هندسة الانتباه

العلوم والفنون والآداب

الابنة أو الأخت حلال وقانوني وغيرهن حرام وغير قانوني...؟!

دساتير الدول تقول لا فرق بين شخص وآخر من مواطني تلك الدولة سواء في اللون أو العرق أو النوع أو الدين، وبالتالي فلا فرق بين الرجل والمرأة أو المرأة والرجل عند التعيين في أي وظيفة يتم الإعلان عنها، فالحكم في تلك الحالة هي شروط شغل الوظيفة التي كُتبت في الإعلان. فإذا انطبقت الشروط على المرأة حصلت هي على الوظيفة. ولكن؛ يحدث أن يستلم ويعين هو (أي الرجل) الوظيفة بدلاً عنها بحجة أنه ذكر وهي أنثى!! والعجب العجاب هو أن تقوم الجهة أو المؤسسة الراغبة في التعيين بالإعلان عن حاجتها لإناث لشغل وظائف شاغرة لديها، وتقوم السيدات التي تنطبق عليهن شروط شغل الوظيفة بالتقدم بأوراقهن لتلك الجهة، وتنتهي الفترة المسموح فيها التقدم للإعلان، وتجلسن في بيوتهن يحلمن بالوظيفة، ومن المتوقع بالطبع أن تكون النهاية سعيدة كأي شيء يسير بمنطقية، ويكن ممن وقع عليهم الاختيار للوظيفة المنشودة، ولكن يحدث أشياء في غاية الغرابة، لن/لم تجدها في أي دولة أخرى سواء في بلادنا العربية عامة ومصر خاصة؛ وتكون النهاية على أمرين لا ثلاثة لهما:

 1- الأمر الأول: ترسل الجهة المعلنة خطاباً لكل سيدة وقع عليها الاختيار، تزف فيها خبر شغلها الوظيفة، وتهنئ وتبارك وتتمنى دوام التوفيق والنجاح، وتبدأ تلك المرأة في بدأ إجراءات استلامها العمل، ولكن وفجأة وبدون مقدمات، وقف هذه الجهة استكمال إجراءات التعيين، وتقرر إن النساء لا يصلحن لشغل هذه الوظيفة المهمة، لأنها لا تصلح ولا تليق لهذه الوظيفة، أو أن الوظيفة كبيرة أو واسعة عليها...!!، شيء غريب جدا والسؤال الذي يطرح نفسه الآن لماذا تم الإعلان عن الوظيفة من الأساس طالما أنها ليست على مقاس السيدات (التاء المربوطة "ة")؟!

2- الأمر الثاني: تتقدمن لشغل الوظيفة وقبل الإعلان عن نتائجها تقول الجهة المعلنة، لن يتم تعيين المرأة بل سيتم تعيين الرجال بدلاً منهن...!! وهنا يطرح نفس السؤال السابق لماذا ولماذا؟! هذا ما حدث بالضبط في إعلان هيئة قضايا الدولة في مصر عن حاجتها لشغل منصب قاضيات في مجلس الدولة، ووضعت شروط لا تقبل إلا المتفوقات والمتميزات منهن، وبالفعل وقع الاختيارات على العدد المطلوب، وتم أرسل خطابات التعيين لهن، وبدأن بالفعل في توقيع الكشف الطبي كأول إجراء من إجراءات استيفاء التعيين، وأرسلت أوراقهن إلى جهاز أمن الدولة لحصولهن على الموافقة الأمنية التي مازالت أحد أهم شروط التعيين في مصر. وفجأة أمر مجلس الدولة من خلال جمعيته العمومية بوقف الإعلان وعدم استكمال إجراءات تعيين هؤلاء الشابات النجاحات المتميزات بحجة أن المرأة لا تصلح قاضية في مجلس الدولة..!!، فلماذا تم الإعلان؟!، ثم قبول أوراقهن..؟!، ثم البدء في خطوات تعينهن..؟!، ثم بعد ذلك أنهن لا يصلحن للجلوس على كرسي القضاء في مجلس الدولة..!!

ومن عجائب الدنيا السبع، ومن معجزات القرن الحادي والعشرين أن بنات وأخوات (الإناث) هؤلاء المستشارين أعضاء الجمعية العمومية لمجلس الدولة معينات قاضيات ووكيلات نيابة في الرقابة الإدارية والمحكمة الدستورية، ولم يعترضوا على تعينهن ولم يتفوه أحداً من هؤلاء الفقهاء القانونيون أن هذا الأمر غير قانوني أو غير دستوري. وقام السيد المستشار رئيس هيئة قضايا الدولة بإصدار قرار يمكن هؤلاء الشابات والفتيات من استكمال إجراءات التعيين على مسئوليته الخاصة وخالف قرار ورغبة الجمعية العمومية في تعينهن في سابقة وقرار تاريخي سوف يذكره التاريخ النسائي للمرأة المصرية لهذا الرجل الذي قد يفقد منصبه بسبب الجمعية العمومية!

مجلس الدولة أو القضاء الإداري هو الخصم والحكم، فهو الجهة القضائية المنوط بها الفصل في تلك الأمور، فأين يذهبن الآن للفصل في هذا النزاع الإداري القضائي؟!، حيث أن القاضي الذي سيفصل ويحكم هو عضو الجمعية العمومية التي رفضت الأمر من البداية!!

بقلم: م. محمود سلامة الهايشة – كاتب وباحث مصري

المصدر: من إعدادنا.
  • Currently 153/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
51 تصويتات / 540 مشاهدة
نشرت فى 4 مارس 2010 بواسطة elhaisha

ساحة النقاش

محمود سلامة محمود الهايشة

elhaisha
محمود سلامة الهايشة - باحث، مصور، مدون، قاص، كاتب، ناقد أدبي، منتج ومخرج أفلام تسجيلية ووثائقية، وخبير تنمية بشرية، مهندس زراعي، أخصائي إنتاج حيواني أول. - حاصل على البكالوريوس في العلوم الزراعية (شعبة الإنتاج الحيواني) - كلية الزراعة - جامعة المنصورة - مصر- العام 1999. أول شعبة الإنتاج الحيواني دفعة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,715,646