خمرُ عيناكِ أسكرني 


أرجعي الكأسَ، فخمرُ عيناكِ أسكرني
ما ظنَّ مجنونُ ليلى لو رأى ما سحرني
حاجباكِ خنجرانِ، ماضيانِ قتلنني
وعندَ بوحِكِ، قُدسيّ الهوى قد أسرني
عشقُ الغواني فتونٌ في محاجرِها
لكنَّ عينيكِ نارٌ حينَ قد فتنني
أنتِ للعشقِ ماءٌ، ودواءٌ مُنعَّمٌ
فتقدّمي، بشفاهِ الوردِ، وامتحني
دَعي خمركِ يسري في دمي ولهًا
فأجملُ الأسرِ يومًا حينَ قد أسرتْني
يا زهرةً نسجتْ أنفاسُها لهبي
كم خفَّ عقلي، وقلبي اليومَ قد جنني
ما كنتُ أهوى، ولكنْ حينَ أبصرتُها
أذلَّني الحُسنُ حتى البأسُ قد خذلني
يا من بعينِكِ غابَ الصبحُ من ولهٍ
وأشرقَ الحلمُ في أفقِ الهوى وسَنِي
إن متُّ، فاذكريني عندَ مبسمِكِ
ففي ابتسامكِ يُحيا ميتُ الأوطانِ مِنْ حنني
يا منبعَ الضوءِ، يا تِرياقَ عاشقهِ
يا من بنظرتِه قد أُغلقَ الزمنُ
سَلوتُ قبلكَ دهرًا كلَّ فاتنةٍ
حتى أتيتِ فذابَ القلبُ والحَزَنُ
أهواكِ همسًا، وأخشى البوحَ من ولهٍ
كأنَّ قلبي لهيبٌ ما له سَكَنُ
يا نغمةَ الروحِ في أذنِ المحبِّ إذا
غنّى الهوى، وانطوى في نغمهِ الشجنُ
في لحظِكِ البدرُ مذعورٌ، وقد خجلتْ
منكِ الكواكبُ لمّا لاحَ لي وَسَنُ
وجهُكِ صبحٌ، وضوءُ الفجرِ أولهُ
وليسَ يُدرِكُ سرَّ الحسنِ من فُتِنُوا
يا قبلةَ الشعرِ، يا لحنَ الهوى ولهاً
يا جُرحَ قلبي إذا ما مسّهُ السكنُ
كتبتُ فيكِ كتابَ العشقِ من دمِنا
فكلُّ حرفٍ ندى، والدمعُ والوَطَنُ
ما بينَ كفَّيْكِ عمري دونَ ما ثمنٍ
وما وهبتُكِ إلا الروحَ والعَدنُ
أهواكِ رغمَ عذولي حينَ ينهَرُني
فما لقلبي سوى سجنِ الهوى سَكَنُ
تغدو المنى عندَ طيفٍ منكِ زائلةً
ويُصبحُ الصبحُ دونَ النورِ مُرتَهَنُ
يا ليتَ شعري، أفي عينيكِ معجزةٌ؟
أمْ في ابتسامتِكِ الإلهامُ والوطنُ؟
أهواكِ ما خُطَّ حرفٌ في دفاترهِ
إلا وكانَ بهِ من اسمِكِ اللحنُ
كأنَّ فيكِ صلاةَ العشقِ ساجدةً
تُهدي إلى اللهِ من صبري الذي فُتِنُ
يا وردةَ الروحِ، يا أنثى تَفرُّ بها
أشعاريَ النورَ إذ ينهارُ لي زَمَنُ
أنتِ البدايةُ في عشقي ونهايَتهُ
وما سواكِ حروفٌ ما لها ثَمَنُ

صائغ القوافي الشاعر
 فهد بن عبدالله فهد الصويغ 
     


وزن القصيدة بحر الكامل