ديوان : فصحى - وما السيفُ إلا بعدَ عِلْمٍ / صائغ القوافي الشاعر فهد بن عبدالله الصويغ

 وما السيفُ إلا بعدَ عِلْمٍ 


قاهِرْ نَفْسَكَ الأُولى فَإِنَّ عَدُوَّهَا
يُقِيمُ بِصَدْرِكَ اسْتِكْبَارَهُ الْمُسْتَتِرِ
وما السيفُ إلا بعدَ عِلْمٍ وحِكْمَةٍ
وما النصرُ إلا بعدَ صبرٍ مُعْتَبَرِ
فإن لم تُهَذِّبْهَا تَهَيَّأَ طَيْشُهَا
وزيَّنَ دربَ الإثمِ زَيْفًا مِنَ الْغَرَرِ
وكم زَلَّ رأيٌ جارَ أُمَّتَهُ أَسًى
وأورثَها في الصدرِ جرحًا مِنَ الْكُدَرِ
فدعْ صوتَ تحريضٍ يَرِنُّ بغَفْلَةٍ
وخُذْ صوتَ عقلٍ بالهدايةِ يَشْتَهِرِ
وسِرْ في طريقِ العلمِ تُبْنَى دُرُوعُهُ
فدرعُ الهوى والجهلِ أوهى مِنَ الْوَتَرِ
ولا تتَّبعْ خَطَّ الرَّغيبَةِ إنَّها
تُريكَ ضياءً زائفًا خلفَهُ خَطَرِ
قِتَالُكَ أن تَسْمُوَ على كلِّ شهوةٍ
وتكسرَ في صدركَ غرورَكَ بالْفِكَرِ
وأن تزرعَ الأخلاقَ في كلِّ خَاطِرٍ
فيزهرَ في روحِ الزمانِ معَ الظَّفَرِ
فهذا طريقُ العاقلِين إذا وَعَوْا
ومن نورهِ يحيا الفؤادُ من الحَجَرِ
ليس الفتى من يستبيحُ دماءَهم
ولكن فتى الأخلاقِ من صانَ ما انتُهَرِ
ومن يبنِ جيلًا بالمعاني وصونِها
أجلُّ ممن يبني الخرابَ على الشَّرَرِ
فإن رُمتَ نصرًا فابدأنَّ من الداخلِ
ففي النفسِ أسوارٌ تُهَدُّ معَ الْخَبَرِ
ولا تَدَّعِ النُّبلَ الكبيرَ وقلبُك الـ
خفيُّ أسيرُ الهوى في سَوطِهِ الْمُنْهَمِرِ
وكم صائحٍ للحقِّ بين الورى دَعَا
وفي صدرِه طمعٌ يُغَلِّفُهُ الخَطَرِ
قِتَالُكَ أن تحيا ليحيا سواكَ بهِ
وتغرسَ في الأيّامِ أملًا بلا نَفَرِ
وأن تصنعَ الإصلاحَ علمًا وعِزَّةً
فتبقى على مرِّ الزمانِ معَ الأثَرِ
فمن صانَ نفسًا قد أقامَ مَمالِكًَا
ومن أفسدَ النفسَ استقرَّ على الْحَفَرِ
ولا تبتغِ الأمجادَ حربًا مُزَيَّفًا
إذا لم يَقُمْ عقلُكَ بالحِكْمَةِ الْمُزْدَهِرِ
فالأرضُ تُسترجَعُ بالوعي والتُّقَى
وليسَ بِمَنْ يهوي لِطَغْيٍ وخَطَرِ
وكُن نورَ فكرٍ لا لهيبَ فِتْنَةٍ
فبالنورِ تحيا الأرضُ بالعدلِ والظَّفَرِ
فهذا قتالُ الحرِّ إن كان صادقًا
وغيرُهُ وهمٌ تائهاً في سَقَرِ
والعلمُ قبلَ السيفِ دِينٌ ورسالةٌ
ومن خالفَ التدبيرَ ضلَّ عنِ الظَّفَرِ
وفي النفسِ معركةٌ إذا فُزتَ بها
فقد نلتَ نصرًا مُرفَعًا بالفِكَرِ
قاهِرْ نَفْسَكَ إن فعلتَ غدوتَ سيِّدًا
وعشتَ عزيزًا في البريَّةِ مُفتَخَرِ



صائغ القوافي الشاعر 
فهد بن عبدالله فهد الصويغ 
    

وزن القصيدة بحر الطويل