترجمتها في 22 دولة عربية في بدايات الثمانينيات يساوي جزءاً من خمسة مما تُرجم إلى اليونانية.
أما بالنسبة للمساهمة في اكتشاف المعرفة فليست بحال أحسن حيث يشكل العرب 5% من سكان العالم ولكنهم يُنتجون 0.8% فقط من الأدب والعلم الجديد.أما فيما يتعلق بالبحث العلمى فالوضع أكثر سوءا، تُنفق الدول العربية أقل من 0.2% من ميزانيتها على البحث والتطوير في العلوم والتكنولوجيا. هذا الرقم يعتبر أقل بعشر مرات مما تنفقه الدول المتقدمة.
طريق المستقبل تكون البداية هي التعليم في البيت ثم في رياض الأطفال، ثم في المدرسة. ويمكن زرع مبدأ التفكير التحليلي والبحث عن المعرفة عند الأطفال من خلال الحوار الهادىء.
أما التعليم الجامعي فيتطلب إصلاحاً أكبر بكثير. يجب تعليم الطلاب آلية البحث عن المعرفة، وتحديث معلوماتهم. أهمية تطوير المكتبات ووسائل التكنولوجيا، والحاسوب، للاستفادة من مصادر المعرفة الضخمة الموجودة فى الإنترنيت.
هناك بُعد اجتماعي مهم لهذا كله ألا وهو نظرة المجتمع إلى أهمية التعليم والمعلومات ، فقد أدى انتشار الثروات المادية إلى إعطاء أولوية للمال أكثر من العلم والمعرفة. هذا الوضع يجب أن يتم عكسه ويجب إعطاء أولوية أعلى لأولئك الذين يستفيد من عِلمهم المجتمع المحلي والإنساني. إن الإنفاق على البحث العلمي ليس رفاهية، إنه الضمان للتنمية المستدامة التي تعزز النمو الاقتصادي وتساعد على إبراز أي دولة إلى قائمة الدول الرائدة.
لا يوجد شيء في الشخصية العربية يمنعها من التطور والتحصيل. بل على العكس، فإن الحضارة العربية الإسلامية استمرت لثماني قرون على أكتاف الباحثين والعلماء والمخترعين في المجالات المختلفة. إن الإنفاق على البحث العلمي ليس رفاهية، وعلى الدول الغربية أن تدعم الدول العربية وتساعدها في اكتساب المعرفة لكي تلحق بالعالم المتطور.تتربع الولايات المتحدة على عرش القمة في مجالات العلوم والتكنولوجيا منذ نجاح رحلات أبولّو والهبوط على سطح القمر منذ أربعة عقود من الزمان
خـــا تــمة إصلاح التعليم في الدول العربية من شأنه أن يُساهم في الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي ورفع مستوى الشعوب. من أجل هذا لابد و أن تكون هناك شراكة مستدامة بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني. ويجب أن يقوم المفكرون والقائمون على التدريس بالعمل جنباً إلى جنب لإنجاح هذه الشراكة.
ساحة النقاش