<!--
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin-top:0cm; mso-para-margin-right:0cm; mso-para-margin-bottom:10.0pt; mso-para-margin-left:0cm; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} </style> <![endif]-->
وبدأت تومض فى فكره .........قصة قصيرة بقلم د / نجوى محمد سلام
جلس يلملم حروفه فى بوتقة الصمت ، ويجمع بكفين مرتعشتين جميع صورها المعلقة على الجدران هنا وهناك ، أتاه طلبها للطلاق بعد خمسة عشر عاماً من الزواج كطعنة محمومة جعلته يفقد اتزانه مرة أخرى مثلما حدث له وهو فى عيادة طبيبة النساء حينما أخبرته " التحاليل جميعها تثبت أنك سليم ، زوجتك هى التى لا يمكنها الانجاب أبداً ....رحمها طفولى ، لذا إذا كنت ترغب فى الذرية فعليك بالزواج من أخرى " .
أخرسته المفاجأة ، للمرة الأولى فى عمره يباغته الصمت آمره بالسكوت ، بينما انطلقت زوجته كالسهم تسدد الطعنات بوابل من العصبية والتشنج معاً للطبيبة التى ارتسمت على وجهها ابتسامة باهتة بعد أن أطلقت رصاصة اكتشافها المرير على الزوج المسكين " أنت كاذبة ، هذه التحاليل ليست لى ، أنت لا تعرفين شيئاً "
أغمض المسكين عينيه للحظات محاولاً امتلاك زمام الأمور ، حاول أن يعانق حلماً قارب اليقين ، حاول أن يخرج جاهداً من هذا الدرب الطويل المغلف بالعتمة منذ خمسة عشر عاماً ، بأصابع متشنجة ومتشابكة أمسك بيدى زوجته وخرجا من العيادة ، هدأ من روعها " لا تغضبى ، أنا لا أهتم مطلقاً بحديثها ، دعينا نجرب مرة أخرى وأخرى وأخرى "
كانت على يقين تام بأن العطب منها ، وقريباً جداً سينكشف المستور ، الوقت يداهمها والحقيقة لا ترحم ، تستطيع بحيل الأنثى المتمرسة وبكيدها العظيم أن تعيده أدراجه من جديد ، ولكن ماذا تفعل مع أمه وقد علمت الآن الحقيقة ؟ أى لغة حمقاء باستطاعتها اطفاء شعلة النار التى أججتها الطبيبة ؟
مازالت الفرصة أمامها لتحكم قبضتها من جديد هكذا قالت لنفسها ، لكن والدة الزوج لم تعطها الفرصة فاجأتها سنذهب اليوم لطبيبة أخرى لنتأكد من نتيجة التحاليل ، ذهبت معهما مرغمة وبأعماقها وهج اشتعال كادت تحرق بزفيرها المارين حولها ، كانت فى حالة تأهب لما ستؤول إليه مجريات الأمور ، لمع بأعماقها بريق قرار ظهرت ابتسامتها على أثره ، تعرف جيداً كم يحبها ، هى بالنسبة له وطن لا يمكن الارتحال عنه حتى وإن كان الثمن حلمه الغريزى للأطفال ، فاجأتهم الطبيبة بنفس النتيجة ظل الصمت يحترق فى العيون وأضحى الدمع كالعار
تأمل وجهها جيداً حاول مراراً أن يبتر الكلام بأعماقه لكن أعماقه أبت الصمت ، تمردت عليه بصوت لا يكاد المرء منا يتبين تفاصيله قال " خمسة عشر عاما وأنت تخدعيننى وتخدعين الجميع ، توهميننى بعدم قدرتى على الانجاب ، وأنك أنت الضحية ، وأنك تبقين علىّ رغم عشقك للأطفال فقط لأنك تحبيننى ، أى حب هذا الذى تتحدثين عنه ؟
ظل يشعل أوار السؤال مراراً حتى خرجت من قوقعة صمتها أخيراً وبصوت كحفيف الأفعى حاولت أن ترده إليها بمحاولات شتى ، دفنت نفسها بين ذراعيه وهمست " كنت لك وطناً حينما ضاق بك الوطن ، فلماذا لا تكون أنت لى الآن حياة حين تضييق الحياة "
دنت الأم منهما فجأة واصدرت قرارها العسكرى الذى توقفا أمامه لبرهة ، نظرت فى عيونها وقالت " لو انك له وطن كما تدعين دعيه يتزوج بأخرى ، امسكى معه بقوة باطراف الأمل الذى يلوح الآن فى سمائه قبل المغيب ".
ابتسم الدمع على شفتيه بنوع من السخرية ، أوغلت فى عنادها وقالت " إما أنا أو الطلاق، لا تقبل حرة مثلى بأخرى " .
كان الخيار مراً وصعباً فى آن واحد ، ارتسمت صورة الأطفال بدقة فى مخيلته ، كاد الصمت يطبق على المكان لولا أمه التى كانت تزعق فى الفضاء ، دققا فى وجه الأم ترقبا حالتها بقلق ، تفاجأ الجميع بالزوجة تعلن طلبها للطلاق وقبل أن يختفى الصوت فى الأعماق ألقت بهما الأم داخل مساحة كبيرة من الهدنة واعادة التفكير فى القرار المصيرى الحتمى الذى ينتظرهم جميعا ً ..
ولكن كانت قد بدأت تومض فى فكره فكرة الطلاق .... نعم يعشقها ولكن خمسة عشر عاماً من الخداع كانت كفيلة بتلبية طلبها للطلاق دون عتاب أو مناقشة منه .
ساحة النقاش