منهج الفور " “ R لصناعة النفايات
بقلم :
دكتور مهندس/على مهران هشام
أستاذ البيئة والعمران
------------------------------------------------------------------------
كان لتطور الصناعات في المجتمعات الصناعية والمدنية انعكاسات كثيرة نتيجة للانشطة الملازمة للحياة والتى أدت الى زيادة هائلة للنفايات من المصادر المختلفة (سكنية - تجارية وصناعية) واصبح من الصعب التكيف مع تراكمات اقمامة Refuse الهائلة بالطرق التقليدية (دفن وحرق) حيث يصل مجموع ما تطرحه الأسرة سنويا الى ما يزيد عن طن من النفايات في بعض الدول العربية. لقد تعدت مشكلة النفايات الصلبة حدود تلويث البيئة وتشويه النواحي الجمالية للنسيج العمراني فقد برزت عدة ابعاد منها الاجتماعية والنفسية والاقتصادية، واخذت قضية التلوث بالنفايات الصلبة Solid Wasted Disposal الصبغة العالمية خلال القرن العشرين.
ان التخلص من النفايات بالطرق المثلى وتطبيق التقنيات الحديثة يمثل محورا هاما نحو المحافظة على الارض من التدهور وتوفير بيئة عمرانية صحية ذات سمات جمالية مريحة للانسان وتحافظ على شخصية وتجانس المكان. فنتائج البحوث العلمية تبين ان البيئة النظيفة الصحية تساهم في زيادة انتاج الافراد بمعدل يتراوح بين 20% الى38% من انتاج الشخص نفسه في بيئة غير نظيفة. وكما يذكر ابن خلدون في مقدمته: «إن الحضارة هي غاية العمران ونهاية لعمره وهي مؤذنة بفساده...» أما الآن فكما انه لا تنمية بدون تصنيع فلا تصنيع بدون تلوث.. والطرف الاول من المعادلة هو امل لكل الشعوب التي تسعى الى رفع مستواها المعيشي وتحقيق مستويات عالية من الرفاهية اما الطرف الثاني فهو مسؤولية العلماء والباحثين لمعالجة التلوث وايجاد وسائل علمية وتطبيقية تحفظ التوازن بين متطلبات الحياة العصرية واحتياجات الطبيعة والبيئة المحيطة، فمثلا 50% من الطاقة المستخدمة في الاضاءة والتشغيل لمدينة فيينا هي من نتاج التوظيف الامثل للنفايات الصلبة. عموما فان التلوث بالنفايات الصلبة يسبب عدة امور سلبية على أمان وصحة وجمال الفراغات والحيز العمراني منها: التشوه البصري للساحات والمناطق المفتوحة. تأثر النواحي الجمالية للمباني (تراكم النفايات امام الواجهات وعلى الارصفة). امكانية حدوث الحرائق وتصاعد الدخان وانفجار الغازات. تصاعد الروائح الكريهة وتوالد الحشرات. تلوث المياه الجوفية والسطحية. انتشار الحشرات الضالة الخطرة والمعدية. ü الاضرار النفسية على السكان نتيجة سوء معالجة النفايات. حدوث خسائر اقتصادية تؤثر في الدخل القومي للدولة نتيجة تدهور الاراضي في حالة استخدام اساليب تقليدية (حرق ودفن) للتخلص من النفايات وكذلك الميزانيات المالية الضخمة لادارة عملية جمع وطرح المخلفات بدلا من استخدامها كموارد اولية جديدة يعاد تصنيعها واضافة موارد جديدة للدخل كما يحدث في اليابان والدول الصناعية المتقدمة. ورغم ان الفرد الياباني ينتج يوميا حوالي 900 غرام من النفايات فان 60% منها يتم تدويرها مرة اخرى وتصل المخلفات المعدنية الى 98% مع ملاحظة ان حجم النفايات في مدينة طوكيو يصل الى 20 الف طن يوميا مقابل 10 الاف طن يوميا في مدن القاهرة الكبرى، و3 الاف طن في الكويت. أما المجتمع الاميركي فينتج حوالي 10 بلايين طن من النفايات الصلبة سنويا.
صناعة بدرجة صفر نفايات:
طبقا لاحصائيات الامم المتحدة للتنمية الصناعية فان الانتاج الاقتصادي العالمي سيتضاعف من الان وحتى عام 2010 وهو الأمر الذي يزيد من ازمة النفايات لذلك فقد طرحت المنظمة الدولية حديثا برنامجا طويل الامد من اجل تحقيق صناعة بدرجة صفر نفايات لانقاذ الشعوب والحضارات من الاخطار المتلاحقة للنفايات وخاصة الخطرة والكيميائية والنووية منها. فالنظام الامثل هو الذي يتساوى فيه اجمالي المدخلات مع اجمالي المخرجات فمثلا يمكن تصنيف النفايات بحيث تستخدم بعض الصناعات نفايات صناعة اخرى كمواد خام لها اي تتعاون الصناعات فيما بينها وتقوم المؤسسات والحكومات بتشجيع الافراد والقطاع الخاص على استثمار رؤوس اموالهم في صناعة النفايات وفتح اسواق لهذه المنتجات.
اسلوب الـ «4.R» للتخلص الأمثل من النفايات:
وهو منهج مقترح ومحكم ( بواسطة الكاتب ) في الاوساط العلمية وهو يناسب جميع الظروف الجغرافية ويلائم معطيات كل دولة سواء الفقيرة او المتوسطة او الغنية ويشمل: RETHINK + REDUCE + REUSE + RECYCLEان التروي والتمهل والتفكير واستخدام الافتراضات على طريقة ماذا.. لو وترشيد الاستهلاك وتخفيض النفايات من المنبع واطالة عمر المنتج واعادة استخدام النفايات بعد ترشيدها وتوعية الناس بذلك ثم اعادة تصنيع المتبقي كمواد اولية جديدة تمثل مصدرا للدخل بدلا من كونه عبئا على البيئة والمجتمع، واسلوب الـ 4.R يحمل معطيات كثيرة داخل منظومة طويلة من المعلومات والمخرجات. ان اغراق البيئة بالنفايات نتيجة تزايد الكثافة السكانية وارتفاع مستوى المعيشة والاقبال المتزايد على شراء البضائع وخاصة السلع الاستهلاكية ادى الى خلل كبير في توازن البيئة وعدم قدرتها على القيام بعملية التدوير الطبيعي. وتعود الفجوة الموجودة في دول العالم الثالث بين العلماء والباحثين ومتخذي القرار الى عدم ترجمة الابحاث والدراسات الى برامج تنفيذية فعالة، فمشكلة النفايات حاليا تنذر بالخطر والى ضرورة الاستفادة بابحاث العلماء والالتفات الى صيحاتهم التي تدعو الى المحافظة على صحة المكان والانسان، فمثلا يقدم العلماء حلولا تطبيقية لمواجهة النفايات والمخلفات في العمارات والمباني السكنية والمستشفيات والفنادق تتسم بالبساطة وسهولة الاستخدام مع الاحتفاظ بجمال الشكل وهو عبارة عن انبوب رأسي اسطواني متصل من اعلى المبنى الى اسفله وله بوابات في كل طابق وتتجمع المخلفات في حاويات مصممة داخل ضواغط خاصة صغيرة الحجم عالية الكفاءة داخل غرفة في الطابق الارضي (يمكن فرز وتصنيف النفايات المجمعة قبل معالجتها) ثم تكيس النفايات بعد تطهيرها ويضغط الحجم وتنقل بشكل سهل ونظيف الى أماكن توظيفها.
وتسويقها وأستغلالها الأستخدام الأمثل .
والله المستعان ,,,,,
ساحة النقاش