راقت لى الحياة معك فأقمت فى قلبك وأقمت فى قلبى ، حتى فى سنوات غربة النفس التى عيشتها هاجرت معى من نفسى إلى كل مكان وزمان يمكن أن يعيد إلى ّ نفسى ،

ولكنى لا أظن أن أحدا ً من العاشقين قد أرهقه كثرة الترحال فى نفسه بحثا ً عن نفسه مثلنا أنا وأنت  ،ولا أعتقد أن عاشقين آخرين قد حصل لهما ما حصل لنا فى رحلة عشقنا مثلنا أنا و أنت فقد كنا ولا زلنا بحق  مثالا ً رائعا ً رائدا ً للعشق .

عشت معك سنوات تكوينى وتعلمت من عشقك كيف أمارس الحياة وأعيش معها لا فيها وهذا هو الفرق بين طبيعة حبك وحب الأخرين سواك ، علمتنى كيف نمضى معا ً لنا نفس الغاية ونسلك نفس الطريق ، علمتنى كيف تكتحل عيناى برؤية بلاد العشق هذا الكوكب الرائع الذى نتطلع للوصول إليه ونحيا عليه ، وعلمتنى أنه من الحرام أن نمر عليه دون أن نراه ، وحرام أيضا ً أن نمضى عنه دون أن نستكمل فرختنا به وعليه .

علمتنى أن أعظم رحلاتى فى الحياة هى استكشاف أغوار ومكامن نفسى ، رحلة أسعى إليها بلا سفر تشوبها كل المتناقضات فى عمرى ، رحلة قطعتها عبر سنوات تكوينى رغم أنفى ، رحلة أدخلتنى بها تاريخ العشاق من أوسع الأبواب ، رحلة تتلمذت على يديك فى بعضها وزاملتك فى بعضها وتأستذت عليك إن صح هذا التعبير فى بعضها الأخر .

فأنا وأنت نموذج من البشر قل أن يجود الزمان بمثلنا ونادرا ً ما يجتمعون فى زمان واحد ولكن – وهنا المعجزة – جاد الحظ بنا وفى وقت واحد .

واجتمعنا طويلا ً  فأنت فى النهاية نفسى وبدونك ربما لا أكون نفسى فمعك وبك تحقق المستحيل الذى طالما حلمت به  طيلة ليالى عمرى  فقد سلكت من أجل هذا المستحيل طرقا ً مختلفة ولكن إلى غاية واحدة " متى تصبح نفسى " .

نموذج أنت رائع فى نفسى لن تتكرر ، وشخصية كان يكفى أن تأتى واحدة منها فى كل عصر لتزينه وتبهجه وتنشر النوروالضياء والبهاء .

كانت رحلتى معك بحق هى أهم رحلاتى فى الحياة ، وكانت رحلتى خلالها هى أطول رحلاتى ، فقد امتدت خمسون عاما كاملة تنقلت فيها خلال هذه المشاعر الفياضة والعواطف الجياشة والقلب الدافئ الحنون والأيدى الحانية والعيون البريئة والنفس الطاهرة المطمئنة كانت حياة حافلة وجامعات كبرى لفلسفة اللامنطق واللامعقول واللاوجود وفن المشاعر وعلم الحديث والكلام والأحاسيس .

علمتنى كيفية جرد الذاكرة لاستجلاب آخر نقطة فيها عن  " الرومانسية الواقعية " و " الواقع الرومانسى "  ، وكيف أكون جزءا ً من روحك و تكون أنت قطعة من عقلى .

علمتنى فنون صياغة المشاعر الرقيقة والأحاسيس العظيمة وكيف اسير فى دروب الحياة الوعرة وبأعماقى نور يشع مهما واجهت  من عواصف الزمن ورياحه ، احتللت نفسى حتى النخاع ، دخلتها بالرغم من الأسوار العالية والأقفال المحكمة .    

المصدر: من كتاباتى الخاصة
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 23 مشاهدة
نشرت فى 25 أغسطس 2012 بواسطة drnagwasallam

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

10,978