أشارت دراسة نفسية قام بها البروفيسور "  بيتر مارش " أستاذ علم النفس بجامعة " كمبردج " الي ان لكل انسان " مياها اقليمية " تماما مثل الدول .. ان كلا منا يجلس في منتصف ثلاث دوائر غير مرئية تحيط به لا تسمح باختراقها الا لمن نحبهم فقط ، وننزعج اذا اقتحم علينا حياتنا - او دوائرنا - اشخاص غير مرغوب فيهم .. وهذه الدوائر التي حددتها الدراسة هي :  

* الدائرة الأولي : 

وتبعد حوالي نصف متر عن جسد الانسان . اي بامتداد الساعد فقط .. وهذه الدائرة تحدد ما يطلق عليه العلماء ب " المنطقة الحميمة " التي تحيط باجسادنا مباشرة لا نسمح بدخولها لغير الاحباب واقرب الاقرباء . وعندما نحتضن من نحب زوجة او اما او ابنا .. الخ تندمج دائرتانا الحميمتان ونصبح مركزا واحدا في دائرة واحدة تجمعنا .... وهذه المنطقة هي منطقة المشاعر الفياضة ... وعندما نكره بشدة نحاول اقتحام دائرة الخصم لالغاء وجوده ونفوذه ، مثلما يحدث في المشاجرات والقتال المتلاحم . 

الدائرة الثانية :

وهي اوسع من الدائرة الاولي .. وتبعد حوالي متر وربع عن اجسادنا ، اي بامتداد الذراع باكمله .  وهذه الدائرة تحدد اطار الصداقة مع الذين نتعامل معهم من الاصدقاء والجيران وزملاء العمل ، او كل من نتعامل معه بشكل غير رسمي . في هذه المنطقة او الدائرة تسمح المسافة بالمصافحة واللمس البعيد والمخاطبة والرؤية الشاملة ...ويستخدم الناس هذه الدائرة ببساطة عندما يكون احد الشخصين في درجة اجتماعية او وظيفية اعلي بكثير من الآخر .. اما عندما يقترب الاقل من الاعلي فانه يحرص علي الا يتعدي حدود هذه الدائرة ولا يدخل في المنطقة الشخصية ، والعكس غير صحيح ، فالاعلي قد يدخل الي منطقة الصداقة للاقل منه في درجة علوه .

الدائرة الثالثة :

وهي اوسع الثلاث ، حيث تبعد عن الجسم حوالي أربعة أمتار ، وهذه الدائرة تمثل المنطقة الاجتماعية التي تشمل من يحيطون بنا في حفل صغير مثلا ، ونتعامل فيها مع الغرباء . وخارج الدائرة الثالثة يقع ما يسمي ب " المنطقة العامة " التي يتواجد فيها الناس حولنا في الشارع أو الاسواق بدون ان يثيروا ادني اهتمام .. واذا تم التعامل فيها يتم بشكل عابر بالاشارة ، كالتلويح لشخص عبر الطريق . واذا حدث أن اقتحم غرباء مناطقنا ودوائرنا الخاصة لاسباب خارجة عن ارادتنا -مثل التواجدفي المصاعد مثلا - في هذه الحالة نحاول ايجاد حواجز واسلاكا شائكة ، وذلك بتحاشي التقاء النظرات والصمت والاطراق لاسفل او النظر لاعلي . واذا زاد الازدحام فقد نضطر الي عقد اليدين فوق الصدر او احتضان الحقائب لصنع الحواجز ، كما يحدث من بعض الفتيات . ويحدث ذلك ايضا عندما نضطر للكشف عن العورة لطبيب يقوم بالكشف علي الجسد بشكل مباشر .. في هذه الحالة نتجنب الحرج بايجاد حواجز تعويضية بالنظر بعيدا ، وابعاد اليدين ، وارتداء قناع من الجدية والتجهم فوق الوجه لجعل العلاقة رسمية جافة ، لانها تتم داخل " المنطقة الحميمة "

واشارت الدراسة ايضا الي ان الحدود التي يصنعها الانسان حول اماكن عمله ومعيشته ضرورية ، لاعطاء الاحساس بالانتماء لمكان ما بعد ان يرسم له حدودا في عقله ونفسه ليعبر عن احساسه بالانتماء باضفاء طابع شخصي عليه ، كتكوين الحجرات بلون محبب اليه ، او وضع صورة مفضلة علي الجدران ، او ما شابه ذلك . كما يمكن الحكم علي مدي احساس الانسان بالاستقرار والرضا عن عمله بمقدار الاشياء الشخصية التي يضعها فوق مكتبه او يعلقها خلفه . كذلك الشباب قبل الارتباط بالزواج والعمل يعبر عن انتمائه لسيارته مثلا باختيار لونها وبالملصقات التي يلصقها عليها ، وبنوع المسجل وشرائط التسجيل التي يحبونها ، فاذا كانت فتاة ما - مثلا - مخطوبة لشاب وتشعر بالغيرة من اهتمامه اكثر بالسيارة فلا يجب ان تقلق كثيرا ، لانه سينقل احساسه بالانتماء بشكل طبيعي لمنزله وعمله فيما بعد .

ويقول علماء النفس : اننا نعامل منازلنا مثل اجسادنا بمناطقه او دوائره الثلاث ... فمدخل البيت يمثل المنطقة العامة التي يتواجد فيها الجميع ... وتمثل حجرة الاستقبال المنطقة الاجتماعية التي نتعامل فيها مع كل المعارف والاصدقاء والجيران وزملاء العمل ... اما حجرة الطعام والمطبخ فتمثل منطقة الصداقة ... وحجرة النوم تمثل المنطقة الحميمة لا يسمح بدخولها الا لاقرب الاقرباء والاحباب كما سبق الاشارة الي ذلك . 

ومن هنا تقدم هذه الدراسة مجموعة من النصائح مؤداها كالآتي : 

1- اذا اضطرتك الظروف للتواجد في مكان مزدحم فاقم حواجز تعويضية بينك وبين الغرباء بتحاشي النظر ، وادارة الوجه ، والتعبير الصارم ... واذا كنت في قطار او اية وسيلة مواصلات اخري يمكنك النظر من النافذة واستخدام الحقائب كسياج او عقد اليدين فوق الصدر . 

2- اذا كنت ترغب في حجز مقعد في مكتبة او حديقة ، او اي مكان عام فلا تستخدم الصحف ، لانها - حسب ابحاث العلماء - اقل الوسائل فاعلية في اختفاء الطابع الشخصي ، والافضل استخدام معطف او اي اشياء شخصية اخري .  

3- اذا كنت بصدد عقد صفقة او توقيع عقد ..فحاول ان يتم ذلك في مكتبك او منزلك ، لان هنا تضع الطرف الآخر في موقف من يلعب علي غير ارضه وفرصتك بالتالي تكون اكبر في التاثير ، ووضع الشروط بثقة واصرار اكبر

.  4- اذا كنت تحاول تصفية خلاف زوجي ... فناقش الامر مع شريكك في مكان عام او محايد ، حيث تكون فرصة الانفعال غير العقلاني اقل ، واذا تعذر ذلك فمنزلكما .. اما اسوا مكان فهو منزل اسرتك او اسرة زوجتك ، فاحدكما سيشعر انه علي ارضه ووسط جمهوره المؤيد له ، مما يجعله اكثلر تعنتا في حين ان الاحساس العكسي قد يدفع الطرف الآخر لتقديم تنازلات لا ترضيه ، مما يجعل الحل عبارة عن قنبلة موقوتة .

5- اذا كنت في تجمع عام مزدحم فاحذر الانسياق وراء الجماعة التي تلغي حدودك واستقلالك حيث ان عدم الوعي بذلك قد يجرك لافعال لا توافق عليها ، وقد تندم عليها بعد ذلك .

المصدر: ثبت علميا للاستاذ محمد كامل عبد الصمد

ساحة النقاش

roopy

موضوع شيق ,, شكرا
عـــوآفي ,,

دكتوره رقيه محمد طه متولي

drrokaiataha
ماجستير ودكتوراه فلسفة العلوم الزراعيه بساتين الخضر 2002 جامعه اسيوط »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

794,680