القضاء ينتتصر لحق المساواة بين الذكر والأنثى فى ميراث الأقباط الأرثوذكس.. والمحاكم تستند على المادة الثالثة للدستور والمادة 245 من لائحة الأقباط
كتب: أيمن محمد عبداللطيف:
لازالت الأحكام القضائية الفريدة من نوعها تتوالى حول المساواة بين الجنسين فى ميراث المسيحيين الأرثوذكس، وذلك بعد أن قضت محكمة استئناف القاهرة شؤون الأسرة، بتأييد حكم قضائى أقر تطبيق الشريعة المسيحية فى المنازعات المتعلقة بتوزيع الميراث بين المصريين غير المسلمين من طائفة وملة واحدة، استنادا للمادة الثالثة للدستور والمادة 245 من لائحة الأقباط الأرثوذكس.
والواقع والحقيقة يؤكدان أن عادات المجتمع المصرى، وخاصة فى الصعيد تحرم الأنثى من الميراث، ليس فقط السيدات المسلمات بل أيضا المسيحيات، وعندما يتم تطبيق أحكام القانون تحصل المسيحية على نصف ميراثها كما تذكر الشريعة الإسلامية، على الرغم من أن لائحة الأقباط الأرثوذكس تساوى بين الذكر والأنثى فى الميراث، وذلك على الرغم من أن الدستور ينص على الاحتكام للشرائع السماوية لغير المسلمين فى الأحوال الشخصية، إلا أن أروقة المحاكم شهدت جدالًا عنيفًا لتطبيق هذه النصوص.
إشكالية المساواة بين الجنسين في ميراث المسيحيين الأرثوذكس
في التقرير التالي، يلقى "أيمن محمد عبداللطيف" الضوء على إشكالية المساواة بين الجنسين في ميراث المسيحيين الأرثوذكس، وكيفية انتصار الدستور والقضاء المصري، للائحة الأقباط الأرثوذكس بالتساوي بين الذكر والأنثى في الميراث، وذلك بعد حسم النزاع وفقا للائحة الكنيسة الارثوذكسية الصادرة على 1938 والمعدلة فيما يخص أسباب التطليق بتلك الطائفة، الأمر الذى يعود بالإيجاب على جميع المعاملات وعلى رأسها المعاملات العقارية .
فى البداية. مثل هذه الأحكام تعود بالنفع عند المعاملات العقارية للورثة من خلال مراجعة نصيب كل وارث بعد صدور أحكام تقسم التركة بالتساوي لا فرق بين ذكر وأنثى في الإرث للمسيحين، وذلك استنادا للمادة الثالثة للدستور والمادة 245 من لائحة الأقباط الأرثوذكس.
الحكم الأول.. الأحقية فى المساواة بين الأشقاء ذكور وإناث فى الميراث
الحكم الأول صدر بتطبيق الشريعة المسيحية في الإرث في ظل الدستور الحالي، كان فى 25 مايو سنة 2015 من محكمة استئناف طنطا مأمورية استئناف كفر الشيخ في الاستئناف رقم 1170 لسنة 47 ق، ما يؤكد معه أن اﻷسبقية للأقاليم
الحكم الثاني.. تطبيق توزيع الميراث على المسيحين بالمساواة
الحكم الثانى الصادر من محكمة الاستئناف القاهرة بالقضية رقم 11666 لسنة 133 ق الدائرة 158 أحوال شخصية بالأحقية فى المساواة بين الأشقاء ذكور وإناث فى الميراث، عملا بنص المادة الثالثة من الدستور، و لائحة الأقباط الأرثوذكس، في الدعوى المقامة بين "م.ز"، وشقيقته "وفاء" في النزاع على آرث شقيقتهم المتوفاة "فريال"، إذ رفضت "وفاء" إعلام الوراثة الصادر بتطبيق الشريعة الإسلامية واحتكمت لتطبيق المادة الثالثة بالدستور.
الحكم الثالث.. تطبيق المساواة بن الذكر والأنثى المسيحين بشأن توزيع الميراث
الحكم الثالث الصادر من الدائرة السابعة بمحكمة أسرة حلوان رقم 2793 لسنة 2018 ورثات حلوان، بتطبيق المساواة بن الذكر والأنثى المسيحين بشأن توزيع الميراث، تؤكد على تطبيق المادة الثالثة من الدستور التى تنص على "مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين و اليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية"، بالإضافة إلى الاحتكام إلى لائحة الأقباط الأرثوذكس .
منطوق الحكم الثالث جاء كالتالى: أولا: بإبطال إعلام الوراثة – الذى صدر فى أول الأمر طبقا للشريعة الإسلامية – رقم 2793 لسنة 2018 ورثات حلوان أمام الدائرة السابعة حلوان ، وثانيا: توزيع الإرث بين الورثة بالتساوى .
وخلصت وقائع الدعوى أن المدعية "الاستاذه "، المحامية، عقدت الخصومة مع المدعى عليهم "شقيقيها" مطالبة ببطلان إشهاد الوفاة والوراثة الخاص بتحقيق وفاة المتوفى والدهم رشاد برسوم نصر الله وذلك فيما جاء بتوزيع الأنصبة وفقًا لمبادئ الشريعة الإسلامية مما شابه البطلان لمخالفته أحكام الدستور والقانون والقضاء بما لم يطلبه الخصوص كون المتوفى والورثة مسيحي الديانة بطائفة الأقباط الأرثوذكس.
ويتوجب تطبيق لائحتهم والمساواة في توزيع الأنصبة بين الذكر والأنثى مستحقي الإرث وأن المدعية استندت في دعواها إلى المادة الـثالثة للدستور التي تنص على تطبيق مبادئ الشريعة المسيحية في مسائل الأحوال الشخصية للمسيحيين واستندت المحكمة في حكمها إلى المادة الثالثة للدستور، بالإضافة لما نصت عليه المادة 245 من لائحة الأقباط الأرثوذكس "فروع الموروث مقدمون على غيرهم من الأقارب في الميراث فيأخذون كل التركة أو ما بقي منها بعد استيفاء الزوج أو الزوجة، فإذا تعددت الفروع – الأبناء - وكانوا في درجة واحدة قسمت التركة بينهم أنصبة متساوية لا فرق بين ذكر وأنثى.
كيفية إقرار المبدأ؟!
فيما صدر حكم من محكمة استئناف القاهرة، بالمساواة بين "الذكور والإناث" في الميراث، ذلك للمسيحيين الأرثوذكس، عملا بنص المادة الثالثة من الدستور، والمادة "247" من لائحة الأقباط "الأرثوذكس"، في قضية رقم "11666" لسنة 133 ق، وكان الحكم متعلقًا بين "رجل وشقيقته"، وهما: "منقريوس.ز"، و"وفاء.ز"، والنزاع على إرث "فريال.ز" شقيقتهم.
وقالت المحكمة في حيثيات الحكم أن استئناف الحكم الصادر بجلسة 29 مارس 2016 فى الدعوى رقم 332 لسنة 2016 أسرة الزيتون، أن المدعى تقدم بطلب تحقيق وفاة شقيقته المتوفا "فريال.ز" المتوفية بتاريخ 13 يونيو 2013 وانحصار ارثها فى الطالب وشقيقته "وداد.ز"، وقد حضر شاهدين واقر بأن ورثة المتوفاة "فريال.ز" هما أشقائهما كل من "منقريوس.ز"، و"وداد.ز".
وأضافت الحيثيات، أنه بجلسة 29 مارس 2016 قضت محكمة أول درجة بتحقيق وفاة "فريال.ز" بتاريخ 13 يونيو 2013، وانحصار ارثها الشرعى فى اشقائها "منقريوس.ز"، و"وداد.ز"، ويستحقان جميع تركتها نصيباَ للذكر ضعف حظ الأنثيين .
وأكدت الحيثيات، أن هذا القضاء لم يلق قبولاَ لدى المستأنفة فقد طعنت عليه بطريق الإستئناف الماثل بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب هذة المحكمة بتاريخ 8 مايو 2016، وأعلنت للمستأنف وفق صحيح القانون بطلب الحكم بقبول الإستئناف شكلا والطعن بالدستورية على المادة الأولى من ق رقم 25 لمخالفتها المادة 3 من الدستور المصرى ومبادئ الشريعة الإسلامية، وفى الموضوع إلغاء الحكم المستأنف واحتياطيا توزيع الأنصبه الأنثى مثل حظ الذكر، وهما متساويان فى توزيع الأنصبة فى الميراث طبقاَ للدستور 2014 مبادئ الشريعة المسيحية، وذلك لأسباب حاصلها الخطأ فى تطبيق القانون والدفع بعدم الدستورية .
""كيفية تساوى الذكر والأنثى فى الإرث""
وتابعت: أنه عن موضوع الاستئناف كان الثابت بنص المادة 247 من لائحة الأقباط الأرثوذكس، أنه إذا لم يكن للمورث فرع ولا أب ولا أم فإن صافى تركته بعد استفتاء نصيب الزوج أو الزوجة يؤول إلى إخوته وأخواته، ويقسم بينهما حصصاَ متساوية متى كانوا متحدين فى القوة بأن كانوا كلهم أخوه أشقاء أو أخوة لأب وأم لا فرق فى ذلك بين الأخ والأخت .
واستطردت: أنه ولما كان ذلك الثابت أن مستحقى ارث المتوفاة "فريال.ز"، هم أشقائها "منقريوس.ز"، و"وداد.ز"، ومن ثم يكون حصصهما الميراثية متساوية بينهما طبقا لنص المادة سالفة البيان لا فرق بين ذكر وأنثى وطبقا لشريعتهم، ومن ثم المحكمة والحال كذلك تعديل الحكم المستأنف فيما ال إليه من توزيع حصص الورثة، ولهذه الأسباب، قضت المحكمة بقبول الإستئناف شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بجعل الورثة "منقريوس.ز"، و"وداد.ز" مستحقان ارث المتوفاة بالسوية بينهما، والتأييد فيما عدا ذلك .
يشار إلى أن هذا الحكم، يعد حكماَ صادراَ لأول مرة فى تاريخ القضاء، الأمر الذى يؤكد أن هناك صعوبة تصل الى حد الإستحالة فى تنفيذه، حيث أنه يخألف النظام العام، باعتبار كون الأقباط تُطبق عليهم أحكام الشريعة الإسلامية في مسألة المواريث.
قواعد وشروط توزيع الإرث فى لائحة الأقباط الأرثوذكس
فقد جرى الحكم عندما يتم تطبيق أحكام القانون تحصل المسيحية على نصف ميراث الذكر، كما تذكر الشريعة الإسلامية، ولكن وفقا لائحة الأقباط الأرثوذكس يتساوى الذكر والأنثى فى الميراث حيث أن لائحة الأقباط الأرثوذكس خصصت الباب الحادى العشر من المادة 231 حتى 251، للحديث عن قواعد وشروط توزيع الإرث ليرصد أبرزها كالتالي:
1-المادة 231، نصت على أن الميراث هو انتقال تركة شخص بعد وفاته إلى من تؤول إليهم بحكم القانون.
2- مادة 232، حددت شروط الميراث وفاة المورث حقيقة أو حكما كمن حكم بموته لغيبته غيبة منقطعة، وتحقق حياة الوارث بعد موت المورث أو إلحاقه بالأحياء تقديرا كالجنين بشرط أن يولد حيا .
3- مادة 233، أقرت إذ ا مات شخصان أو كثر فى حادث واحد كالغرقى والحرقى والهدمى والقتلى وكان بينهم من يرث بعضهم بعضأ، وتعذر اقامة الدليل على من مات منهم أولا، فلا يرث أحد منهم الآخر بل تنتقل تركة كل منهم إلى ورثته .
4- مادة 234، تشمل أسباب الإرث بالزوجية والقرابة الطبيعية الشرعية، فالذين لا تربطهم بالمتوفى رابطة زواج، كزوج الأم وإمرأة الأب ولا قرابة طبيعية كالمتبنى لا يرثون، ولا يأخذون شيئا من التركة بغير وصية، كذلك الأولاد والأقارب المولودون من زيجات أو اجتماعات غير شرعية لا يرثون، ولا يأخذون شيئا من التركة بغير وصية تصدر من المورث .
5- مادة235، حددت من لا يكون أهلا للإرث، أولا من قتل مورثه أو شرع فى قتله عمدا أو اشترك فى إحدى هاتين الجنايتين بأية صورة من صور الاشتراك القانوني، وثبت عليه ذ لك بحكم قضائي، ثانيا من اعتنق دينا غير الدين المسيحي وظل كذلك حتى وفاة المورث .
6- مادة 263، تنتقل التركة إلى الورثة بما لها من حقوق وما عليها من الديون، فلا يحق لدائنى الوارث أن يستوفوا منها ديونهم عليه إلا بعد دائتى التركة، كما أن الوارث لا يلتزم بشيء من الديون المتعلقة بالتركة ألا بمقدار ما وصل إليه منها.
7- مادة 237، يتعلق بمال الميت حقوق أربعة تبدأ من التركة بما يصرف فى تكفين الميت ودفنه وجتازته، قضاء ما وجب فى الذمة من الديون من جميع ما بقى من ماله، تنفيذ ما أوصى به المورث من النصاب الذي يجوز الايصاء به، قسمة الباقى بين الورثة عند تعددهم .
8- مادة241، للزوج فى ميراث زوجته نصف التركة اذا لم يكن للزوجة فرع وارث مطلقا، أما إذا كان للزوجة ثلاثه أولاد أو أقل ذكورا أو إناث أما إذا كان لها أكثر من ثلاثة أولاد فله حصه مساوية لحصة واحد منهم، ويعد من الأولاد من توفى منهم وله فرع وارث، وحالة أخرى كل التركة إذا لم يكن للزوجة وارث من الفروع أو الأصول والحواشى .
9- مادة 242، حكم الزوجة فى ميراث زوجها كحكم الزوج سواء بسواء.
10- مادة 247، إذا لم يكن للمورث فرع ولا أب ولا أم فإن صافى تركته بعد استيفاء نصيب الزوج او الزوجة يؤول إلى أخوته وأخواته، ويقسم بينهم حصصا متساوية متى كانوا متحدين فى القوة بأن كانوا كلهم إخوة أشقاء أو إخوة لأب أو لأم لا فرق فى ذلك بين الأخ والأخت.
🌟هناك طريقتين لتوزيع المواريث فى المسيحية🌟
وفى هذا السياق - يقول أيمن محمد عبداللطيف - إن المسيحية في الأساس ليست شريعة أرضية لكنها شريعة سماوية تهتم بالحياة الأدبية للناس، ولهذا لن تجد هناك نصوص تشريعية وقوانين مادية مثل ما يوجد بالمحاكم، لكنها تتخذ قوانينها من خلال المبادئ الروحية، والتي من خلالها نفهم تقسيم الميراث، حيث أن هناك طريقتان لتقسيم الميراث في المسيحية، والطريقة الأولى هي "العدل"، وهذا لأن العدل فضيلة، وبالتالي يقسم بالتساوي بين الأبناء والبنات، بناء على الآية: "ليس الرجل من دون المرأة ولا المرأة من دون الرجل في المسيح"، ولهذا المبدأ الأول في التقسيم يكون بالتساوي.
ووفقا لـ"جوزيف" فى تصرح لـ"اليوم السابع" - المبدأ الثاني للتقسيم هو بحسب الحاجة، أي يقسم الميراث حسب حاجة الوارثين، وهذه الحالة يجب أن تكون بالتراضي بين الأخوة، وهذا المبدأ جاء بناء على ما حدث في بداية العصر الرسولي، حيث كان الناس يبيعون ممتلاكتهم ويضعونها عند أرجل التلاميذ، وكان المسيحيون يأخذون منها حسب احتياجهم، مستندين على مبدأ المحبة وحذرين من الطمع، وهذا المبدأ لا ينفذ الآن سوى في البيوت المسيحية التي تعمر بالمحبة، حيث إذا وجد مجموعة من الأخوة بعضهم أغنياء وبعضهم فقراء، يكون الأولى بالنصب الأكبر الفقراء منهم.
🌟 الرجوع للشريعة المسيحية يأتي بناء على المادة الثالثة من الدستور🌟
فيما أكد أيمن محمد عبداللطيف - أن الرجوع للشريعة المسيحية يأتي بناء على المادة الثالثة من الدستور، والتي تنص على "مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية وشؤونهم الدينية واختيار قياداتهم الروحية"، مؤكدا أن الدستور هو أب القوانين فإذا تعارض الدستور مع القانون فيحكم بناء على الدستور.
وبحسب "أيمن عبداللطيف" - أن حضور الأخوة للمحكمة وموافقتهم على أن يوزع الإرث مع أختهم بالتساوي ليس هو ما حرك الدعوى، حيث أن القانون لا يشترط رضائهم لأن المادة واضحة، وهي حكم ديني أقره الدستور المصري، حيث أن المحاكم في الميراث لا تخضع لحكم واحد، فالشريعة الإسلامية بها العديد من الحالات التي لا يكون فيها "للذكر مثل حظ الانثيين" كالتالى:
هناك 4 حالات ترث فيه المرأة نصف ميراث الرجل و30 حالة تتساوى فيهم الرجل بالمرأة و10 حالات ترث المرأة فيهم أكثر من الرجل بل وهناك حالات لا يرث فيها الرجل وترث المرأة، موضحا أن الشريعة الإسلامية تتعدد في الحالات التي يعتمد فيها الإرث على درجة القرابة من المتوفي أكثر من نوع الوارث "ذكر أو أنثى"، وحسب العبء على الوارث.
ساحة النقاش