من يوميات رائد فضاء
1
إذا ما وقفت على قمة النهد ..
أشعر أن يدي
ستلامس سقف السماء ..
وأشعر أني اقتربت من الله ..
أني اقتربت من الأفق ..
أني اقتربت من الشعر ..
أشعر أني أسير على الماء، مثل المسيح
وأنتظر الوحي كالأنبياء ..
2
أنا أول الداخلين
إلى ملكوت الفضاء
أنا أول الشاربين حليب النجوم ..
وأول من ذاق فاكهة الإستواء ..
وأول من كتب الشعر
فوق مرايا الضحى
ونبيذ المساء …
3
إذا ما وقفت على فضة النهد ..
أشعر أني جلست على عرش كسرى ..
وأني امتلكت مفاتيح روما ..
وأهرام مصر ..
وأني تحدرت من آخر الخلفاء
وأني دخلت إلى قصر غرناطة
فصارت شفاهي عريشة ورد ..
وصارت دموعي
نوافير ماء …
4
أنا في الأعالي
أنا في الأعالي
بحار القطيفة دون انتهاء
وريش العصافير دون انتهاء
يحاصرني الثلج من كل صوب
فأين نهايات هذا البياض ؟
أدوخ قليلاً ….
أضيع قليلاً …
وأدفن تحت الثلوج قليلاً …
ولكنني – رغم عصف العواصف -
أبقى صديق الشتاء
وأعرف أن الصعود خطير ..
وأن الهبوط خطير ..
ولكنني .. في غمار الفتوح الكبيرة
لا أتراجع نحو الوراء …
5
هنا.. تتأكد حريتي
وينفصل الحب عن وزنه
وينفصل الشعر عن شكله
وينفصل الحزن عن حزنه
وأهرب من عالم لا نوافذ فيه
لكي أتنشق بعض الهواء
هنا .. تصبحين خلاصة شعري
هنا ..
تصبحين جميع النساء …
6
تعلمت معنى التصوف في رحلتي
وسر الحلول .. وسر الفناء
وحين رأيت براهين ربي
تكسرت من شدة العشق ..
مثل الإناء ..
7
شربت نبيذ المسافات ..
ثم جلست ..
أمشط شعر الغيوم وشعر القمر ..
تنقلت بين الشمال وبين الجنوب ..
وبين سيبيريا ..
وبين آلاسكا ..
وبين سويسرا ..
وبين بافاريا ..
ونمت كطفل صغير
على هدهدات المطر.
تنقلت بين جبال الرخام ..
وبين جبال الذهب .
وبين حقول الجليد
وبين حقول اللهب.
وبين شفاه النساء .. وبين دوالي العنب
لعبت بخيطان حريتي
ثلاثين عاماً …
وجملت أرض البشر
ولا أتذكر أن عقيداً أتاني
ليطلب مني جواز السفر …
8
وحين أعود .. سأخبر قومي
بأني رأيت
وأني سمعت
وأني تزلجت فوق هلالين من فضة
وأني غسلت قميصي بضوء النجوم ..
وأني غفوت طويلاً
على شجر القطن .. والكستناء ..
9
أمام رجال الصحافة سوف أقول:
بأني صعدت .. وأني صعدت ..
وأني جرحت يدي بزجاج السماء ..
وأني رأيت الذي لا يُرَى
شموسٌ تدور
وأرضٌ تفور
وبحرٌ يثور
وأني رجعت، وفي جعبتي
ملفات كل النساء !!
10
أيا نهدها الملكي الأصول …
إليك أقدم أسمى ولائي
فعنك .. أخذتُ الكثير من الكبرياء …
آذار (مارس) 1990
ساحة النقاش