أسئلة وأجوبة في تربية وإنتاج الحيوان، ج19
س: زوجي وأخوتي يعملون في مجال المطاعم! وعندما اذهب للمحلات أري صناديق (سلات) المهملات وقد تكدست بمخلفات المطبخ الطازجة والعامرة ببواقي اللحوم والخضروات والقشور والخبز وحتى السلاطة والفواكه وكل شيء تقريبا فأتتني فكرة تربية قطيع من الدواجن البلدي في مزرعة فسيحة هي في الأصل منزل ريفي فسيح ورثته عن والدي في احدي القرى, قرأت كثير عن الدواجن البيضاء وتربيتها ووجدت انه من الصعب أن تتربي علي بواقي الطعام وان لها أعلاف متوازنة تنتجها الشركات المتخصصة فصرفت نظر وفكرت في تربية قطعان من الكتاكيت البلدي بغرض تسمينها وبيعها ! فهل لي أن أسألك عن جدوى هذا المشروع ومدي نجاحه من عدمه في حال تربية حوالي عشرة آلاف كتكوت وأي السلالات أفضل ؟وأرخصها؟
ج: سوف يكون عنوان إجابتي على هذا السؤال الرائع جدا (احترام فائض النعمة)، وهذا الشعار ليس من وحي أفكاري بل اقتبسته من المشروع الخيري الذي أطلق بالمملكة العربية السعودية وبالتحديد بـ عنيزة ، الذي يسعى إلى فصل بقايا الأطعمة عن المخلفات الصلبة الأخرى وتحويلها إلى أعلاف حيوانية.
· كل كلامك صحيح مئة في المائة، فمخلفات المطاعم بكافة أنواعها، ومخلفات أسواق الفواكه والخضراوات سواء أكانت جملة أو قطاعي مهمة للغاية، وبالفعل قام الكثير من الباحثين في مجال تغذية الحيوانات المجترة (جاموس، أبقار، أغنام، وماعز) وتغذية الدواجن (أرانب، دجاج، بط) وتغذية الأسماك باستخدام تلك المخلفات استخداماً جيداً، وأظهرت أبحاثهم ودراساتهم نتائج مبهرة ومتميزة.
· يجب أنت تعلم أخي المربي/أختي المربية أن تكاليف تغذية الحيوانات المزرعية بكافة أنواعها تبلغ من 70 إلى 80% من قيمة تكاليف ومصروفات أي مشروع لإنتاج اللحم أو اللبن أو البيض أو أي منتج حيواني أخرى. وكل جنيه/دولار يتم توفيره من تكاليف التغذية تتحول من كونها تكاليف إلى كونها أرباح، والمربي الشاطر هو المربي الذي يسعى إلى تقليل تكاليف تغذية حيواناته وطيوره، حتى يعظم من أرباحه الإجمالية في نهاية كل دوره تربية.
· يمكن استخدام كافة أنواع المخلفات الناتجة من المطاعم، المهم فرزها بشكل جيد جدا، حيث أن صناديق تجميع مخلفات المطاعم يوجد بها الزجاج المكسور، والأطباق المكسور والأطباق والأكياس البلاستيك، ويمكن أن يتواجد بها أشياء أخرى حادة يمكن أن تأذي الحيوان أو الطائر كالسكاكين وأدوات تناول الطعام كالشوك، فيجب فرز أي مخلفات نحصل عليها من المطاعم أو الفنادق أو قاعات ونوادي الأفراح أو الأسواق بشكل جيد قبل تقديمها للحيوان/للطائر.
· اقتصادياً لا يكلفناً هذا العلف غير التقليدي سوا أمرين إذا كنا سنستخدمه طازجاً، الأمر الأول هو عملية نقل تلك المخلفات من مكان تواجدها إلى المزرعة وتواجد الحيوانات/الطيور، الأمر الثاني هو عملية الفرز الجيد لتلك المخلفات. وفي ظل ارتفاع أسعار الأعلاف خاصة أعلاف الدواجن والأسماك، حيث أن أعلاف الدواجن والأسماك تعتمد في الأساس على الحبوب مثل: الذرة، فول الصويا، الشعير، الردة، مسحوق السمك، النخالة،.....الخ. وبالطبع يتم استخدام تلك المخلفات طازجة في حالة وجود العدد الكافي الحيوانات/ الطيور التي تستطيع أن تستهلك تلك الكمية يومياً، أي في خلال 24 ساعة على أقصى تقدير قبل أن تبدأ الكائنات الحية الدقيقة (بكتيريا، فطريات) في العمل وتفسد تلك المخلفات.
· أما إذا لم تتوفر أعداد الحيوانات/الطيور الكافية، أو كانت الكميات التي يتم جمعها يومياً كبيرة وضخمة، فلابد من تجفيف تلك الكميات الإضافية والزائدة عن الحاجة، والتجفيف أما أن يتم بصورة بطبيعية بالتجفيف الشمسي وهذا يسمى التجفيف البطيء، أو يتم باستخدام مخفف صناعي يعمل بالكهرباء أو الغاز الطبيعي للتجفيف السريع، وفي تلك الحالة يتم إضافة تكاليف إضافية للمشروع وهي تكلفة شراء المجفف، وبعد التجفيف يتم استخدام مفرمة لفرم وتكسير تلك الأطعمة المجففة، وخلاط علف لخلط تلك المكونات لكي يحدث لها تجانس وخلط للمكونات المختلفة لزيادة الفائدة للحيوانات.
· من الحيوانات المجترة التي يفضل استخدامها في هذا المشروع المتميز، الأغنام والماعز، لأنها حيوانات كانسة، وبالنسبة للطيور الداجنة في المقام الأول الطيور المائية كالبط والأوز، وهذه الاختيارات بالنسبة للمبتدئين، ويفضل لهم أيضا السلالات المحلية الرخيصة، أما بالنسبة للمربين المحترفين والقدامى فمخلفات الأطعمة من المطاعم والأسواق والمدن الجامعية تصلح لتربية كافة أنواع الحيوانات والطيور المزرعية بعد مراعاة كافة الشروط التي تم ذكرها سابقاً.
· من مميزات هذا المشروع:
1. توفير فرص عمل للشباب.
2. تقليل تكاليف التغذية وبالتالي زيادة الربحية بشكل مباشر.
3. هناك أرباح غير مباشرة تدخل جيب المربي، ألا وهي الحديد والزجاج والبلاستيك والأوراق والكرتون..وغيرها من الأشياء التي تجمع بغير قصد مع تلك المخلفات العضوية ويتم بيعها بعد فرزها وتصنيفها.
4. المحافظة على البيئة من التلوث.
5. مساعدة الحكومة ممثلة في هيئات النظافة وتجميع القمامة.
6. إنتاج منتجات حيوانية رخيصة الثمن عن المنتجات التي نتجت من المزارع التي اعتمدت على الأعلاف التقليدية.
7. إنتاج أعلاف غير تقليدية بديلة عن الحبوب المستخدمة في تكوين وتصنيع الأعلاف المختلفة، حيث يتم بيع الفائض حاجة المربي وحاجة مزرعته للسوق المحلي ولمصانع الأعلاف..
· من أهم المشاكل التي تقابل المربي عند استخدامه تلك المخلفات:
1. نظرة المجتمع لهذا المربي الذي يجمع بواقي الأطعمة، فنحن نعيش داخل مجتمعات عربية مازالت تفضل أن يجلس الشباب عاطلين عن العمل، أفضل من أن يقوموا بجمع تلك الثروة الهائلة التي تلقى في صناديق القمامة ثم تحتي سيارات جمع القمامة وتجمعها ثم تلقيها في مقالب كبرى فيحدث لها اشتعال ذاتي، وتتصاعد الأدخنة والغازات السامة، وتتلوث البيئة المحيطة بتلك المدينة، ويصاب الناس بالأمراض التنفسية!، ثم إذا أردت الحكومة المحلية إزالة هذا الرماد الذي تجمع في صورة جبال بسبب هذه القمامة يحتاج الأمر إلى ملايين الجنيهات/الدولارات!
2. عدم توفر مكان واسع يستوعب تلك الكميات الهائلة التي يمكن أن يجمعها يومياً.
3. تكويم تلك المخلفات فوق بعضها، دون تفردها وعدم تكديسها في طبقات سميكة، لأن تلك المخلفات بها نسبة كبيرة جدا من الرطوبة، تتراوح على حسب نوعية الأطعمة المختلفة من 60 إلى 90%، مما يجعلها سريعة الفساد، خاصة وأن بلادنا العربية تتميز بالمناخ والجو الحار معظم شهور العام، فالرطوبة المرتفعة بالمخلفات العضوية مع توفر الحرارة المرتفعة يعتبر أفضل بيئة للميكروبات من بكتيريا وفطريات لكي تنمو وتنشط، والخطر كل الخطر من أن تبدأ الفطريات في إنتاج وإفراز سمومها الفطرية بكافة أنواعها وسلالاتها، مما يعني أن تلك المخلفات انتقلت من تحت مظلة أنها أعلاف غير تقليدية رخيصة للحيوان/للطائر إلى سُم قاتل يؤدي بحياة تلك الروح التي تقوم بتربيتها مما يؤدي إلى خسائر مادية فادحه!!.
إعداد: محمود سلامة الهايشة
ساحة النقاش