المرأة المصرية ومرض الطابور..المرض الطابوري؟!
كل عام وكل امرأة مصرية بخير، وكل عيد امرأة عالمي وهن سعداء فرحين وبصحة. فالحمد لله زادت الطوابير في البلاد وشملت بعد طوابير الخبر، طوابير البوتاجاز، السولار....إلخ. فلابد لكل أسرة مصرية الآن أن تخصص يومياً ولداً أو بنتاً، زوجة أو زوج- ليخرج من البيت في الصباح الباكر وتكون مهمته الرئيسية هو الحصول على الخبز المدعم، ويظل فرد الأسرة واقفاً لمدة ساعتين أو ثلاثة أو أربعة حتى يحصل على رغيف الخبز، مما يؤدي إلى إصابة الواقف بأمراض الطابور، وهي عدة أمراض قد تصل للقتل والوفاة، منها مرض الدوالي للأرجل، ومرض فقع أحد العينين، ومرض الضرب، ومرض الضرب بسكينة أو احد أنواع السلاح الأبيض مما يؤدي إلى أمرين لا ثلاث لهما أما بالذهاب للمستشفى وإجراء جراحة ويظل الإنسان به عاهة مستديمة لكي يتذكر طابور الخبر مدى الحياة، وأما أن يستريح من الطابور نهائي وينتقل إلى جوار ربه، وتظل المرأة الممثلة في الأسرة سواء كانت أماً أو أختاً مجروحة طوال عمرها القادم! تظل المرأة لا تطبخ أي طعام لعدة الأيام!، والسبب وبكل بساطة لا يوجد طاقة للطبخ، فاسطوانة البوتاجاز فارغة منذ أيام، وكل يوم بعد الفجر تحمل المرأة الاسطوانة فوق رأسها وتمشي بها كرياضية صباحية إلى أقرب مستودع لاسطوانات البوتاجاز والذي يبعد عن بيتها ما بين نصف كيلومتر إلى اثنين كيلومتر، وتمشي برشاقة شديدة واتزان لا يوجد لا مثيل حيث لا سقط الاسطوانة من فوق رأسها طوال هذه المسيرة الرياضية!، وتصل وبسلامه لله للمستودع وتجد عدة آلاف من السيدات واقفات منذ يوم أمس في انتظر وصول سيارة الاسطوانات الممتلئة بالغاز، فتنزل الاسطوانة من فوق رأسها على الأرض وتتناوب الجلوس عليها وبجوارها!!، وتقضي يومها بالحديث والثرثرة مع النساء الأخريات الذين يملأ المكان وتمر الساعات ويتعاقد جميع أفراد الأسرة على الأم أو الأخت الجالسة مع اسطوانة الغاز، وتظل النساء يسكن الشارع أمام مستودع اسطوانات الغاز دون طعام أو شراب، لأن المطاعم الموجودة في المنطقة مغلقة ويقف أصحابها والعاملين فيها باسطوانات الغاز بجوار هؤلاء النساء، وحينما سؤل أحد المسئولين في الحكومة عن تلك الأزمة أجاب قائلاً: الخطأ هو خطأ ربات البيوت هن يؤتين باسطوانات الغاز وهي مازالت ممتلئة ولم تفرغ تماماً، ومن المفروض استخدام الوقود الحيوي كبديل لغاز البوتاجاز لحل الأزمة" يقصد بالوقود الحيوي أقراص الروث الجافة!!، نعم..نعم يقصد ذلك في يقصد أن النساء القاطنات أحياء القاهرة والجيزة أن يبدو في شراء بقرة أو جاموسة للأسرة والانتظار في جمع الروث وتشكيله في صورة أقراص ووضعها في الشمس حتى تجف وتستخدم بعد ذلك كمصدر للطاقة للطبخ والتدفئة داخل الأسرة!، مسئول حكومي في عام 2010 ، والذي زاد الطين بله هي إجابة مسئول أخرى على سؤال أحد الصحفيين، منتظر أن تنتهي هذه الأزمة هذا العام ولا تعاود للتكرر في الأعوام القادمة وخاصة أنها تظهر منذ عدة سنوات في نصف التوقيت من العام؟!، فأجاب وهو سعيد: "سوف تحل تلك الأزمة في غضون الخمسة سنوات المقبلة"!!، وكل عام وأنتي بألف خير- عيد سعيد.
تظل المرأة طوال اليوم تنتظر رجوع زوجها وأبناءها من العمل والمدرسة والجامعة ولكن دون جدوى، ويظل الزوج والأبناء في انتظار وصول الزوجة/الأم من العمل، والسبب عدم وجود سيارات تنقلهم للبيت، فجميع وسائل المواصلات معطله وواقفة لا شيء سوى عدم وجود وقود (السولار)، وإذا ركب الشخص السيارة لابد وأن يذهب به قائد السيارة إلى إحدى محطات تعبئة السولار، وتظل السيارات واقفة في طابور طويل يصل طوله عدة كيلومترات، ولمدة ثلاثة أو خمسة ساعات، وكل عام وأنتي بألف خير- عيد سعيد. تقف النساء في وقفات احتاجيه طالبات حقوقهن المالية والوظيفية سواء لهن أو تضامناً مع أزواجهن، سواء كانت واقفة أمام محل عملها أو أمام مجلسي الشعب والشورى، أو على سُلم نقابة الصحفيين، أو أمام رئاسة الوزراء، وتقام الخيام وتفرش الأرصفة لأسابيع ثم ينفض الوضع، ويأتي اعتصام أخر لفئات أخرى، وكل عام المرأة المصرية بألف خير.
بقلم:
م. محمود سلامة الهايشة
كاتب وباحث مصري
ساحة النقاش