الخطأ الطبي في العمليات الجراحية : بين القانون والطب ؛ والتعدى على الاطباء وتجريمه فى القانون
"وما هى المسؤولية الجنائية للطبيب ، عن الجرائم الواردة في قوانين مزاولة مهنة الطب وقانون العقوبات"
كتب: أيمن محمد عبداللطيف:
اولا : قسم الطبيب فى جمهوريه مصر العربية
"ﺑﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ . ﺃﻗﺴﻢ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺃﻥ ﺃﺭﺍﻗﺐ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻣﻬﻨﺘﻲ . ﻭﺃﻥ ﺃﺻﻮﻥ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ ﺃﺩﻭﺍﺭﻫﺎ ، ﻓﻲ ﻛﻞ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﻭﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ، ﺑﺎﺫﻟًﺎ ﻭﺳﻌﻲ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﻨﻘﺎﺫﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﺍﻟﻤﺮﺽ ﻭﺍﻷﻟﻢ ﻭﺍﻟﻘﻠﻖ، ﻭﺃﻥ ﺃﺣﻔﻆ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻛﺮﺍﻣﺘﻬﻢ، ﻭﺃﺳﺘﺮ ﻋﻮﺭﺍﺗﻬﻢ، ﻭﺃﻛﺘﻢ ﺳﺮّﻫﻢ . ﻭﺃﻥ ﺃﻛﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻭﺍﻡ ﻣﻦ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ، ﺑﺎﺫﻟًﺎ ﺭﻋﺎﻳﺘﻲ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ ﻟﻠﻘﺮﻳﺐ ﻭﺍﻟﺒﻌﻴﺪ، ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﻭﺍﻟﻄﺎﻟﺢ، ﻭﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﻭﺍﻟﻌﺪﻭ . ﻭﺃﻥ ﺃﺛﺎﺑﺮ ﻋﻠﻰ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﺃﺳﺨِّﺮﻩ ﻟﻨﻔﻊ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻻ ﻷﺫﺍﻩ . ﻭﺃﻥ ﺃﻭﻗﺮ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﻨﻲ، ﻭﺃﻋﻠّﻢ ﻣﻦ ﻳﺼﻐﺮﻧﻲ، ﻭﺃﻛﻮﻥ ﺃﺧًﺎ ﻟﻜﻞ ﺯﻣﻴﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻬﻨﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﻧﻄﺎﻕ ﺍﻟﺒﺮ ﻭﺍﻟﺘﻘﻮﻯ . ﻭﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﻣﺼﺪﺍﻕ ﺇﻳﻤﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺳﺮﻱ ﻭﻋﻼﻧﻴﺘﻲ، ﻧﻘﻴًﺎ ﻣﻤﺎ ﻳﺸﻴﻨﻨﻲ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻭﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ.ﻭﺃﻥ ﺃﺣﻔﻆ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻛﺮﺍﻣﺘﻬﻢ، ﻭﺃﺳﺘﺮ ﻋﻮﺭﺍﺗﻬﻢ، ﻭﺃﻛﺘﻢ ﺳرهم . ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺃﻗﻮﻝ ﺷﻬﻴﺪ" .
يقول أمير الشعراء أحمد بيك شوقى
( وَإِنَّمَا الأُمَمُ الأَخْلاقُ مَا بَقِيَتْ * فَإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلاقُهُمْ ذَهَبُوا)
يتعرض عشرات الأطباء يوميًا لحوادث اعتداء خلال تأديتهم عملهم ، الأمر الذي دفع عددًا كبيرًا من الجهات على رأسها نقابة الأطباء ووزارة الصحة وأعضاء بمجلس النواب ، إلى المطالبة بضرورة التوصل إلى تشريع يغلظ عقوبة التعدي على أصحاب هذه المهنة .
(وتعريف العمل الطبى او مقدمى الخدمه الطبية مقارنه بقوانين بعض الدول العربية الشقيقه )
هو نشاط يتفق في كيفيته وأصول مباشرته مع القواعد المقررة في علم الطب ويهدف إلى شفاء المريض ، والأصل في العمل الطبي أن يكون علاجيا أي يهدف إلى تخليص الشخص من مرضه أو تخفيف حدته أو تخفيف آلامه ، ولكن الفقه يميل إلى اعتبار الممارسات التي ترمي إلى الكشف عن أسباب المرض أو الوقاية منه وكل نشاط أو وسيلة تتصل بالعمل الطبي كاستخدام الكهرباء والأشعة من الاعمال الطبية ، ويعرف العمل الطبي من قبل البعض بأنه كل نشاط يرد على جسم الانسان او نفسه ويتفق في طبيعته وكيفيته مع الاصول العلمية والقواعد المتعارف عليها نظريا وعمليا في علم الطب ويقوم به طبيب مصرح له قانونا به ، بقصد الكشف عن المرض وتشخيصه وعلاجه ، لتحقيق الشفاء او تخفيف الام المرض او الحد منها او منع المرض ، او يهدف الى المحافظة على صحة الافراد ، او تحقيق مصلحة اجتماعية بشرط توافر رضاء من يجري عليه هذا العمل ، وعرفه البعض الاخر على انه كل نشاط يتفق في كيفيته وظروف مباشرته مع القواعد المقررة في علم الطب ويتجه في ذاته وفق المجرى العادي للأمور الى شفاء المريض.
مما لاشك فيه انا التعدى على مقدمى الخدمه الصحية من طاقم طبى غير مقبول اطلاقا ومجرم قانونا . حيث ان مقدمى الخدمه الطبية من اطباء او تمريض او اطقم معاونه اداريه هى لخدمه المريض اولا وأخيرا . ولكى انكر ان هناك العديد من حالات عدم اللامبالاة او عدم تقديم الخدمه بشكل مرضى الا انه لا يعنى التطاول والتعدى عليهم بالضرب او اكثر من ذلك قولا . لفظا . وتم تجريمه بحكم القانون . وللمرة الثانيه لا ننكر ان هناك اخطاء تحدث من قبل بعض الهيئات الطبية ( العاملين بها اطباء كانوا او مقدمى خدمه بدرجاتهم ) ولكن القانون كان له القول الفصل فى ذلك ...
وحسم القانون هذا الامر ولكن ينقص الادراك والتعميم للبسطاء للعلم والإفادة ، أن هناك مواد للعقوبات لابد من نشرها بكافة المستشفيات ، وحث إدارة المستشفى التى يقع به الاعتداء على تحرير محضر مجمع بأسماء كل الفريق الطبى، وفى حالة رفض الشرطة تحرير المحضر يتم إبلاغ النيابة بالمذكرة ، مشيرًا إلى أن مواد عقوبات الاعتداء على الأطباء والمستشفيات كافية لكنها لا تطبق.
وذكر بعض مواد القانون الخاصة بذلك ، هى المادة 133 والتى تحدد عقوبة كل من أهان بالإشارة أو القول، أو هدد موظفًا عموميا ، أو أى إنسان مكلف بخدمة عمومية أثناء تأدية وظيفته بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر ، أو بغرامة لا تتجاوز 200 جنيه ، وفى حالة الاعتداء بدون ضرب، المادة 136 نصت على أن يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة شهور أو بغرامة لا تتجاوز 200 جنيه.
وأضاف ايمن عبداللطيف : "فى حالة الاعتداء بالضرب، المادة 137 حددت العقوبة بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو غرامة لا تتجاوز 200 جنيه، وإذا حصل الضرب أو الجرح باستعمال أية أسلحة أو عصى أو آلات أو أدوات أخرى أو بلغ الضرب أو الجرح درجة الجسامة المنصوص عليها فى المادة 241 تكون العقوبة الحبس".
وتابع: "المادة 137 مكرر (أ) نصت على أن يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 5 سنين كل من استعمل القوة أو العنف أو التهديد مع موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ليحمله بغير حق على أداء عمل من أعمال وظيفته أو على الامتناع عنه ولم يبلغ بذلك مقصده ، فإذا بلغ الجانى مقصده تكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على 10 سنين، وتكون العقوبة السجن فى الحالتين إذا كان الجانى يحمل سلاحًا ، وتكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة إذا أفضى الضرب أو الجرح المشار إليه فى الفقرة السابقة إلى موت".
وقال إنه فى حال تخريب المستشفيات ، يمكن الاستناد إلى المادة 90، والتى نصت على أن يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 5 سنوات كل من خرب عمداً مبانى أو أملاكا عامة أو مخصصة لمصالح حكومية أو للمرافق العامة أو للمؤسسات العامة أو الجمعيات المعتبرة قانونًا ذات نفع عام.
في المقابل حذرت وزارة الصحة المواطنين من الاعتداء على مقدمي الخدمة الصحية ، وطالبت مقدم الخدمة بالإبلاغ في حال تعرض للاعتداء ، وقالت في بيان لها إن الاعتداء على مقدم الخدمة الصحية ، جريمة يعاقب عليها القانون بعقوبة تصل للسجن ٥ سنوات
اولا : فى حالة الخطأ الطبى :
(الخطأ الطبي في العمليات الجراحية: بين القانون والطب)
تعتبر مهنة الطب رسالة تهدف إلى المحافظة على صحة الإنسان الجسدية والنفسية، وإلى التخفيف من آلامه ورفع مستواه الصحي العام، لذلك يعتبر الطب مهنة الشرف والإنسانية.
ووفق قانون الآداب الطبية (رقم 288/1994) فإن رسالة الطبيب تتمحور حول جسم الإنسان الذي له حرمته وحياته التي لها حصانتها؛ وأن أهم واجبات الطبيب هي تحقيق رسالته في المحافظة على صحة الإنسان الجسدية والنفسية، وقائيًا وعلاجيًا، والتخفيف من آلامه ورفع المستوى الصحي العام .
الجراحة والمسؤولية الطبية:
إن الجراحة كفرع من فروع الطب تعتبر المجال الرحب لدراسة المسؤولية الطبية بمختلف وجوهها وأشكالها، لأن أخطاء الجراحة هي الأخطاء النموذجية في مجال المسؤولية الطبية المدنية. ومن المتفق عليه بين الأطباء أن العمل الجراحي يمر غالبًا بثلاث مراحل ، وهي: مرحلة الفحص والإعداد والتحضير للعمل الجراحي، ومرحلة تنفيذ العمل الطبي الجراحي وإجرائه ، ومرحلة الإشراف والمتابعة وصولًا إلى تعافي المريض، ومسؤولية الطبيب الجراح قائمة في جميع تلك المراحل.
مفهوم الخطأ الطبي بوجه عام:
يعد تعريف الخطأ الطبي أمرًا في غاية الدقة، وذلك نظرًا إلى غياب تعريف تشريعي يحسم الجدل بين أنصار التشدد وأنصار المرونة، هذا إضافة إلى اعتبار أن الطبيب لا يتدخل في جسد المريض إلا بحسن نية و قصد سليم.
يتجسد الخطأ الطبي المرتب لمسؤولية الطبيب بإخلاله بالقواعد والأصول الطبية والفنية والالتزامات التي تفرضها عليه مهنته. ولا يجوز القياس ، في الخطأ الطبي ، بالاستناد إلى الرجل العادي اليقظ ، بل يجب القياس بالاستناد إلى سلوك طبيب نموذجي واعتماده معيارًا لتقدير وقوع الخطأ الطبي.
الخطأ الطبي الجراحي:
يلتزم الطبيب الجراح تجاه المريض بذل العناية اللازمة عند إجراء العملية الجراحية له. وتنشأ مسؤوليته إذا لم يتخذ الاحتياطات اللازمة قبل إجراء العملية الجراحية وخلالها. ولمعرفة الخطأ يقاس سلوك الطبيب الجراح بسلوك طبيب جراح من الاختصاص نفسه والمستوى المهني والعلمي ذاته ، مع الأخذ بعين الاعتبار ، الظروف الخارجية والإمكانات المادية التي توافرت عند إجراء العملية الجراحية. وفي ضوء ذلك يسأل الطبيب الجراح، عن كل تقصير لا يمكن توقعه من طبيب جراح آخر يتمتع بالمؤهلات نفسها ، وفي الظروف نفسها التي أحاطت بإجراء العملية الجراحية.
للأخطاء الطبية الجراحية صور تختلف عن الأخطاء الطبية في التخصصات الأخرى ، وفي ما يلي بعضها:
أولاً: على الطبيب الجراح أخذ موافقة المريض أو من يمثله قانونيًا قبل إجراء العملية الجراحية، ويجب أن تصدر هذه الموافقة بعد شرح حقيقة العملية والنتائج المحتملة لها، وبخلاف ذلك يعتبر الطبيب مخطئًا ويكون مسؤولًا، عن النتائج الضارة للعملية الجراحية ولو بذل العناية المطلوبة فيها.
ثانيًا: على الطبيب الجراح استخدام الطرق الحديثة في الفحص لمعرفة حالة المريض ونوع العمل الجراحي قبل إجراء العملية الجراحية، ويكون مسؤولًا إذا أخطأ في التشخيص بسبب عدم استخدام هذه الطرق.
ثالثًا: على الطبيب الجراح اتخاذ الاحتياطات اللازمة عند استعمال الأدوات اللازمة في العمليات الجراحية، حيث يكون مسؤولًا إذا أهمل ذلك.
رابعًا: على الطبيب الجراح إجراء العملية الجراحية للمريض في المستشفى وليس في العيادات الخاصة، حرصًا على توفير جميع الوسائل اللازمة.
خامسًا: يعتبر خطأ من جانب الطبيب الجراح إجراء العملية الجراحية من دون التأكد من سلامة المنضدة وآلات تثبيت المريض عليها، والذي يمكن أن يؤدي إلى سقوط المريض عنها.
سادسًا: يتوجب على الطبيب الجراح اتباع الأصول العلمية المتعارف عليها واستخدام الطرق الحديثة عند إجراء العملية الجراحية، والابتعاد عن الطرق البدائية في ذلك.
سابعًا: على الطبيب الجراح عند الانتهاء من العملية الجراحية التأكد من إزالة المواد وقطع الشاش المستعملة، ومن الأخطاء التي تتكرر دائمًا ترك بعض هذه المواد أو القطع في جسم المريض ما يؤدي أحيانًا إلى وفاته. وغالبًا ما يضع الطبيب الجراح المسؤولية في هذا المجال على مساعديه من الممرضات والممرضين، إلا أن ذلك لا يعفيه من هذه المسؤولية.
ثامنًا: من الأخطاء الشائعة أيضا إجراء العمل الجراحي في المكان الخطأ من الجسم (الجهة اليسرى بدل اليمنى وبالعكس).
أسباب الأخطاء الطبية الجراحية:
لماذا تقع الأخطاء الطبية؟ وكيف لنا أن نمنع حصولها؟ أو على أقل تقدير كيف نخفف من معدلات وقوعها وحجم أضرارها؟
نشر باحثون من «إمبريال كوليدج» في لندن دراسة في المجلة الطبية البريطانية للجودة والسلامة للعام 2013 حول الأخطاء الطبية التي تقع في غرف العمليات. وتبين لهم أن 25% من هذه الأخطاء سببها مشاكل عائدة للتكنولوجيا أو المعدات المستخدمة داخل غرف العمليات، وأن اعتماد إجراء «القائمة التفقدية للسلامة قبل الجراحة» (Surgical Safety Checklist) يقلل من حصول الأخطاء.من ناحية أخرى ورد في عدد أيار 2014 من مجلة الكلية الأميركية للجراحين (جامعة كنتاكي) دراسة حول تأثير الضجيج في غرف العمليات على رفع نسبة حصول الأخطاء الطبية الجراحية فيها. وتبيّن أن الضجيج يحدّ من تركيز الجراحين على اتقان عملهم، ويتسبب في عدم وضوح التواصل بين العاملين في غرف العمليات. وعليه، فإن البحث الدقيق لمعرفة أسباب الأخطاء الجراحية مهم جدًا للحد من الأخطاء الطبية عمومًا. وأن الحرص على الشفافية في رصد الأخطاء الطبية، ضمن المراجعات الداخلية بالمستشفيات، أساس في تطوير جودة الخدمة للمرضى وضمان سلامتهم.
الاخطاء الطبية بين الرسالة والمساءلة:
يخضع الطبيب في العالم كله ، في تحديد رسالته وموجباته ومساءلته ، لأحكام القانون ، بالإضافة لأحكام القواعد العامة التي ترعى المسؤولية المدنية في قانون الموجبات والعقود ولأحكام المسؤولية الجزائية الواردة في قانون العقوبات
تتوزع مسؤولية الطبيب عن أخطائه المهنية إلى مدنية وجزائية.
المسؤولية المدنية: يشترط في المسؤولية المدنية توافر الخطأ والضرر والرابطة السببية بينهما؛ أي ارتكاب الطبيب لخطأ طبي أدى إلى إلحاق الضرر بالمريض. ويجب أن يكون الضرر أكيدًا ومباشرًا وشخصيًا، وأن يتصل سببيًا بالخطأ الطبي، ويكون قابلًا للتعويض عنه.
المسؤولية الجزائية: المبدأ الأساسي الذي حددته المادة 186 من قانون العقوبات هو أنه لا يعد جريمة الفعل الذي يجيزه القانون. ويجيز القانون العمليات الجراحية والعلاجات الطبية المطابقة للأصول شرط أن تجري برضى العليل أو رضى ممثليه الشرعيين أو في حالات الضرورة الماسّة. إلا أن فعل الطبيب يعتبر سلوكًا جرميًا في حال إيذاء المريض أو التسبب بوفاته عن إهمال أو قلة احتراز أو لعدم مراعاة القوانين والأنظمة (م 564 عقوبات).
لا وجود لنص يحدد المسؤولية الجزائية للأطباء ، وإنما تطبَّق القواعد العامة المتعلقة بالمسؤولية الجزائية بجرائم التسبب بالإيذاء أو بالوفاة ، إذا كان الجرم نتيجة خطأ، وقواعد المسؤولية الجزائية في الجرائم القصدية إذا كان الفعل قصديًا.
إن التزام الطبيب تجاه المريض، يعتبر التزامًا ببذل العناية، وهذا يعني أن الطبيب لا يكون مسؤولًا عن نتيجة العلاج، ولكن عليه بذل العناية اللازمة لشفاء المريض، وذلك باتباع الوسائل العلمية في علاجه أو عند إجراء العمليات الجراحية.
صور الخطأ الطبي من وجهة نظر القانون ويحدد القانون صور الخطأ الطبي وفق الآتي:
•عدم التبصر او التشخيص الخاطئ :
يراد به في التشريعات العربية المقارنة اصطلاح الرعونة. وهي صورة من صور الخطأ الجنائي، تقابلها عبارة «Maladresse» الواردة في النص الفرنسي (م 319 ق ج ف)، وتعني في الأصل غياب الحذق أو الدراية و نقص المهارة. كأن يجري طبيب عملية جراحية من دون أن يستعين بطبيب مختص بالتخدير، أو أن يرتكب خطأ يقع ضمن المبادئ الأولية في التشريح، أو يتسبب في قطع الشرايين في عملية جراحية من دون أن يربطها كما تقضي الأصول العلمية.
•عدم الاحتياط :
ويقابله اصطلاح عدم الإحتراز في بعض التشريعات العربية المقارنة، ويعدّ صورة قريبة ومتداخلة مع «عدم التبصر». ويراد به حالة إقدام الطبيب على عمل طبي خطير مدركًا خطورته ومتوقعًا ما يحتمل أن يترتب عليه من مضاعفات سلبية، ولكن من دون أخذ الإحتياطات التي من شأنها الحيلولة دون حصول هذه المضاعفات.
•الإهمال وعدم الانتباه :
يقصد بالإهمال أو عدم الإنتباه، أن يقف الفاعل موقفًا سلبيًا، فلا يتخذ واجبات الحذر التي من شأنها الحيلولة دون وقوع النتيجة الإجرامية، والإهمال قد يقع بفعل الترك أو الإمتناع. كما أنه قد يتحقق عندما يدرك الجاني الأخطار التي تترتب على مسلكه ورغم ذلك لا يتخذ الإحتياطات اللازمة لتجنبها.
•عدم مراعاة النظم والقوانين:
تعتبر مخالفة القوانين والأنظمة صورة مستقلة من صور الخطأ، ويكفي ثبوتها لقيام المسؤولية الجنائية – غير العمدية – في حق الفاعل.
الخلط بين الخطأ الطبي الجراحي والمضاعفات الجراحية
لا يخلو العمل الجراحي من الأخطار والمضاعفات، والتقدم الجراحي في فروع الطبّ لم يتوصّل بعد إلى إلغاء احتمال حصول هذه المضاعفات كليًا. ومن هذا المنطلق، يتّبع الأطباء منهجًا واضحًا يقتضي التحضير المسبق والكامل للعملية الجراحية مهما كان نوعها، فإجراء الفحوصات المخبرية والتصويرية قبل العملية، وزيارة طبيب التخدير قبل أربع وعشرين ساعة على الأقلّ من موعد الجراحة، وإبلاغ الطاقم الطبي بالتاريخ الصحيّ الكامل وبالحساسية تجاه الأدوية، كلها خطوات تهدف لإلغاء فرصة حدوث مضاعفات جراحية.
وحتى تقوم المسؤولية الجزائية للجاني لابد وان يثبت بان الجاني قد ارتكب خطأ لأن الخطأ هو سبب لقيام المسؤولية الجزائية وإذا انعدم فلا يسأل الفاعل عن الفعل. والخطأ الذي هو الفعل المخالف للقانون الذي فيه يقوم الجاني بمخالفة ما امر به المشرع او ما نهى عنه ، وهو اما ان يكون عمدياً او غير عمدي ويتحقق الاول عندما يريد الفاعل الفعل والنتيجة أي ان يتوافر لديه القصد الجرمي في ارتكاب الفعل الذي جرمه القانون كأن يتعمد الجاني على ازهاق روح انسان على قيد الحياة كأن يدس له السم في الطعام.
او ان يكون الخطأ غير عمدي ويتحقق ذلك عندما يريد الفاعل الفعل فقط دون ان يقصد أي نتيجة من النتائج التي ستترتب على الفعل ومثل ذلك جرائم القتل الخطأ كأن يقوم أحد الاطباء بأجراء احدى العمليات الجراحية لأحد المرضى فيقطع احد الاوردة الدموية للمريض ويتسبب بموته.
وان ما تقدم يقتضي ان يتوافر عنصري الادراك والإرادة (حرية الاختيار) لكي يمكن ان يسأل الفاعل عن ما اقترفه من خطأ ، فالخطأ وصف يلحق بالإرادة المميزة. والإدراك او التمييز يعني قدرة الانسان على فهم طبيعة فعله بحيث يكون باستطاعته ان يقدر نتائجها ، ويسأل الفاعل عن فعله ولو كان يجهل ان القانون يعاقب عليه فالعلم مفترض بالقانون.
وينتفي الادراك اذا كان الفاعل صغير السن او كان مصاباً بعاهة عقلية او كان فاقد لإدراكه بسبب تناوله مسكراً بدون اختياره او علمه.
اما الارادة فهي قدرة الانسان على توجيه نفسه الى فعل معين او الامتناع عنه، ويفترض القانون ان الانسان لديه ارادة التي بها يستطيع ان يسيطر على دوافعه الذاتية وإتباع السلوك الذي اختاره فإذا ما ارتكب الفاعل فعلاً شكل جريمة تترتب المسؤولية الجزائية عليه ، اما اذا كان هذا الشخص فاقداً لحرية اختياره كأن يكون لأسباب خارجية كالإكراه او حالة الضرورة او اسباب داخلية كأن يكون مجنوناً فهنا تنتفي عنه المسؤولية الجزائية لأن شرطاً اساسياً من شروط قيام المسؤولية الجزائية اضحى غير متوفر.
ولاشك ان المساس المقصود بجسم الانسان يشكل اعتداءً على حقه في سلامته البدنية او الصحية إلا ان الاعمال الطبية التي يمارسها الاطباء على مرضاهم تخرج من نطاق التجريم وتعتبر مجازة لأن القانون نفسه يرفع الصفة الجنائية في حال توافر شروط معينة وهذه الاجازة للأعمال الطبية تجد اساسها على انها وان كانت تمس جسم الانسان الا انها تعتبر ضرورية وتصب بمصلحته وبدونها قد لا تستمر حياة الانسان.
وهذه الاعمال الطبية تعتبر مباحة ولا يترتب عليها أي مسؤولية ان توفرت شروط معينة وهي: الترخيص بالعلاج او (الترخيص بمزاولة مهنة الطب) وقصد العلاج ورضا المريض وإتباع اصول الفن والمهنة.
وسنعمد في بحثنا الى بيان المسؤولية الجنائية للطبيب عند اخلاله بأصول مهنته ومخالفته لأحكام قانون مزاولة مهنة الطب وأحكام قانون العقوبات اذ سنقسم بحثنا الى ثلاثة مباحث مبحثين نتناول في الاول بيان ماهية العمل الطبي وفي المبحث الثاني بيان احكام المسؤولية الجنائية للطبيب عن الجرائم الواردة في قانون مزاولة مهنة الطب وهي جريمة مزاولة المهنة بدون ترخيص وجريمة تقديم بيانات غير صحيحة للحصول على ترخيص، اما المبحث الثالث فنتناول بيان الجرائم الممكن ارتكابها من قبل الطبيب المنصوص عليها في قانون العقوبات وهي جريمة تزوير الشهادات الطبية وجريمة الاجهاض وجريمة افشاء السر الطبي وجريمة امتناع الطبيب عن تقديم المساعدة.
ثانيا : فى حاله الخطأ او التعدى من متلقى الخدمه الصحية.
(وفى حالة التعدى على مقدمى الخدمة ينصح التصرف بالاتى)
لم تكتفي النقابة بذلك بل وضعت عدة نصائح للأطباء في حال الاعتداء عليهم، وجاءت كالتالي:
أولا : لا تترك المستشفى وتذهب لقسم الشرطة بمفردك تحت أى ظرف .
ثانيا: اتصل فورا بنقابتك الفرعية أو برقم واتس الشكاوى بالنقابة العامة ، أو رسالة على الواتس للمتابعة معه.
ثالثا : يتم عمل محضر إداري بالاعتداء على المستشفى (يذكر اسماء المعتدين و بياناتهم كاملة) موقع من السلطة الإدارية الموجودة في المستشفى (المدير ..الوكيل .. المدير المناوب ..النائب الإداري) و يختم بختم النسر و الطبيب يأخذ نسخة منه .
رابعاَ: كذلك يذكر في المحضر الطبيب أو افراد الطاقم الطبي اللذين تعرضوا للاعتداء (كمعتدي عليهم) و ليس كمبلغ او طرف في مشاجرة .
خامساً : يذكر أسماء و بيانات أي شهود على الواقعة سواء من العاملين في المستشفى أو المرضى المتواجدين في المكان و يوقعوا كشهود على المذكرة الادارية .
سادسا: على إدارة المستشفى أن تكون متعاونة مع الطبيب المعتدى عليه ..و إذا لم تكن كذلك (غير متعاونة) على كل أطباء المستشفى التضامن مع الطبيب المعتدى عليه حتى لا يجد صعوبة في تنفيذ هذه الخطوات .
سابعا : يتم عمل المحضر في القسم باسم المستشفى و بواسطة أي ممثل لإدارة المستشفى.
ثامناً : إذا رفض قسم الشرطة عمل البلاغ .. توجه فورا الى النيابة ولابد من وجود محامى النقابة.
تاسعاً : لا تقلق إذا قام المعتدى بعمل محضر مضاد بأن الطبيب هو المعتدى , فهى اتهامات كيدية معروفة ليس لها قيمة.
عاشرا: تضامنك مع زميلك ضرورة لأنك ممكن تكون مكانه فى أى وقت.
الخاتمة
إن مسألة البحث في مسؤولية الطبيب عن أخطائه المهنية دقيقة جدًا، فليس من المقبول إطلاق التهم جزافًا. لذلك يجب أن تنطلق المساءلة من التوفيق بين مصلحة الجسم الطبي من ناحية ومصلحة صحة الإنسان والمجتمع من ناحية ثانية، من دون وضع مهنة الطب تحت سيف الملاحقة والمسؤولية بشكل يؤدي إلى منع تقدمها وتطورها. وهذا يفرض الإقرار بمبدأ مسؤولية الطبيب عن أخطائه الطبية ووضع الأسس والشروط الواضحة لهذه المسؤولية.
وخلق الله الانسان وميزه عن باقي المخلوقات بالعقل وقدرة الاختيار وبالتالي اضحى الانسان الكائن المنفرد الذي يعي تصرفاته ويستطيع ان يحدد الصواب من عدمه ، ولهذا فإن غالبية التشريعات الجزائية تبنت مذهب حرية الاختيار في المسؤولية الجزائية على اعتبار ان الانسان له حرية الاختيار وهي المقدرة على المفاضلة بين البواعث المختلفة وتوجيه الارادة وفقاً لأحدها وعلى ذلك فأن الجاني كان في وسعه ان يختار بين الطريق المطابق للقانون والطريق المخالف له ، مع الاخذ بعين الاعتبار ان التشريعات الجنائية اهتمت بالحالة الخطرة ومعالجتها بالتدابير الاحترازية في حالة عدم مسؤولية صاحبها جنائياً او مسؤوليته مخففة.
ونذكر الكل بقول أمير الشعراء احمد بيك شوقى :
وَإِنَّمَا الأُمَمُ الأَخْلاقُ مَا بَقِيَتْ * فَإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلاقُهُمْ ذَهَبُوا
أيمن محمد عبداللطيف ...... وللحديث بقية ...؛؛؛
ساحة النقاش