سكان السودان وتحديات المستقبل
فى اواخر العام المنصرم 2012م دشن المجلس القومى للسكان وثيقة معلوماتية مهمة بعنوان «سكان السكان وتحديات المستقبل» وصدرت الوثيقة فى كتاب بلغ حجمه «267» صفحة من الحجم المتوسط مكون من عشرة فصول، بالاضافة للمقدمة والملاحق. والكتاب عبارة عن مجموعة من اوراق العمل لخصت جهود ثماني مجموعات عمل ضمت «51» عضواً متنوعى الخبرات والتخصصات، عكفوا على تحليل نتائج الاحصاء السكانى الخامس لجمهورية السودان لاستخراج اهم مؤشراته فى مجال السكان. وحرر الكتاب الخبير الوطنى الدكتور حسن عبد العاطى والذى بذل جهداً خارقاً لتحرير الكتاب، حيث احتاج الأمر الى تلخيص ما يقارب الالف صفحة واختصارها وضبط صياغتها دون التدخل فى الآراء التى تطرحها. ومرَّ الكتاب حسب الافادات التى وردت فى التمهيد بعدد من المراحل، واستغرق إعداده فترة زمنية ليست بالقصيرة خضع خلالها الى نقاش مستفيض فى مراحل مختلفة، وتم التماس رأى ثلاثة من الخبراء السودانيين العاملين فى المنظمات الاقليمية ذات الصلة بالشأن السكانى. وتناول الكتاب قضايا حساسة متعلقة بالسكان والقضايا التنموية المتعلقة بهم، والتى كانت مكان جدل مما اكسب الكتاب اهمية خاصة. وأنا شخصياً أعتبر هذه الوثيقة بالاضافة للاستراتيجية القومية للفقر التى اصدرتها وزارة المالية أواخر عام 2012م، من اهم الوثائق الحكومية التى صدرت خلال العام، وذلك للاسباب الآتية:
1/ قضايا السكان والفقر من القضايا الحساسة، ومعلوماتها من أكثر المعلومات تداولاً، وهى مثيرة للجدل وتمثل على الدوام مدخلاً لتدخل المنظمات الاجنبية ذات الغرض فى الشأن الداخلى، مما يعتبر تهديداً للأمن القومى السوداني.
2/ المعلومات الموثقة فى شأن السكان والفقر عادة شحيحة ومتضاربة ومصدرها فى الغالب جهات ذات غرض فى تشويه سمعة السودان واستهدافه.
3/ حدثت تغيرات ديمغرافية كبيرة اثرت على اوضاع السكان بعد اجازة السياسة القومية للسكان عام 2002م، منها اندلاع الحرب فى دارفور وما ترتب عليها من هجرات ونزوح وانفصال الجنوب واندلاع الحرب فى جنوب كردفان والنيل الازرق والأزمة الاقتصادية، وكلها عوامل نتج عنها حراك سكاني واسع ادى الى تغيير فى الخصائص الديمغرافية والاثنية للسكان يستدعى تعديل السياسة القومية للسكان.
4/ الحاجة الماسة لتحليل نتائج الاحصاء السكانى الخامس، وإدماج محاور السياسة القومية للسكان فى الاستراتيجيات القومية والخطط القطاعية.
وتم فى الكتاب إضافة بابين جديدين حول الرعاة والرحل والنازحين، ويرجع الفضل فى إضافتهم الى الدكتور حسن عبد العاطى محرر الكتاب الذى بإضافته للمجموعتين لفت الانتباه الى إثنين من الفئات الهشة «الرحل والنازحين» والتى تعيش حياة قاسية تحتاج الى تركيز الاهتمام حولها من قبل الدولة. ومهما احتاج الكتاب الى بعض التصويبات وضبط بعض الارقام التى تأثرت بانفصال الجنوب، لكنه يظل وثيقة مهمة تسد ثغرة معلوماتية كبيرة للباحثين وواضعى السياسات.
إبراهيم الشاهر محمد الشاهر
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
ساحة النقاش