تراتيل مكة


يا نجمةً حلّتْ بليلِ العاشقينْ
وسكنتِ في وجدي بلا أنين
يا نفحةً من رحمةٍ متساقطٍ
من جنّةٍ تهمي بنورِ الياسمينِ
ما كنتِ إلا زهرةً من خالقي
تُزري بضوءِ الشمسِ إن لاحَتْ بعينِ
يا صورةَ الإحسانِ في مخلوقِهِ
سبحانَ من سوّاكِ فجرَ الحالمينِ
كم فيكِ من لطفِ الإلهِ تبرُّجٌ
يغدو له قلبُ الورى في الساجدينِ
يا غيمةً عبرتْ سماءَ مشاعري
فسقتْ رمادَ العمرِ ماءَ اليقينِ
فيكِ الرضا، فيكِ الهدوءُ، وفي المدى
همسُ الوجودِ يراكِ لحنَ الباسقينِ
يا بهجةَ الأرواحِ إن طافتْ بها
أنفاسُ صبحٍ من رجاءِ المؤمنينِ
ما كنتِ لي حبًّا يُضلُّ طريقَهُ
لكنْ دليلاً في دروبِ العارفينِ
أهواكِ لا عشقًا يُمِيلُ جوارحي
بل شكرَ مَن خلقَ الجمالَ لعينينِ
كم مرةً رأيتُ في طيفكِ سكينةً
تُحيي القلبَ من هجرٍ وأحزانِ البنينِ
يا نورَ الفجرِ حينَ يفتتحُ الأفقَ
ويغسلُ الليلَ من غبارِ الماضينِ
كم تسللتْ أنفاسُكِ إلى صدري
فأضحتِ الروحُ تسبحُ مع الطيبينِ
أهيمُ فيكِ كطفلٍ عرفَ الدروسَ
فوجدَ المعنى في بسمةِ الصالحينِ
يا نسمةَ السماءِ، يا سرَّ الصفاءِ
فيكِ ارتوى من ضمأِ العاشقينِ
ما كنتُ أرى في حبِّكِ شيئًا ماديًّا
بل نورًا يعلو على كلِّ المحبينِ
أراهُ صدى لطفِ اللهِ في خليقتهِ
ينطقُ بالحبِّ ويهدي السائرينِ
فكلُّ جمالٍ فيكِ هو إشراقٌ
من سراجِ الرحمنِ على المخلوقينِ
قد سجدتُ بقلبي شكراً لربِّنا
على أن جعل الجمالَ في المرسلينِ
أيتها الزهرةُ، يا مرآةَ الحقِّ
يا نبعَ النورِ لكلِّ المؤمنينِ
يا رحلةَ الروحِ بين الندى والسَّحر
كم حبُّكِ علّمني معنى اليقينِ
خاتمة للكعبة المشرفة:
مكةُ يا أرضَ الهُدى والنورِ
يا قبلةَ الرحمنِ مهداةً للمؤمنينْ
يا قبلةَ القلوبِ، يا بيتَ الرحمنِ
فيكِ ارتوى العبدُ من نورِ اليقينِ
يا روضةَ الأمنِ، يا مَسجداً طاهرًا
إليكَ السجودُ والتضرعُ للأمنينِ

صائغ القوافي الشاعر 
فهد بن عبدالله فهد الصويغ 
     

وزن القصيدة بحر الكامل