بقلم : د/ على مهران هشام
تواجه البيئة مشاكل وكوارث لا تتوقف منها ما ينتج عن الطبيعة مثل الزلازل المدمرة وآخرها زلزال هايتي الذي أيقظ الضمير الإنساني والبيئة في جميع الدولة ولعل البشر على كوكب الأرض يدركون أن أفعالهم وسلوكياتهم غير الرشيدة مع الموارد والمعطيات البيئية وتقديم المنفعة المادية والمكاسب المالية على التوازن الفطري للطبيعة يمثل جزءاً كبيراً من هذه الأزمات والتدهور الكوني ؟!! إن المحافظة على حياة الفرد ورفع مستوي معيشته يمكن إدراكها من خلال تعزيز التربية البيئية ونشر الوعي لدي جميع شرائح وفئات وطبقات المجتمع فالفرد العربي بحاجة إلي التزويد بالحقائق والمعلومات والثقافة البيئية وإكتساب القيم المعرفية والمهارات والخبرات التي تساعد على صيانة وحماية البيئة ومواردها سواء في الحاضر أو المستقبل ، كما أن التخطيط الإرشادي والعمراني والإقليمي للحيزات والأراضي يمثل ضرورة هامة لتفادي أية كوارث أو أزمات طارئة على الفرد والمجتمع . لقد كتبنا فى هذا الباب أكثر من مرة عن إدارة الأزمات ومواجهة الكوارث وألا تكون قراراتنا ردة فعل للأحداث حتي نستطيع تقليل الأخطار والخسائر سواء في الأرواح أو الممتلكات وندعو متخذي القرار إلي أخذ أراء ومقترحات الباحثين والمختصين في الإعتبار للمحافظة على صحة البيئة وإستقرار التنمية ونهضة المجتمع . إن كارثة السيول التي إجتاحت أجزاء كبيرة من أرض مصر الوطن الأمين في شهر يناير من العام الحالي سواء في سيناء أو أسوان أو أجزاء متفرقة أخري يمثل إنذاراً مبكراً على ضرورة مراعاة المعايير والمتطلبات البيئية عند القيام بأية مشروعات تنموية أو إستثمارية مثل التحديد الواضح لمسارات السيول وعمل منطقة أمان لا تقل عن 20 متر من الجانبين حولها وعدم السماح بإقامة المباني أو أية منشآت في مسارات السيول والتصدي لها عند المنبع .ويمكن الرجوع إلي دراسة علمية تفصيلية للكاتب بعنوان (إستراتيجية تنمية شمال سيناء) عام 1982 ( أكثر من 140 صفحة ) برعاية المعهد القومي للتخطيط بالقاهرة وفيها تحويل السيول من نقمة كارثة إلي موارد ..... للتنمية هن طريق إنشاء خزانات كبيرة وبسعات ضخمة أمام مخرات ومسارات السيول ثم تجميعها وإستغلالها في المستقبل في الزراعة والري وإستصلاح الأراضي إضافة إلي الطرق المثلي لتنمية سناء عمرانياً وإجتماعياً وصناعياً وجغرافياً وأمنياً سيناء ذات معالم وطبيعة خاصة وتحتاج إلي عين خبيرة في تنميتها . البيئة علم ذو أبعاد ومحاور متعددة المعرفة وليست إجتهاداً أو سرداً أو تكراراً أو نقلاً للمعلومات وقضاياها دقيقة وبالتالي فالتعامل معها لا بد أن يكون دقيقاً وعميقاً حتي تنجو السفينة من متاهات الظلمات . المجتمع كل المجتمع معني بالبيئة فغضبها يمثل أزمة للجميع وإستقرارها وصحتها هي ضمان للحياة آمنة ومستدامة وحيث ان واجب الحكومات والدولة لحماية شعوبها لا يحتاج إلي نداء أو دعوة أو رجاء فهو حق أصيل للفرد والأرض على ولي الأمر فإن مؤسسات المجتمع المدني عليها دور كبير في التكامل والتعاون مع متضرري الأزمات الطبيعية أو غير الطبيعية فهذا حق للوطن عليهم ودرء المفاسد مقدم على جلب المنافع . المنظمات غير الحكومية وجمعيات النفع العام وحتي مراكز الشباب والنوادي ودور العبادة عليها مسئولية إنسانية وأخلاقية عند وقوع أية كارثة كما أن عليها دور توعوي للبيئة لأعضائها او غيرهم مثل عقد الندوات واللقاءات وإستضافة الخبراء والمتخصصين للتعريف بقضايا البيئة وكيفية تقليل معدلات التلوث ووقف التصحر وزيادة المساحات الخضراء والإهتمام بالنظافة العامة وعدم الإسراف في التعامل مع الموارد البيئية مثل المياة والطاقة وتعزيز القيم والأخلاق والسلوكيات البيئية الرشيدة وتقليل معدلات الإنحراف بين الأفراد وتعزيز قيم التعاون والتكافل والفضيلة وإحترام الآخر ومساعدته عند الحاجة وتقديم المنفعة العامة على الخاصة وتعزيز قيم العطاء قبل التناحر على النهب والإستحواذ والإحتكار الذاتي غير المرغوب ؟!! على الجانب الآخر فيتمثل في إقامة مشروعات بيئية مثل التخلص من النفايات والإستثمار في الطاقة النظيفة أو المتجددة وإقامة الحدائق وتنسيق الميادين وحماية الإنهار والبحار والترع والآبار والمسطحات المائية من التلوث وتحلية مياة البحار وإستصلاح الأراضي الصحراوية وتنميتها وحماية التربة من التجريف والتخريب وحماية الآثار ومشروعات لصيانة السيارات وخاصة المتهالكة والملوثة والمساهمة في نقل المصانع الملوثة والمقلقة بعيداً عن المناطق السكنية وتبني حملات عملية لجعل المدن نظيفة وجميلة وتقديم الحوافز المادية والمعنوية لإنجاحها هذا دور وطني يمكن للقطاع الخاص مع مؤسسات المجتمع المدني تفعيله من الآن إن للقطاع الخاص كذلك دور كبير في تضمير جراح منكوبي الكوارث مثل السيول أو الزلازل أو الحرائق عن طريق تقديم المساعدات العينية لهم وإقامة المساكن وتقديم العون المادي لكل محتاج كما أن المناطق الفقيرة والتجمعات العمرانية لمحدودي الدخل في حاجة إلي منشأت طبية وعلاجية وحدائق وخدمات يمكن أن يساهم فيها القطاع الخاص لتخفيف العبء عن كاهل الدولة التي أمامها الكثير لعمله في سبيل تعمير ما أفسدته الكوارث الطبيعية أو غير الطبيعية إن حب الأوطان ليس بالكلمات بل يجب أن تكرس فضيلة العطاء أكثر من الأخذ . البيئة وحمايتها وصيانتها مسؤولية مشتركة ويلزم أن يساهم الجميع في جعلها آمنه ومستقرة وجميلة أيضاً . والله المستعان ،،،
ساحة النقاش