لا مناص من المضي قدماً في خلق علاقات جوار آمنة مع الجنوب
في ندوة:
(تحديات وآفاق السلام والتنمية في ولايات التمازج)
المناطق الحدودية، «مناطق التماس/التمازج/ التداخل» وهو ما اعتاد الباحثون أن يطلقوه عليها وهي عبارة عن شريط من الأراضي يغطي جانبي الحدود الفاصلة بين جنوب السودان وشماله، بين خطي العرض 7 و 13 درجة شمالاً وخطي طول 14 و 34 درجة شرقاً، وتمتد على امتداد الحدود البالغة 2010 كلم، بدءاً من ولاية جنوب دارفور من أقصى الغرب مروراً بولايات شرق دارفور، جنوب كردفان، النيل الأبيض، سنار والنيل الأزرق في الشرق. هذه المنطقة تمثل بؤرة للتعايش العرقي والتمازج الثقافي والاجتماعي وتقاسم استخدام الأرض واستثمارها، لا سيما بالنسبة للقبائل الرعوية في المنطقة.
نبذة عن ولايات الحدود الجنوبية:
تقع ولايات التماس الحدودية بين خط العرض (7-13) شمال، في نطاق السافنا وتتراوح كمية أمطارها بين 250-500-7500-1000 ملم في العام، لذلك ظلت أحد أكثر مناطق السودان غنيً بمواردها الطبيعية خاصة الأراضي والمياه وأخيراً البترول. كذلك تتميز هذه الولايات بالتمازج العرقي والثقافي بين الدم العربي والافريقي والتعايش والتواصل بين المسلمين والمسيحيين. وتاريخياً ظلت المؤسسات الأهلية بما فيها مؤسسات السلاطين وزعماء القبائل ورجال الدين تلعب دوراً أساسياً في التعايش والتسامح وفض النزاعات مما عزز تماسك وترابط النسيج الإجتماعي وآليات التعايش السلمي علي المستوي المحلي. يحدث هذا بالرغم من العوائق الطبيعية المتمثلة في الغابات والسدود، فكانت المشاركة بين القبائل في الأرض والمرعى والماء ومثال لذلك الدينكا والمسيرية في منطقة أبيي والشلك وقبائل سليم في ولايتي النيل الأبيض وأعالي النيل نزّى والدينكا في الرنك والذى جعل النسيج الإجتماعى متماسكاً لدرجة المصاهرة والتمازج الحقيقى بين قبائل هذه الولايات خاصة فى أجزائها الجنوبية.
تأثرت كل هذه الولايات بدرجات متفاوتة بالصراعات على الموارد والحرب الأهلية الأمر الذي قاد لتدهور الحياه المعيشية لسكانها في ظل تراجع غطاء الموارد الطبيعية جراء الضغط عليها وزيادة إستهلاكها وسوء إستخدامها مع توقف برامج التنمية والحماية وترشيد الاستخدام. لذلك ظل الفقر البشري وعدم الإستقرار السكاني وضعف البنية التحتية المساندة للإنتاج والاستهلاك وضعف رأس المال البشري أحد الخصائص الإقتصادية والإجتماعية الهامة لهذه المناطق وكذلك الإهمال المتعمد من الحكومات المتعاقبة على حكم السودان وبعدها عن مركز القرار.
لم يمض وقت طويل بعد توقيع إتفاقية السلام الشامل فى 2005م وبداية جهود الإعمار حتى جاءت الأزمة المالية والإقتصادية، وعقبها إنفصال الجنوب الذى شطر السودان إلى نصفين وأصبحت قبائل التماس فى الواجهة مع حكومة الجنوب وتنحصر ثروتها الحيوانية فى شريط ضيق لا يتحمل هذه الثروة الهائلة مما أضطر بعض الرعاة وزعماء العشائر من توقيع إتفاقيات للمرعى وكلها تصب فى مصلحة الطرف الآخر فضلاً عن السلب والنهب الذى يمارسه أفراد الجيش الشعبى وقتل الرعاة.
إبراهيم الشاهر محمد الشاهر
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
ساحة النقاش