الحمد لله رب العالمين ، وصلى اللَّه وسلم وبارك على نبينا محمد خاتم الأنبياء وسيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: فإن يوم عاشوراء يوم عظيم، له فضيلة عظيمة ، وحرمة قديمة، وصومه كان معروفاً بين الأنبياء والمرسلين ، وعباد اللَّه الصالحين.
وإني في هذا البحث المختصر أذكر أشهر الأحاديث الواردة في فضل صومه والمراحل التي مر بها في مشروعيته:
ما ورد في فضل صيامه:
1- عن عبد اللَّه بن أبي يزيد أنه سمع ابن عباس رضي اللَّه عنهما وسئل عن صيام يوم عاشوراء؟ فقال: " ما علمت أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صام يوماً يطلب فضله على الأيام إلا هذا اليوم، ولا شهراً إلا هذا الشهر - يعني رمضان -" .
وفي لفظ: " ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم: يوم عاشوراء..".
أخرجه البخاري (4/245) (ح2006) ، ومسلم (1132) ، والنسائي (4/204) (ح2370)، وأحمد (1/367) ، وابن خزيمة (2086)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (3779)، وفي "السنن الكبرى" (4/286)، والطبراني (1254).
2- وعن أبي قتادة رضي اللَّه عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " صيام يوم عاشوراء، أحتسب على اللَّه أن يكفر السنة التي قبله" .
أخرجه مسلم (1162)، وأبو داود (2/321) (ح2425)، والترمذي (2/115) (ح749) ، وابن ماجة (1/553) (ح1738) ، وأحمد (5/308)، والبيهقي (4/286).
تعليق:
في هذين الحديثين دليل على فضل صوم يوم عاشوراء، وأنه يكفر السنة التي قبله. والمشهور عند أهل العلم أنه إنما يكفر الصغائر فقط، أما الكبائر فلابد لها من توبة.
قال النووي رحمه الله: " يكفر كل الذنوب الصغائر، وتقديره يغفر ذنوبه كلها إلا الكبائر .
ثم قال: صوم يوم عرفة كفارة سنتين، ويوم عاشوراء كفارة سنة، وإذا وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه.. كل واحد من هذه المذكورات صالح للتكفير، فإن وجد ما يكفره من الصغائر كفّره، وإن لم يصادف صغيرة ولا كبيرة كتبت به حسنات، ورفعت له به درجات، وإن صادف كبيرة أو كبائر، ولم يصادف صغائر رجونا أن تخفف من الكبائر" اهـ. المجموع (6/382).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وتكفير الطهارة، والصلاة وصيام رمضان، وعرفة، وعاشوراء للصغائر فقط" . الفتاوى الكبرى (4/428).
قلت: ويدل لذلك ما ثبت في "صحيح مسلم" عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: " الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن، إذا اجتنبت الكبائر" .
* ما ورد في الأمر بصيامه:
3- وعن عبد اللَّه بن عباس رضي اللَّه عنهما قال: " قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، نجّى اللَّه فيه موسى وبني إسرائيل من عدوهم، فصامه، فقال: أنا أحق بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه" .
وفي رواية: " فصامه موسى شكراً، فنحن نصومه" .
وفي رواية أخرى: " فنحن نصومه تعظيماً له" .
أخرجه البخاري (4/244) ح(2004) ، ومسلم (1130)، وأبو داود (2/426) (ح2444) ، وابن ماجه (1/552) ح(1734) ، والبيهقي (4/286).
وأخرجه أحمد (2/359) من حديث أبي هريرة وزاد: "وهذا يوم استوت فيه السفينة على الجودي" وإسناده ضعيف، في إسناده عبدالصمد بن حبيب وهو ضعيف، وحبيب بن عبدالله وهو مجهول .
قال ابن كثير في تفسيره (2/448) - بعد أن أورده من هذا الوجه - : "وهذا حديث غريب من هذا الوجه" .
4- وعن الرُّبيع بنت معوِّذ رضي اللَّه عنها قالت: "أرسل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة : من كان أصبح صائماً فليتم صومه، ومن كان مفطراً فليتم بقية يومه، فكنّا بعد ذلك نصومه، ونصوِّمه صبياننا الصغار، ونذهب إلى المسجد، فنجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم أعطيناها إياه، حتى يكون الإفطار" .
وفي رواية: " فإذا سألونا الطعام أعطيناهم اللعبة تلهيهم، حتى يتموا صومهم".
أخرجه البخاري (4/200) (ح1960) ، ومسلم (1136) ، وأحمد (6/359) ، وابن حبان (8/385) (ح3620) ، والطبراني (24/275) (ح700) ، والبيهقي (4/288).
5- وعن سلمة بن الأكوع رضي اللَّه عنه ، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أمر رجلاً من أسلم: "أن أذِّن في الناس: من كان أكل فليصم بقية يومه، ومن لم يكن أكل فليصم، فإن اليوم عاشوراء" .
أخرجه البخاري (4/245) (ح2007) ، ومسلم (1135) ، والنسائي (4/192) ، والدارمي (2/22) ، وابن خزيمة (2092) ، وابن حبان (8/384) (ح3619) ، والبيهقي (4/288) ، والبغوي في "شرح السنة" (1784).
6- وعن أبي موسى الأشعري رضي اللَّه عنه قال: "كان يوم عاشوراء يوماً تعظّمه اليهود، وتتخذه عيداً، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "صوموه أنتم" .
وفي رواية لمسلم: " كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء، يتخذونه عيداً، ويلبسون نساءهم فيه حليهم وشارتهم، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : فصوموه أنتم".
أخرجه البخاري (4/244) (ح2005) ، ومسلم (1131).
قال النووي: " الشارة بالشين المعجمة بلا همز، وهي الهيئة الحسنة والجمال، أي يلبسونهم لباسهم الحسن الجميل" . شرح مسلم (8/10).
وقال ابن الأثير: " الشارة: الرواءُ والمنظر الحسن والزينة". جامع الأصول (6/308).
7- وعن محمد بن صيفي رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء: " أمنكم أحد أكل اليوم، فقالوا: منا من صام، ومنا من لم يصم، قال: فأتموا بقية يومكم، وابعثوا إلى أهل العَروض فليتموا بقية يومهم".
أخرجه النسائي (4/192)، وابن ماجه (1/552) ، (ح1735)، وأحمد (4/388)، وابن خزيمة (2091) ، وابن حبان (8/382) (ح3617) .
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة " (2/30) : "إسناده صحيح" .
قلت: وهو كما قال.
المصدر: م/السيد الحسينى
نشرت فى 3 ديسمبر 2011
بواسطة elsaidelHussein
م/ السيد السعيد محمد الحسينى إبراهيم
هذا الموقع بتوفيق من الله أردت ان أخدم به أصدقائى فى كل المجالات وأن يكون عونا لى وللمجتمع على التقدم والرقى (وأدعو الله أن ينفعنا جميعا) »
تسجيل الدخول
ابحث
عدد زيارات الموقع
75,489
ساحة النقاش