موطني أصلُ الحضارةِ
موطني أصلُ الحضارةِ والتاريخِ
ومجدُ العُربِ والإحسانِ والعطاءِ
وملتجأُ الأُسْدِ الشدادِ إذا دجا
ليلُ الخطوبِ فزاد في الظلماءِ
موطنٌ سامى على هامِ السما
وترفرفُ الأمجادُ في العلياءِ
قبلةُ الأحرارِ ما برحت لنا
نورًا يسيرُ على خطى الآباءِ
كلُّ شبرٍ فيه يشدو عِزَّةً
ويبوحُ بالروحِ الأبيةِ النجلاءِ
موطني رمزُ الفخارِ ونبعُهِ
والفضلُ في الدنيا وفي العلياءِ
لا تهزّهُ نازلةٌ أو فتنةٌ
فهو الحصينُ وسيدُ الوطناءِ
حيثُ الكريمُ إذا دعا نصرًا رأى
سيفَ الحقيقةِ صادقَ الحدِّ مضّاءِ
والسلمُ منهُ يفيضُ طُهرًا ناصعًا
كالغيثِ يجري بينَ كلِّ حِماءِ
بناهُ أهلُ الصدقِ فوق عقيدةٍ
ومضَوا كأبطالِ الندى والوفاءِ
فيه الأرواحُ التقتْ وارتفعتْ
فوقَ العلا نحو السحابِ النضراءِ
حلمُ الأُلى لم يخنْ، أملٌ سعى
حتّى غدا فجرًا بلا إطفاءِ
وتكاتفَ الأحرارُ فيه ولبسوا
درعًا من الإيمانِ والإخاءِ
ماضٍ يشدّ الحاضرَ المعمورَ في
عزٍ يظلُّ مدى الزمانِ ببهاءِ
في ثراهُ المجدُ نبتٌ شامخٌ
يسمو كغصنِ النخلِ في الصحراءِ
راياتهُ في الكونِ تعلو شامخًا
وتتيحُ ظلّ العدلِ والرحماءِ
كم شهيدٍ دونَ طُهرِ ثراهُ قد
ساق الحياةَ بمهجةٍ حمراءِ
والسعدُ وافى موطني متوجًا
فله مكانُ الصدرِ في العلياءِ
منهُ نبع نورُ الحقِّ إذ لمعَتْ
آياتُهُ في الأرضِ كالإسراءِ
يحمي الضيوفَ بطيبةٍ ويعزُّهمْ
ويزيدهم أمنًا بلا إقصاءِ
لا يضيقُ الصدرُ إلا بالعدى
أما بنوهُ ففي كرمٍ وسخاءِ
كم بيوتٍ فيه تُرفعُ خشيةً
وتفيضُ أنوارُ الهدى بصفاءِ
موطني حصنُ الأباةِ وسيفُهمْ
وملاذُ كلِّ الصادقينَ الأوفياءِ
فيه إيمانٌ وفيه عزةٌ
تعلو السحابَ وتبلغُ العلياءِ
أرضٌ إذا جدّ الزمانُ بأهلِها
ظلّت كفجرٍ مشرقٍ بضِياءِ
كلُّ صبحٍ فيه يمحو ظلمةً
ويموجُ فيه الطيرُ بالغرباءِ
نورُهُ يغمرُ قلبي رهبةً
ويزيدني فخرًا بكلِّ فضاءِ
لن تنثني أو تنحني أبطالُهُ
وهمُ الندى في العسرِ والضراءِ
منهُ تطولُ على الأممِ الهدى
وبهِ حياةُ المجدِ والعلواءِ
يا بلادي واصلي في رفعةٍ
وتسامي فوق هامِ الأنجماءِ
نحنُ الأوفياءُ لشرعكِ والنَّدا
والعهدُ باقٍ ما دعتْ نُجَبَاءُ
وفيك مكةُ قبلةُ الدنيا سَنَتْ
بيتًا لوجه اللهِ في البطحاءِ
أولُ بيتٍ وُضعَ للناسِ الذي
دانَت له الأرواحُ بالولاءِ
منهُ دعى الهادي محمدُ ربَّهُ
نورًا يبدّدُ شِرعةَ الظلماءِ
خيرُ الورى طه النبيُّ مجدُهُ
يسمو على كلِّ الورى بسماءِ
صلّى عليه اللهُ ما هبّت صبا
وتتابعت ألطافُه بالحمداءِ
قد جاء بالحق المبينِ ورحمةٍ
ونسخ الظلماتِ بالآياءِ
هو رحمةٌ للعالمينَ ونعمةٌ
جاءت لتجمعَ أمّة الأتقياءِ
وبأرضِ مكةَ منحنا فخرًا بهِ
فجرُ الهدى من نورِه أضوائي
صائغ القوافي الشاعر
فهد بن عبدالله فهد الصويغ
وزن القصيدة بحر الطويل


