موقع مزيف احذر الدخول فيه

موقع مزيف احذر الدخول

 

- أتعرف بأن البشر مثل الطيور.. والطيور مثل البشر..!
ابتسم آدم أبو التنك وقال مشاكسًا بمرح:
- هل هذه حزورة..؟ 
- لا أبداً.. سأوضح لك ذلك.
نظرت حواء الفارسي إليهما، وكأنها ترى شبحين، فقد كانت تشعر بتشوّش كبير في أعماقها لا تستطيع سبر غوره ولا تعرف كنهه، لكنها كانت على يقين من شيء واحد هو أنها فقدت آدم الشبيبي.
وضعت أمام كل منهما استكان الشاي.. وصّبت لنفسها أيضًا.. وأخذت تتنصّت من دون أن تفقه شيئًا.. كان صوت آدم الشبيبي يأتيها، إلى أن شعرت أنها تعود إلى الواقع، فسمعت الشبيبي يشرح قائلًا:
- أتعرف البلبل الذي يتغنى به الشعراء والعشاق..! هذا البلبل اللعين أول من اعتذر عن الرحلة إلى السيمرخ متحججًا بأنه عاشق للوردة ولا يستطيع هجرها والسفر..
والببغاء الغبية تعتقد أنها من الجمال بحيث لا يمكنها مغادرة قفصها خوفًا.. فهي أسيرة القفص.
والطاووس البهي أدعى الخجل والتواضع..
حتى البطة ادّعت أنها لا يمكنها الابتعاد عن الماء..
أما الحجل الجبلي فحجته كانت أنه لا يفارق الجبال والوديان..
وكذلك البومة الحكيمة.. ادّعت أنها لا تستطيع مغادرة الخرائب..
بل الصقر ظننته سيقول أنه ربما لا يريد مغادرة القمة، لكنه قال إنّه لا يريد مغادرة مكانه المميّز.
مكانه الذي هو الجلوس على أكف الملوك والأمراء..! ...
الهدهد وحده قاد المسيرة.. 
عابرًا الوديان السبعة وصولًا إلى السيمرخ..!
انتبه آدم الشبيبي الذي كان يتحدّث بحماس وتماهٍ كامل مع حكايته إلى أن الآخرَين ينظران إليه باستغراب. توقف فجأة. نظر إليهما باستغراب. وبعد ثوان من الصمت سمع آدم أبو التنك يسأله:
- هل أنت في كامل قواك العقلية..؟
- نعم.. لماذا تسأل..؟ لم أفهم ما تريد أن تقوله..
قال آدم أبو التنك وهو يرتشف ما تبقى في استكانه من شاي :
- الذي أريد أن أقوله إن الناس كالأعشاب.. 
هناك أعشاب سامة تقتلك.. 
وهناك أعشاب يستخرج منها الدواء، فتشفيك.. 
وأنت ياصديقي، قد تعاطيت عشبة لا أعرف سرّها.. 
هل ستسمّمك أم تشفيك؟.. لا أدري..
لكنك لم تعد أنت.. لم تعد كما كنت أعرفك.. 
هذه المرأة قد أصابتك بلوثة الدراويش والشعوذة والتصوف.. 
ربما ستنقذك وتخلق منك إنسانًا جديدًا.. أو ربما تقودك إلى الهلاك..
من حوارات متاهتي السابعـة " متـاهــــة الـعــمـيـــــان"

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 110 مشاهدة