الرعاية الصحية في مصر تغازل الاستثمارات العربية والأجنبية

شهدت سوق الرعاية الصحية بمصر ارتفاعاً ملحوظاً في تدفق الاستثمارات العربية والأجنبية في الآونة الأخيرة بشتى مجالات الرعاية الصحية وسط توقعات باستحواذ القطاع الخاص الطبي على 30 بالمئة من السوق خلال عامين بعد الاهتمام الحكومي المتزايد بدعوة المستثمرين العرب والأجانب للاستثمار في هذا المجال الحيوي والمهم.

ووفقاً للدكتور بشر أحمد قناوي، رئيس غرفة مقدمي الخدمات الصحية بالقطاع الخاص التابعة لاتحاد الصناعات بمصر، ورئيس مجلس إدارة مستشفى العيون الدولي، فإن الحكومة المصرية باتت أكثر اهتماماً بتنمية استثمارات القطاع الخاص بمجال الرعاية الصحية، مشيراً إلى أن الهيئة العامة للاستثمار التابعة لوزارة الاستثمار المصرية تنظم مؤتمرات بين الحين والآخر بمشاركة عدد كبير من المستثمرين العرب والأجانب لتشجيع الاستثمار في مجالات الصناعات والخدمات الطبية والدوائية بمصر‏.

وأضاف قناوي «إن غرفة مقدمي الخدمات الصحية رصدت تدفقاً كبيراً في الاستثمارات الخاصة بقطاع الرعاية الصحية خلال السنوات الـ5 الأخيرة وسط توقعات بأن يستحوذ القطاع الخاص على حصة كبيرة من السوق خلال الفترة المقبلة».

ومن الشركات العاملة في مجال الرعاية الصحية بمصر شركة «الإسكندرية للخدمات الطبية - مركز الإسكندرية الطبي» والتي تقوم بتقديم وتوفير الخدمات الطبية التشخيصية والعلاجية في فروع الطب المختلفة والحصول على التوكيلات الخاصة بالأجهزة والمستلزمات الطبية والأدوية وتجارتها، ويتوزع رأسمال الشركة البالغ 30 مليون جنيه مصري بين المستثمر الهندي بافاجوتو راجورام شتي الذي يستحوذ على أكثر من 86 بالمئة من رأسمال الشركة، فيما تتوزع النسبة الباقية على مساهمين مصريين، وكذلك مستشفى دار الفؤاد الذي أسسه الدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة المصري حالياً بمساهمة شركة «أحمد حسن فتيحي المحدودة» بالسعودية، والدكتور فهد خاطر السعودي المصري، و(الشركة السعودية للاقتصاد والتنمية) «سيديكو»، وكذلك «مجموعة مستشفيات المغربي»، و«مجموعة أندلسية للخدمات الطبية السعودية» التي دخلت مؤسسة «التمويل الدولية» معها في شراكة بهدف التوسع في خدمات الرعاية الطبية الخاصة في مصر من خلال شراكة بـ10 ملايين دولار وقرض بـ15 مليار دولار لبناء مستشفى السلامة بالإسكندرية، وبناء مستشفى أندلسية هليوبوليس في القاهرة.

وأوضح رئيس غرفة مقدمي الخدمات الصحية بالقطاع الخاص أنه تم إنشاء الغرفة منذ 7 سنوات وتحديداً العام 2003 كشعبة لاتحاد الصناعات المصرية بواسطة الدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة، وتضم في عضويتها مقدمي خدمات الرعاية الصحية من القطاع الخاص الطبي، وتسعى الغرفة إلى مساعدة أعضائها في الحصول على شهادات الجودة المختلفة، وعقد برامج تدريبية لرفع المستوى لدى المؤسسات الطبية، والاتفاق مع مركز تحديث الصناعة المصري على تمويل وشراء المعدات الإنتاجية لأعضاء الغرف بنسبة 10 بالمئة من قيمة المعدات، إضافة إلى دور الغرفة في الإعداد لمجموعة من المعارض التي تهم أعضاء الغرفة وتهدف أيضاً إلى تنشيط السياحة العلاجية.

وأكد أن القطاع الخاص سيلعب دوراً أكبر كشريك للتنمية في المجال الصحي بمصر خلال الفترة المقبلة بعد النجاح الذي حققه المستثمرون العاملون بالمجال حالياً، غير أن الغرفة تقوم بدورها بالإشراف على مستوى الخدمات التي يقدمها القطاع الخاص من خلال مشروع متكامل لتقييم المستوى لدى كل مؤسسة صحية مشتركة في الغرفة، والتأكيد على ضرورة المساهمة في تخفيف العبء عن الدولة في تقديم الخدمة الطبية لمحدودي الدخل.

من جانبه، قال الدكتور علاء الدين مسعود، عضو مجلس إدارة شركة «الإسكندرية للخدمات الطبية»، وعضو غرفة مقدمي الخدمات الصحية بالقطاع الخاص، إن السوق المصرية مؤهلة لمزيد من الاستثمارات بمجال الرعاية الصحية، مشيراً إلى نجاح الاستثمارات التي تم ضخها في شركته والتي تعتزم ضخ نحو 80 مليون جنيه (نحو 15 مليون دولار) خلال السنوات الـ3 المقبلة لتوسعة مشروعها.

وأضاف مسعود «إن البنية التشريعية بمصر والتسهيلات التي يحصل عليها المستثمرون في مجال الرعاية الصحية يدفعنا ذلك للتوقع بأن القطاع الخاص مرشح للاستحواذ على 30 بالمئة من مجال الخدمات الصحية بمصر خلال الفترة المقبلة».

وقال وزير الصحة المصري الدكتور حاتم الجبلي في تصريحات صحافية إن القطاع الخاص الطبي في مصر يستحوذ على 16 بالمئة من السوق، مقارنة بـ44 بالمئة في السوق السعودية، ما يشير إلى وجود مساحة كبيرة ليشغلها القطاع الخاص في الفترة المقبلة.

وأضاف الجبلي «إن الحكومة المصرية مهتمة بتنمية القطاع الصحي من خلال السماح للقطاع الخاص بضخ استثمارات مباشرة أو مشاركة الحكومة في إنشاء دور رعاية ومستشفيات وفقاً لعقود المشاركة بين القطاعين العام والخاص والمعروفة بنظام (ppp)».

وأشار إلى أن الحكومة تبنت برامج مشتركة بين الحكومة والقطاع الخاص نحو الاستثمار في قطاع الرعاية الصحية‏ والتي تم تطبيقها في مصر منذ العام ‏2006‏ وتعمل على تحسين مستوى الخدمات الصحية من خلال تشجيع الاستثمارات في مشاريع البنية الأساسية مثل بناء وتجديد وإعادة تجهيز المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية‏.‏

من جانبه، قال الدكتور شوقي السيد، عضو لجنة الصحة بمجلس الشورى، إنه رغم دخول القطاع الخاص في مجال الرعاية الصحية في مصر إلا أن ذلك لا يعني أن تتخلى الدولة عن دورها في علاج محدودي الدخل، إضافة إلى دورها الرقابي على الخدمات الطبية والأسعار التي تقدمها دور الرعاية الصحية الخاصة.

وأضاف «إن السوق المصرية ترحب بالمزيد من الاستثمارات الخاصة لتحقيق التنمية الصحية بمصر»، مشيراً إلى أن السبب الرئيس في نمو استثمارات القطاع الخاص بمصر هو ارتفاع دخول فئة معينة من المجتمع لكن لا يجب تجاهل شرائح أخرى تحتاج إلى الرعاية الحكومية.

وأظهر مسح أجرته مؤسسة «التمويل الدولية»، الذراع الاستثمارية لـ«البنك الدولي»، أن الإصلاحات الاقتصادية الجارية في مصر عززت من فرص زيادة الطلب على الخدمات الطبية المرتفعة المستوى، بعد أن نجحت الإصلاحات الاقتصادية في رفع نسبة كبيرة من الدخول وكذلك ظهور مؤسسات تسعى إلى إرضاء عامليها بتوفير خدمات عالية المستوى.