أسلحة  الدمار الشامل

بقلم الدكتور  / علي مهران هشام

 -------------------

يعود لثورة المعلومات والاتصالات الهائلة وكذلك  علوم الفيزياء والكيمياء والرياضيات  والتطور المستمر فى

مجال العلوم العسكرية والحربية والاستراتيجيات الدفاعية وما يتبع ذلك من انتاج متنوع ومعقد للأسلحة والرعب الدائم لملايين البشر علي كوكب الأرض من الاستخدام غير العاقل؟! لما يسمي بأسلحة الدمار الشامل أو أسلحة التدمير الجماعي Mass Destructive Weapons والتي تعني الدمار والهلاك لمجموعات ضخمة من البشر والكائنات الحية وغير الحية والممتلكات وذلك في لحظات أو دقائق أو ساعات قليلة والأخطر من كل ذلك استمرار التأثير القاتل للبيئة والمحيط الحيوي لعقود من الزمن مثلما ينتج عن التأثير الاشعاعي للانفجار النووي؟!!

تشير الاحصائيات إلي أن القتلي اليابانيين جراء القنبلة النووية الأمريكية علي مدينة هيروشيما عام 1945 تعدي المائة ألف قتيل وذلك في لحظات قليلة!! وأن عدد المصابين تعدي 150 ألف شخص إضافة الي الهلاك والتدمير الجماعي للبشر والنبات والحيوان وحتي العمران كما وصل عدد القتلي والجرحي كذلك في قنبلة نجازاكي إلي نصف خسائر مدينة هيروشيما.

أما السلاح الكيميائي والبيولوجي فغالبا ما يكون تأثيره المباشر علي البشر. رغم أن التقدم التكنولوجي والتحديث قاتل لكل الأحياء الذين يتعرضون له وهو ما يسمي "بالسلاح النيوتروني" علي كل حال. يمكن حصر تأثيرات السلاح النووي في التالي:

* يحدث السلاح النووي تلوثا اشعاعيا بيئيا قاتلا يستمر لفترات تزيد علي الثلاثة أشهر.
* يحدث السلاح النووي طاقة تفجيرية هائلة ومقدرة تدميرية لكل ما هو فوق سطح الأرض في نطاق دائرة يتراوح نصف قطرها ما بين .15 مائة كيلومتر "وفقا لحجم القنبلة" ويحدث ذلك في فترة من دقيقة إلي ثلاث دقائق.
* الاصابات تشمل الحروق من كل الدرجات وتهشيم في الجسم وإصابات بالعمي المؤقت أو المستديم وأمراض اشعاعية في الحال وامراض مستقبلية علي المدي البعيد.
* تظهر أعراض سرطانية علي الناجين من الموت بعد فترة طويلة حوالي عشرة أعوام أو أكثر كما تظهر تشوهات خلقية في الأجيال التالية لمن كان يقطن في مناطق بعيدة نسبيا من منطقة الحدث.
* في حالة الاستعمال المحدود للسلاح النووي: "ليس علي المستوي العالمي" فلا توجد وسيلة نجاة عند وقوع الانفجار إلا لمن كان تحت الأرض "في الأنفاق والملاجئ الآمنة" وكان يبعد عن موقع الحدث أو مركز الانفجار مسافة حوالي 15 كيلومترا.
* عند استعمال السلاح النووي بين القوي العظمي يحدث ما يسمي "بالشتاء النووي" حيث تتراكم ملايين الأطنان من الأدخنة التي تحجب أشعة الشمس عن الأرض ويؤدي ذلك إلي توقف نمو النباتات وتلويث المياه وهلاك الحيوانات والانسان وتختفي مظاهر الحياة تقريبا من نصف الكرة الأرضية..
* تذكر تقارير تداول ما يسمي "قنبلة الحقيبة أو شنطة اليد" وهو ما يسمي بالزئبق الأحمر الذي يدخل في تصنيع قنبلة نووية صغيرة الحجم وتؤكد التقارير أن الجماعات الارهابية تسعي لامتلاك هذه القنبلة مما يهدد السلم والأمن الدوليين ولكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ذكرت حديثا أنه لا وجود لمثل هذه المادة بهذه المواصفات.

أما ما يخص منطقتنا وبيئتنا العربية فإن تقريرا روسيا يشير إلي أن إسرائيل قادرة علي انتاج كم من الأسلحة النووية كافية لاحلال "شتاء نووي" في الكرة الأرضية قاطبة وقد بدأت برنامجها النووي عام 1953 بمساعدة فرنسا وأمريكا كما أن مفاعل ديمونة انتهت فترة عمله قبل 12 عاما وتلاحظ وجود شقوق في جدار الحماية العازل له مما يهدد بكارثة أيديولوجية إنسانية وتنتج إسرائيل أكثر من 250 رأسا نوويا!!

كما حصلت إسرائيل خلال السنوات الماضية علي 1400 طن من اليورانيوم المخصب يكفي لإنتاج 400 قنبلة. كما تنتج إسرائيل 32 طنا من النفايات النووية تلوث التربة والمياه والبيئة في الدول النامية.

أما السلاح الكيميائي فهو سوائل أو غازات يتم نشرها كأبخرة وأيروسولات بهدف إحداث عجز عن الحركة أو القتل وقد استخدمها الألمان خلال الحرب العالمية الأولي في وايبرس ببلجيكا ففي عام 1915 أطلق الألمان 168 طنا من الكلورين علي جنود الحلفاء فقتلوا 5000 شخص وفي عام 1917 استخدم الألمان خردل الكبريت والذي ينتج عنه عدد أكبر من الضحايا نتيجة اصابات بالعين والقصبة الهوائية والجلد وفي مارس من عام 1995 أطلق غاز السارين في خمس عربات منفصلة لمترو الأنفاق في وسط مدينة طوكيو حيث بلغت الوفيات 12 حالة وعدد المصابين بالمئات. وتشمل الأنواع الكيميائية التي يمكن استخدامها في تلويث البيئة وقتل البشر التالي:

* عوامل العصب وتشمل : تابون - ساريف - سومان - في اكس
* السموم الرئوية وتشمل : كلورين - فوسجين
* السيانيد وتشمل : سيانيد الهيدروجين - كلوريد سياتوجين
* التقيحات وتشمل : الخردل واليوزاييت
* عوامل الاضطراب وتشمل : العوامل المقاومة للشعب مثل المسيلة للدموع
* العوامل المسببة للعجز والاعاقة وتشمل عوامل الاكتئاب "المورفين". وعوامل الهلوسة.
* العوامل المهيجة مثل الكوكايين
* السميات مثل : الساكستوكسين والأفلاتوكسين

ووفقا لتعريف الأمم المتحدة للسلاح الكيماوي في عام 1969 فإن أي مادة كيميائية سواء غازية أم صلبة أم سائلة تستعمل وتكون ذات خواص سامة للتأثير المباشر علي الانسان أو الحيوان أو النبات.
الأسلحة البيولوجية تشمل البكتريا مثل الانثراكس والكوليرا والطاعون والحمي التيفودية وكذلك الفيروسات مثل الجدري والانفلونزا والإيبولا أما سلاح السموم فيشمل الريسين والميكتوكسين والبوتيولينيوم وللأسلحة البيولوجية آثار نفسية واقتصادية هائلة علي الافراد والمجتمعات مثل الرعب وانعكاسات الجمرة الخبيثة علي المجتمع الأمريكي اضافة إلي تكلفته المتدنية مقارنة بالسلاح النووي أو الكيميائي فمثلا تكلفة العمليات العسكرية داخل كيلومتر مربع واحد باستخدام السلاح البيولوجي تصل إلي دولار أمريكي واحد مقارنة بمبلغ 600 دولار باستخدام السلاح الكيميائي. 800 دولار باستخدام السلاح النووي. 2000 دولار باستخدام الاسلحة التقليدية لإحداث ذات الآثار تقريبا.


إن من أهم أهداف التطوير العلمي هو حماية البشرية من الأخطار وتوفير الأمن والسلامة والطمأنينة للشعوب والأمم وهناك معاهدة لحظر إجراء التجارب النووية في الجو أو تحت الماء وضعت موضع التنفيذ في 10/10/1963 ووقعت عليها 141 دولة أهمها أمريكا وروسيا وبريطانيا وترمي الي الحد من تلوث البيئة والسعي لعقد اتفاقية لنزع السلاح النووي نزعا شاملا تحت رقابة دولية صارمة كما وضعت في عام 1967م معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية وقد حظرت المعاهدة كل ما من شأنه نقل تقنية الاسلحة النووية أو طلب الآخرين تملكها أو استخدامها في الاغراض الحربية فهل يصغي مالكو هذه الاسلحة الفتاكة للضمير الإنساني ويتخلون عن الأنانية وسيطرة الذات ونفوذ القوة حتي لا نرهب الآمنين البسطاء والفقراء علي كوكب الأرض؟ وهم كثير!!

علي الجانب الآخر. فهناك اتفاقيات كثيرة لحظر استخدام السلاح الكيميائي وذلك عندما وقعت 159 دولة علي اتفاقية الحظر ابتداء من 13/11/1995 منها 42 دولة أودعت وثائق الموافقة الرسمية لدي سكرتير عام الأمم المتحدة وخطورة هذا السلاح يعود لسهولة تصنيعه وتطويره كذلك ويطلق عليه "سلاح الفقراء" مما يجعل من استقرار الأمن والسلام والتوازن الفطري للبيئة يحتاج إلي وقفة دولية وانسانية واخلاقية جادة وعادلة أيضا!!

وخلاصة القول. فالعلم وحده غير كاف لاستقرار الكون وسعادة البشر وحماية كوكب الارض من مخاطر اسلحة التدمير والدمار المادية والنفسية   ويبقي للوازع الديني والضمير والاخلاق والقيم الروحانية النبيلة والعدل والفضيلة للأفراد والأمم النصيب الأكبر في حماية البيئة وصيانة كوكب الأرض .  والله المستعان                                         

المصدر: باب عالم البيئة - للدكتور على مهران هشام - مجلة العلم المصرية - القاهرة
  • Currently 150/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
50 تصويتات / 1691 مشاهدة
نشرت فى 25 يوليو 2010 بواسطة drmahran2020

ساحة النقاش

د/على مهـران هشـام

drmahran2020
......بسم الله..... لمحة موجزة (C.V) 2021 البروفيسور الدكتور المهندس الشريف علي مهران هشام . Prof. Dr. Eng. Ali Mahran Hesham ## الدكتوراه من جامعة هوكايدو.. اليابان ** حاصل علي الدكتوراه الفخرية... ألمانيا. 2012 ** حاصل علي الدكتوراه الفخرية - جامعة خاتم المرسلين العالمية - ، بريطانيا، فبراير 2021 ** »

ابحث

عدد زيارات الموقع

601,540