أ.د/ صلاح الدين عبد الرحمن الصفتي Prof. S.A. El-Safty

كلية الزراعة جامعة عين شمس- موقع علمي متخصص في علوم الدواجن - مقالات علمية وثقافية Faculty of Agric

 

كورونا وحروبها المُستمرة على الطيور قبل البشر

أ.د. صلاح الصفتي - القاهرة في 10 مايو 2020

<!--<!--

 

 

كورونا الطيور

<!--[endif]--><!--<!--أصابت فيروسات الكورونا Corona Viruses الطيور مُنذ مطلع خمسينيات القرن الماضي مُسببه الكثير من الخسائر لمُربي الدواجن، حيث تتميز تلك المجموعة الفيروسية بأنها مُتباينة الأحجام من 80-120 نانوميتر، وتظهر تحت الميكروسكوب الالكتروني على شكل باقة ذات بروزات دائرية تُشبه التاج على غلاف الفيروس، لذا سُميت بالفيروسات التاجية. تحتوي تلك الفيروسات على الحمض النووي RNA ومُحاط بغلاف بروتيني، وتنقسم تلك المجموعة الفيروسية إلى ثلاثة مجموعات رئيسية هي ألفا Alpha وبيتا Beta وجاما Gama. تنتمي فيروسات الكورونا التي تُصيب الطيور للمجموعة الفيروسية جاما. تُسبب تلك الفيروسات للطيور مرضين هامين من أمراض الدواجن الخطيرة وهما الالتهاب الشُعبي المُعدي Infectious Bronchitis (IB) والالتهاب المعوي المُعدي في الرومي Infectious Enteritis in Turkey ، حيث تُصيب الطيور في كافة الأعمار. من أهم خصائص مجموعة فيروسات كورونا احتوائها على الحمض النووي RNA لذا فإنها سريعة الطفور والتحور بشكل كبير، كما أنها شديدة الحساسية للمُطهرات العادية، وتموت في خلال 15 دقيقة عند التعرض لدرجة حرارة 56°م. لهذا الفيروس العديد من الأشكال، فمنها ما يُصيب الجهاز التنفسي أو التناسلي أو الكليتين حسب النوع الفيروسي. يُسبب هذا الفيروس خسائر اقتصادية هائلة في قطاعي التسمين وإنتاج البيض عند إصابة الطيور به،  وذلك من خلال ارتفاع نسب النفوق وضعف النمو وانخفاض مُعدلات التحويل وإنتاج البيض.  

 

<!--<!--كورونا البشر

تأبى سنة 2019 أن تذهب دون أن تُفزع البشرية بحرب من نوع خاص ليست حرب بمعناها الدارج، حربًا بالسلاح لفرض السيطرة أو حربًا بالمال لفرض الهيمنة، بل هي حرب تُهدد الجنس البشري بالفناء إذا استفحل الأمر وفقدنا القدرة على السيطرة. استيقظ العالم على تهديد مُفزع من جُسيم غريب ميكروسكوبي الحجم لا يزيد وزنه عن 0.85 أتوجرام (أتوجرام= 10 -18 من الجرام)، أي ما يُمثل لا شيء في وزنه ولكن يُمثل ماردًا في أثره. وبدأت التساؤلات تتردد وبقوة ما هذا؟ ماذا حدث؟ وإذا بهجوم ضاري من هذا الكائن المُتناهي في الصغر والذي ينتمي لعائلة الفيروسات التاجية أطلق عليه كوفيد-19 وهو ما يعني بالإنجليزية Corona Virus Disease-19 (COVID-19) ، حيث بدأ هذا المرض في الظهور في مُقاطعة ووهان بالصين، ويعتقد البعض أنه قد نشأ نتيجة للعادات الغذائية الغريبة للشعب الصيني من جراء تفضيل البعض منهم تناول شُربة الخفافيش، حيث أظهرت بعض الدراسات احتمالية أن يكون الخفاش هو العائل الحيواني لهذا الفيروس ولكن مازال الجدل مُستمر بهذا الشأن. زادات مُعدلات الإصابة بشكل مُتسارع وبشراسة بين السكان داخل تلك المُقاطعة بل تسارعت الأحداث وبدأ تطبيق الحجر الصحي الكامل على تلك المُقاطعة (وهذا يعني لا خروج ولا دخول منها وإليها) مُحاولة لإحكام السيطرة على تفشي الفيروس وانتشاره، ولكن لم يتم السيطرة بشكل كافي وسرعان ما انتقل الفيروس من مُقاطعة لأخرى، ولا زال العالم في غفلة بل ينتظر ويراقب من بعيد ما الذي يحدث في الصين؟ ماذا دهاك أيها المارد العملاق؟؟ أغضب من الله على العالم بدأ من الصين؟ أم مؤامرة اقتصادية كُبرى من غريم الصين اللدود أمريكا في صورة حرب بيولوجية خفية ومُدبرة لكبح جماح هذا المارد الذي يتقدم وبشكل غير مسبوق ليسيطر على اقتصاد العالم ويحتل الصدارة. دع الإجابة على هذا السؤال للسطور القادمة. استقبلنا العام الجديد 2020 بانتشار غير مسبوق للفيروس من الصين إلى دول أخرى عن طريق حركة الطيران حيث تعدى الفيروس الحدود في شكل أشبه بالطوفان الذي لا يبالي ولا يكترث فضرب تقريبًا كافة بلدان العالم وأصاب الجميع بالفزع. وجاء إعلان مُنظمة الصحة العالمية في الحادي عشر من مارس 2020 أن فيروس كورونا أصبح وباءًا عالميًا Global Pandemic يتعين على الدول جمعاء أخذ كافة الإجراءات الاحترازية اللازمة بشأنه كي يتم السيطرة قدر الإمكان على آثاره الهائلة سواء كانت خسائر بشرية أو اقتصادية. تباينت البلدان في سرعة رد فعلها تجاه هذا الوباء، فمنهم من اتخذ إجراءات سريعة ومنهم من تباطء، حيث بدأت الحياة تقريبًا في التوقف من خلال توقف حركة الطيران بين الدول، وتعليق الدراسة  وإغلاق المساجد والمطاعم وكافة أماكن الترفيه منعًا للتجمعات تأصيلاً لمبدأ التباعد الاجتماعي مع رفع شعار إلزم بيتك تسلم ويسلم المُجتمع، كما تم فرض حظر تجوال كلي في بعض البلدان كالسعودية في بعض مُحافظتها أو جزئي في مُعظم البلدان الأخرى. ومن الجدير بالذكر أنه حتى كتابة تلك السطور بلغ عدد المُصابين حول العالم ما يزيد عن أربعة ملايين مُصاب وأكثر من 280 ألف حالة وفاة، حيث تتصدر أمريكا أعلى تسجيل لحالات الإصابة والوفاة حول العالم، وهذا قد يُضحض نظرية المؤامرة التي يتبناها البعض. وعليه فقد يُمكننا الاجتهاد في الإجابة على ما تم طرحه من تساؤل سابق ما الذي حدث؟ أغضب من الله أم مؤامرة كُبرى؟

الإجابة في قوله تعالى: "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ" سورة الأعراف (96)

أعلم أيها الإنسان أن للكون رب عظيم قادر لا شريك له يُدبّره ويُسيّره فمهما بلغت من علم ومعرفة ومهارة فأنت من صُنع الخالق فلا تتجرأ عليه ولا تغتر بنفسك... ثم لا تلوم إلا نفسك...فأرجع إلى ربك راجيًا أن يُزيح هذه الغُمة والبلاء عن الإنسانية جمعاء... اللهم أمين. 

مُحاولات للسيطرة على المرض

تتسابق الدول حول العالم للسيطرة على هذا الفيروس الفتاك والذي يحصد الالاف من الأرواح في فترات وجيزة. وكما سردنا سابقًا فإن فيروس كورونا مثله مثل الفيروسات الأخرى يصعُب علاجه، ولكن الوقاية منه مُمكنة عن طريق استخدام اللقاح أو التطعيم Vaccine، وقد أعلنت مُنظمة الصحة العالمية WHO أن هناك 44 لقاح مُرشحًا للاستخدام للوقاية من فيروس كورونا وبالفعل خضع أثنين منهم للتجارب السريرية، ولكن وفقًا للمُنظمة لن يكون اللقاح جاهزًا للطرح للجمهور قبل عام من الأن للتأكد من سلامته وفاعليته.

كما ذكرنا سلفًا فإن فيروس كورونا من الفيروسات سريعة التحور والتغير، حيث أكدت دراسة صينية بجامعة "تشجيانج" أن فيروس كورونا المُستجد طور من نفسه وأنتج 30 نسخة جينية جديدة (سُلالة جديدة) وأن بعض من سُلالتها لها صفة العدوانية والشراسة في قتل الخلايا البشرية بسرعة كبيرة. كما أكد الباحثون أن تلك التحورات تُسبب عائقًا أمام إيجاد لقاح لفيروس كورونا (كوفيد-19). 

          أما عن الأدوية العلاجية التي تُستخدم حاليًا لعلاج مرضى كورونا وفقًا لتوصية مُنظمة الصحة العالمية ومراكز الوقاية من الأمراض والسيطرة عليها CDC وهيئة الغذاء والدواء الأمريكية FDA فقد تم التصريح باستخدام الأدوية التالية:

<!--الكلوروكين والهيدروكسي كلوروكين (يُستخدمان في علاج الملاريا)

<!--كاليترا (يُستخدم في علاج الإيدز – لكنه غيرمُجدي بشكل كبير وفقًا للدراسات)

<!--ريمديسفير (له تأثيرات إيجابية في السيطرة على المرض)

<!--انترفيرون بيتا (يُستخدم في علاج مرض التصلب المُتعدد)

<!--أفيجان (عقار ياباني أعطى نتائج مُبهرة في علاج مُصابي كورونا في الصين)

<!--إيفرمكتين (مُضاد للطفيليات- أعطى نتائج جيدة على المُستوى التجريبي)

<!--أكسيد النيتريك (استنشاق هذا الغاز أعطى نتائج جيدة لوقف دورة حياة الفيروس داخل المريض)

<!--بلازما دم المُعافين (تُستخدم لاحتوائها على أجسام مُضادة جاهزة ضد الفيروس)

كما تُفيد استخدام بعض الفيتامينات والمعادن كمُكملات غذائية في تخفيف التهابات الجهاز التنفسي وعلاج الأعراض الأولية للإصابة، ومن تلك العناصر استخدام الزنك والسيلينيوم وفيتامين (د) وفيتامين (ج)، مع استخدام الباراسيتامول لخفض الحرارة مع التوصية بالراحة التامة والنوم الكافي.  

 

كورونا وتعليق الدراسة

          توقف الدراسة أحد أهم التداعيات لانتشار وتفشي عدوى فيروس كورونا حول العالم. فقد بدأت الدول تباعًا في أخذ قرارات تعليق الدراسة بالمدارس والجامعات خوفًا من انتشار العدوى بين الطلاب. وقد أعلنت السُلطات المصرية تعليق الدراسة في المدارس والجامعات بدءًا من يوم الأحد الموافق 15 مارس 2020 ولمدة أسبوعين وتخصيص مبلغ 100 مليار جنيه لمواجهة تداعيات فيروس كورونا المُستجد (كوفيد 19)، ولكن نظرًا لعظم التحدي استمر تعليق الدراسة حتى تاريخه بل وتوالت القرارات الوزارية بشأن البدء في استخدام التقنيات التكنولوجية في التعليم وأشكال التعلم الحديثة مثل التعلم عن بُعد Remote Learning ورفع مُحاضرات المُقررات المُختلفة في صورة فيديوهات مُصورة على المواقع الالكترونية للكليات وعمل جروبات على مواقع التواصل الاجتماعي مثل فاسبوك وواتس أب للتواصل مع الطلاب، ثم إتخذ المجلس الأعلى للجامعات المصرية قرارًا بإلغاء امتحانات الفصل الدراسي الثاني والاكتفاء بتقديم طلاب سنوات النقل عدا طلاب البكالوريوس أوراق بحثية في كل مُقرر دراسي، أما طلاب البكالوريوس فهم في انتظار تحسن الأحوال كي يؤدوا الامتحانات في لجان داخل الكليات للحصول على شهادتهم الجامعية وتخرجهم وهذا ما نرجوه قريبًا بإذن الله.

 

كورونا وبعض الدروس المُستفادة حتى تاريخه (لازالت الجائحة مُستمرة)

<!--البحث العلمي هو طوق النجاة من الكوارث والأزمات.

<!--دعم القطاع الطبي وزيادة مُخصصاته المالية مسألة أمن قومي.

<!--الرهان على وعي الشعب أمرًا غير صائب في كثير من الأحوال.

<!--الحكومة والشعب يجب أن يكونا يدًا واحدة ويعملا معًا للتغلب على الكوارث والأزمات.

 

 

دعاء سيدنا أدم: "ربنا إنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين"

المصدر: متنوع

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,112,560