أ.د/ صلاح الدين عبد الرحمن الصفتي Prof. S.A. El-Safty

كلية الزراعة جامعة عين شمس- موقع علمي متخصص في علوم الدواجن - مقالات علمية وثقافية Faculty of Agric

<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman","serif";} </style> <![endif]-->

المقاومة الحيوية لأمراض الدواجن

إعداد: د.صلاح الدين عبد الرحمن الصفتي

 

أظهرت العديد من الدراسات والأبحاث العلمية الدور الذي يلعبه التنافس التضادي بين الميكروبات بعضها البعض في الحد من انتشار العدوى وتفشي الأمراض، بل يصل هذا التنافس إلى قتل الميكروب لميكروب أخر وإلغاء تأثيره بشكل تام وهذا ما يعرف بالمقاومة الحيوية للأمراض، فعلى سبيل المثال بينت الأبحاث أنه عند إصابة الطائر بكل من ميكروبي الكليبسيلة الرئوية والسالمونيلا جالينيرم فإن هذا الطائر لم تظهر عليه أي أعراض مرضية لميكروب السالمونيلا على الرغم من عزل هذا الميكروب من أمعاء الدجاج (تواجده) وهذا إنما يدل على حدوث ما يعرف بظاهرة التنافس التضادي بين الميكروبات، وفي هذا المجال فإن بعض المراجع العلمية أشارت أن الكليبسيلات تعيش طبيعياً في أمعاء الإنسان والحيوانات والطيور ضمن مكونات ميكروفلورا الأمعاء. كما لوحظ أيضاً نظرية التنافس التضادي بين فلورا الأمعاء الطبيعية والميكروبات المرضية كالسالمونيلا. ومن الجدير بالذكر أنه كلما تقدمت الطيور في العمر كلما زادت استعمار أمعاء الطائر بالميكروفلورا (ميكروبات صديقة) والذي معه تزداد مقاومة الطائر للأمراض المختلفة (المقاومة الحيوية) ويعرف هذا بمقاومة العمر Age Resistant. ويعتبر تركيب مكونات الميكروفلورا غير معروف حتى الآن إلا أن من المعروف أنه لا يوجد ميكروب وحيد مسئول عن فعل الميكروفلورا في الأمعاء بل توجد أنواع كثيرة قد تصل للعشرات أو المئات منها وفي هذا المجال تم إجراء العديد من الأبحاث وكانت تدور في اتجاهين وهما:

1- الميكروفلورا المُعَرَّفة Defined microflora

وهي الميكروبات مُعَرَّفة من وجهة النظر الميكروبيولوجية، حيث تم إنتاج ميكروفلورا حامية ومؤلفة من 50 نوع من الميكروبات اللاهوائية والهوائية، وكانت النتائج المتحصل عليها واعدة لكنها لم تدرس بشكل كاف.

2- الميكروفلورا غير المُعَرَّفة Undefined microflora

في هذا الصدد أجريت العديد من الدراسات على الميكروفلورا غير المُعَرَّفة والتي تم أخذها من محتويات الأعورين من دجاجات ناضجة خالية من الميكروبات المرضية (SPF hens)، وقد أظهرت هذه الفلورا المختلفة تأثيراً ضد التحدي ببكتريا السالمونيلا في التجارب المعملية. وهذه النتائج شجعت الباحثون على استخدام مركبات من الميكروفلورا للتخلص من الإصابة بالسالمونيلا، وبالفعل فإنه باستخدام الميكروفلورا أمكن إنتاج طيور خالية من السالمونيلا ولم تكن للميكروفلورا تأثيرات عكسية أو جانبية سالبة بل أدت إلى زيادة الوزن النهائي بحوالي ما يقرب من 50- 70 جراماً.             

ولعل من الأهمية بمكان تصحيح المفهوم القائل بأن جميع الميكروبات ضارة، وذلك لآن الحقيقة الجلية تقول أن عدد الأنواع الميكروبية غير المُمرضة تفوق بكثير الأنواع المُمرضة وأن كثير من الأنواع الغير مُمرضة نافع بل وضروري لاستمرار الحياة على الأرض.

تركيب فلورا الأمعاء..

على الرغم من الثبات الكمي والنوعي لتركيب ميكروفلورا الأمعاء تقريباً في الكائنات المختلفة، إلا أنها تتأثر ببعض العوامل أهمها:

·        العمر، حيث تختلف الميكروبات في رُضع الثدييات عن البالغين وفي الكتاكيت عن الدجاج الكبير.

·        الغذاء، حيث يمكن أن يؤثر تركيب الغذاء على تركيب الميكروفلورا المعوية.

·        البيئة، حيث تختلف الاستجابات الفسيولوجية ومن ثم الميكروفلورا المعوية تبعاً للبيئة المربى بها الحيوان أو الطائر من حيث كونها بيئة طبيعية أو صناعية.

·        الإجهاد، حيث تؤثر حالات إجهاد الحيوان أو الطائر على الإفرازات الهرمونية والمخاطية وتركيب فلورا الأمعاء بالتبعية.  

·        العلاجات، حيث أن استخدام المُضادات الحيوية والمُركبات الكيماوية العلاجية المضادة للبكتريا يمكنها أن تُغير من طبيعة ميكروفلورا الأمعاء بطريقة قد تسمح للميكروبات المُمرضة بالنمو وإظهار المرض.

أهمية الفلورا المعوية..

توجد الميكروبات في الأمعاء تحت نظام حيوي متناسق وفي علاقات تكافلية تضمن لهذه الميكروبات الغذاء والبيئة الملائمة للنمو كما أنها تُكسب العائل الحماية من بعض أشكال المرض، ويدل على ذلك ما يلي:

·        عند مقارنة حيوانات خالية من الميكروبات مع أخرى بها ميكروفلورا، أظهرت الأولى استعداداً أكثر للمرض عن الثانية.

·        إعطاء المُضادات الحيوية والمُركبات المُضادة للبكتريا للحيوانات عن طريق الفم يزيد من الاستعداد للمرض، والاختلاف ناتج عن تثبيط المُركبات المُضادة للبكتريا للميكروبات النافعة (الفلورا) والتي تحمي من المرض طبيعياً وتسمح للميكروبات المُمرضة بالنمو والتأثير.

·        يمكن إعطاء الحيوانات الخالية من الميكروفلورا مُعلق من براز حيوانات بالغة سليمة صحياً من نفس النوع الحيواني لإكسابها المقاومة الطبيعية للأمراض بفعل الفلورا المعوية، ومثال على ذلك إكساب الكتاكيت الفاقسة فلورا حامية من الدجاج الأم عن طريق تجريعها معلق براز الأم لتصبح أكثر مقاومة لميكروبات السالمونيلا.

مُستحضرات البروبيوتيك والمقاومة الحيوية للأمراض..

تجنباً للمخاطر المحتملة من إعطاء الحيوانات ميكروبات مرضية من خلال عملية التجريع بمُعلق من البراز وذلك كوسيلة لتزويد الحيوانات بالميكروفلورا اللازمة لمقاومة الأمراض، لهذا أتجه الباحثون لإنتاج مُعلقات ميكروبية خالية من المُمرضات ذات تأثيرات إيجابية على الحيوان تُعطى له مع غذائه عُرفت باسم المُنشطات الحيوية أو البروبيوتيك Probiotics واستخدم هذا المُصطلح لأول مرة في عام 1974م من قِبل العالم باركر والذي عرّفها حينئذ على أنها الكائنات والمواد التي تشارك في التوازن الميكروبي المعوي. وفي عام 1989م عدّل العالم روي فولر هذا التعريف السابق لتكون البروبيوتيك هي إضافة علفية ميكروبية حية تؤثر بشكل مفيد على الحيوان العائل بتحسين التوازن الميكروبي المعوي فيه. ولعل من الأهمية بمكان معرفة أن السُنّة النبوية الشريفة سبقت بكثير أبحاث ودراسات العلماء حول تأثير الميكروبات النافعة على صحة الإنسان والحيوان، وأهمية عملية التجريع في تحسين البيئة الميكروبية المعوية والدور التي تلعبه في محاربة الميكروبات المُمرضة، حيث سَنَّ الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام سُنّة "التحنيك" وهي أن يأخذ والد الطفل الحديث الولادة تمرة (بلحة) ويمضغها ويلوكها في فمه عدة مرات حتى تترطب وتتشبع باللعاب المحتوي على الميكروبات والإنزيمات النافعة، ثم يُحَنّك بها الطفل عدة مرات، يمص منها الطفل ذلك المزيج من المواد والمكونات النافعة. ولقد أثبتت الأبحاث العلمية الحديثة وجود عدة أنواع من بكتيريا حمض اللبن Lactobacilli في فم الإنسان البالغ والتي تحتاج إلى وسط سكري كمصدر للطاقة لها (التمر الذي يستخدمه النبي الأمي صلى الله عليه وسلم والتي تعتبر من أهم مكونات البروبيوتيك التي يُعَول عليها كثيراً في بناء مقاومة قوية في الإنسان والحيوان والطائر). ومنه فإننا نجد حقيقة جلية طبقها الرسول الكريم (ص) وهو مفهوم البروبيوتيك منذ 1400 عام وها نحن اليوم نفهم ما طبقه الرسول (ص) فهماً علمياً مدروساً معتمداً على الدراسات الميكروبيولوجية والغذائية والمرضية التي لم يدركها صحابته الكرام حينها مما يؤكد صدق ما جاء به من نبوة ورسالة من رب العالمين.

 

مُكونات مُستحضرات المُنشطات الحيوية..

الميكروبات الأكثر شيوعاً في مُستحضرات البروبيوتيك أو المُنشطات الحيوية هي بكتريا حمض اللبن Lactobacilli، والمُكورات العقدية Streptococci، والبايفيدوبكتريا Bifidobacteria والبكتريا العصوية Bacillus spp والخمائر Yeasts مثل السكاروميسيز Saccharomyces والفطريات الخيطية Filamentous Fungi مثل الأسبرجيلس أوريزي Aspergillus Oryzae. وتتوفر مُستحضرات البروبيوتيك في صورة مسحوق (بودرة) أو حبوب أو كابسولات أو معجون أو رذاذ (بخاخ).

مواصفات المُنشط الحيوي النموذجي..

·        غير مُمرض وغير سام.

·        مفيد للعائل بأي طريقة.

·        ذو صلاحية عالية.

·        ثابت عند التخزين وفي الحقل.

·        قادر على العيش في الأمعاء أو استعمارها.

فوائد استخدام المُنشطات الحيوية لحيوانات المزرعة..        

·        تُزيد مُعدلات النمو.

  • تُحسن مُعامل التحويل الغذائي.
  • تُقوي مقاومة الحيوان للمرض.
  • تُزيد الإنتاج كماً ونوعا.ً

وتجدر الإشارة هنا أن المُنشطات الحيوية ليست ثابتة التكوين، حيث تختلف مُستحضرات البروبيوتيك فيما بينها وبالتالي فإن تأثيرات المُنشطات الحيوية طبقاً لهذا تختلف هي الأخرى تبعاً لتكوينها الميكروبي. ويعود تاريخ استخدام المُنشطات الحيوية لحيوانات المزرعة إلى عام 1970م حيث تم خلطها مع العلف لزيادة النمو الحيواني وتحسين المقدرة المناعية ومقاومة الأمراض. وأظهرت الدراسات البحثية أن تحسين القدرات المناعية للحيوان بواسطة البروبيوتيك تتم من خلال زيادة نشاط الخلايا الالتهامية (البلعمية) على التهام الميكروبات وجزيئات الكربون، وزيادة إنتاج الأجسام المضادة خصوصاً من الجلوبيولين المناعي من النوع (ج، م) والانترفيرون (العنصر اللانوعي المُضاد للفيروس)، وزيادة المُضادات الموضعية على الأسطح المخاطية مثل المُبطنة للأمعاء وهو عادة من النوع ألفا. وفي تطور ملحوظ في استخدام البروبيوتيك لحيوانات المزرعة وتحديداً في الدجاج، فقد تم حقن بيض دجاج مُحضن عند عمر 18 يوم (عند النقل للمفقس) في الغرفة الهوائية أو في الكيس الأمنيوني بمُستحضر البروبيوتيك، مما أدى ذلك زيادة في نسبة الفقس قليلاً وتسرع من وقت الفقس، وزيادة في وزن الجسم عند عمر 12 أسبوع حتى 8.7% اعتماداً على الجرعة ومعدل الحقن.

وبناءاً على ما سبق فإن الاتجاه العالمي بدأ يحذوا في طريق استخدام الطب البديل (البروبيوتيك والمنتجات النباتية الطبية) في صناعة الدواجن بديلاً أو مساعداً للمضادات الحيوية ومُنشطات النمو الكيماوية وذلك بهدف الحصول على مُنتج داجني خالي من أي متبقيات كيماوية أو علاجية تؤثر على صحة الإنسان وتضر بها.  

 

المراجع:

تركي سرابقي- 2004- طب الدواجن الوقائي- مكتبة الأنجلو المصرية.

المصدر: تركي سرابقي- 2004- طب الدواجن الوقائي- مكتبة الأنجلو المصرية.
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 907 مشاهدة

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,117,212