هو : أراك غريبة اليوم
هى : غريبة ! وجهى هو نفس الوجه الذى أطالعك به كل يوم ...... ملابسى تعرفها جميعها حتى الجديد منها .
هو : لا أقصد هذا أو ذاك ، بك شئ غريب .
هى : وما هو هذا الشئ الغريب ؟
هو : لا أعرف بالتحديد لكنك لست حبيبتى التى أعرفها ، هل صدر منى شئ أغضبك ؟
هى : أخبرنى أنت هل تحس أنك أغضبتنى فى شئ ؟
هو : لا أذكر أنى فعلت .
هى : أو ربما فعلت وخانتك ذاكرتك فنسيت ما فعلته .
هو : تعرفين أنه ليس من السهل أن يضمنى النسيان ضمن قوائمه .
هى : نعم أعرف تماما كما أعرف نفسى ( ومالت على يده تقبلها ثم تابعت حديثها معه ) ها أثبت لك أنى لم أتغير
هو : ليس هذا الذى يربط بيننا
هى : (مبتسمة ) ولن يصبح يوما ما يربطنا معا ً .
هو : أتفكرين فى هجرى ؟
هى : ( تنظر إليه بدهشة وتستطرد قائلة ) كيف أسعى لهجرك ؟ يبدو أنك تمزح ...... لا أنت بالفعل تمزح ، لأننى لا أملك حتى التفكير ، مجرد التفكير فى هذا الهجر الذى تتحدث عنه .
هو : حتى لا تجرحك ألسنة الناس ؟
هى : بل لأنى لا أقبل أن أكون لرجل غيرك ، لا أملك أن أعطيه بعض ما أعطيتك .... لا أتصور أن ينكشف جسدى على رجل آخر بعدك .
هو : هذا فقط ما يربطك بى ؟
هى : أنت تعرف جيدا ً ما يربطنى بك ، أنا جزء منك فكيف يتسنى للجزء أن ينفصل عن الكل ؟
هو : ( نظر فى عينيها كثيرا ً ثم أطرق يقول " يكمن داخلك الكثير لكنك لا تريدين الإفصاح عنه ، عيناك تخبرنى بذلك .
هى : إذن حاول أن تخرج ما بداخلى .
هو : لا أملك هذه القدرة وحدى ، أريد مساعدتك .
هى : كيف تتطلب منى العون وأنا أكثر من يحتاجه ؟
هو : ( أمسك بكفيها وأحتضنهما بين كفيه ثم رفعهما على وجهه وبكى وهو يواصل حديثه معها ) مشكلتى أنى الآن أحبك حقا ً .
هى : ذاد كلامك حيرتى ، أمهلنى حتى أعى ما تقول ، أألآن فقط أحببتنى ؟ ألم تكن تحبنى من قبل ؟
هو : كلا أحبك وتعلمين ذلك جيدا ً .
هى : كلامك معناه أنك لم تحبنى إلا الآن فقط .
هو : أهذا ما فهمتيه من حوارى معك ؟
هى : صيغة الكلام التى تحدثنى بها هى التى تخبرنى ذلك ، أخترت صيغة الحاضر " الآن أحبك " لا " أحببتك " أو " سأحبك " .
هو : حين أتحدث معك لا أفكر فى اختيار الزمن أو صيغة الحروف التى أتكلم بها معك ، فقط أطلق العنان لكلماتى تصل إليك متى شاءت وكيفما أرادت .
هى : لكن اختيار الزمن المناسب الذى نتحدث به يضيف بعدا ً أدق للمعنى الذى نقصده ، للإحساس الذى يتوغلنا .هو : ربما أخطأت التعبير لكنى لم اخطئ المعنى .
هى : المعنى والتعبير جزءان لا ينفصلان ، وجهان لعملة واحدة ، الحب لا يولد بالنوايا الحسنة لابد له من دعائم ... قرائن .... دلائل ، لا يمكننى رؤية ما بداخلك لكنى أستنتجه من عباراتك معى ، من خلال الكلمات التى تهمس بها إلى ّ .
هو : أحتاجك وأريدك بقوة ، وتعلمين كم أسعى دائما ً للاقتراب منك .
هى : أتحتاج لكل هذه القسوة منى حتى تخرج لى رومانسيتك التى أتطلع إليها ، أحتاجها منك ؟
وسادت لحظات الصمت بينهما حتى قطعها قائلا ً
هو : تحدثى معى .اكسرى بكلماتك حاجز الصمت الذى يقف بيننا .
هى : أحتاج لأن أسمع صوتا ً آخر غيرى ، أحتاج لأن أسمع شخصا ً آخر غير نفسى ، أريدك أنت أن تتكلم ، أحتاج لأن تحتل كلماتك أعماقى ، أن تغزو لغتك تفكيرى ، أن تسيطر حروفك على مدخلات ومخرجات عقلى .
هو : أتحدث معك ولكن بصمتى .
هى : لم يعد يكفينى صمتك ، أريد أن يخترق كلامك أعماقى لا أن يسكننى سكونك وسكوتك .
هو : الصمت أبلغ عبارات الغرام .
هى : الصمت خراب ... وأنا أريد منك العمران ، لم نصل إلى الله إلا بالتفكير ، والتفكير لا يمكن أن يأتى إلا بالحوار ، الرسول جاء للناس برسالة والرسالة كلام لا صمت ، إذن فأنا أهتدى إليك ....أصل إليك بكلامك معى .
هو : هزمتنى عباراتك .
هى : لا أحد يستطيع هزيمتك حتى أنا ، فلو كان باستطاعتى هزيمتك ما اخترتك عشقى من البداية ، لم أسعى إليك ولم أقبل السير فى درب هواك إلا لأنك الأقوى ، الفرق بينك وبين كل من جاءنى قبلك أنهم جميعا ً أغبياء ، كل منهم كان يحاول الوصول إلىّ بجسده ، وأنت الوحيد من استطاع أن يصل إلى ّ بقلبه وبعقله معا ً .
ساحة النقاش