الهجرة الغير شرعية شبحًا يدق ناقوس الخطر.. والفقر والقمع أهم دوافع الشباب للموت غرقًا
منذ 12 ساعة
عدد القراءات: 7685
كتبت - أميرة أحمد
ارتفعت حالات الهجرة الغير شرعية في مصر بشكل غريب وملحوظ ومثير للقلق كذلك فى الفترة الأخيرة ، حيث تعد "أم الدنيا" أبرز البلاد المصدرة للبشر بشكل غير شرعي سواء للعمالة أو غيرها.
وقد أدي غرق مركب للهجرة غير الشرعية عصر أمس الأربعاء، فى منطقة رشيد، على متنه 300 شخص، مخلفاً وراءه 42 غريقًا حتى الآن إلى فتح هذا الملف الشائك الذي يدق ناقوس الخطر بشدة.
وتزايدت بشكل ملفت للانتباه عمليات الهجرة غير الشرعية في المنطقة العربية، سواء بين دول المنطقة وبعضها بعضًا، أو من الدول العربية للدول الأوروبية.
وباتت قضية الهجرة غير الشرعية مشكلة تؤرق الدول المستقبلة لهؤلاء المهاجرين وعلى رأسها دول أوروبا التي تعتبر المستقبل الأول للمهاجرين غير الشرعيين من دول شمال إفريقيا.
غير ان ظاهرة الهجرة غير الشرعية ليست حديثة العهد، بل هي ظاهرة بدأت منذ ستينات القرن الماضي، وتقدر منظمة العمل الدولية معدل حجم الهجرة غير الشرعية بـ10-15% من عدد المهاجرين في العالم، أما منظمة الهجرة الدولية فتقدر بأن حجم الهجرة الغير القانونية في دول الاتحاد الأوروبي يصل إلى 1,5 مليون فرد.
الهجرة غير الشرعية في مصر
في ضوء تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية فى مصر يقع الشباب في دائرة المحظور من خلال اللجوء إلى سماسرة السوق ومكاتب السفريات غير القانونية ووسطاء الهجرة الذين يتقاضون آلاف الجنيهات من كل شاب للسفر.
وتنتشر على الحدود مع ليبيا أو فى بعض محافظات الصعيد عصابات للنصب على الشباب، وتتقاضى منهم مبالغ طائلة بدعوى توفير فرص عمل لهم في ايطاليا أو أوروبا ثم يهربون بهذه الأموال دون أن يحاسبهم احد ، وتنتهي رحلة الشباب إما بالموت أو السجن والترحيل.
ونتيجة لعدم توفر الوعي لدى هؤلاء الشباب بمخاطر الهجرة غير الشرعية يلقون حتفهم وهم في طريقهم إلى أحد الموانئ الإيطالية حيث يتم تسفيرهم على متن مراكب قديمة ومتهالكة والنتيجة غرقهم وسط البحر المتوسط وحتى من ينجو منهم ويصل إلى ايطاليا يعتبر مخالفاً للقوانين الإيطالية، ويتم إعادته مرة أخرى إلى أرض الوطن مرحلاً مهاناً .
وهناك طرق عديدة لتهريب المهاجرين غير الشرعيين، منها الطرق البرية عن طريق التسلل إلى ليبيا، حيث يتم تهريب المهاجرين إلى إيطاليا ومالطا وعن طريق الأردن يتم تهريب المهاجرين إلى قبرص واليونان أو تركيا.
تصنيف المهاجرين
وضع المهاجر غير القانونى يشمل أصنافًا متباينة من المهاجرين لذا يصعب تحديد حجم الهجرة غير الشرعية نظرا لطبيعة هذه الظاهرة .
ونذكر من هذه الاصناف:-
• الأشخاص الذين يدخلون بطريقة غير قانونية إلى دول الاستقبال ولا يسوون وضعهم القانوني.
• الأشخاص الذين يدخلون دول الاستقبال بطريقة قانونية ويمكثون هناك بعد انقضاء مدة الإقامة القانونية.
• الأشخاص الذين يشتغلون بطريقة غير قانونية خلال إقامة مسموح بها.
• الأشخاص الذين يعملون باشغال غير المنصوص عليها في عقد العمل.
معركة الوعي العام
من جانيها أكدت الدكتور "هبة العيسوى" أستاذة الطب النفسى بجامعة عين شمس، أن اللجوء للهجرة سواء الشرعية أو غير الشرعية هي ثقافة توارثها المصريون من بعضهم جيل وراء جيل منذ عشرات السنين، والتي صنعت فجوة بين المواطن والوطن وجعلت العلاقة بينهم مجرد منشأ تكتب على الباسبور فقط.
واعتبرت "هبة" أن الفقر ليس السبب الرئيسي كما يشاع، لكن العامل المصري يعمل سنوات عديدة في الخارج ويربي أبناءه على حلم الهجرة والعمل في الخليج أو أوروبا، لذلك فمن الطبيعي أن يصر الشباب على الهجرة سواء شرعية أو غير شرعية.
مواطن بلا وطن
وأكدت "هبة" أن فقدان الشعور بالمواطنة حولت الشباب المصريين لأشباه مواطنين، فالدولة تنظر إليهم كأنهم عبء عليهم ويتم تهميش دورهم، ووصفهم بالجهلاء وعديمي المسؤولية، لافتة إلى أن الشباب المصري لفظ سياسة دولته وذلك ما ظهر جليًا في الاستفتاءات السابقة وندرة حضورهم في الانتخابات منذ عامين.
الدول الأخرى أفضل حاًا من "أم الدنيا"
ويقول الدكتور"رضا عيسى" الخبير الاقتصادي، إن المزايا التي تقدمها الدول الأجنبية للعمال يفقتدها المصريون وأبناء الدول النامية لذلك يلجأون إليهم.
ةأكد "عيسى"، إن حالة الانفتاح التي تعيشها بعض البلدان العربية وجميع البلدان الغربية تجعل من الشباب يحلمون بالهجرة ليتمكنوا من العيش بصورة أكثر انفتاحًا وعولمة من البلد الذي يعيشون فيه، فنجد اليوم أن أكثر شبابنا يهاجرون الى السويد وهولندا وألمانيا وأميركا طلبًا للرزق والمتعة في آن واحد.
هتاكلوا مصر ولا ايه
وأضاف "عيسى" إن الوضع الاقتصادي في مصر في غنى أن نتحدث عليه كسبب رئيسي يدفع الشباب للانتحار، بقدر أن يدفعهم للهجرة، فكل يوم يوم نجد أن أسعار السوق في ارتفاع مستمر، بينما الدخل اليومي للفرد ثابت لايحرك ساكنًا، مما يجعل الشباب يتطلعون نحو السفر سنة أو أكثر حتى يتمكنوا من تجميع مبلغًا من المال يستطيعون معه أن يكونوا مستقبلا لهم، فالعازب يريد أن يتزوج، والمتزوج يريد أن يستقل بمنزل خاص به وبزوجته والدخل اليومي داخل بلده لايتمكن معه بالعيش بصورة طبيعية.
وأضاف أن الوضع الاقتصادي في مصر يؤثر بشكل كبير في ذلك، فهو يضاعف من نسبة الظروف الاجتماعية المزرية، ويقلل من فرص العمل التي تعد شبة معدومة، كما يعاني الشباب من حالة استحالة تحقيق أحلامهم في ظل الظروف الموجوده في بلادهم.
واوضح أن أشكال الهجرة إلى الخارج تنوعت وأصبحت اكثر سهوله، منها بطريقة شرعية ومنها غير شرعية، أي في هذا الزمن يطلق عليها التهريب من عن طريق البلدان من خلال مجموعة من الناس تتقاضى الأجور من الشخص المهاجر لتهريبهم الى البلد المراد الهجرة إليها.
ناقوس الخطر
في إطار استقراء مستقبل ظاهرة الهجرة غير الشرعية،وضع المحللون السياسيون سيناريوهات محتملة الأول، هو التصاعد المستمر، ويتمثل في تزايد معدلات الهجرة غير الشرعية من السةاحل المصرية، رغم فشل المحاولات، لاسيما مع استمرار وجود العوامل المحفزة لعمليات الهجرة، خاصة انخفاض معدلات التنمية وتزايد معدلات الفقر والقمع، وفقًا لمؤشرات منظمات عالمية ، كل هذا إلى جانب افتقار مصر للاستقرار الأمني.
والسيناريو الثاني، هو البقاء على الوضع الحالي، حيث لا يمكن استبعاد هذا المسار بشكل تام، لاسيما في ظل وجود شبكة كبيرة لتنظيم تلك العمليات، وعدم قدرة الأجهزة الأمنية، على القضاء عليها بشكل نهائي، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تجمد الظاهرة وبقائها على حالها دون تزايد أو انخفاض.
ساحة النقاش