<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin-top:0cm; mso-para-margin-right:0cm; mso-para-margin-bottom:10.0pt; mso-para-margin-left:0cm; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin;} </style> <![endif]-->
فى ليلة خريفية الملامح وقفت تحدق بعينين زرقاويتين تتساقط منهما أمطارها السوداء رسائلهما القديمة معاً ، فى منتصف الليل وعلى ضوء القمر الساطع فى السماء ألحت عليها الذكريات فى تلك الساعة الرهيبة من الليل فقامت تفتش فى أعماقها عنه ، لهثت وراء ماضى كانت تحسب أن فى مقدورها أن تمحيه ولكن كيف ؟ وهى لم تدرك معنى أنوثتها إلا معه ولم تحس قيمة عمرها وسنوات تكوينها إلا له .
أين هو الآن ؟ ذهب إلى ذلك المكان المجهول الذى جاء منه ، ذهب بعدما احتلت حروف لغته المتألقة مسام وخلايا ذاكرتها للأيام والأحداث ولم يعد فى حيز رؤيتها سواه .
لم يكن حولها غير سكون مخيف يثبت لها بين الحين والآخر أنها خارج دائرة الحياة لكن الصخب الهائل الذى كان يستفز أعماقها كان يؤكد لها أن من أضاعت من أجله براءتها لم يترك لها بعد رحيله هدوء البال وأنها أضحت دون أن تدرى إمرأة تدخن الرجال .
نظرت فى زجاج النافذة التى أمامها فأبصرت وجهاً غريب السحنة لا يشبه هذا الوجه الملائكى الذى اعتادت أن تراه تساءلت بدهشة يعتريها الكثير من الخوف من أنا ؟ خلف أسوار الصمت نظرت إلى الوجه الذى شوهت ملامحه الليالى والسنين وهمست من جديد تساءلت بلهفة من أنا ؟ وبنبرة مرتعشة أجابت فى صوت واجف بعدك لم أعد أعرف من أنا ؟
أما كفاك أنى منحتك ما طلبت؟ كل ما طلبت ؟ فماذا منحتنى أنت ؟ أيها الشيطان رغم أنفى جعلتنى إمرأة تدخن الرجال .
عندئذ أسرعت ومدت يديها فى الهواء تنفست بعمق صرخت دون أن يسمع صراخها أحد أريدك أن تعطينى نفسى ، فى خضم ما مرت به تاهت فى وادى التأملات أيقنت أن نفسها تزول وتذبل كما تزول الأوراق الذابلة عن الشجر فى الخريف ، أعطت العلم كل حياتها أضاعت من أجله حياة كاملة ففى الوقت الذى كانت رفيقاتها يسعين " للحب " كانت هى تسعى " للعلم والمعرفة " ولكن حتى العلم الآن يسخر منها .
كتبت فى دفاترها " إلى رجل ......أعطيته كل ما شاء من نفسى فاغتال أحلامى .....كل أحلامى وهرب " كانت تفتح فى كل صباح نافذة تطل على عالم مجهول ملئ بالأسرار ....أسرار لا أحد يعرف أغوارها سوى إمرأة تدخن الرجال يرافقها إبتسامة خبيثة ساخرة على شفتيها وصيحة مدوية داخل نفسها " تعالى إلىً خذ منى كل ما تشاء وأعطنى ما أريد "
حتى إذا ما لبثت ضحيتها فى شبه إغفاءة استيقظ الشيطان الذى يسكن أعماقها ليستل سكينتها المعهودة التى لا تهدأ نيرانها أبداً إلا على دماء من فطنت إلى مراده ، تردد فى تحمس أعمى " أيها الرجل أحبك وأبغضك ، أعرفك وأجهلك إنك هنا فى عالمى الأنثوى لا أمل لك إلا أن تطفئ مصابيحى المضيئة التى تنير أركان الظلمة من نفسى ، ما أسخفك أيها السارق اللعين ! .
لقد باعت نفسها من أجل رجل .....لا يهم من الرجل قديساً كان أم شيطان ، فما من أحد يرضى أن يبيع نفسه من أجل شئ .
ساحة النقاش