التداوى عن بعد
بقلم :
الدكتور / على مهران هشام
-----------------------------------------------
في ظل التقنيات الحديثة وتدفق المعلومات وتطور العلوم وثورة الاتصالات والفضاء والحاسوب في حاجة كبيرة إلي الذهاب إلي الطبيب فقد أصبح التداوي عن بعد منهجاً علمياً في هذا العصر الالكتروني الذي جعل من العالم عيادة صغيرة يتبادل فيها الأطباء والباحثون رغم بعدالمسافات المعارف والخبرات كما يتابع الأطباء مرضاهم عبر أجهزة الاتصالات الحديثة بالصورة والصوت حتي ان بعض العمليات الجراحية يتم فيها تبادل الخبرات الطبية مباشرة مع زملاء المهنة الموجودين في مواقع جغرافية بعيدة.
تاريخياً في عام 1906 تمت محاولة لنقل صور إشعاعية للقلب عبر الهاتف وفي عام 1924 نشرت الصحف الأمريكية تحقيقاً لمريض يتلقي النصائح الطبية من طبيبه عبر جهاز إذاعي وبعدها قامت السفن البحرية ببث النصائح الطبية لركابها عبر البث الإذاعي والتي يرسلها أطباء من اليابسة وفي الخمسينيات استطاع فريق طبي كندي إنشاء نظام تصوير إشعاعي عن بïعد ثم كانت الطفرة العلمية في الستينيات عندما طورت وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" نظاما متكاملا يؤمن لرواد الفضاء تلقي كافة أشكال العناية الطبية عن بïعد ثم توالت النجاحات في الطب الالكتروني لتغطي كل أقطار الدنيا.
التداوي عن بïعد يشمل مختلف المجالات الصحية للإنسان بما فيها الحالة الجسدية والنفسية للمريض أو بمعني آخر نقل المعلومات الطبية للمريض الكترونياً بما في ذلك الصوت وأفلام الفيديو والصور والبيانات والتحاليل ويكون ذلك متبادلاً بين المريض والطبيب المعالج أو بين الطبيب وطبيب آخر يتابع المريض ويستخدم في نقل هذه المعلومات التقنيات الحديثة للاتصالات بمختلف أنواعها سواء أجهزة الهواتف أو الاستقبال الفضائي وأنظمة gis . Gps.
إن الحياة المتسارعة والمتنوعة والأنشطة التنموية المختلفة جعلت من تنقلات الإنسان أمراً ضرورياً فقد يتواجد الناس في أماكن صحراوية بعيدة عن العمران أو المناطق الحضرية أو في مزارع أو غابات بعيدة أو يسافرون في البحار لأيام طويلة وقد يتعرض الشخص لعارض مرضي غريب أو مرض لم يألفه المرافقون من الأطباء لذلك فإن الطب الالكتروني والعلاج عن بعد هو المنقذ والمظلة الآمنة لذلك فالهواتف النقالة وأجهزة الحاسوب الصغيرة الحجم يمكن أن تمثل غرفة عمليات وعيادة شاملة للتداوي ولكن يبقي الوعي المجتمعي والثقافة الطبية والبيئية والمعلوماتية من الضرورات اللازمة والهامة للإنسان ليواكب تطور هذه المعارف ويتفاعل معها مقتنعا بدورها الإيجابي في العلاج فالناحية النفسية والروحية من أهم عوامل الشفاء بعد مشيئة الله.
إن تسارع وتيرة الحياة والزيادة الكبيرة في عدد السكان والزحام المروري وتكدس الطرق والشوارع بالآليات والمركبات والبشر؟!! جعل من زيادة الاعتماد علي الطب الالكتروني من الأهمية بمكان إضافة إلي التلوث الكوني والضغوط المتلاحقة علي البيئة.
في بريطانيا تم إدخال الكثير من نواحي العناية الصحية عن طريق العلاج عن بعد لتصل إلي آلاف المرضي بالإرسال والتلقي وهم في منازلهم وقد وفر هذا الأسلوب الحديث الوقت والجهد والمال أيضاً واستفاد منه شرائح كثيرة من الناس وخاصة كبار السن ومرضي الشيخوخة وأصحاب الاحتياجات الخاصة.
في أمريكا أصبح الطب الالكتروني منهجاً واسع الانتشار حيث تقوم الأجهزة التي تم تزويد المريض بها بإرسال معلومات عن القلب والتنفس والرئتين والضغط وفحص حقنة الإنسولين قبل أن يأخذها مريض السكر وتراقب الأجهزة المريض وتتبع حالته وانتظامه في استخدام العقاقير عن طريق استخدام صوت "منبه" لمواعيد تناول الأدوية وتقوم الطائرات بالمساعدة في المناطق النائية.
يساعد الطب الالكتروني في العلاج النفسي أيضا وتوجيه النصائح لمرضي القلق والتوتر والخوف والشك والإحباط والأرق عبر شاشات الكمبيوتر. ولتشجيع المرضي علي الاسترخاء وراحة النفس والروح والسكينة. كما يساعد هذا المنهج الحديث علي متابعة الأطفال وتأمين صحتهم. خاصة في المدارس والنوادي. ومتابعة التجمع البشري كالحدائق والمتنزهات.
إن متابعة كل جديد في العلوم أو الطب أو الفضاء واكتساب الخبرات العالمية والاستفادة منها في وطننا العربي يجب أن يمثل أولوية لدي متخذي القرار والعلماء والباحثين ورجال الاقتصاد والأعمال فتشجيع استخدام هذه المناهج الجديدة والمتقدمة من معايير التفوق والتحضر وتعمير الكون.
والله المستعان ...
ساحة النقاش