ملف فساد وإفساد أساتذة الجامعات المصرية وأبنائهم..أنصاف الآلهة (3)
ما الفرق بين المدرس في التربية والتعليم والجامعات؟!
سؤال خطر على بالي، هل هناك فرق بين من يعمل في مهنة التدريس والتعليم في المرحلة قبل الجامعية ومن يعمل في المرحلة الجامعية؟!!.
يأتي فيلسوف ويقول:
· هذا يسمى مُدرس المدرسة، وهذا يسمى أستاذ الجامعة.
· أو هذا يعمل في المدرسة، والآخر يعمل بالجامعة.
· أو هذا يعمل فصل ضيق، والآخر يعمل بمدرجات ومسارح ومعامل كبيرة.
· أو هذا يستخدم حنجرته لإيصال صوته للمتعلمين، والآخر يستخدم الميكروفون.
· أو هذا لا يستطيع أن يخرج عن حدود الأدب بأي لفظ يوجه للتلاميذ والطلاب داخل حجرة الدرس حتى لا يضرب بالأسلحة البيضاء ويقضى عليه خارج أسوار المدرسة، والآخر له جميع الحقوق بأن يفعل ما يشاء ويقول ما يشاء وإذا تنفس أي طالب أو فكر في أن يتلفظ بلفظ فيعتبر نفسه ومن تلك اللحظة أنه راسب في مادة هذا الأستاذ ولن ينجح فيها إلى ما شاء الله وهذا أقل عقاب عند هذا الأستاذ بل ومن الممكن أن يكتب فيه مذكرة يتحول بموجبها هذا الطالب لمجلس تأديب يفصل من الكلية على أسرها لمدة عامين دراسيين كاملين.
· أو أن مدرس المدرسة إذا فعل أي شيء ضد التلاميذ والطلاب يستطيع ولي الأمر أن يشتكي المدرس حتى التلميذ نفسه في مقدوره فعل ذلك بل والحصول على كامل حقوقه، بينما أستاذ الجامعة النصف إله لا يستطيع أحداً مهما كان منصبه أو مكانته أو قدرته أن يتفوه معه بكلمة ومن يريد أن يشتكي فليغلق عليه بابه ويرفع يده للسماء يشتكي الإله الأعظم خالق كل شيء ومليكه الحق سبحانه وتعالى.
· المدرس في مدارس التربية والتعليم يزوره طوال العام الدراسي لجان المتابعة من الإدارة التعليمية التابع لها المدرسة ومن مديرية التربية والتعليم بالمحافظة ومن وزارة التربية والتعليم المركزية بالعاصمة القاهرة، بالإضافة إلى الموجه المباشرة والموجه الأول والموجه العام، وكذلك متابعة أولياء الأمور لأولادهم، ومن الجائز أن يفاجئ أن أحد من الشخصيات التالية: وزير التربية والتعليم أو وكيل وزارة التربية والتعليم أو مدير الإدارة التعليمية أو محافظة الإقليم يدخل عليه حجرة الدراسة كالقضاء المستعجل، وهو وحظه أما أن يأخذ مكافأة مادية ويجوز أن يتم ترقيته ترقية استثنائية أو لا قدر الله يتم خصم 15 يوماً من مرتبة ونقله إلى مدرسة أخرى في آخر الدنيا. أما أستاذ الجامعة النصف إله فلا رقيب ولا حسيب على أدائه وسلوكه وتصرفاته مع الطلاب، فهو الحصن المنيع والحائط الفولاذي الذي يجب أن لا يمس بسوء، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
· يظن البعض أن دور المعلم والمعلمة في مراحل التعليم الأساسي غير مهم وليس بالقدر الذي يقوم به الأستاذ بالجامعة، ونرد على هؤلاء بمثال تطبيقي من واقع الحياة لا يجوز بناء الطابق الخامس في منزل بدون أن نبني الأربعة طوابق الأول، وهل نستطيع بناء المنزل بدون أساس قوي له القدرة على تحمل الأحمال للعديد من الطوابق، فالأستاذ الجامعي يبني ويشطب على ما هو موجود.
· أبناء المدرسين بالتربية والتعليم يتم مجاملتهم في درجات اختبارات أعمال السنة والامتحانات النهاية في النهاية العام الدراسي ولكن ذلك في سنوات النقل فقط، لأنها تقام داخل نفس المدرسة التي يعمل بها المدرس الأب ويتم التصحيح داخل نفس المدرسة، ولكن في السنوات النهاية في كل مرحلة دراسية أو كما يطلق عليها بمصر الشهادات كالشهادة الابتدائية والإعدادية والدبلومات الفنية وسنتي شهادة الثانوية العامة لا يستطيع المدرس الأب أن يفعل شيءً لأبنه أو بنته لأن الامتحان والمراقبين والتصحيح يكون خارج نطاق وإمكانات هذا المعلم الأب، وبالتالي يظهر مستوى هذا التلميذ وذاك الطالب الفعلي ويتضح التباين بين مستواه في سنوات النقل والشهادة، أما إذا كان الولد/البنت بالفعل ذو مستوى جيد/ممتاز يتضح جلياً. أما على الطرف الآخر في الجامعات يأتي الأستاذ النصف إله ويساعد فلذت كبده من أول يوم يدخل فيه الكلية إلى أن يتخرج ويتعين معيد بنفس الكلية التي يعمل بها، ونجد الأسرة الكاملة بل والعائلات ذات اللقب الواحد مجتمعين بقدرة قادر داخل نفس الكلية، وهذه النقطة بالتحديد تحتاج إلى مئات الصفحات التي تكفي لطباعة مجلدات لذا لا يتسع المجال الآن في الاستفاضة فيها، وعليه فسوف نؤجلها لكي نفرد لها الكثير من الحلقات القادمة.
· إذا دخلت مدارس التربية والتعليم وأردت أن تقابل معلماً فيكون من حُسن حظك أن يكون داخل أحد الفصول الدراسية يلقى حصة، فالتالي يصبح الوصول إليه أمراً سهلاً وميسوراً، أما إذا لم يكن داخل الفصول، فستضطر أن تخرج تليفونك المحمول وتتصل عليه مباشرة إذا كان معك رقمه أو تحصل عليه من أحد زملائه بالمدرسة حتى تسأله أين أنت؟!، ليس عزيزي القارئ كما بادر في ذهنك أنه خارج المدرسة!!، لا هو داخل المدرسة ولكن ليس له مكان محدد يجلس فيه، فمدرسنا المصرية الرسمية لم يعد فيها مكان لتخصصيها للمعلمين، فلا يوجد كرسي ولا منضدة للمعلم؛ وتكون من المحظوظين إذا كان هناك شبكة (أي وجود خدمة الهاتف المحمول داخل المدرسة) ورد عليك المدرس وأخبرك بمكانه بالتحديد، أو سألك هو عن مكانك وطلب منك أن تظل واقفاً مكانك وهو يحضر إليك. لأنه أما جالساً على سلالم المدرسة، أو على حجر كبير في أحد أركان المدرسة أو يأخذ حمام شمس فوق سطح المدرسة من أعلى، أو على المنضدة الخشبية القديمة في كنتين المدرسة (الكافتيريا)... إلى غير ذلك من الأماكن والأوضاع التي تظهر مدى احترام المجتمع والدولة للمعلم ومن يمتهن بتلك المهنة، وعدم تخصيص أماكن للمعلمين بالمدرسة يرجع لأمرين رئيسيين، الأمر الأول عدم وضع هذه المسألة في الرسم الهندسي والإنشائي للمدرسة من البداية، أو لزيادة أعداد الطلاب بالمدرسة مما يدفع إدارة المدرسة بطرد المدرسين خارج غرفهم وجعلهم متسولين بين طرقاتها أو إذا كان هناك مقهى أمام المدرسة فيتخذوها المعلمين مقراً لهم بين الحصص وفي أوقات الفراغ. أما إذا انتقلنا للأساتذة العلماء فلا يجوز الحديث عنهم لأن ذلك من المحرمات وغير جائز، ولكن من الجائز عن نتحدث عن ما يحدث قيما بينهم بخصوص غرفهم، ومدي الحب والكره والتآلف والتنافر الذي يحدث فيهما بينهم بسبب الحجرات التي تخصص لسيادتهم، وهناك الكثير والكثير من القصص والحكايات المضحكات المبكيات في هذا الشأن وسوف نحضر لك عزيزي القارئ المبجل قصص من الواقع حدثت بالفعل وليس من وحي الخيال، ولو أنها لا تصدق، لذا يمكن تصنيفها ووضعها تحت عنوان صدق أو لا تصدق... انتظرواً..
ليست النقاط السالفة الذكر هي كل أوجه المقارنة والاختلاف بين أهم عنصر من عناصر المنهج ألا وهو العنصر البشري متمثلا في المعلم في المدرسة وفي الجامعة.. وللحديث بقية بعون الله وفضله.
يا أيُّها الرَّجلُ المُعَلِّمُ غيرَهُ ** هلا لنفسِكَ كانَ ذا التَّعليمُ؟!
بقلم:
محمود سلامة الهايشة
ساحة النقاش