نظرية الذكاء الثلاثى ستيرنبرج

مقدمة

خلال معظم القرن الماضي حُددت الموهبة على أنها مفهوم أحادى البعد، وكانت نسبة الذكاء أكثر الوسائل المستخدمة لتحديد هذا البعد. وقد كان وراء هذا اعتقادٌ بأن الذكاء مركب أحادى وأن نسبة الذكاء تمثل مقياساً جيداً، وإن كان غير كافٍ، لتحديد الذكاء. وأحياناً تستخدم درجات التحصيل ونسبة الذكاء لتحديد الأطفال كموهوبين. وفى كلٍ، فإن درجات التحصيل تميل لأن تكون مرتبطة بدرجة كبيرة بنسبة الذكاء وتقيس الشيء نفسه تقريباً.

 

وقد قدم ستيرنبرج (1985) رؤية ثلاثية جديدة للذكاء الإنساني تفسر الموهبة العقلية بطريقة أشمل مما قدمته نظريات الذكاء التقليدية، وتذهب إلى أبعد مما تقيسه اختبارات الذكاء أو التحصيل. وعلى الرغم من أهمية هذه النظرية وانتشارها في البحث النفسي والتربوي الغربي إلا أن الباحثين في الوطن العربي لم يتعرضوا إليها إلا بطريقة موجزة ومجتزأة، مما جعل النظرية تبدو غامضة وغير مطروقة، ويؤكد ذلك ندرة المراجع العربية التي تناولت هذه النظرية رغم مرور نحو عقدين على أول ظهور لها. وهذا ما دفع الباحث الحالي إلى أن يعرض لنظرية القدرات الثلاثية بشيء من التفصيل، لإلقاء الضوء على هذه النظرية التي يبدو أنها تحمل العديد من المضامين التربوية ليس فقط في مجال اكتشاف الموهوبين ورعايتهم وإنما أيضاً في مجال التعليم والتعلم  بشكل عام .  وسوف يعتمد الباحث في عرضه هنا على ما كتبه ستيرنبرج (1985، 1988، 1997).

 

أنواع الموهبة العقلية

وفقاً لنظرية ستيرنبرج الثلاثية للذكاء الإنساني (1985, 1988) يوجد أنواع مختلفة للموهبة العقلية، حيث يرى ستيرنبرج أن الموهبة لا يمكن ببساطة أن تُحدد بدرجة يحصل عليها الفرد في اختبار ما، وما لم نختبر تلك الأنواع، فإننا نخاطر بفقد عدد كبير من الأطفال الموهوبين. ويحدد ستيرنبرج (Sternberg, 1997a) في نظريته ثلاثة أنواع من الموهبة العقلية هي: الموهبة التحليلية، والموهبة التأليفية أو الابتكارية، والموهبة العملية، وفيما يلي عرض لهذه القدرات أو المواهب.

 

الموهبة التحليليةAnalytic Giftedness 

تشير الموهبة التحليلية إلى القدرة على تجزئة المشكلة وفهم مكوناتها. وغالباً ما يكون أداء الأفراد الذين لديهم موهبة قوية في هذا المجال ممتازاً في اختبارات الذكاء التقليدية التي تؤكد على التفكير التحليلي، حيث يتطلب التناظر تحليل للعلاقات، كما يتطلب الترادف تحليل أي من الاختيارات أو البدائل المتاحة أقرب وأكثر تناسقاً مع الكلمة المعطاة، كما يستلزم الفهم القرائي تحليل النص، وتستلزم مصفوفات المشكلات تحليل العلاقات الداخلية بين الأشكال أو الأرقام الموجودة في الصفوف والأعمدة. ومن هنا يمكن القول بوضوح إن الموهبة التحليلية هي ما تقيسه اختبارات الذكاء التقليدية.

 

ويضرب ستيرنبرج مثالاً على ذلك بطالبته "أليس" التي كانت نموذجاً للموهبة التحليلية، فقد كانت درجاتها في اختبارات القدرات ممتازة، كما كانت درجاتها التحصيلية في مرحلة البكالوريوس ممتازة أيضاً، وكان معلموها يعتقدون أنها بالفعل نابغة، حيث كان أداؤها رائعاً في كل الأشياء التقليدية التي تُعد جزءاً من، أو مؤشراً على، الموهبة العقلية، ومع ذلك فقد واجهت "أليس" صعوبة في سنوات الدراسة الأخيرة قبل التخرج لأنها، رغم  تميُّزها في الأفكار التحليلية، لم تكن على نفس الدرجة من المهارة في الإتيان بأفكار جديدة ومبتكرة خاصة بها.

 

الموهبة التأليفية أو الإبداعيةSynthetic Giftedness 

تبدو الموهبة الإبداعية في الأفراد الذين يمتلكون قدرة على الاستبصار أو الحدس أو أولئك الخبراء في التكيف بنجاح مع المواقف غير المألوفة أو الجديدة نسبياً. هؤلاء الأفراد الموهوبون إبداعياً ليسوا بالضرورة متميزين في اختبارات الذكاء التقليدية، فهم قد يرون الأشياء بطريقة مختلفة، وقد يرون في مشكلة ما أشياء أكثر مما يراه معدو الاختبارات أنفسهم، وبالتالي فإنهم قد يحلون  مشكلة غير التي يريدها معد الاختبار، فهم لا يرون الأشياء بنفس الطريقة التي يراها بها الآخرون. لذا فإن الأفراد الموهوبين إبداعياً قد لا يكونون من بين أولئك الذين يحصلون على درجات عالية في اختبارات الذكاء التقليدية، ولكنهم في الغالب يكونون من بين أولئك الذين يقدمون إنجازات رائعة في مجالات مثل: العلوم والأدب والدراما وغيرها.

 

 وليست الموهبة الإبداعية ضرورية في مجال العلوم والأدب فحسب، ولكنها ضرورية أيضاً في مجال التجارة وسوق العمل؛ فرجال الأعمال الموهوبون هم أولئك الذين يمكنهم رؤية الظواهر التجارية في الأسواق بطريقة مختلفة عن تلك التي يراها بها رجال الأعمال الذين يحللون السوق. إن رجال الأعمال الذين يحققون ثروات كبيرة هم أولئك الأفراد الذين يدركون حاجة السوق لمنتج جديد أو خدمة جديدة، أو طريقة جديدة للتخلي عن منتج أو خدمة. إن الموهبة الإبداعية مهمة للغاية للنجاح في الحياة، ولكن لا يمكن قياسها على الإطلاق بالاختبارات التقليدية الموجودة.

 

ويضرب ستيرنبرج مثالاً للموهبة الإبداعية بطالبته "باربرا" التي لم أداؤها جيدا في الاختبارات ولكنها رُشِّحت بقوة للدراسات العليا بجامعة ييل Yale University بسبب قدرتها الإبداعية غير العادية وقدرتها الاستبصارية. وعلى الرغم من درجاتها المنخفضة نسبياً في الاختبارات فقد برهنت عن قدرة إبداعية متميزة في الإتيان بأفكار جديدة جديرة بالبحث والدراسة. ولذا فإنه على الرغم من أنها لم تكن تمتلك نفس موهبة "أليس" التحليلية، إلا أنها كانت أفضل منها في الإتيان بمشكلات جديدة للدراسة من بنات أفكارها، وهذا ما رشحها بقوة للدراسة بالجامعة.

 

الموهبة العملية  Practical Giftedness

تشير الموهبة العملية إلى قدرة الفرد على تطبيق القدرات التحليلية والإبداعية في المواقف اليومية والعملية؛ فالشخص الموهوب عملياً هو الفرد الذي يمكنه دخول مكان أو موقع ما، ويحدد ما يحتاج أن يفعله للنجاح في هذا الموقع، ثم يشرع في تنفيذه. إن الأشخاص الذين يمتلكون مثل هذا النوع من الموهبة يكون لديهم القدرة على إدراك العوامل التي تؤثر في نجاحهم بسرعة، والعوامل التي تساعدهم على تشكيل بيئتهم والتكيف معها، ولذلك ينجح هؤلاء الأشخاص في تحقيق العديد من الأهداف.

 

إن هناك العديد من الأشخاص الذين يمتلكون قدرة تحليلية أو إبداعية عالية، ولكنهم لا يستطيعون تطبيق هذه القدرات للتفاوض الناجح مع الآخرين أو للفوز أو التسابق في مواقعهم الوظيفية. إن الفرد الموهوب عملياً هو شخص متميز في توظيف قدراته في مثل تلك الاستخدامات . ويبدو للباحث أن هذه القدرة التي يطلق عليها ستيرنبرج القدرة أو الموهبة العملية تشبه إلى حد كبير ما يعرف في الكتابات النفسية والتربوية بالذكاء الاجتماعي، ولكنه يؤصل لها في نظريته بطريقة مختلفة .

 

ويضرب ستيرنبرج مثالاً للموهبة العملية بإحدى طالباته في الدراسات العليا "سيليا" التى لم تكن لديها مثل قدرة "أليس" التحليلية أو "باربرا" الإبداعية، ولكنها كانت ناجحة جداً في تحديد ما تحتاج أن تفعله كي تنجح في دراستها الأكاديمية، فهي تعرف أي نوع من البحوث له قيمة كبيرة في مجال تخصصها، وكيف يمكنها الحصول على الأبحاث من المجلات العلمية، وكيف يمكنها أن تؤثر في أصحاب الأعمال أثناء إجراء مقابلة للحصول على وظيفة، وغيرها من الأشياء المماثلة. فهي على الرغم من عدم امتلاكها قدرات "أليس" أو "باربارا" إلا أنها كانت قادرة على استخدام المهارات التي لديها لاستغلالها في مواطن تميزها في المواقع العملية.

 

تكامل الموهبة التحليلية والإبداعية والعملية

بالطبع فإن الأفراد لا يملكون نوعاً واحداً فقط من تلك المهارات أو القدرات، بل على العكس فهم يمتلكون قدراً ما من هذه القدرات الثلاث معا Combined. ويرى ستيرنبرج أن الأفراد الذين يملكون قدرة عالية في واحدة  من هذه المجالات الثلاثة دون المجالين الآخرين، قد يكونون أقل نجاحاً في أقناع الآخرين بما لديهم من موهبة. على سبيل المثال، إن الفرد الذى لديه قدرة إبداعية عالية ولكنه لا يستطيع أن يبرهن على ذلك في المواقف العملية ولا يستطيع إقناع الآخرين بجدارة أفكاره، سوف يواجه إحباطاً في كل مرة .

 

ويؤكد ستيرنبرج أن الجزء المهم في موهبة الفرد تكمن  في قدرته على التنسيق بين الجوانب الثلاثة للموهبة، ومعرفة متى يستخدم أياً منها. إن الموهبة لا تكمن فقط في الدرجة العالية التى يحصل عليها الفرد في أحد هذه القدرات الثلاث، ولكنها تكمن أيضا بالدرجة ذاتها في التوازن الناجح الذى يحدثه الفرد بين تلك القدرات الثلاث. ولذا يصف ستيرنبرج الشخص الموهوب في كتاباته بأنه "مدير ذاتي متميز للقدرة العقليةGood Mental Self-Manager . ويرى ستيرنبرج أن هذا التكامل بين القدرات يمكن أن يتغير عبر الزمن لأن الذكاء يمكن أن ينمو ويتطور في اتجاهات متعددة، حيث تتسم هذه القدرات بالمرونة، ومن ثم يمكن تنميتها للأفضل من خلال التنشئة والتدريب  (Sternberg & Grigorenko, 2000)

 

مكونات الموهبة العقلية:

تعتبر أنواع الموهبة العقلية الثلاثة تصنيفات عامة للتفوق. و يرى ستيرنبرج  أنه حتى يتم فهم الموهبة العقلية بشكل جيد فإنه يجب أولاً فهم مكونات معالجة المعلومات التي تسهم في تشكيل الأنواع المختلفة للموهبة التي سبق وصفها. وهنا يتحدث ستيرنبرج أيضا عن ثلاث نظريات فرعية:

نظرية المكونات والتي تتناول العلاقات بين الذكاء والعالم العقلي الداخلي للفرد، والنظرية الخبراتية التي توضح مفهوم الذكاء من حيث علاقة الذكاء بخبرة الفرد التي اكتسبها خلال حياته، والنظرية السياقية أو الموقفية والتي تحاول فهم العلاقة بين الذكاء والعالم الخارجي للفرد (  Sternberg, 1987: 141) .

<!--<!--نظرية الذكاء الثلاثي لـ ستيرنبرج                                    

 

 

    نظرية المكونات                النظرية الخبراتية             النظرية السياقية

 
 

<!--<!-- 

 

 

        ما وراء المكونات                              الجدة                                     التكيف

      مكونات الأداء                       الآلية                            الانتقاء

      مكونات اكتساب المعرفة                                                  التشكيل

أولا: مكونات الذكاء  Componential Sub-theory   

تُعنى نظرية المكونات بتحديد الطرق التي يستخدمها الأفراد في معالجة المعلومات. ويقسم ستيرنبرج هذه النظرية الفرعية إلى ثلاثة مكونات فرعية أخرى وهي كما يلي:

 

1- ما وراء مكونات الذكاءMetacomponents of Intelligence 

في نظرية الذكاء الثلاثية، يطلق ستيرنبرج على المعالجات التنفيذية التي تستخدم في تخطيط ومراقبة وتقويم حل المشكلة واتخاذ القرار، مصطلح "ما وراء المكونات"، هذه العمليات أساسية لحل المشكلات واتخاذ القرارات بطريقة ناجحة. ويذكر ستيرنبرج تصنيفاً يشمل ثماني عمليات ضرورية، وإن كانت لا تمثل جميع العمليات ما وراء المعرفية:

 

إدراك المشكلة: Problem Recognition

 لا يستطيع الفرد أن يحل مشكلةً لا يعرف وجودها. إن بعض الأفراد يتميزون في حل المشكلات لأنهم يدركون بسرعة متى تكون لديهم مشكلات، أو لأنهم يتمتعون بقدرة عالية على توليد مشكلات مهمة للدراسة. إن إدراك المشكلة لذلك يسبق دائرة حل المشكلات العادية في أنها شرط أو متطلب أساسي لها . ورغم أن ذلك قد يبدو بديهياً للبعض إلا أن البعض قد لا يدرك أن مشكلتهم قد تكمن في عدم قدرتهم على إدراك المشكلات المهمة التي تحيط بهم .

 

تحديد المشكلة: Problem Definition 

إن إدراك المشكلة وحده ليس كافياً، بل لا بد للفرد أن يفهم طبيعة المشكلة التي تواجهه. ويتضمن تحديد المشكلة مجرد تحديد ماهية تلك المشكلة . إن بعض الأفراد قد يكونون أكفاء في حل المشكلات، ولكنهم قد يحلون المشكلة الخطأ.  تأمل على سبيل المثال مشكلة مثل "مكافحة الإرهاب " , إذا رغبت دولة ما في وضع تشريع أو استراتيجية ما وتنفيذها للقضاء على هذه المشكلة يجب أن تقرر أولاً ماهية المشكلة وأسباب نشأتها . و من الواضح هنا أن وضع التشريع الصحيح لمكافحة الإرهاب يبدأ بتحديد المشكلة , وسوف تؤثر الطريقة  التي تحدد بها الدولة تلك المشكلة على العمليات التي بواسطتها سوف يتم الوصول إلي حل لها .

 

إن الأفراد المتميزين في تحديد المشكلة هم أولئك الذين يمكنهم أن يحددوا بالضبط أي المشكلات هي التي تحتاج إلى حل على الرغم مما يحيط بهم من مصادفات بيئية. ومن المشاهد في المدارس أنها تقدم للأطفال، وحتى الموهوبين منهم، المشكلات جاهزة كي يجدوا لها حلولاً   وهنا يجب التأكيد على أهمية إتاحة الفرصة للطلاب كي يقترحوا المشكلات بأنفسهم، أكثر من مجرد إعطائهم مشكلات جاهزة كي يحلوها. ففي الحياة اليومية وفي إسهامات المخترعين والمكتشفين العظماء فإن إدراك المشكلة وتحديدها هي الأساس.

اختيار مكونات فرعية لحل المشكلة:

Selection of Lower-order Components for Problem Solving

تتضمن هذه العملية اختيار مجموعة من العمليات لحل المشكلة. إن هناك مجموعة كبيرة من العمليات في تنظيمات الأفراد العقلية. ومهما تكن قدرتهم على تنفيذ تلك العمليات، فإنها ستكون غير ذات قيمة ما لم يعرفوا بالتحديد متى يستخدمونها . إن الأفراد البارعين في حل المشكلات غالباً ما يكونون قادرين على تحديد كيف ومتى يستخدمون كل عملية من هذه العمليات.

 

ترتيب العمليات الفرعية داخل استراتيجية ما:

Ordering Lower-order Processes into a Strategy

بعد اختيار مجموعة من العمليات يكون من الضروري أن تُسلسل تلك العمليات بالطريقة التي تقود إلى تهيئة المشكلة للوصول إلى الحل . فلو أن شخصاً ما اختار العمليات الصحيحة ولكنه وضعها في تسلسل تنفيذي خطأ، فإن المشكلة قد لا تُحل . إن الأفراد المتميزين في هذه العملية غالباً ما يكونون قادرين على ترتيب الخطوات بطريقة صحيحة.

 

التمثيل العقلي للمشكلة:  Mental Representation of Problems   

لحل مشكلة ما، فان الفرد يحتاج إلى أن يتمثل المشكلة عقلياً في صِيغٍ معينة. على سبيل المثال القياسات الخطية مثل "محمد أطول من علي، وعلي أطول من زيد، فمن منهم الأطول ؟" يمكن أن تحل بطريقة التمثيل اللغوي للمعلومات أو بالتمثيل المكاني للمعلومات أو بالطريقتين معاً (Stenberg, 1985) . وفي هذه القياسات وغيرها فإن الاختيارات تكون متاحة لتمثيل المعلومات. على أية حال ليس كل التمثيلات العقلية للمشكلة تكون مفيدة بنفس القدر، فجودة التمثيل العقلي لمشكلة ما لا تعتمد فقط على المشكلة، بقدر اعتمادها على مدى قدرة الفرد على استثمار التمثيلات المختلفة . إن الفرد المتميز في التمثيل العقلي ليس من الضروري أن يكون الأفضل في كل التمثيلات، ولكنه الفرد الذي يعرف متى يستخدم أياً من تلك التمثيلات، آخذاً في الاعتبار حدود المشكلة، ووقت الحل، وإمكاناته العقلية.

 

تحديد مصادر المعالجة العقلية:Allocation of Processing Resources  

في الحياة هناك العديد من الأشياء التي يجب على الفرد فعلها خلال فترة زمنية محددة . ولذا فإنه من الضروري أن يحدد الفرد الوقت ومصادر المعالجة العقلية اللازمة لاستخدامها بأكبر فعالية ممكنة . إن الأفراد المتميزين في هذه العملية يكونون قادرين على تحديد الفترات الزمنية ومصادر المعالجات التي تناسب بشكل أفضل مشكلة معينة. وهناك أفراد آخرون قد يكونون بارعين في حل المشكلات، ولكنهم يقضون وقتاً طويلاً في المشكلات التي قد لا تستحق كل هذا الوقت والعكس حيث لا يقضون وقتاً كافياً مع مشكلاتٍ تستحق وقتاً أطول. إن تحديد المصادر الفعالة هو أمر مهم للغاية للأداء الناجح في مناحٍ عديدة معقدة من الحياة اليومية.

 

مراقبة الحلSolution Monitoring    :

تشير هذه العملية إلى المتابعة المستمرة لكيفية السير في حل مشكلة ما أثناء قيامنا بالحل . فنحن غالباً ما نبدأ الطريق الذي يقود إلى الحل ولكن بعد معاناة صعود طويلة. إن الأفراد المتميزين في مراقبة الأداء يتابعون بدقة إلى أين يقودهم حلهم للمشكلة، وعندما يرون أن الطريق الذي يسيرون فيه لن يوصلهم إلى حيث يريدون فإنهم يشرعون في استخدام استراتيجيات بديلة.

 

تقويم الحل:Solution Evaluation   

حتى بعد أن ينتهي الفرد من حل مشكلة ما  ووصوله إلى الحل، فإن دائرة حل المشكلة تظلُّ غير مكتملة؛ فالفرد يحتاج أن يقوِّم جودة ومناسبة الحل الذى توصل إليه. إن الطلاب في مختلف المراحل الدراسية غالباً ما يقعون في أخطاء أثناء عملهم وتكون حلولهم غير مقبولة، ذلك لأنهم لا يهتمون بفحص ما إذا كانت إجابتهم ذات معنى بقدر كونها دقيقة. إن الأفراد المتميزين في هذا المجال ليسوا بالضرورة الأفضل في العمليات الماورائية الأخرى، لكنهم يدركون متى يكون حلهم لمشكلة ما ليس كما ينبغي، ولذا يمكنهم المثابرة حتى يدركوا الحل الذي يتناسب مع محددات المشكلة.

 

هذه العمليات الماورائية هي عمليات يتفاعل بعضها مع بعض. ويمكن القول إنه من المستحيل تقريباً أن نقيس أياً منها منفصلة عن الأخرى، حيث إن أي مهمة تتطلب إحدى هذه العمليات سوف تتطلب بالضرورة العديد من العمليات الأخرى. وعلى الرغم من المحاولات العديدة الناجحة في قياس هذه العمليات (Sternberg, 1985) ولكنْ هناك شك فيما إذا كانت أي من هذه الاختبارات التي تقيس تلك العمليات هي مقاييس نقية. وبشكل عام يمكن القول إن جوهر الموهبة لا يكمن فقط في مدى تميز الشخص في تنفيذ تلك العمليات الماورائية، بقدرما يكمن في مدى تميز الشخص في تجميع تلك العمليات والاستفادة منها بطريقة تكاملية جيدة (Sternberg, 1997a: 46).

 

2- مكونات الأدائية للذكاء   Performance Components of Intelligence       يقصد بمكونات الأداء تلك العمليات التي تُستخدم في حل مشكلة ما . فإذا كانت "ما وراء المكونات" تحدد ما نفعله، فإن مكونات الأداء هي التي تنفذ ذلك فعلاً. وهناك عدد كبير من مكونات الأداء، فالمشكلات المختلفة تتطلب مكونات أداء مختلفة . وسوف يعرض الباحث هنا بعض مكونات الأداء المتضمنة في التفكير الاستدلالي، مع ملاحظة أن هذه المكونات تمثل مجموعة فرعية صغيرة من بين عدد كبير من مكونات الأداء في نظام معالجة المعلومات.

الترميز: Encoding 

لكي نحل مشكلة ما فإنه يتحتم أولاً أن ندرك مصطلحات المشكلة وأن نسترجع المعلومات المناسبة لهذه الإدراكات من الذاكرة بعيدة المدى . هذه العملية تسمى الترميز. وتشير الدراسات في هذا المجال (e.g., Siegler, 1978) إلى أن الترميز عملية في غاية الأهمية في حل المشكلات. فلو تم ترميز مصطلحات المشكلة بطريقة خاطئة فإن الإجابة سوف تكون خاطئة أيضاً، مهما كانت جودة عملية الترميز ذاتها، لأن المشكلة حينئذٍ سيتم إدراكها بطريقة غير صحيحة .

 

إن الأفراد المتميزين في الترميز هم أفراد ذوو قاعدة معلومات واسعة، يرون في عبارات المشكلة أكثر مما يراه الأفراد المبتدئون. والفرد المتميز في عملية الترميز لا يُرمز دائماً بسرعة أكبر من الفرد المبتدئ. إن بعض الأبحاث في هذا المجال تشير إلى أن الخبراء قد يُرمزون المعلومات ببطءٍ أكبر من غيرهم، ربما بسبب المعلومات الكثيرة التي يستدعونها من ذاكرتهم، وربما بسبب أن الترميز الدقيق يمكن أن يسهل العمليات اللاحقة التي ستستخدم فيها هذه الترميزات (Sternberg & Rifkin, 1979; S. Sternberg, 1969).

 

الاستنتاج:   Inference

الاستنتاج هو العملية المتضمنة في رؤية العلاقة بين عبارتين أو موضوعين . وهو عملية تستخدم مهام عديدة ومتنوعة. إن الأفراد المتميزين في هذه العملية يبرعون في المقارنة وإبراز المتناقضات بين المهام، حيث يمكنهم أن يروا بسهولة العلاقات بين الأشياء المختلفة . ويرى ستيرنبرج (1997a) أن جودة أي استنتاج يتم التوصل إليه سوف يتوقف على مدى جودة ترميز الموضوعات وثيقة الصلة بالموضوع، فالفرد قد لا يستطيع أن يستنتج علاقة ما بين موضوعين لو أنه لم يدرك الخواص ذات الصلة بالموضوعات التى يحتاج الوصول إليها من خلال الاستنتاج.

 

وضع رسم تفصيلي:    Mapping

تستخدم هذه العملية لتحديد "العلاقات" بين "العلاقات"، فهي تشكل الأساس للتفكير التناظري.  ولقد وجد الباحثون أن هذه العملية تظهر في مرحلة متأخرة مقارنة بمكونات الأداء الأخرى، ربما لأنها تستلزم علاقات من الدرجة الثانية (Sternberg & Rifkin, 1979)، حيث من الممكن رسم علاقات من الدرجات الأعلى بطريقة ناجحة . وقد أظهر العمل مع المراهقين أن اكتساب القدرة على وضع رسم تفصيلي لعلاقات ذات رتب عالية بطريقة ناجحة يستمر خلال مرحلة المراهقة (Case, 1978; Sternberg & Down, 1982).

 

 

 

التطبيق  Application

يعني التطبيق نقل العلاقة من أحد الموضوعات إلى موضوعات أخرى، فعلى سبيل المثال، من المعتاد أن نطبق في عمليات التناظر أو القياس علاقة تمَّ استنتاجها من قبل Sternberg, 1977)). إن التطبيقيين البارعين Good appliers هم أولئك القادرون على نقل العلاقات التى استنتجوها من موضوع إلى آخر.

 

3- مكونات اكتساب المعرفة Knowledge-Acquisition Components  تستخدم مكونات اكتساب المعرفة في تعلم المعلومات الجديدة. وغالباً ما يكون الأفراد الموهوبون متميزين في استخدام هذه المكونات بفعالية لأنهم في الغالب يكونون خبراء في تعلم المعلومات الجديدة. وهناك ثلاثة مكونات لاكتساب المعرفة تُعد الأهم في مجال التعلم وهي: (Sternberg & Davidson, 1983)

 

الترميز الانتقائي:       Selective Encoding 

تستخدم عملية الترميز الانتقائي في فصل المعلومات وثيقة الصلة بالمشكلة موضع الدراسة عن المعلومات غير ذات الصلة. على سبيل المثال، عندما يستقبل الباحث كماً كبيراً من البيانات من الكمبيوتر حول تجربة ما، فإنه غالباً ما يصاب بالارتباك بسبب هذا الكم الهائل من البيانات والأرقام، ولكن الباحث المتمرس سوف يعرف أياً من هذه الأرقام هو الأكثر أهمية بالنسبة لأغراض بحثه . إن الترميز الانتقائي هو عملية عامة في شتى مناحي الحياة، فتنفيذ الأعمال التجارية مثلاً يستلزم معرفة أي العوامل يكون أكثر مناسبة في صنع قرارات الإدارة، وأيها أقل شأناً،  والكاتب في حاجة لأن يعرف أي التفاصيل التي ينبغي أن يُضمنها كتابه وأي التفاصيل أقل أهمية أو تلك التي لا قيمة لها، والفنان يحتاج لأن يقرر أي التفاصيل يمكن أن تُجسد لوحة فنية معينة. لذلك فإن الترميز الانتقائي ذو أهمية كبيرة في مختلف المواهب.

 

التجميع الانتقائي:     Selective Combination 

في الغالب لا يكفي فقط مجرد تحديد أي التفاصيل وثيق الصلة بموضوع ما، فالفرد يحتاج أيضاً أن يعرف كيف يضع هذه المعلومات ذات العلاقة معاً. فعند عمل برهان رياضي مثلاً فإن الصعوبة الحقيقية لا تكمن في تحديد المعطيات أو النظريات ذات الصلة بالبرهان بقدرما تكمن في تحديد كيفية ترتيب تلك المعطيات معاً بالطريقة التي توصلنا إلى الاستنتاج المرغوب. ففي أي علم من العلوم فإننا كثيراً ما نحتاج إلى أن نضع أجزاء مشكلة صعبة معاً بطريقة معينة، تماماً كما يفعل المحقق عندما يحاول تحليل قضية ما من خلال إعادة ترتيب الأحداث لفك لغز الجريمة. وبطريقة مشابهة فإن الطبيب يحتاج إلى تحديد كيف أن بعض الأعراض يكون ظهورها معيناً على تشخيص حزمة أعراض متزامنة معاً.

المقارنة الانتقائية:  Selective Comparison

تعنى المقارنة الانتقائية استخدام المعلومات القديمة لأغراض جديدة . على سبيل المثال، قد يدرك الباحث كيف أن بعض المعلومات التى كان يستخدمها في تجربة ما يمكن نقلها إلى تجربة أخرى. إن الأفراد المتميزين في هذا المجال لا يدركون التناظر بين المشكلات الحاضرة والماضية فحسب ولكنهم أيضا يدركون مصادر عدم التناظر بين مجموعة من المشكلات، بمعنى أنهم يرون عدم التشابه كما يرون أوجه التشابه بن الحلول القديمة والحلول الجديدة.

 

ثانياً: دور الخبرة   The Role of Experience  

إن مكونات الذكاء آنفة الذكر دائماً ما تطبق في مستويات معينة من الخبرة . بمعنى أن هذه المكونات نفسها قد تستخدم مع مهام تقليدية نسبياً أو مع مهام جديدة نسبياً . ففي بعض الحالات سوف تتغير بعض مكونات حل المشكلة حينما يصبح الفرد أكثر أُلفة مع المهام، وعندما يرى بصورة أفضل طرق عملها . وفى بعض الأبحاث فإن المكونات غالباً ما تنفذ بسرعة وفعالية أكبر ولكنها لا تتغير عندما يصبح الفرد أكثر أُلفة مع مهام حل المشكلات.

 

وبشكل عام، يميز ستيرنبرج بين نمطين من الخبرة في تطبيق مكونات الذكاء السابق ذكرها على المهام التي تتناسب بشكل خاص مع فهم موضوع الذكاء، هذان النمطان هما:

 

1- الجدة النسبية ٌ  Relative Novelty

إن الأفراد ذوي القدرة على الاستبصار Insightful Persons غالباً ما يكونون خبراء بشكل خاص في تطبيق مكونات معالجة المعلومات مع المشكلات التى تتميز بالجدة النسبية . فهم يستطيعون أن يتناولوا المشكلة التى تختلف إلى حد ما عن المشكلات التى تعاملوا معها من قبل ويقترحوا لها حلولاً جديدة قد لا يدركها الكثير من الناس . إن الطالبة "باربرا" التي سبق ذكرها تمثل نموذجاً لتلك الحالة .

 

إن التكيف مع المواقف الجديدة هو جزء مهم من الموهبة الإبداعية. والتركيز هنا على نسبية الجدة هو أمر ضرورى لأن المشكلات التى تتميز بالجدة إلى حدٍ بعيد لا تقيس الذكاء بطريقة جيدة، فقد يكون من غير المجدى أو المفيد إعطاء مشكلات التفاضل والتكامل لأطفال الصف الثاني الابتدائي، فحقل الاهتمام لقياس القدرة الإبداعية هو الحقل الذى تكون فيه المشكلات جديدة، ولكنها ليست جديدة تماماً. وعند تقييم مثل هذه المهارات يفضل استخدام المشكلات الاستبصارية (Davidson & Sternberg, 1984) أو مشكلات التخطيط المفاهيمي غير المقيدة (Sternberg, 1982) . إن هؤلاء الأفراد الموهوبين في التكيف مع المواقف الجديدة هم في الغالب أولئك المبدعون الذين يسهمون في رقي المجتمعات .

الألفة النسبية

إن مجال الألفة النسبية هو المجال الذي  يبدو فيه الأداء آلياً. وتمثل الآلية Automatization جزءاً هاماً من الذكاء، حيث تنفذ من خلاله العديد من سلوكيات حل المشكلات التى يحتاج الفرد إلى أدائها مراراً وتكراراً. ويرى ستيرنبرج أن هذه الأداءات لا تتطلب مصادر عقلية عديدة ولذا فإنها تُنفذ بفعالية أكبر وبطريقة متآنية مع بعضها البعض. على سبيل المثال تعتبر القراءة عملية صعبة، ولكنها تصبح سهلة وسلسة عندما تصبح عملية بناء الكلمات والجمل تتم بطريقة آلية. كذلك القيادة والكتابة هي أيضاً عمليات تصبح أكثر آلية مع الممارسة .

 

إن الأفراد المتميزين في هذا المجال لديهم مهارة عالية في حل المشكلات مقارنة بالآخرين الذين ليست لديهم تلك القدرة، حيث إن هذه القدرة تحرر مصادر المعالجة العقلية لديهم للتكيف مع المواقف الجديدة . أما الأفراد الذين ليست لديهم هذه القدرة فإنهم يحتاجون إلى أن يكرسوا مصادر المعالجة العقلية للتعامل مع أساس المشكلة، ولذا فإن هذه المصادر لا تكون حرة في التعامل مع الجوانب التى تتميز بالجدة في المشكلة.

 

ولكن ليس هناك ما يضمن أن يكون الأفراد الذين لديهم قدرة على التكيف مع المواقف الجديدة دائما متميزين في المجالات الآلية. إن الأفراد الموهوبين ليسوا بالضرورة متميزين في كل مجالات الخبرة، فقد يكون الفرد موهوباً في أحد تلك المجالات أو في عدة مجالات على متصل الخبرة Experiential Continuum. وعلى الرغم من أن الأتمتة أو الآلية تحرر مصادر المعالجة للتعامل مع الجدة، إلا أنه قد يكون هناك ثمن في مقابل تلك العملية؛ فأحيانا عندما يصبح الخبير روتينياً إلى درجة كبيرة في حل نوع ما من المشكلات فإنه قد يفقد المرونة، فقد يجد الخبير صعوبة في رؤية الأشياء بطريقة مختلفة عما ألفه، وقد أظهرت بعض الأبحاث أن هذا الفقد للمرونة يمكن أن يؤثر على الخبراء في مجال ما بطريقة أكبر مما يؤثر على المبتدئين، وذلك عندما تتغير المهمة المألوفة للخبير في أحد الجوانب الأساسية(Sternberg & Frensch, 1989).

 

ثالثاً: الوظائف السياقية أو الموقفية Contextual Functions 

يرى ستيرنبرج أن مكونات الذكاء المختلفة تُطبق في مستويات متنوعة من الخبرة لكي تؤدي ثلاث وظائف مختلفة في سياقات الحياة اليومية. و يتطلب فهم الموهبة العملية فهم تلك الوظائف الثلاثة التى يمكن أن يؤديها التفكير والسلوك الذكي.

 

1- التوافق  Adaptation

يشير التوافق إلى تكييف الفرد نفسه وسلوكه مع البيئة لتهيئة تلاؤم جيد مع تلك البيئة. فعندما يعمل الفرد بوظيفة جديدة أو ينتقل إلى أي بيئة جديدة، فإنه يحتاج عادة إلى أن يتوافق إلى حد ما معها. وتشير دراسة كل من وجنر و ستيرنبرج (Wagner & Sternberg, 1985)  إلى أن الأفراد ذوي الذكاء العملي العالي غالباً ما يتميزون بقدرة عالية على التوافق. إلا أن الأفراد الموهوبين عملياً ليسوا بالضرورة هم أولئك الذين لديهم قدرة فائقة على تنفيذ مكونات الذكاء، بل على العكس، فإن مجال تفوقهم الحقيقي يكمن في قدرتهم على استثمار هذه المكونات في المواقف العملية. فهناك بعض الأفراد لديهم قدرة عالية على تنفيذ مكونات الذكاء في المهام المجردة ولكنهم لا يعرفون كيف يطبقونها في مواقف الحياة اليومية المعتادة.

 

إن الجانب الأكثر أهمية في التوافق البيئي يتمثل في قدرة الفرد على اكتساب المعرفة الضمنية Tacit Knowledge المرتبطة بمجال ما وكيفية الاستفادة منها  (Sternberg, 1985; Sternberg & Wagner & Okagaki, 1993) . وتمثل المعرفة الضمنية ما نحتاج إلى معرفته كي نتوافق مع بيئة ما، تلك المعرفة التي لا يتم تعلمها بشكل صريح والتي لا يُعبَّر عنها غالباً في صورة لفظية، فهي تشتمل على حِكَم التجربة  Tricks of the trade، أو بمعنى آخر الأحكام المبنية على التجربة العملية لا المعرفة العلمية، أو ما يمكن أن نسميه "أسرار المهنة" التي تقود إلى الأداء الناجح في مجال معين . هذه المعرفة من الممكن تحديدها في مجال أو مهنة معينة (see, Sternberg, 1988b) . والأفراد الأذكياء عملياً هم أفراد خبراء في تنشيط هذا النوع من المعرفة. ويرى ستيرنبرج (1997a) أن القدرة على تنشيط واستثمار ذلك النوع من المعرفة لا يبدو أنه وثيق الصلة بالذكاء كما تقيسه الاختبارات التقليدية.

 

2- الانتقاء Selection

إن الأفراد الأذكياء عملياً لا يتوافقون دائماً مع بيئاتهم، فأحياناً يكون من الذكاء ترك بيئة ما والانتقال إلى بيئة أخرى. فلو أن الفرد يرى أن وظيفة ما أو مشكلة أو علاقة ما لا يناسبه فقد يكون من الأفضل أن يتركها وراءه وينتقل إلى غيرها. إن الأفراد الأذكياء عملياً يعرفون متى يتحتم عليهم ترك مكان أو بيئة ما. إلا أن ستيرنبرج يرى أنه ليس من المفيد الحديث عن الموهبة من حيث مستويات الانتقاء، فالفرد الموهوب عملياً هو الشخص الذى يوازن بين التوافق والانتقاء، فهو يعرف متى يتوافق مع بيئة ما ومتى يجب عليه تركها.

 

3- التشكيل  Shaping

لا يترك الفرد دائما بيئته عندما لا تناسبه. فقد يكون الفرد في وظيفة ليست متناسبة تماماً مع ما يريد، ولكنه يمكنه أن يرى طرقاً عديدة لجعلها أفضل. إن العلاقات بين الأفراد ليست دائماً على ما يرام أو كما ن

مركز EDU لرسائل الماجستير والدكتوراة

eduarabcenter
مركز متخصص فى مساعدة الطلاب والباحثين فى مجال التربية وعلم النفس »

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

100,575