موقع مزيف احذر الدخول فيه

موقع مزيف احذر الدخول

تبدو لي جرائدنا وكأنھا تستیقظ كل يوم ,ألأنّ الجرائد تشبه دائما أصحابھا

بملامح متعبه وبوجه غیر صباحي غسلته على عجل، ونزلت به إلى ,مثلنا

أو وضع ربطة ,ھكذا دون أن تكلف نفسھا مشقة تصفیف شعرھا .الشارع

.أو إغرائنا بابتسامة ..عنق مناسبة

1988 أكتوبر 25 .

.وقلیل من الحیاء .كثیر من الدم .كثیر من الحبر الأسود ..عناوين كبرى

.ببدلة جديدة كل مره ..ھناك جرائد تبیعك نفسصور الصفحة الأولى

....تبیعك نفسالأكاذيب بطريقة أقل ذكاء كل مرّة ..ھنالك جرائد

.لا غیر ..وھنالك أخرى، تبیعك تذكرة للھروب من الوطن

.ولأذھب لغسل يدي ..فلأغلق الجريدة إذن ,وما دام ذلك لم يعد ممكنا

.كان ذلك منذ شھرين تقريبا ,آخر مره استوقفتني فیھا صحیفة جزائرية

وإذا بصورتك تفاجئني على نصف ,عندما كنت أتصفح عن طريق المصادفة

.مرفقه بحوار صحافي بمناسبة صدور كتاب جديد لك ,صفحه بأكملھا

وعبثا رحت أفكّ رموز .يومھا تسمَََََّر نظري أمام ذلك الإطار الذي كان يحتويك

وكأنني أنا الذي كنت .على عجل ,كنت أقرأك مرتبكاً، متلعثماً .كلامك

عن قصة ربما ,ولست أنت التي كنت تتحدثین للآخرين ,أتحدث إلیك عني

.لم تكن قصتنا

كیف لم أتوقع بعد تلك السنوات أن !أي موعد عجیب كان موعدنا ذلك الیوم

.في مجلة لا اقرأھا عادة ,تحجزي لي موعدا على ورق بین صفحتین

إنّه قانون الحماقات، ألیسكذلك؟ أن أشتري مصادفة مجلة لم أتعوّد

شراءھا، فقط لأقلب حیاتي رأساً على عقبّ

وأين العجب؟

.وتھجر وتعود على ورق .تحب وتكره على ورق .ألم تكوني امرأة من ورق

.وتقتل وتحیي بجرّة قلم

وكیف لا تعود تلك الرعشة المكھربة لتسري في .فكیف لا أرتبك وأنا أقرأك

جسدي، وتزيد من خفقان قلبي، وكأنني كنت أمامك، ولست أمام صورة

.لك

تساءلت كثیراً بعدھا، وأنا أعود بین الحین والآخر لتلك الصورة، كیف عدتِ

ھكذا لتتربصي بي، أنا الذي تحاشیت كل الطرق المؤدية إلیك؟

وكاد القلب المؤثث بذكراك أن يفرغ .بعدما كاد الجرح أن يلتئم ..كیف عدت

منك شیئاً فشیئاً وأنت تجمعین حقائب الحبّ، وتمضین فجأة لتسكني قلباً

.آخر

..غادرت قلبي إذن

كلّ شيء موقوت .كما يغادر سائح مدينة جاءھا في زيارة سیاحیة منظمة

فیھا مسبقاً، حتى ساعة الرحیل، ومحجوز فیھا مسبقاً، حتى المعالم

السیاحیة التي سیزورھا، واسم المسرحیة التي سیشاھدھا، وعنوان

.المحلات التي سیشتري منھا ھدايا للذكرى

فھل كانت رحلتك مضجرة إلى ھذا الحد؟

.ھا أنا أمام نسخة منك، مدھوش مرتبك، وكأنني أمامك

شعرك القصیر الذي كان شالاً يلف وحشة .تفاجئني تسريحتك الجديدة

ماذا تراك فعلت به؟ ..لیلي

.أبحث فیھما عن ذكرى ھزيمتي الأولى أمامك .أتوقف طويلاً عند عینیك

فما أشقاني وما .لم يكن أجمل من عینیك سوى عینیك ..ذات يوم

!أسعدني بھما

أم أن نظرتي ھي التي تغیرت؟ أواصل البحث في ..ھل تغیرت عیناك أيضاً

أكاد لا أعرف شفاھك ولا ابتسامتك .وجھك عن بصمات جنوني السابق

.وحمرتك الجديدة

كیف تصورتك تلبسین ثوبھا .أن وجدت فیك شبھاً بأمي ..كیف حدث يوماً

العنابي، وتعجنین بھذه الأيدي ذات الأظافر المطلیة الطويلة، تلك الكسرة

التي افتقدت مذاقھا منذ سنین؟

!وأية حماقة ..أيّ جنون كان لك

ھل غیّر الزواج حقاً ملامحك وضحكتك الطفولیة، ھل غیّر ذاكرتك أيضاً،

ومذاق شفاھك وسمرتك الغجرية؟

الذي سرقوا منه الوصايا العشر وھو في "النبي المفلس"وھل أنساك ذلك

.فجاءك بالوصیة الحادية عشرة فقط ..طريقه إلیك

ولبست وجھاً .لقد اخترت طريقاً آخر .ھا أنت ذي أمامي، تلبسین ثوب الردّة

وجھاً كذلك الذي نصادفه في المجلات والإعلانات، لتلك .آخر لم أعد أعرفه

النساء الواجھة، المعدات مسبقاً لبیع شيء ما، قد يكون معجون أسنان، أو

.مرھماً ضد التجاعید

أم تراك لبست ھذا القناع، فقط لتروّجي لبضاعة في شكل كتاب، أسمیتھا

..بضاعة قد تكون قصتي معك "منعطف النسیان"

دون أن تتركي بصماتك ,وقد تكون آخر طريقه وجدتھا لقتلي الیوم من جديد

.على عنقي

.عندما سألتك مرة لماذا اخترتِ الرواية بالذات .يومھا تذكرت حديثاً قديماً لنا

.وإذا بجوابك يدھشني

:قلت يومھا بابتسامة لم أدرك نسبة الصدق فیھا من نسبة التحايل

وأتخلص من بعض الأثاث ..كان لا بد أن أضع شیئا من الترتیب داخلي "

إنَّ أعماقنا أيضا في حاجة إلى نفض كأيّ بیت نسكنه ولا يمكن أن .القديم

..أبقي نوافذي مغلقه ھكذا على أكثر من جثة

وننتھي من الأشخاص الذين أصبح ,إننا نكتب الروايات لنقتل الأبطال لا غیر

وامتلأنا بھواء ...فكلما كتبنا عنھم فرغنا منھم .وجودھم عبئاً على حیاتنا

. "...نظیف

:وأضفت بعد شيء من الصمت

وربما .ھي جريمة ما نرتكبھا تجاه ذاكرة ما ,في الحقیقة كل رواية ناجحة "

ووحده يدري أنَّ تلك .على مرأى من الجمیع بكاتم صوت ,تجاه شخص ما

الكلمة الرصاصة كانت موجّھة إلیه

...

لا بد أن تسحب من ,لیست سوى جرائم فاشلة ,والروايات الفاشلة

وقد ,بحجة أنھم لا يحسنون استعمال الكلمات ,أصحابھا رخصة حمل القلم

بعدما يكونون قد قتلوا ,بمن في ذلك أنفسھم ..يقتلون خطأ بھا أيّ احد

."!ضجراً ...القراء

وكیف لم أتوقع كل جرائمك ..كیف لم تثر نزعتك الساديّة شكوكي يومھا

والتي جربت فیھا أسلحتك الأخرى؟ ,التي تلت ذلك الیوم

.لم أكن أتوقع يومھا انك قد توجھین يوما رصاصك نحوي

في ,فنحن لا نقاوم .وربما بدأ يومھا انبھاري الآخر بك ,ولذا ضحكت لكلامك

!جنون الإعجاب بقاتلنا ,ھذه الحالات

:قلت .ورغم ذلك أبديت لك دھشتي

..كنت اعتقد أن الرواية طريقه الكاتب في أن يعیشمرة ثانیه قصه أحبھا _

.وطريقته في منح الخلود لمن أحب

:وكأنّ كلامي فاجأك فقلت وكأنك تكتشفین شیئا لم تحسبي له حسابا

.فنحن في النھاية لا نقتل سوى من أحببنا ,وربما كان صحیحا أيضا -

!ألیسكذلك؟ .إنھا صفقه عادلة .ونمنحھم تعويضا عن ذلك خلودا أدبیا

عادله ؟

من يناقشالطغاة في عدلھم أو ظلمھم؟ ومن يناقشنیرون يوم احرق روما

أما كنت مثله امرأة تحترف العشق ,وأنت .وعشقاً لشھوة اللھب ,حباً لھا

والحرائق بالتساوي؟

...أكنت لحظتھا تتنبّأين بنھايتي القريبة، وتواسینني مسبقا على فجیعتي

,و وتتفرجین على وقعھا عليّ ,أم كنت تتلاعبین بالكلمات كعادتك

في ,وانبھاري بقدرتك المذھلة ,وتسعدين سرّاً باندھاشي الدائم أمامك

.خلق لغة على قیاس تناقضك

...كل الاحتمالات كانت ممكنه

وقررت ,والجثة التي حكمت علیھا بالخلود ,فربما كنت أنا ضحیة روايتك ھذه

.كالعادة ...أن تحنطیھا بالكلمات

فوحدك .ومراوغتك التي تشبه الصدق ,و ربما كنت ضحیة وھمي فقط

بعناد ,تعرفین في النھاية الجواب على كل تلك الأسئلة التي ظلت تطاردني

.الذي يبحث عن الحقیقة دون جدوى

متى كتبتِ ذلك الكتاب؟

أم كتبته ..أم بعده؟ أكتبته عني ..أقبل زواجك أم بعده؟ أقبل رحیل زياد

أم لتحییه ھو ؟ ..عنه؟ أكتبته لتقتلیني به

كما تركتنا معاً من أجل رجل ...لم لتنتھي منّا معاً، وتقتلینا معاً بكتاب واحد

واحد ؟

لم أتوقع إطلاقاًً أن تعودي فجأة بذلك .,عندما قرأت ذلك الخبر منذ شھرين

.ودائرة مغلقه أدور فیھا وحدي ,لیصبح كتابك محور تفكیري ,الحضور الملحِّ

أن اذھب للبحث عنه في ,فلا كان ممكنا يومھا بعد كل الذي حدث

ولا كان ممكنا أيضا .لأشتري قصتي من بائع مقابل ورقه نقدية ,المكتبات

وكأن أمره لا يعنیني تماما ,أن أتجاھله وأواصل حیاتي وكأنني لم اسمع به

.

الم أكن متحرقا إلى قراءة بقیة القصة؟

تلك التي .دون أن أعرف فصولھا الأخیرة ,قصتك التي انتھت في غفلة مني

حسب .,أنا الذي كنت .بعدما كنت شاھدھا الأول ,كنت شاھدھا الغائب

الشاھد والشھید دائما في قصة لم يكن فیھا من .قانون الحماقات نفسه

.مكان سوى لبطل واحد

فتركته ھنا على .لم يعد بإمكاني الیوم أن أقرأه ..ھا ھوذا كتابك أمامي

أستعین بحضوره الصامت ,يتربص بي كقنبلة موقوتة ,طاولتي مغلقا كلغز

.واستفزاز الذاكرة ...لتفجیر منجم الكلمات داخلي

..عنوانه الذي اخترته بمراوغه واضحة ..كل شيء فیه يستفزني الیوم

ونظرتك المحايدة التي تعاملني وكأنني .وابتسامتك التي تتجاھل حزني

.لا يعرف الكثیر عنك ,قارىء

.حتى اسمك ..كل شيء

فھو مازال يقفز إلى الذاكرة قبل أن ,وربما كان اسمك الأكثر استفزازا لي

.تقفز حروفه الممیزة إلى العین

لا يُقرأ وإنما يُسمع كموسیقى تُعزف على آلة واحدة من ..اسمك الذي

.أجل مستمع واحد

وكتبھا ,وھو فصل من قصة مدھشه كتبتھا الصدفة ,كیف لي أن أقرأه بحیاد

قدرنا الذي تقاطع يوما؟

.يقول تعلیق على ظھر كتابك إنه حدث أدبي

..وأقول وأنا أضع علیه حزمة من الأوراق التي سودتھا في لحظة ھذيان

فما أعجب ما يحدث .أو تصمت إلى الأبد أيھا الرجل ..حان لك أن تكتب "

"!ھذه الأيام

ويزحف لیل قسنطینة نحوي من نافذة ,يحسم البرد الموقف ..وفجأة

.وانزلق بدوري تحت غطاء الوحدة ,فأعید للقلم غطاءه .للوحشة

اللیل الذي يشبھھا والذي ,مذ أدركت أن لكل مدينةٍ اللیل الذي تستحق

قررت أن أتحاشى ,ويعري في العتمة ما تخفیه في النھار ,وحده يفضحھا

.النظر لیلا من ھذه النافذة

حتى ,وتفضح للغرباء أسرارھا ,كل المدن تمارس التعري لیلا دون علمھا

.عندما لا تقول شیئا

.وحتى عندما توصد أبوابھا

.يحدث لبعضھن أن يجعلننا نستعجل قدوم الصباح ,ولأن المدن كالنساء

...ولكن

"soirs, soirs.que de soirs pour un seul matin .."

ورحت اردده على نفسي "ھنري میشو"كیف تذكرت ھذا البیت للشاعر

..بأكثر من لغة

"أمسیات كم من مساء لصباح واحد ..أمسیات "

تراني كنت أتوقع منذ سنین أمسیات ..ومتى تراني حفظته؟ ,كیف تذكرته

لن يكون لھا سوى صباح واحد ؟ ,بائسة كھذه

وإذا ,أنقب بعض الشيء في ذاكرتي عن القصیدة التي اخذ منھا ھذا البیت

.. "الشیخوخة"بعنوانھا

فھل .فیخیفني اكتشافي فجأة وكأنني أكتشف معه ملامح وجھي الجديدة

وبعتمة داخلیه تجعلنا .تزحف الشیخوخة ھكذا نحونا حقاً بلیل طويل واحد

دون اتجاه محدد؟ ,ونسیر ببطء ,نتمھل في كل شيء

أيكون الملل والضیاع والرتابة جزءا من مواصفات الشیخوخة أم من مواصفات

ھذه المدينة ؟

أم ترى الوطن بأكمله ھو الذي يدخل ..تراني أنا الذي ادخل الشخوخة

الیوم سن الیأس الجماعي؟

على جعلنا نكبر ونھرم في بضعة ,ألیسھو الذي يملك ھذه القدرة الخارقة

وأحیانا في بضعة أسابیع فقط ؟ ,اشھر

وكان مرسمي ,كان حبّك شبابي ,قبل الیوم لم أكن اشعر بثقل السنین

يخجل الواحد ,وكانت باريسمدينه أنیقة ,طاقتي الشمسیة التي لا تنضب

وأطفأوا ,ولكنھم طاردوني حتى مربع غربتي .أن يھمل مظھره في حضرتھا

.وجاؤوا بي حتى ھنا ...شعلة جنوني

,ولم يعد في وسعنا ,الآن نحن نقف جمیعا على بركان الوطن الذي ينفجر

الیوم لا ...وننسى نارنا الصغیرة ,إلا أن نتوحد مع الجمر المتطاير من فوھته

الوطن نفسه أصبح لا يخجل أن .شيء يستحق كل تلك الأناقة واللیاقة

!يبدو أمامنا في وضع غیر لائق

 

في العمر الذي يكون فیه الآخرون قد انتھوا من ,لا أصعب من أن تبدأ الكتابة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 49 مشاهدة
نشرت فى 6 مايو 2016 بواسطة dsdsdsfffssff