الاشتراكية والرأسمالية وجها لوجه! فمن الرابح ومن الخاسر إذا؟ (الجزء الثالث)
الفكر الاقتصادي الإسلامي.. هل ينقذ العالم من أزمته الاقتصادية والمالية؟
الآن وبعد أن انهار النظام الاقتصادي العالمي وحدوث أكبر أزمة مالية على مر التاريخ الإنسان.. ألم يأتي (يحن) الوقت لكي يحل الفكر الاقتصادي الإسلامي محل هذه الأنظمة الاقتصادية ويهيمن عليها؟ (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الحَقِّ وَلاَ يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ) [سورة الحديد: الآية (16)].
تعد المشكلة الاقتصادية في المرحلة الراهنة من أهم المشكلات وأكثرها أثرا وتأثيرا في المجتمعات والشعوب، سواء كانت هذه الشعوب متقدمة أو سائرة في طريق التقدم، ولا يمكن لأمة أن تخطو خطوات واسعة في الميادين العلمية والاجتماعية والسياسية بدون أن يكون اقتصادها قويا وثابتاً يواجه كل الزوابع والاضطرابات التي تحاول النيل منه، وهذه المشكلة ليست وليدت العصر الحديث، وإنما هي قديمة وجدت مع تطور الإنسان في مراحل عصوره التي تباينت واختلفت بحسب ظروفه وزمانه ومكانه، لكن ما حدث في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين من فتن واضطرابات وحروب، وما نتج عن ذلك من اختلال سياسي واجتماعي لم تكد تسلم منه دولة من دول المعمورة، كل ذلك جعل المشكلة الاقتصادية يعلو فوق كل المشكلات ويأخذ موقع الصدارة منها، وبات لزاما على الدول، وهي تضع برامجها ومخططاتها في التنمية ان تعنى بالجانب الاقتصادي عناية كبيرة، لأنه المسلك الوحيد لتوفير الأمن لها وإبعاد شبح الاضطرابات الاجتماعية والسياسية، وتحقيق ما تحلم به من نهضة شاملة في التعليم والصحة والسكن والخدمات العامة[1].
الإسلام في عصر الحضارة المعاصرة في أمس الحاجة إلى أن يتبنى الجميع وسطية ومسايرة مبادئه لروح العصر ليشارك العالم في الرقي ورفع الظلم عن بني البشر ووضع الحلول والعلاج النافع لأمراض البشرية ووقف الدماء التي تسيل على الأرض لأنه دين العطاء الخالد الذي يحمي تراث الاعتقاد ومقدسات العباد من نفاثات الأحقاد.
# الفكر الاقتصادي والسياسي للدول العربية والإسلامية في ظل الاستعمار وبعد الاستقلال:
عرفت وعانت الدول العربية والإسلامية من ويلات المستعمر الظالم وقساوته، فقد نهب خيراتها وأذاق الأهالي صنوف العذاب، وعمل كل ما في جهده لجعل التخلف والأمية والجهل متغلغلاً في الأمة، كما حرمها من أبسط الوسائل التي تعينها على الخروج من هذه الوضعية المزرية.
وبعد الحصول على الاستقلال كان التفكير مركزاً في رسم الخطة الكفيلة بتحقيق إصلاح اقتصادي واجتماعي وسياسي يلبي طموحات الأمة، لقد كان هذا التفكير يراود ذهن كل داعية من دعاة الفكر والإصلاح في مرحلة كانت النظريات السياسة والاقتصادية في العالم تتجاذبها التيارات الليبرالية الرأسمالية والاشتراكية والشيوعية، وكان قادة ومفكرو كل مذهب من هذه المذاهب يحاولون أن يضموا إليهم أكبر عدد من الدول التي لن تتخذ لنفسها نهجا اقتصادياً وسياسياً واضحاً مستخدمين من أجل تحقيق هدفهم كل الوسائل الفكرية للاقناع بفلسفة المذهب الداعين إليه، أمام كل هذا كانت هناك دول عربية وإسلامية كثيرة تائهة وحائرة بين هذا المذهب أو ذاك، لا تعلم أيهما يمكن أن يبلغها شاطىء النجاة، ويفتح أمامها سبل العيش الكريم في أمن وأمان.
# آراء المفكر المغربي "علال الفاسي"[2] نموذجاً:
· كان يرى أن الإسلام وضع للإنسانية الأسس والركائز التي يبني عليها كل إصلاح اجتماعي واقتصادي وسياسي، يجعل المجتمع الإسلامي في غنى عن كل مذهب من هذه المذاهب التي تنشأ وتظهر بفعل التطورات السياسية والمذهبية والفكرية.
· لقد اعتبر أن بُعد المسلمين عن التعاليم الصحيحة التي أقرها الإسلام سببا في تخلفهم وتخاذلهم، وإذا كان هذا البعد قد أسهمت فيه ظروف خارجة عن إرادتهم، لأن المستعمر كان يسعى إلى ذلك باستعماله كل الوسائل التي تحقق له هذا الغرض.
· لذلك فإن من واجب علماء المسلمين أن يصححوا للناس المفاهيم المغلوطة التي رسخت في ذهنهم، ويبينوا لهم تعاليم دينهم الصحيحة ليهتدوا بهديها ويسيروا على نهجها، وهذا هو المنهج الأسلم لتحقيق التنمية والتخلص من براثن الجهل والتخلف والتبعية للفكر الاستعماري.
فلسفة الفكر الاقتصادي الإسلامي:
إن الفكر الاقتصادي في الإسلام أحد الأسس التي يبنى عليها مجتمع قوي ومتماسك، وهو وسيلة للاستقرار والعمران والتعايش الدائم بين الأفراد والجماعات، لأنه:
- تتداخل فيه العوامل الأخلاقية والإنسانية والاجتماعية والعملية التي تجعل المجتمع متضامنا ومتآزرا في جميع الظروف والأحوال.
- راعى أحوال الأمة في حالات اليسر والعسر، فلا استغلال ولا عبودية ولا قهر ولا تبعية.
فلسفة الظواهر العمرانية والبشرية:
- سنة الله في خلقه: تنشأ في كل مجتمع عوامل لابد لها أن تؤثر بالظواهر البشرية والعمرانية باعتباره دائم الحركة، وتصاحب هذه العوامل المجتمعات في فترات السلم والحرب، والتقدم والانحطاط، والارتقاء والنزول نتيجة تدافع الأفراد والمجتمعات، وهذا التدافع تحركه عوامل متعددة تتحكم فيها المصالح الفردية والجماعية، (سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً) [سورة الأحزاب: الآية (62)]. وقد نشأ هذا التدافع بسيطاً في المجتمعات البدائية بدءا من النظام القبلي والعشائري إلى أن ارتقى إلى الدقة والتوجيه في الأنظمة الإقطاعية والبورجوازية والرأسمالية والاشتراكية والشيوعية.
- إغفال الجانب الروحي: قد ثبت أن النظرية الفكرية الاقتصادية التي بنت تصورها على أساس التفسير المادي والجبري وأهملت كل ما هو روحي قد أخطأت وفشلت في تفسير العوامل المؤثرة والفاعلة في المجتمعات، لأنها لم تبني لنفسها جداراً قوياً يحميها من التيارات التي تظهر داخل المجتمع أو خارجه، فإغفال الجانب الروحي هو العامل الأساسي لجعل تلك المذاهب والنظريات واهية وضعيفة تنهار أمام كل تيار يواجهها.
- الجانب الروحي: كما يتداخل فيها كل ما هو مؤثر في عقول الناس ووجدانهم مثل التعاليم الدينية والمفاهيم الأخلاقية والنظم السياسية. وقد خلقت هذه التداخلات إلى نشأة أنظمة سياسية ونظريات اقتصادية وفكرية ومذهبية تكون معبرة عن مطامح الشعوب. وذلك أن طبيعة النفس البشرية تركن إلى الجانب الروحي أكثر مما تفعل مع كل ما هو مادي وخصوصا حينما تداهمها الشدائد والمحن ولا تجد من تؤوب إليه ليفرج عنها كربها، فحين ذلك تعلم أن من خلقها وأوجدها هو القادر وحده على هذا الأمر دون غيره من المخلوقات، فتلجأ إلى الله ضارعة خاشعة ذليلة عسى أن يمن عليها ويكشف ضرها، (وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَهُوَ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ) [سورة الأنعام: الآيتين (17)، (18)].
- وهذا الجانب الروحي المتمكن في النفس البشرية كان مفقوداً في النظرية المادية والجبرية التي دعت الناس إلى اعتبار المادة كل شيء في هذا الوجود، وأن سعادتها وشقاءها متوقفان على الكسب المادي، هذا العامل المتحكم في النظرية المادية جعل تفكيرها حتميا لا يساير التطور الطبيعي لمراحل التفكير الإنساني، "فأصبحت الماركسية نفسها مسبوقة بمراحل لأنها تقرب أن تكون حتمية التفكير، تابعة لقضاء الواقع، غير مرنة للحد الذي يمكنها من مسايرة ركب التطور الإنساني والعلمي"[3].
§ خصائص النظام الاقتصادي والاجتماعي الأصلح والأفضل:
- يراعي حاجات الإنسان ومصالحه الدائمة والمتجددة بناء على نظرية شامل تتكامل فيها الجوانب المادية والأخلاقية والنفسية والروحية والعقلية.
- يثبت جذوره ولا يستطيع اي تيار زعزعته أو اقتلاعه، قد يعضف في فترة ما، لكنه لا يموت مثل الشجرة الطيبة تذبل أوراقها ولكن جذورها تظل ثابتة راسخة تمدها بأسباب الحياة والنماء والاخضرار، ويحمل النظام الاقتصادي في الإسلام هذه الخصائص الطيبة.
§ خصائص النظام الاقتصادي الإسلامي:
- يستمد أصوله من شريعة جعلت التوازن والاعتدال أساس استمرار الحياة والعلاقات البشرية.
- يحقق العدالة الاجتماعية بمفهومها الشامل، ويحمي الأفراد من كل استغلال وظلم وعبث بحقوقهم ومصالحم، ويراعي استعدادهم الفطري ومؤهلاتهم النفسية والخلقية، ويوطد العلاقة بينهم وبين الجماعة على أساس التعاون والإصلاح لبناء مجتمع متماسك الأطراف كأنه بنيان واحد يشد بعضهم بعضا حين تداهمهم المحن والشدائد.
- يقول الله سبحانه وتعالى: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَراًّ ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الغُرُورِ) [سورة الحديد: الآية (20)].
§ الوضع الراهن للمجتمعات:
إن ما يحدث الآن في المجتمعات من اضطرابات وفقدان ثقة الشعوب في الأنظمة والحكام هو نتيجة من نتائج الاحتلال الاقتصادي والاجتماعي، واستبعاد المستضعفين، وتفاحش الفوارق الطبقية. ولقد حذر المفكر "علال الفاسي" المجتمعات الإسلامية من خطر هذا الداء وما ينتج عنه من شؤم وغضب الشعوب، ولعله إذا استحكم واستفحل فيها يجعل النهضة التي تطمح إليها مستحيلة التحقق، "ولقد رأينا من آثار هذا في أممنا العربية ما يجعلنا نضطرب رعبا كلما تصورنا مصير وطننا إليه لا محالة إذا لم تنتبه لخطر الرأسمالية العصرية وأعمالها"[4].
§ الأرستقراطية في العصرين الجاهلي والإسلامي:
· لو تأملنا التاريخ الإسلامي وما فيه من عبر وحكم لرأينا الأنظمة القائمة على أساس الاستغلال والقهر والاستعباد سريعة الزوال لأنها لا تلائم القانون الطبيعي للحياة.
· فقبل مجيء الإسلام كانت الأرستقراطية العربية في مكة متحكمة في التجارة والأموال، مما جعلها تكدس الثروات وتحرم فئة المستضعفين من أبسط حقوقهم الإنسانية.
· ولما جاء الإسلام وحارب هذه الأرستقراطية، لأن مبادئها تتنافى مع ما جاء به من حق وعدالة وكرامة إنسانية وجد المستضعفون في الإسلام صفاء العقيدة وعدالة النظام الاجتماعي ، وجدوا فيه دين التوحيد الذي حررهم من عبودية المخلوقات، ودين العدالة الذي حقق لهم التوازن الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.
· قال المفكر علال الفاسي: "وتغلبت الأهواء على بعض ولاة الأقاليم واعوانهم، فأخذوا يستغنون ويتأثلون، ولم يعد لهم من الزهد والورع ما كان للرسول صلى الله عليه وسلم، وخيرة أصحابه الذين لم يحدثوا بعده، وتميزت الطبقات فأصبح هناك فقراء مدقعون وأغنياء مترعون، ونشأ في الأولى روح الانتقاد على الثانية، فأخذت تتألب وتبحث عمن يقودها لمقاومة الثروة غير المعهودة، والمطالبة بالمساواة في أسباب العيش طبقا لما كانت تفهمه من تعاليم القرآن الأولى"[5].
§ الفكر الاقتصادي الإسلامي ينافس الرأسمالية في ثوبها الجديد:
· لا يحدث الاستقرار والأمن بالمجتمعات الإسلامية إلا بتطبيق ما جاء به الإسلام في الحكم والتجارة وضروب المعاملات المالية والاجتماعية والإنسانية من دون التحايل عليها بإدخال بعض الأنظمة الغريبة عنها روحا وجوهرا بحجة أنها أفادت مجتمعات أخرى وحققت لها الرخاء والازدهار وهي في عمقها تقتل العدالة والأخلاق والفضيلة التي دعا إليها الدين الإسلامي.
· الإسلام يدعو للتنمية والرخاء: إن الإسلام لا يحارب أي نظام يحقق الرخاء والازدهار للإنسانية شريطة ألا يخرج عن مبادىء الفضيلة والأخلاق واحترام كرامة الإنسان، والفئة المستضعفة قد تحقق رخاء وازدهارا في المجتمع بجهدها وسعيها وعملها المتواصل، لكنها في النهاية لا تنال منه قدر ذاك الجهد والسعي، ومثل هذا السلوك، وهو سائد في المجتمعات الرأسمالية، يرفضه الإسلام رفضا قاطعاً بل يحاربه حربا لا هوادة فيها، وإن نظرة متأنية في الأسس التي قام عليها النظام الاقتصادي في الإسلام تبين أنه راعى استفادة كل طبقات الأمة من خيراتها وثرواتها، كل فئة تنال منها على قدر جهدها وسعيها، ومن لم يستطع العمل لعجز أو مرض أو شيخوخة فإن الإسلام أوجب له قدرا من المال العام، كما أوجب على الأغنياء الإحسان إليهم صيانة لكرامتهم وحفظا لحقهم في الحياة، والوسائل التي ركز عليها الإسلام ليكون المجتمع قويا في اقتصاده، ومتماسكا في بنيانه الاجتماعي، تنحصر في الأسس التي بني عليها الاقتصاد من أساسه[6].
# منظور التنمية في الفكر الاقتصادي الإسلامي:
§ عناصر التنمية في الرؤية الإسلامية[7]:
أولاً: التنمية الإسلامية غير مقصورة على الرفاهية المادية، فقد تضمنت النواحي المادية والروحية والخلقية، الأمر الذي جعل هذه التنمية تمتد إلى الحياة الأخرى.
ثانياً: التنمية في الإسلام فريضة شرعية على كل مسلم انطلاقاً من مبدأ استخلاف الإنسان لعمارة الأرض مع اعتبار التنمية مسؤولية تضامنية لكل أفراد المجتمع، يؤدي في النهاية إلى إيجاد شخصية جماعية تتضافر جهود أفرادها لتحقيق الإنجازات الحضارية وضمان التنمية المستمرة.
ثالثاً: حرص الإسلام على توفير الضمانات لنجاح التنمية عبر وسائل عدة منها الارتفاع بالتنمية إلى مرتبة العبادة، فقد اعتبر الإسلام عمارة الإنسان للكون شرطاً لوجوده في هذه الحياة، وتأكيد مسؤولية كل فرد في الأمة عن التنمية، وأنها بمنزلة الجهاد المقدس، فمن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم، ولذلك يرجع بعض الباحثين إخفاق خطط التنمية في بعض البلدان الإسلامية إلى فقدان المشاركة الفاعلة لجمهور الأمة في تنفيذ تلك الخطط.
§ متطلبات التنمية المستقلة في إطار التكامل الإسلامي[8]:
أولاً: بناء الذات كمرحلة تأهيل ضرورية للدخول في التنمية الشاملة وهذا يعني استغلال العناصر الذاتية الطبيعية والبشرية وتنمية هذه العناصر رعاية وتدريباً.
ثانياً: ربط اقتصادات الدول الإسلامية ببعضها، الاقتصاد الزراعي بالصناعي بالسياسي.
ثالثاً: تنمية القوى البشرية عن طريق التعليم والتدريب لتأهيلها للغنتاج والإبداع وتوفير فرص وأجواء عمل مناسبة للطاقات العلمية والعملية فهناك اتفاق عام على أن الناتج القومي لأمة ما إنما يعتمد على السنوات التعليمية التي تلقتها قواها البشرية كما يتحدد ناتج اقتصاد ما بالعوامل المتاحة للإنتاج وهي مهارة القوى العاملة ومعرفتها الفنية ورأس المال والموارد الطبيعية.
رابعاً: تسخير التكنولوجيا الحديثة لجهة تطوير البنى التحتية للأقطار الإسلامية منفردة ومجتمعة والتقدم نحو بناء قاعدة عملية وتقنية مستقلة ذلك أن العالم يعيش الثورة التكنولوجية الثالثة التي ستكون من أهم خواص القرن الحادي والعشرين وهي ثورة تعتمد على المعرفة العلمية المتقدمة والاستخدام الأمثل للمعلومات المتوقعة بوتيرة متسارعة.
خامساً: تشجيع الإنتاج وترشيد الاستهلاك ذلك أن الاتجاه نحو التنمية المستقلة يوجب دعم القطاعات الإنتاجية وتخصيص موارد كافية للإنفاق على هذه القطاعات دون اعتبار للخسارة والربح الماديين أو على الأقل في المراحل الاولى منها.
سادساً: تشجيع إشراك القوى الاقتصادية في العملية التنموية وذلك عبر فتح آفاق الاستثمار الاقتصادي وسحب هيمنة القطاع العام على مجال البنية الأساسية للدولة وصيانتها.
سابعاً: بناء تكتل اقتصادي عربي وإسلامي يقوم على أساس مشاريع اقتصادية وأسواق مالية مشتركة انطلاقاً من المخاوف المشتركة من الانهيار الاقتصادي وضرورة التماسك أمام تيار الرأسمالية الجارف.
ثامناً: توفير فرص مناسبة للاستثمارات المالية لجهة استقطاب التحويلات والمدخرات المالية العربية في البنوك والمصارف الدولية.
تاسعاً: توسيع قاعدة المشاركة السياسية وإشراك القوى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في صناعة القرار والتي من شأنها بناء الثقة وردم الفجوة الواسعة بين الشعب والسلطة.
عاشراً: إطلاق الحريات الاقتصادية والسياسية وتوفير الغطاء القانوني للنمو والتنمية.
# أسواق المال المعاصرة وآلية الصكوك الإسلامية:
تعتبر الصكوك الإسلامية أداة جديدة تعمل على تنشيط أسواق المال الإسلامية، حيث يمكن تداول هذه الصكوك في السوق الثانوية، وبذلك لا تقتصر سوق المال الإسلامية على تداول الأسهم فقط، ولكن يضاف إليها الصكوك الإسلامية. وأول من أصدر الصكوك الإسلامية هي ماليزيا ثم تبعتها دول الخليج بل وبعض البلدان الأوروبية[9].
§ حجم سوق الصكوك الإسلامية:
- بلغت مبيعات الصكوك الإسلامية خلال النصف الأول من عام 2007 نحو 24.5 مليار دولار، وهذا المبلغ يمثل زيادة قدرها 75% عما تحقق خلال الفترة نفسها من العام 2006. كما زادت إصدارات الحكومات للصكوك بمعدل 6 أمثال مستوياتها خلال الفترة نفسها وبما يعادل 4.4 مليارات دولار، وهناك توقعات بأن يصل حجم مبيعات هذه الصكوك إلى نحو 100 مليار دولار مع نهاية عام 2010.
- بلغت مبيعات الصكوك الإسلامية خلال السنوات الثلاث الماضية 40 مليار دولار، حيث حقق عام 2006 مبيعات قدرها 13.4 مليار دولار بزياد قدرها 30% عما تحقق في عام 2005.
§ مفهوم التورق والتوريق[10]:
التورق في الاصطلاح الفقهي أن يشتري المرء سلعة نسيئة (بالأجل) ثم يبيعها نقداً لغير البائع بأقل مما اشتراها به ليحصل بذلك على النقد.
التورق المصرفي المنظم: هو ببساطة يقوم على بيع البنك سلعة لعميلة بالأجل ويوكل العميل البنك لبيعها نقداً، ويسلمه المبلغ ثم يسدد العميل ثمن الشراء على أقساط، وبذلك يحصل العميل على النقد المطلوب ويحصل البنك على الربح بين شرائه السلعة وبيعها للعميل بالأجل.
التوريق: تقوم فكرة التوريق على بيع مؤسسة مالية الديون التي لها على الغير في صورة "حوالة حق" إلى شركة توريق تقوم بدورها بغصدار سندات بقيمة الدين وطرحها للاكتتاب العام كل سند بقيمة اسمية معينة. ولكن هناك نوعين من التوريق يمارسان في الواقع العملي وهما:
- النوع الأول: توريق الديون، وهو بلا شك يقع في دائرة الربا.
- النوع الثاني: توريق الأصول، وهو المعمول به في البنوك الإسلامية وصورته أن يكون لدى مؤسسة أو شركة ما اصل مدر للدخل مثل أصول مؤجرة أو مشاركة أو مضاربة مع عميل، فتقوم مباشرة أو بالاتفاق مع شركة توريق على تحويل قيمة هذه الأصول إلى صكوك وتطرحها على عملائها أو في الاكتتاب العام لتجميع ثمن هذه الأصول، وصبح حملة الصكوك هم المالكين للأصول المورقة، بدلاً من المؤسسة ويحصلون على العائد المحقق منها ويكون دور المؤسسة هو إدارة هذه الصكوك مقابل عمولة يتفق عليها، ويمكن لحملة الصكوك تداولها في سوق الأوراق المالية بالبيع والشراء، وهذا الأسلوب لجأت إليه حكومات وبنوك وشركات خليجية وماليزية.
والخلاصة: أن التورق في صيغته القديمة محل خلاف بين المذاهب الفقهية، ثم زاد الخلاف حول التورق المصرفي المنظم بشكل أكبر ومازال الرأي لم يحسم حوله بعد.
§ اعتراضات على الممارسات العملية للتورق:
TEXT-JUSTIFY: kashida; MARGIN: 0cm 0cm 0pt; TEX
ساحة النقاش